الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات التواصل العام > منتدى النقاش والحوار الهادف


شجرة الشكر2الشكر
  • 1 Post By express-1
  • 1 Post By صانعة النهضة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2013-10-23, 21:05 رقم المشاركة : 1
express-1
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية express-1

 

إحصائية العضو








express-1 غير متواجد حالياً


وسام التميز لشهر مارس 2012

b2 رصد لبعض مكونات ورش الاصلاح



تعد البادرة التي اطلقها المجلس الأعلى للتعليم من خلال فتح باب التواصل والتفاعل بين مختلف الفاعلين والمتدخلين في الحقل ألتعليمي خطوة أولية ضرورية لإرساء مقاربة تشاركية مبنية على التواصل بين مكونات التربية والتكوين وتكمن الغاية منها الوقوف على التشخيص المناسب لمكامن الخلل واقتراحات الحلول والبدائل ,وآليات التنزيل والتتبع والتقويم والمحاسبة.

الأكيد ان المجلس يتوفر على تشخيصات مختلفة ومتباينة تمثل ارضية اولية حول تجليات ومظاهر تعثر برامج الإصلاح المختلفة ,من خلال ارقام وإحصائيات رسمية, ومن البديهي التحقق من واقعية مختلف المعطيات من استقراء بسيط لمعطيات الواقع ومعاينة لمختلف الوقائع التربوية التي تزخر بها منظومتنا التعليمية .

على ان المطلوب في هذه المرحلة لا يقف عند مجرد تشخيص اعطاب واختلال منظومة التربية والتكوين ,بل الأهم من كل ذالك بلورة استراتيجية بديلة , واضحة ومحددة من حيث السقف الزمني ,تؤسس لمشروع تربوي هادف ومسؤول ,تسطر من خلاله الأهداف التربوية وتحدد آليات الاشتغال والتطبيق , وتحدد لها التمويلات والموارد, والأشخاص او المؤسسات المنوط بها التنفيذ مركزيا وجهويا وإقليميا مع تحديد فترة الإنجاز ,مع التركيز على ربط المسؤولية بالمحاسبة كأسلوب جديد في التدبير .

اننا بكل بساطة نحتاج الى دفتر تحملات جديد ,وفق منظور أكثر واقعية وقابلية للتطبيق ,مع اعتماد حكامة فعلية تراهن على تغيير روح التدبير الذي كان سائدا , بروح جديدة سمتها الكفاءة الفعاليةة في التنفيذ المقترن بالمسؤولية من لذن ذوي الاختصاص .

من البديهي انها ليست بمهة سهلة ,ما انيط بالمجلس الأعلى للتعليم ,ومن الطبيعي ان يصادف العديد من الصعوبات في انكبابه على هذا الورش الضخم بكل مقاييسه ,ومكوناته وموارده ,وإشكالاته ,كما ان اية مبادرة قد تطرح ,لا بد ان تواجه بالرفض من طرف كل من اكتسب امتيازات افرزها واقع الممارسة وما كرسه من سلوكيات وممارسات لا تخدم التربية والتكوين بل تمثل نموذجا من الريع الدي طبع وميز بعض من تولى مسؤولية التدبير التربوي وتحمل مسؤولية الإشراف على مشاريع هيكلية عقب مختلف مراحل الإصلاح المختلفة التي عرفتها منظومة التربية والتكوين ,مما يطرح سؤالا مركزيا على المجلس الأعلى للتعليم

من اين ننطلق؟

هل ننحي جانبا التراكمات المتعاقبة والتجارب السابقة بشقيها الإيجابي والسلبي ,ونتبنى تشخيصا جديدا يعتمد معطيات الواقع الحالي, ام ندقق في مآل وحيثيات ما ثم انجازه من مشاريع ضمن البرنامج الإستعجالي 2009-2012 , لتحديد المسؤوليات ولعدم تكرار نفس الأخطاء والمخالفات المرتكبة؟

الواقعية في التدبير و منطق ربط المسؤولية بالمحاسبة – باعتبارها من المبادئ الأساسية لدستور 2011 – تقتضي اجراء افتحاص وتدقيق اداري ومالي ومادي وتربوي ,لتحديد مكامن الخلل والوقوف على الطرف المسؤول ,وتحديد طبيعة المسؤولية وآثارها ,



عناصر التشخيص:

لبلورة تشخيص جامع يهم مختلف مناحي منظومة التربية والتكوين ,وتلافيا لتشعب وتداخل المجالات والعناصر من الضروري اعتماد منهجية عمودية تركز على مداخل محورية تشكل في اعتقادنا مدخلا لتشخيص متكامل يضم كل المكونات والعناصر, كما يضبط التفاعل بينها ويبرر النتائج المرصودة على ارض الواقع. وهنا تبرز مكونات محورية تشكل في حالة تجميعها صورة معبرة عن واقع المنظومة ,ومدخلا لأي استراتيجية للإصلاح

اولا: البنية التحتية للعرض التربوي:

نعني بذالك مختلف المقومات التي تستوعب العرض التربوي من بنايات وتجهيزات ,ونظرا لما يكتسيه هذا الجانب من أهمية استراتيجية ,فقد شكل أحد اهم الأوراش التي انتهجتها الوزارة في تدبيرها لمختلف اوراش الإصلاح ,كما ثم رصد مبالغ مكلفة للرفع من الطاقة الاستيعابية و تحسين العرض التربوي كما وكيفا .

على ان استقراءا بسيطا لواقع الإنجاز ,وبالرغم من اسلوب التدبير المرتكز على مسطرة الصفقات العمومية ,فإن واقع البنية لا يوازي قيمة الموارد المرصودة ,كما جودة الإنجاز لم تحترم في مجملها ما ثم التعاقد بشأنه في الصفقات المبرمة فضلا على انه لم يثم تتبع مراحل الإنجاز بموازاة مسطرة الأداء.

مما افرز لنا بنية يمكن القول انها عرفت تغييرا وتحسنا نسبيا ,غلا انه يبقى دون مستوى الموارد والتطلعات ,ليبقى الخلل تدبيريا صرفا ,وتترتب عنه مسؤوليات تعددت مظاهرها من عقدية ,فتقصيرية الى المسؤولية الجنائية .

ازاء هذا المعطى ,تعين اتخاد تدابير ,لا يتعين ان تقف عند مجرد تجميد بعض المشاريع ,او فسخ تعاقدات تربوية وبيداغوجية ,الى فتح تحقيق اداري معمق لكشف مبررات وأسباب الخلل,واتخاد الإجر

ثانيا: الموارد البشرية: وسؤال تدبير الكم والكيف

تمثل الموارد البشرية احد اهم الركائز التي تقوم عليها منظومتنا التعليمية والتكوينية ,و من البديهي أن اي خلل او تراجع يطرأ على اداء او توظيف هذا العنصر, تكون له تداعيات مباشرة على جودة العرض التربوي بكل مقوماته.

ومن خلال تتبع وثيرة العنصر البشري للمنظومة بمختلف فئاته ,يتبين غياب استراتيجية واضحة تأخد بعين الاعتبار تكوين مختلف الموارد البشرية وتدرجها الوظيفي ,وتتبع أدائها ,وتدبير توزيعها

وأدائها ,وتعويض خصا صها,الشيء الذي افرز لنا ضعفا من حيث التكوين ,ونقصا عدديا وغياب الفعالية من حيث الأداء والمرد ودية ,’ولم تشفع لهدا الوضع برامج اعادة التكوين في تقويم مختلف الموارد ,وتجاوز نسب العجز في تغطية الخصاصة ,او الرفع من الأداء ,فكانت الحصيلة عجزا كميا وكيفيا أثر بشكل مباشر في مستوى المنظومة ومؤشراتها.

نواجه اليوم مشكلا هيكليا يتجلى في نقص في التكوين,وعجزا في تغطية نقص ألأطر ,وتراجعا من حيث الأداء والمر دودية ,مما يتطلب مقاربة مختلفة لهدا الجانب ,تراهن على تكوين دي جودة ,وتوزيع اكثر عقلانية ,وتتبع فاعل للصيرورة المهنية والإدارية .





تالثا:الموارد المالية : الموارد المالية لا تخلق جودة المنظومة :

لقد شكل مشكل التمويل في مختلف برامج الإصلاح -عدا البرنامج الإستعجالي 2009-2012- عائقا اساسيا في تنزيل وتنفيد مختلف المخططات والبرامج الا انه ومع توافر موارد استثنائية للبرنامج الإستعجالي ,لم نتمكن من احداث تغيير هيكلي كما ثم التطلع له من قبل واضعي البرنامح, مما يطرح سؤالا بديهيا حول مكمن الخلل ,هل هو عدم الملائمة بين ما ثم تصوره وتسطيره وبرمجته من أهداف مع واقع المنظومة , ام في اسلوب التنزيل والتطبيق والتدبير ؟

و من خلال تتبع اسلوب وكيفية تنزيل مختلف مشاريع البرنامج الإستعجالي ,والأشخاص الذين تحملوا مسؤولية الإدارة ,وكيفية تنفيد وتتبع الإنجاز على الأرض,اتضح وجود مظاهر عدة من القصور ,ونقص في الكفاءة لإدارة بعض المشاريع مثل تلك المتعلقة بالبناءات والترميمات والإصلاحات الخاصة بالمؤسسات , خاصة على المستويين الإقليمي والمحلي ,الشيء الدي حد من تأثير وفعالية العديد من المشاريع بل وساهم في تعثرها من حيث تحقيق الأهداف المسطرة والالتزامات المعقودة.

من ابرز الاستنتاجات التي سجلها واقع البرنامج الإستعجالي ,انه لا يكفي رصد موارد مالية ظخمة كميزانية للإصلاح لتحقيق الأهداف ,بقدر ما يتعين ارساء آلاية للتدبير المرتكز على الكفاءة وتحمل المسؤولية ,والقدرة على التنزيل الصحيح والتتبع الميداني حرصا على موارد الدولة وذالك لن يتأتى الا من خلال حكامةفي التدبير المالي, تجعل الجانب المالي في خدمة التربوي وليس العكس.

رابع : الهوية البيداغوجية المفتقدة

يعد الشق البيداغوجي التربوي حجر الزاوية في كل سياسة اصلاحية لأي منظومة تربوية ,ومخرجا أساسيا لمختلف التدابير والإجراءات ألمتخذة إلا ان الملاحظ ومن خلال مختلف مشاريع وأوراش الإصلاح ,ان منظومتنا التعليمية تفتقد الى أرضية بيداغوجية صلبة يقوم عليها العرض التربوي.

بل نجد ان مختلف المشاريع لام تستطع ان تؤسس لبناء متسق ومتناسق من الناحية البيداغوجية مما اسقطنا في دور التجريب و اجترار تجارب مقارنة قد ل تتسق او تستوعب خصوصيات محيطنا التربوي بل قد لا تجد التفاعل المناسب من لذن منزليها ومنفذيها ومتتبعيها من أطر ادارية وتربوية ,وأطر المراقبة التربوية ,وقد شكل عدم الانخراط او الانخراط النسبي لمختلف الأطر المعنية , عنصرا سلبيا لمسألة التأسيس ,مما شكل من الناحية الكلفة المالية عنصرا اضافيا للهذر الغير المبرر.

خامسا:لا اصلاح بدون مراقبة :ضرورة تفعيل أجهزة المراقبة وضمان استقلاليتها الوظيفية

تعد مختلف العناصر المشار اليها اقتضابا في ما سبق أساس كل مشروع اصلاحي ,يرنو الى تجاوز اخفاقات الماضي القريب ,من خلال بلورة استراتيجية واقعية ,وقابلة للتنفيد يعهد بها الى من توافرت له الكفاءة و القدرة على تحمل المسؤولية تخطيطا ,وبرمجة,و تدبيرا,وتتبعا ,وتقويما ,وذالك يهم مختلف المستويات مركزيا, وجهويا, و اقليميا ,و محليا بشكل لا يتعارض مع ارساء جهوية في تدبير الشأن التربوي ,الا انه يوفر في المقابل آلية للمراقبة والتتبع والتقويم , ليس فقط في شقها التقني المنوط بأطر المراقبة الخاصة بوزارة المالية ,فقط بواسطة آلية المراقبة الداخلية المستقلة المتمثلة مركزيا في المفتشية العامة للشؤون الإدارية والمالية وكذا للشؤون التربوية,وجهويا في مختلف أطر المراقبة سواء في مجال التخطيط او التوجيه ,او المراقبة الملية والمادية ,او اطر المراقبة التربوية ,بتنسيق تام مع المفتشية العامة للوزارة.

ان أي اصلاح لا يوازيه ارساء لآلية المراقبة والتتبع الميداني,مكفولة بضمان الاستقلال الوظيفي ,وبإعمال لمختلف الإجراءات التأديبية والزجرية عند تسجيل مخالفات ,او خروقا تستوجب اعمالها يبقى بذون اية فاعلية اونجاعة ,ويشكل البرنامج الإستعجالي السابق نموذجا حيا على ذالك.





يعد ما سبق مجرد تعبير عن تفاعل يندرج ضمن الردود العديدة والغيورة الصادرة على اثر الدعوة والمبادرة التي وجهها المجلس الأعلى للتعليم تكريسا للنهج التشاركي الذي انتهجه كأسلوب ونهج لتدبير ملف التعليم والتكوين ,ليس فقط باعتباره قطاعا خاصا ,بل ومن خلالرؤية مندمجة وشاملة قوامها كونه يشكل أحد مقومات التنمية وعناصرها الجوهرية والتي لا محيد عن اصلاحها وتقويمها, والنهوض بها ,سعيا الى تحقيق التنمية والتطور المنشودين ,ونتمنى للمجلس وكل المخرطين بمسؤولية في هذا الورش الكبير, بإشراف توجيه ملكي سام على الرفع من مستوى المنظومة والرقي بها الى مراتب احسن من خلال استراتيجية وطنية جامعة ومانعة ,وذات حصانة تسند من خلالها المسؤولية لذوي الكفاءة وتكرس من خلالها مبادئ دستور 2011 ومنها على الخصوص الشفافية والحكامة الجيدة ,والربط بين المسؤولية والمحاسبة.


د/ محسين أبري
استاذ باحث المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين سطات
عن الجريدة التربوية






: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=687874
    رد مع اقتباس
قديم 2013-10-24, 20:09 رقم المشاركة : 2
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: رصد لبعض مكونات ورش الاصلاح


أخي الكريم إكسبريس...

شكرا جزيلا لطرح هذا الموضوع الذي أصبح حديث الساعة خصوصا بعد الخطاب الملكي الذي دعا من خلاله إلى إعادة النظر في قطاع التعليم وتحريكه والمضي به للأمام .
الشيء الذي جعل المجلس الأعلى للتعليم يتحرك أخيرا ...

الموضوع داسم للغاية...وخطير خطورة ما نراه اليوم من جنوح المتعلمين إلى العنف والتمييع وضرب كل القيم الدينية والوطنية عرض الحائط ...ناهجين منهج الامسؤولية والاوعي وكأنهم ليسوا رجال (ونساء) الغد.
وهذه رسالة قوية تبرز فشل المنظومة التربوية التعليمية في بناء مستقبل الوطن.


وبما أنه موضوع هام وداسم ،فالمناقشة يجب أن تتخذ محاور متعددة بتعدد التحديات ومظاهر التعثر .

وحين حاول كاتب الموضوع تشخيص الوضعية التعليمية فإنه بدأ بتشخيص حالة البنية التحتية للعرض التربوي،
وكي يكون نقاشنا مركزا فمن المهم أن أبدأ بهذا المحور الذي طالما أبان عن الريع والسرقة والفوضى في التدبير المالي ،إذ أن واقع الإنجاز فعلا يبين لنا التلاعب في الصفقات، وعدم احترام شروط التعاقد وللأسف مع كل هذا الفساد نجد غياب المتابعة والمحاسبة الشيء الذي يشجع على الريع وعلى الفساد.

واسمحوا لي أحبتي أن أذكر قصة وقعت في مدينتي في إحدى المؤسسات التربوية (إعدادية) التي رفعت التقارير حولها للوزارة على أنه تم الإنتهاء من بنائها وتم تسليمها والدراسة بها ...بينما هي على أرض الواقع ما تزال نصف مبنية مع غياب كل المرافق الصحية الأساسية وأسوار المدرسة...وحين حاول البعض تتبع الموضوع ومحاسبة المعنيين بالأمر تم بكل غموض لملمة القضية بتدخل كافة المعنيين ...

وهكذا يمضي الفساد بكل وثوقية نحو الإستمرارية في غياب أية متابعة ومساءلة ومحاسبة.
وهذا فقط غيض من فيض...

أخي إكسبريس شكرا على الطرح...وأتمنى لو يتفاعل الإخوة الكرام مع الموضوع.

تحيتي.
..





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2013-10-24, 22:28 رقم المشاركة : 3
express-1
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية express-1

 

إحصائية العضو








express-1 غير متواجد حالياً


وسام التميز لشهر مارس 2012

افتراضي رد: رصد لبعض مكونات ورش الاصلاح


التعليم بين أحاديث الحل وأفعال التأزيم ...





1- التعليم بين أحاديث الحل وأفعال التأزيم:
لا يختلف الناس كثيرا من أن منظومتنا التربوية مع الأسف في تراجع مستمر وعلى أصعدة متعددة معرفية تعليمية وقيمية، تنظيمية بيداغوجية وديداكتيكية...،ولا يختلف الناس أيضا من أن هناك جهود جبارة تبذل على الدوام من أجل الإصلاح،خاصة كلما صفعت الساحة التربوية بتقرير أممي أو خطاب رسمي يصف تعليمنا بالتناقضات الصارخة والفشل الذريع و يرتبه على عكس ادعاءاته في الصفوف الأخيرة بين الأمم،وهذه التناقضات مع الأسف تزداد اليوم استفحالا في ظل أحاديث الإصلاح والحل وأفعال التأزيم والإفساد ومن ذلك مثلا:
1- إصلاحات غير ديمقراطية،إذ كما يؤثر التعليم على كافة الفئات والقطاعات فهي بدورها تؤثر عليه،ولا يمكن إصلاح التعليم بدون إصلاحها،فالتعليم مرتبط بالضرورة بالتجهيز والصحة والثقافة والتضامن والرياضة والإعلام،ومرتبط كذلك بالفقراء والأغنياء والمقاولين والمجالس والجمعيات وغيرها ؟؟.
2- إصلاحات جزئية وتبسيطية وسطحية،في حين أن الأمر يتطلب جرأة وعمقا وتعبئة أكبر وأشمل وأدوم وأجد،وقد شبه أحدهم هذا الأمر بفلاح ينتظر وصول الماء إلى حقله فيقوم ببعض الرتوشات على طول الساقية المثقوبة هنا وهناك في حين أن الماء غير موجود أصلا،أو أن الساقية من طين قد انتهت صلاحيتها وينبغي إعادة بنائها من جديد بالإسمنت والحديد وبإشراف مهندسين وخبراء لا مجرد فضلاء ؟؟.
3- إصلاحات مركزية وفوقية تفرض على الواقع العريض والمتشعب والذي لا يشارك فيها بالشكل المناسب لا إنتاجا ولا تنزيلا،وبكل انتقائية نفعل مذكرات و نهمل أخرى،فلا نزداد بذلك إلا بعدا من الإشكالات الحقيقية والواقعية،ما يجعل مآلنا الفشل والمزيد من تراجع المنظومة وتدهورهـــا ؟؟.
4- إصلاحات ترهن نفسها للمنتوج التربوي المستورد والغربي بالذات بدل الاستفادة من التجربة الإنسانية كافة وخاصة الناجحة والملائمة منها،وترهن نفسها أيضا للإكراه المادي في حين أن هناك تبذيرا ماديا وصفقات وسوء حكامة لا يحاسب عليها أحد (عبث صفقات المعلوميات وهدر بيداغوجيا الإدماج نموذجا) ؟؟.
5- حلول فئات وأسلاك ومسالك ونقابات وأكاديميات ومندوبيات وإعداديات وثانويات وغيرها من المؤسسات لا حلول رؤية عامة ورسالة واضحة بوضوح مرجعي وقانوني محل إجماع وطني وحماسة إدارية وتربوية و تشارك حقيقي مع الفاعلين نقابات ومجالس وجماعات وجمعيات وغيرها من الفاعلين الحقيقيين والممارسين الميدانيين؟؟.
وفي هذا الصدد تعجبني الأهداف الخمسينية لتركيا وهي تسعى إلى تكوين إنسان تركي يقدس القيم//يحترم الزمن//يقدس العمل ويفرح به ويخلص فيه// يحترم الإنسان وحقوقه//ويحترم الطبيعة ويعتني بها؟؟؟.ترى كيف نحن مع معضلاتنا المزمنة على مر العصور والسياسات والحكومات: التدني المعرفي والقيمي//تدهور الخدمات الصحية والادارية//الفقر والتفكك الأسري//ضعف تنمية المواطنة والعمل التطوعي//بطالة الخرجين وكسر العظام أمام البرلمان...،وكلها معضلات لا حل لها دون الاستثمار في تعليم مفعم بالأصالة والجودة،مواكب للتطور محلق في رحاب الحكامة ؟؟؟.
2- القوانين المؤسسة للحيف في منظومتنا التربوية:
أنا لا أدعي بأن منظومتنا التربوية تسير بقوانين أصلا،فبالأحرى أن تكون هذه القوانين واضحة ومضبوطة عادلة ومنصفة متطورة ومحينة ترقى بالمنظومة وتنصف الجميع دون ضرر ولا ضرار،بل بالعكس في زحمة التدبير اليومي المأزوم والممارسة الروتينية المتأزمة تغيب كل القوانين التربوية وحتى الأبعاد السياسية والبرامج الحكومية والتجارب الإنسانية لتستأسد فيها الأهواء في الميدان والارتجالات وتصفية الحسابات وهي الأبواب المشرعة لكل الظلم والحيف والفساد والاستبداد، ومن ذلك مثلا:
  • · نقص البنيات والموارد البشرية والتخبط المزمن في التدبير//الاكتظـاظ والخريطة المدرسية وتطبيقاتها المشوهة وما تنتجه من كوارث// نقص العتاد التجريبي ومحضري المختبرات الذي يطاله النزيف الدائم//الاستغناء في الغالب عن مذكرة التفويج (43) و تدريس المواد العلمية التي أصبحت تدرس كغيرها من المواد الأدبية مما يزيد أجيالنا بعدا عن كل لغات العصر العلمية والتقنية والابتكارية والتواصلية حتى في المستويات الثانوية والجامعية//الحركة الانتقالية والتحاق الزوجات بأسرهن وقد أصبحت من رابع المستحيلات//الديداكتيك المعتمد على الإلقاء وتواصل الطباشير والسبورة المحدود على كل حال والمتمركز على الأستاذ بدل التلميذ بالتجارب وبالحوار وغير ذلك من أساليب التفكير والمشاركة الفعلية والإبداع//حراسة أساتذة الابتدائي والإعدادي لامتحانات الثانوي وغيرها بدون موجب حق إلا ضبابية القانون//ناهيك عن الظواهر اللاتربوية من تدني المستوى وتنامي الغش والعنف والتحرش والمخدرات والهدر والعزوف الدراسي...؟؟؟.
قوانين راكدة لا تواكب مستجدات الحقل التربوي،ولا تستجيب لحاجيات الفاعلين،بالإضافة إلى كونها قوانين انتقائية يتم التأكيد على تطبيقها إذا كانت تخدم الإدارة وتنقدها من الوحل،ويتم تجاهلها إذا كانت تخدم التلميذ أو الأستاذ أو غيرهما من المتدخلين المدنيين المحليين خاصة عكس غيرهم من المتدخلين الأجانب مثلا،وكأننا نتسول لديهم باسم تعليمنا وكرامتنا وبراءة أطفالنا،ولنا في كل مشروع نصيب تبرره ديباجة تقاريرنا؟؟؟.بأي قانون يقع الحيف على أساتذة الابتدائي والإعدادي لا من حيث ساعات العمل؟؟ ولا من حيث الترقية إلى خارج السلم؟؟ ولا من حيث متابعة الدراسة الجامعية ؟؟ ولا من حيث الحرمان من اجتياز بعض المباريات كالتخطيط والتبريز والتفتيش وغيرها،و أي مردودية تنتظر منهم وقد قضوا عقودا وعقودا في زنزانة نفس العمل الروتيني الممل،والذي لا يخلصهم منه إلا ولوج بوابة التقاعد على إيقاع تعكر المزاج العقلي والسلوكي و الأمراض المزمنة إلا من رحم الله؟؟؟.مذكرة لترقية فئة وأخرى لحرمان أخرى،ومذكرة لدراسة الأساتذة والتلاميذ وأخرى لعدمها،ومذكرة لمحاربة الاكتظاظ والغش و التكرار...والاقرار به والصمت عليه في نفس الوقت،ومذكرة ...ومذكرة ...ومذكرة...تأتي وتمضي وربما تركن في ركن يعلوها فيه الغبار لتمضي الدراسة كما تمضي بتلاعب الأشرار وصمت الأخيار كما يقال،فكان كل الذي كان وما يزال يكون سوء التدبير وخصاص البنيات والموارد وتدني المعرفة والقيم وظروف العمل وهزالة التكوين والتكوين المستمر والتمركز واللاتعميم وارتفاع تكلفة المنتوج وضحالته...،وكأن مشاكلنا في التعليم قدرها الدوام والاستفحال؟؟؟.
3- ومن الحيف الصارخ : مذكرة التشريد في مزرعة الوزارة ؟؟؟:
أو ما يسمى بمذكرة إعادة الانتشار والتي يتم عبرها تصدير بعض المؤسسات لفائضها من الأساتذة إلى مؤسسات الخصاص،والتي قد تكون في نفس الجماعة أو في جماعة أخرى أو إقليم آخر وربما مصلحة أخرى غير التعليم أصلا؟؟؟.المهم أن الأستاذ المسكين ينبغي أن يكون دائما رهن إشارة الموارد البشرية في نيابته والتي يمكن أن تنقله تنقلا تعسفيا في كل سنة ومهما بلغت عدد سنوات عمله حتى لو شرف على التقاعد بسنتين أو ثلاث ؟؟؟.أليس الأستاذ مجرد عامل في مزرعة الوزارة ومن واجباته دون لف ولا دوران أن يطبق سياستها التربوية - عفوا سياستها الفلاحية في أوراشها البنائية - مهما كان رأيه فيها،حتى وإن بدت له مجرد ترقيع أو ترقيع الترقيع ؟؟؟.
إنها مذكرة تهدد استقرار الأستاذ وتسلط عليه من الاحتقار والتسلط والمهانة ما لا يطاق،ومن سلب الإرادة ما يجعله وهو رجل العلم والمعرفة والتربية مجرد قطعة غيار يمكن نقلها هنا أو هناك دون رأي أو استشارة أو مجرد نقاش فبالأحرى التحفيز المادي والمعنوي والحقوقي،بل تهدده بقانون إرهابي يجبره على الالتحاق في 48 ساعة وإلا دخل في خطإ قانوني يجعله عرضة لكل ما من شأنه أو على الأصح "مرمطة" تأديبية جائرة في عهد الاستئساد بدعوى الإصلاح؟؟؟.ليحمد الله على أن المزرعة واسعة وسع الوطن وأن العمل فيها لا ينتهي ولا ينقطع،ولا بأس إن كان العمل في الحطب والفلاحة أو كان في الخطب والرعي والرعاية أو حتى في الحراسة والإدارة،فالمهم أن رئيس الورش قد قبل بك في ورشه،فإذا انتهى به العمل فاطلب ربك أن ينقلك إلى الورش الجديد وقد حرم من ذلك غيرك؟؟؟.
إن المذكرة المشؤومة تدعى اليوم نقل الناس من أجل المصلحة،ولكن هل هي فعلا مصلحة،وهل هكذا تحل المصلحة بتشريد الناس،وما الذي يضمن ألا نستيقظ يوما على نفس المذكرة المشؤومة وقد استكملت حلقاتها في الإذلال والعبث بالأساتذة وهي تجعل من مهامهم التي لا ناقش فيها أن يكونوا سائقين بالسيد الوزير وفي ذلك مصلحة أو مجرد خدم عند السيد المندوب أو أي رئيس مصلحة يتبضعون له في الأسواق أو يوصلون له "المدام" إلى الحمام ويأتون بالأبناء من المدرسة وينجزون معهم الساعات والمراجعات؟؟ فهيا أيها الأساتذة المحترمون-عفوا أيها العمال الأبطال الأشاوس و"المانوفريا" المفتولي العضلات- اجمعوا أمتعتكم واحزموا أحذيتكم وقوموا من صباح ربكم لتطوفوا عبر المؤسسات التعليمية القريبة والبعيدة تجمعون سويعاتكم القانونية، 24 ساعة في الأسبوع كاملة بالدقيقة والثانية،ولا تطلبوا عن ذلك تعويضا عن جهد أو تنقل فيكفي أنا لازلنا نشغلكم في زمن التسريح والبطالة ويكفي أنا أعفيناكم بدراجاتكم الهوائية من ارتفاع أسعار الوقود؟؟.فيا أحصنة وكوادر التعليم والتربية لا تنسوا علفكم أكلكم وشربكم حتى إذا أتت عليكم الاستراحة الصباحية أو المسائية أو النصف نهارية ولم تطيقوا الذهاب إلى المقاهي المميعة والمطاعم المستعرة،فاختبئوا وراء حائط المؤسسة وأخرجوا كأس "كيكوزكم" الأول (Guigoz) لتهيئوا فيه كأس شاي منعنع "تدوزون" به محتوى كأس "كيكوزكم" الثاني من عدس أو فاصوليا أو "الطون والحرور في نص كوميرا بايتة"،ولا يغرنكم أن في أيديكم أقلام ذهبية سيالة،فعلى ظهوركم رفوش ومعاول مرسومة وموشومة؟؟؟.أساتذتنا المناضلون لتكن معنوياتكم مرتفعة و أعصابكم حديدية وليحيى فيكم الضمير المهني والحرص الوطني وأنتم من اعتدتم التنقل بين الجمعيات والمؤسسات الخصوصية نضالا وتضحية لا طمعا وحاجة، فاليوم قد احتاجت إليكم النيابة ونادت عليكم المصلحة فخذوا تعييناتكم من أجل المصلحة بكل سمع وطاعة والتحقوا بمؤسساتكم الجديدة دون نقابات وبيانات واعتصامات و دون صفحات ومقالات واحتجاجات،وأدوا مهمتكم "الله يرضي عليكم،عفوا- بلهلا يكزيه ليكم- "بكل حرص وأمانة،لا تضيعوا تلاميذنا وفلذات أكبادنا فهم العدة والأمل في الحاضر والمستقبل،من أسدى إليهم معروفا فزودهم علما أو حط عنهم جهلا،فالله وحده من سيجازيه وينبت له في أبنائه "الزرع والقرع والزريعة"؟؟؟.لا قوانين للتشريد إلا قوانين الغاب و التسلط و الفساد والاستبداد والإجهاز على كل معاني الإدارة والتربية والحقوق والكرامة،وإلا فما معنى يغادر المؤسسة عند الفائض أو المصلحة آخر من التحق؟وما ذنب آخر من التحق؟ وقد تكون أستاذة لها أسرة وأبناء قضت العمر لتلتحق بزوجها وتلم شملها،ولم تكد تصدق حتى ينادى عليها للتشريد من جديد لأنها آخر من التحق؟؟.ما معنى الأقدمية في النيابة وأي دخل للأستاذ في التعيين في هذه النيابة أو تلك؟ بل ربما وجدته قد طلب تلك النيابة منذ البداية فعين في غيرها؟؟ ولماذا لا تلتزم الوزارة بالتزاماتها حتى بدأت تنقل الناس دون طلب منها ولا مشاركة لها في الحركة الانتقالية؟؟ والغريب الغريب أن السادة المفتشون أنفسهم يقومون بإضرابات وطنية لمجرد أنهم ألزموهم كما تقضي مهامهم بالزيارات الميدانية للمؤسسات التربوية البعيدة وهم لا يملكون الوسائل و لا يمنحون عنها تعويضات،فكيف يجبر هؤلاء الأساتذة الذين يشرفون عليهم بالدوس على مذكرات طالما جعلوها سيفا في تأطيراتهم التربوية،ويقبلون تنقيلات تعسفية هم أنفسهم يرفضون مثلها بل عشر معشارها؟؟ كيف يقال في البداية أن هذا مجرد انتقال مؤقت من أجل المصلحة قد تكون مدته سنة على أكبر تقدير،ثم تمضي السنة والسنتين دون أن يدبر المسؤولون خصاصهم ليظل الانتقال دائما وثابتا رغم المضرة،بسيف القانون ودون مشاورة ولا حوار حتى وكأن حب الاستقرار والسكن الإداري لمديري المؤسسات و رؤساء المصالح وحدهم ؟؟. لو كان هذا التكليف من أجل المصلحة بتحفيز مادي أو تعويض مالي هل كان سيصل إلى ضحاياه ممن يصلون به اليوم مهانة وعذابا ومجانا ؟؟؟.لا حساب...لا حساب إلا الحساب عند الله تعالى يوم لا تنفع مذكرة ولا قانون إلا قانون ربنا جل وعلا:"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما،فلا تظالموا"،ويومئذ يعظ الظالمون على أيديهم يقولون يا ليتنا ولات حين لا ليت ولا لعل ؟؟؟.
ورغم كل شيء،أعود وأقول نعم للجرأة في تطبيق الإصلاح ولو كان على حساب من كان،ولكن هل تطبق المذكرة في جميع الأقاليم وعلى جميع الموظفين (أكيد لا)؟؟ أين الموظفون الأشباح والموظفات المتستر عليهن قبل الفائضون والأقلون ساعات؟؟من فيضهم وقلل ساعاتهم وهم في نفس مؤسساتهم التي عينوا فيها أول ما عينوا بمقتضى الخصاص؟؟ لماذا لا يشغلون في مشاريع المؤسسة وما أكثرها بدءا من الدعم والأندية وغيرها ريتما تستوعبهم بنيات مؤسساتهم من جديد؟؟ لماذا يتلاعب في بنيات هذه المؤسسات رغم المذكرات والقوانين حتى نفيض من الأساتذة من نريد وتجحف على التلاميذ بالاكتظاظ كيف نريد؟؟ أين خريجي الوزارة وتكوينها من الموظفين الجدد وشبابنا تقتله البطالة أجيالا وأجيالا،وموظفونا القدامى على مشارف التقاعد أفواجا وأفواجا؟؟ لماذا تفتح مؤسسات جديدة بدون إطار إداري ولا تربوي لازم على الأقل؟؟ لماذا تربط هذه المؤسسات الجديدة بغيرها من المؤسسات القديمة بدل أن تدرج في الحركة الانتقالية فيترشح لمناصبها من في مصلحته و من يهمه الأمر؟؟ أين يكون موظفوا المصالح النيابية وماذا يفعلون طوال السنة لتدبير الخصاص الذي يعلمون به من ملفات صحية وتقاعدية ونجاحات وانتقالات...فلا يتركوها إلى بداية السنة؟؟ أم أن سيف الانتقام وشهوة التشريد إبداع من إبداعات نيابة الرشيدية وحدها ومسهوليها وما أوصلونا إليه من كوارث تجعلهم لو كان هناك عدل وإنصاف هم أولى بالمحاسبة والتشريد قبل غيرهم؟؟؟.
الحبيب عكي





    رد مع اقتباس
قديم 2013-10-24, 22:40 رقم المشاركة : 4
express-1
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية express-1

 

إحصائية العضو








express-1 غير متواجد حالياً


وسام التميز لشهر مارس 2012

افتراضي رد: رصد لبعض مكونات ورش الاصلاح


ورش التعليم والمسؤولية المشتركة


رشيد القبيـل
الخميس 24 أكتوبر 2013 - 11:24
أوراش التربية والتكوين والبحث العلمي ما زالت مفتوحة منذ الاستقلال وستظل كذلك لعقود قادمة. في العقد الأخير شكل الميثاق الوطني للتربية والتكوين خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح وهو ثمرة عهدي الحسن الثاني ومحمد السادس ولا شك أن لذلك دلالاته الرمزية. لكن تنزيله شابته صعوبات جعلته بين نجاح وإخفاق، وهذا طبيعي عند الانتقال من التصور إلى التطبيق والعمل. كيفما كانت نسب النجاح والإخفاق يمكن الاستدراك ما دمنا نتوفر على مرجعية توافقية مفترضة يمكن الانطلاق منها ومراجعتها وتقويم تنزيلها في أفق التجويد عن طريق مراكمة الإيجابيات وتجاوز السلبيات. المرجعية والمراجعة ميزتان مهمتان للميثاق لو اقتصر عليهما لكفته. فيما يلي سنحاول إبداء بعض الملاحظات حول صيرورة الإصلاح وتبيان مدى تعدد المسؤوليات في قضية التعليم وتراكبها وجدليتها وتوزعها على عدة مستويات من خلال بعض الأمثلة بالانطلاق أساسا من مذكرات ومواقف رسمية، أبدأها بكلام شجاع للحسن الثاني رحمه الله سنة 1986 ارتباطا بمشاكل التعليم" اعتمد على وطنيتكم ونزاهتكم حتى يمكننا ... أن نكون قد تراجعنا عن الأغلاط التي ارتكبناها، وهنا يجب أن نكون متحلين بالشجاعة وأن نبني المستقبل لا هدف لنا إلا أن يكون المغربي أو المغربية عملة يتعامل بها في السوق العلمية والتقنية العالمية" [1]
التعليم مسؤولية وطنية
في سنة 1995 قدمت مقال لي حول مسألة إصلاح التعليم العالي بما يلي : "نأمل أن تحصل القناعة، وتتكاثف كل الجهود المخلصة والغيورة على هذا البلد لكي تتبوأ الجامعة مكانها الطبيعي واللائق داخل المجتمع، وليعتبر الجميع أن ذلك من المصالح العليا للوطن والله ولي التوفيق"[2 ] ولقد انتابني إحساس بالرضى عنما وجدت ميثاق التربية والتكوين في مطلع القرن 21 يعتمد إعلان "قطاع التربية والتكوين أول أسبقية وطنية بعد الوحدة الترابية "[3 ] لأجل ذلك دعا جلالة الملك محمد السادس " كل الأطراف المعنية من جماعات محلية وقطاع خاص ومؤسسات إنتاجية وجمعيات ومنظمات وسائر الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين " [4] للمساهمة في إنجاز الأهداف المعلنة في الميثاق " دون إغفال دور الآباء والأمهات ومسؤولية الأسر في المشاركة بالمراقبة والتتبع والحرص على المستوى المطلوب" [4] في إطار ذلك يختم الميثاق قسمه الأول المتعلق بالمبادئ الأساسية بما يلي" يحظى قطاع التربية والتكوين...بأقصى العناية والاهتمام، على كل مستويات الدولة والجماعات المحلية ومؤسسات التربية والتكوين نفسها وكل الأطراف والشركاء والمعنيين، تخطيطا وإنجازا وتتبعا وتقويما وتصحيحا، طبقا للمسؤوليات والأدوار المحددة....... إن كل القوى الحية للبلاد حكومة وبرلمانا وجماعات محلية وأحزابا سياسية ومنظمات نقابية ومهنية وجمعيات وإدارات ترابية، والعلماء والمثقفين والفنانين، والشركاء المعنيين كافة بقطاع التربية والتكوين، مدعوة لمواصلة الجهد الجماعي من أجل تحقيق أهداف التربية والتكوين جاعلين المصلحة العليا للوطن في هذا الميدان الحيوي فوق كل اعتبار"[3] إن الخوض في ورش بهذه المكانة البارزة ضمن الأولويات الوطنية يقتضي أولا الموضوعية والنزاهة وإبعاد الذات عن كل مغنم يرتجى أو مغرم يخشى وثانيا تحرير الجرأة من عقالها تصورا وتحليلا ونقدا .
التعليم بين مسؤوليات الخبير والسياسي والنقابي
إن تطور المعرفة الممتد والمتسارع وعلاقتها المتشابكة بالتنمية عموما والتكنولوجيات المهرولة خصوصا، يشكل تحديا معرفيا كبيرا للنظام التعليمي وعلاقاته بالمجتمع في الدول المتقدمة التي تمتلك ناصية العلم والعمل به بله الدول التي مازالت تتحسس طريقها في هذا المضمار. هذا المعطى يرجح كفة الخبير على السياسي ويحتم ، بالإضافة إلى كون التعليم أولوية وطنية، الابتعاد عن تسييس التعليم أو التفسير السياسوى لإشكالاته أو استعماله لتصفية حسابات سياسوية وحزبية ضيقة أو مكاسب فئوية. من المؤسف أن ذلك غالبا ما بقي شعارا لدى الفاعلين السياسيين والنقابيين في المغرب أكثر مما هو سلوكا وفعلا.
وسأعطي بعض الأمثلة: أبرز مثال على تسييس التعليم هو مسألة لغة التدريس. اللغة وعاء الفكر ولامجال للتذكير بمحوريتها في العملية التعليمية وبعلاقتها بالتنمية. نكتفي بما أشار إليه المجلس الأعلى للتعليم إلى أن "المتعلم المغربي الذي يواجه إشكالية الأمن اللغوي تتقلص قدراته التنافسية، مقارنة بأمثاله في الدول التي لا تعرف التذبدب أو النقص في تعلم اللغة الوطنية واللغات الأجنبية" [5] وأشار إلى إشكالية التنوع اللغوي الذي يجبر التلاميذ على التعامل مع "عوالم لغوية متعددة "[5] وأن ذلك يشكل أحد أسباب ضعف التحكم في اللغات وأن ذلك الضعف يعمق "من التباعد بين المعارف، وبين المسالك، وبين الآفاق المهنية، تباعد تغذيه كذلك الازدواجية القائمة في منظومتنا على مستوى التدريس ولا سيما بين التعليم الثانوي والتعليم الجامعي"[5] الخبرة البيداغوجية مدعومة بالتجارب الدولية تؤكد أن إحدى مفاتيح النجاح التدريس باللغة( اللغات) الوطنية مهما بلغت انعزاليتها وعدد المتحدثين بها( العبرية واليونانية مثلا).
إن التدريس بالفرنسية بالجامعة قرار سياسي وليس بيداغوجي وآثاره جد سلبية. حتى إذا رجحنا مبدأ الانفتاح على العالم فالخبرة والمصلحة تقود إلى استعمال الإنجليزية. لو اكتفيت مثلا بمجال الإلكتروني الذي أزعم الإلمام به أكثر من غيره من التخصصات، فإني أجزم بوجود هوة رهيبة بين المراجع الفرنسية والإنجليزية لصالح هذه الأخير، وأن معدل المدة الزمنية لصدور مراجع فرنسية يقارب ما هو موجود بالإنجليزية مضمونا علميا وجودة بيداغوجية يمتد من5 إلى 10 سنوات ورغم ذلك قد تجدها تفيض بالمصطلحات الأصلية بالإنجليزية، أما منشورات البحث العلمي فحدث ولا حرج. هذا حال الفرنسية مع الإلكترونيك إحدى مفاتيح الثورة التكنلوجية التي يشهدها العالم ولا شك أن الأمر ينطبق على تخصصات أخرى. إن الغرب في بداية دورته الحضارية انفتح على اللغة العربية لغة العلم أنداك رغم الاختلاف الثقافي مع العالم الإسلامي ورغم الخصومة التي تصل حد العداوة التي كانت تغذيها أطراف ونخب معينة. إن الأمر يهم مصلحة الوطن التي من المفروض أن تعلو على جميع المصالح الأخرى.
المثال الثاني لتسييس مسألة التعليم هي قضية المجانية على حساسيتها. الخبرة تقول أن التعليم بطبيعته أصبح ذا كلفة عالية وخصوصا إذا كانت الجودة مطلوبة. في هذا الصدد نجد الميثاق يدعو إلى النظر في " إمكانية خلق مساهمة وطنية في تمويل التعليم....ويراعى في التكليف بهذه الموارد مستوى دخل الأسر ومبدأ التكافل الاجتماعي" [3] كما يدعو إلى إقرار "رسوم التسجيل في التعليم العالي ، وفي مرحلة لاحقة في التعليم الثانوي"[3] وحدد آجالا لذلك، 3 سنوات بالنسبة للتعليم العالي و4 أو 5 سنوات بالنسبة للثانوي[3] ونظرا لأهمية ذلك فقد أفرده الخطاب الملكي بما يلي" ولن تتم مساهمة الفئات ذات الدخل المرتفع بالنسبة للتعليم الثانوي إلا بعد خمس سنوات من الوقوف على نجاح هذه التجربة مع الإعفاء التام للأسر ذات الخل المحدود.
أما بالنسبة للتعليم العالي فلن تفرض رسوم التسجيل إلا بعد ثلاث سنوات من تطبيق المشروع مع إعطاء منح الاستحقاق للطلبة المتفوقين المحتاجين" [4] رغم ذلك قامت الدنيا ولم تقعد عندما دعا وزير التعليم العالي الحالي - في استجواب صحفي صرف لا غير- إلى ضرورة مساهمة الطبقة الميسورة في تحمل تكاليف التعليم العالي. لم يهب أي أحد للوقوف مع الوزير وحماية ظهره علما أن الميثاق نص توافقي لكافة الأطياف السياسية الممثلة في البرلمان وغيرها.
المثال الثالث يهم مخاض تطبيق الإصلاح البيداغوجي الجامعي الحالي. الخبرة - منذ الثمانينات على الأقل - كانت تؤكد الجمود و ضعف المردودية للنظام البيداغوجي أنداك. رغم ذلك تم ارتهان تطبيق الإصلاح البيداغوجي الجامعي حوالي العقدين من الزمن من طرف الموقف النقابي بدعوى ضرورة الإصلاح الشمولي والمستبطنة في الواقع للمطلب النقابي بمراجعة النظام الأساسي للأساتذة الجامعيين. مع إرهاصات التوافقات السياسية الكبرى، في نهاية التسعينات، تحركت عجلة التغييرات في القوانين الجامعية بصفة مجزأة ابتداء بالنظام الأساسي للأساتذة !
من جهة أخرى فإن الجرعة الزائدة في التفسير السياسوي لمسألة التعليم مرده جزئيا إلى نقص الخبرة داخل الأحزاب والتي من بين أسبابها المباشرة الوضعية الهشة للمؤسسة الحزبية خصوصا وأن الدساتير السابقة جعلتها ضعيفة الجاذبية للأطر" الطموحة". إن التنزيل الديمقراطي لدستور فاتح يوليوز وتحسين الديمقراطية الداخلية سيساهم في جعل المؤسسة الحزبية قادرة على استقطاب الأطر الكفؤة والخبيرة لتقوم بوظيفتها سعيا إلى التحليل السليم ودعم القوة الاقتراحية. في نفس الاتجاه يجب التطلع إلى تخفيف جنوح النقابي إلى التعامل مع قضايا الإصلاح بمنظور مطلبي صرف وإلى عدم التركيز على الحقوق على حساب الواجبات.
إن المجلس الأعلى للتعليم اختيار جيد قد يفي بالدور المنوط به وإرساء خارطة طريق السياسة التعليمية دون السقوط في تسييس التعليم والحسابات السياسوية الضيقة، إذا توفرت الإرادة الجماعية وإذا تمت إعادة هيكلته وتفعيله على أسس جديدة تبتغي النجاعة وتحقق المعادلة الصعبة التي ترجح الخبرة دون إغفال التمثيل السياسي. ورش التعليم يحتاج إلى الخبير أكثر من السياسي لكن في مناخ سياسي سليم وفي إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة.
التعليم والمسؤوليات المتراكبة
بصفة عامة تحديد المسؤوليات وتوزيعها على مؤسسات الدولة ليس بالأمر السهل وخصوصا في بلد ما زال في مخاض التحول الديمقراطي. في مسألة التعليم الأمر أعقد. إذا اعتبرنا الميثاق مرجعا فإن هذا الأخير منذ البداية يجعل النهوض بالتعليم مسؤولية جماعية للمؤسسات الرسمية وطنيا ومحليا ويدعو الهيئات المجتمعية والاقتصادية للانخراط في هذا الورش كما سبق ذكره. والمتصفح لتقرير للمجلس الأعلى للتعليم يجده يحمل المسؤولية لكل من" الدولة والإدارة العمومية بمختلف مكوناتها الترابية والمجموعة التربوية ولكافة فئات المجتمع وفعالياته"[5] ويعتبر" مصير المدرسة تحد جماعي فعلي. [5] أكيد أن المسؤولية الحكومية وزنها معتبر ومن ضمنها مسؤولية السلطات الحكومية الوصية.
لكن مسؤولية هذه الأخيرة أصبحت مركبة جدا بين المركزي والمحلي بفعل تطبيق اللا تمركز والاستقلالية في إطار نموذج جديد" للحكامة المتميز بمرونة أكبر وبتخويله اختصاصات أوسع للأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين الجامعات"[5] لقد جاء الميثاق بالاستقلالية في الوقت الذي حمل فيه قسطا مهما من تطبيقه للهيئات الفتية المستحدثة (الأكاديميات) أو الموسعة (الجامعات) بموجبها. وبالرغم من بعض المكتسبات من مثل رفع نسبة النفقات الملتزم بها فقد لاحظ المجلس الأعلى للتعليم أن لا تمركز منظومة التربية والتكوين واستقلالية الجامعة تظل أوراشا أساسية تتطلب جهدا مضاعفا[5]. الواقع أن تعثرات تنزيل الاستقلالية انعكس سلبا على تنزيل إصلاح المدرسة والجامعة.
في حالة التعليم العالي أصبحت الاستقلالية أعمق بعد قانون 01.00 وبالتالي مسؤولية أكبر على كل من مجلس الجامعة مرورا بمجالس المؤسسات الى الأستاذ الجامعي الذي أنيطت به مهام متعددة مبكرا في سنة 1997 [6] مع العلم أن تركيبة هذه المجالس لا تتحكم فيها السلطة الوصية إلا بنسبة جزئية وضعيفة وقد تكون غالبية المجلس لا تشاطر السلطة نفس التوجهات ولا القناعات الإصلاحية إن لم تعاكسها لسبب أو لآخر. لا شك أن الاستقلالية مكون من مكونات الحكامة وتحتاج للوقت الكافي لكي تترسخ لكن من مقتضياتها توزيع المسؤولية.
تجديد المناهج وتدعيم الجانب التطبيقي في افق الانفتاح على المحيط تحد آخر تتجلى فيه المسؤولية المشتركة بين الحكومة ومنظومة التربية والتكوين والمحيط. ولعل دعوى عدم ملائمة منتوج المنظومة للمحيط يشكل إحدى المؤشرات البارزة التي تعطي الانطباع بفشل المنظومة. عندما نتحدث عن تلبية حاجات المحيط يتبادر إلى الذهن أن هذه الحاجات مؤطرة كما وكيفا بنسبة معقولة ومحاط بها على المدى المتوسط وبالتالي تمكن مواكبتها بالمناهج الملائمة.
الواقع أن هذا التأطير نسبيا غير متاح والدراسات الرسمية الاستشرافية المتوفرة تبقى فضفاضة لا تفي بالغرض المطلوب.
في هذا الإطار لم يفعل مرصد التوفيق بين الدراسات العليا والمحيط الاقتصادي والمهني كما تنص على ذلك المادة 79 من قانون 01.00. كما أن الشبكات المحلية والجهوية لتدعيم الجانب التطبيقي للمنظومة التربوية مازالت حبرا على ورق. أما التكوين بالتمرس والتناوب بين المدرسة/الجامعة والمقاولة فهو شبه غائب وغير ممأسس ومحصور في اجتهادات ذاتية. كل ذلك تتقاسم المسؤولية فيه المدرسة/الجامعة والمقاولة والهيئات التمثيلية المهنية والاقتصادية. أما طبيعة النسيج الاقتصادي المغربي وجنوحه أكثر إلى عالم الخدمات والتدبير والتسيير بدل التصميم والتصنيع ناهيك عن ضعف قيمته المضافة فيطرح إشكالات كبيرة للمدرسة/الجامعة لا يتسع المجال لبسطها الآن.
إن جزء من أزمة للمدرسة/الجامعة يرجع إلى أزمة المحيط وبالتالي تقاسم المسؤولية، لكن يتم إسقاط أزمة المحيط على المدرسة/الجامعة فتصبح وحدها في قفص الاتهام وبالتالي تتحمل كل المسؤولية. البحث العلمي هو أيضا تحد آخر تتقاسم فيه المسؤولية عدة أطراف إلى جانب السلطة الوصية بفعل عدة عوامل منها الاستقلالية التي تتمتع بها المؤسسات المنوطة بها النهوض بالبحث العلمي: المركز الوطني للبحث العلمي والتقني ، أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات ، الجامعات، المعاهد العليا...إلخ.. على سبيل المثال لابد من التساؤل عن أداء المركز الوطني للبحث العلمي والتقني ومردوديته بالنظر للإمكانات المرصودة والمرونة التشريعية التي يتمتع بها، لابد من التساؤل عن أثر عدة برامج علمية تم تبنيها ودعمها من طرف المركز. في نفس الموضوع لابد من مساءلة أداء أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات التي طفأت شمعتها العشرين في 6 أكتوبر 2013.
والتي تحظى بقانون يولي كل التقدير الخاص والرعاية المطلوبة للعلم والعلماء. هل توفقت الأكاديمية في إنجاز المهام المنوطة بها والمتمثلة في المساهمة في مجالات النهوض بالبحث العلمي والتقني و تحديد سياساته والتقييم والتمويل وإدماجه في المحيط الاجتماعي الاقتصادي الوطني والدولي؟[7] . هل اقتصر نشاطها الغالب على مواكبة العلوم في بعض المجالات من خلال الملتقيات ونشر الثقافة العلمية ؟ وما هو مآل بعض المشاريع العلمية التي دعمتها ؟ وهل كلها تدخل في إطار أولويات البلاد؟[8] لابد من الإشارة في موضوع أزمة البحث العلمي إلى عامل التشتت حيث أنشئت لجنة بين وزارية للتنسيق منذ 2002 وتم أيضا إصدار ورقة للأولويات لكن لحد الآن مازالت الأمور تراوح مكانها. المختبرات العلمية في الجامعات مثلا تشتغل عموما وكأن هذه الأولويات غير محددة أو لا تقدر على الاشتغال عليها لنقص في الخبرة أو التخصص أو الإمكانات المادية خصوصا في مجال التقنيات والعلوم الغير الإنسانية. هذه بعض الأمثلة التي تظهر كم هي الأمور متراكبة ومتشابكة في مسألة التعليم وارتباطه بالمجتمع والتنمية حيث يجدر اجتناب التبسيط المخل الساذج أو المغرض الذي من أسبابه الزج بهذه القضية في أتون المناكفات السياسوبة الضيقة.
التعليم والمسؤولية الحكومية
ما سبق لا يتغيأ إعفاء الحكومات المتعاقبة من المسؤولية، بل إنها مسؤولية وازنة ومعتبرة ولكن يجب استحضار المشهد برمته بكل إكراهاته وبالإرث الثقيل للمنظومة والمحيط حيث لا سبيل إلى تغييرهما إلا على المدى المتوسط على أقل تقدير. وفق هذا المنظور وإذا حصرنا الأمر عند تنزيل الميثاق منذ بداية القرن 21 فإن الحكومات السابقة تتحمل المسؤولية نجاحا وإخفاقا إلى حدود سنة. 2012لكن اللجوء إلى البرنامج الاستعجالي 2009-2012 يشي بأن الإخفاق غلب على النجاح إلى حدود 2009 على الأقل. وتجدر الإشارة في هذا الصدد أن الميثاق لم يعتبر إلزاميا من طرف جميع الحكومات السابقة. أما الحكومة الحالية فمن الصعب الحديث عن مسؤوليتها عن مآل البرنامج الاستعجالي بالنظر لزمن بداية تكليفها الذي جاء في اللحظة الأخيرة للبرنامج الاستعجالي. أكثر من ذلك فحوالي السنة والنصف فقط من تولي الأمور يسفه الرأي الذي يروم إلصاق كل علل المنظومة بها.إن تحميل مسؤولية مآل المنظومة إلى الحكومة الحالية وحدها لا يخلو من تجني فاضح لكيلا نقول وقاحة وصفاقة.
حتى إذا أسقطنا عدة اعتبارات وتجاوزنا عوامل شتى واعتبرنا عامل الزمن فقط فإن مسؤولية الحكومات السابقة في تنزيل الميثاق تساوي ستة أضعاف مسؤولية الحكومة الحالية. قد نتفق أو نختلف مع بعض الإجراءات لكنها في حد ذاتها لا تمثل مؤشرا كافيا لتحميلها مسؤولية مآل المنظومة. قد نتفق أو نختلف مع قرار عدم مواصلة اعتماد بيداغوجيا الإدماج لكن هذه الأخيرة لا تمثل سوى تدبيرا واحدا من عشرات التدابير التي جاء بها البرنامج الاستعجالي فوق ذلك فقد وردت في إطار التجريب حيث نص بالحرف على " تجريب آليات التدريس ببيداغوجية الإدماج".[9] وحسب علمي فإن دراسة ميدانية قامت به وزارة التربية الوطنية بينت أن تنزيل تجربة بيداغوجيا الإدماج غير ناجح مع تسجيل عدة اختلالات. قد نتفق أو نختلف مع قرار عدم الاستمرار في إنشاء مدارس التميز الثمانية في ربوع المملكة كما نص على ذلك البرنامج الاستعجالي.
لكن هل يشكل ذلك محددا حاسما لنجاح تنزيله؟ إن فكرة الاهتمام بالمتميزين فكرة رائعة يجب الحفاظ عليها، لكن هل تصريفها عن طريق مدرسة التميز، بالشكل الذي هي عليه، إجراء موفق وكاف ؟ لم أعلم قط أن السلطات الوصية الحالية أصدرت قرارا بوقف تنزيل البرنامج الاستعجالي ككل لكن بادرت إلى معالجة عدة اختلالات أصبحت ضرورية لإيجاد أرضية سليمة لاستقبال أو استمرار أي برنامج إصلاحي لمنظومة التربية والتكوين .
اختلالات إلى حد الفساد ما فتئت تنخر المنظومة: الاكتظاظ، نقص التأطير، تقلص الزمن المدرسي، التسيب، التبذير، مصداقية الشواهد...إلخ. إن الاكتظاظ مثلا اضطر كثير من رؤساء المؤسسات إلى عدم فتح أو تجديد المسالك المهنية وسلك الماستر بأنواعه في المؤسسات ذات الولوج المفتوح مما يذهب عكس توجه البرنامج الاستعجالي الداعي إلى تعزيز المهننة من جهة وتقوية البحث العلمي الذي يعتبر الماستر بوابته الرئيسية. كذلك الإجراءات الحالية لتعزيز الشفافية لولوج الماستر مثلا يؤدي إلى عدم إقصاء الكفاءات المتميزة وبالتالي تعزيز مصداقية الشهادة العلمية وإحدى عوامل تقوية البحث العلمي. ترشيد الموارد المالية هو أيضا يدخل في صلب تنزيل أي برنامج إصلاحي.
نظرا لأهمية ذلك نجد جلالة الملك في تقديمه للميثاق يؤكد على أن " الضرورة لتقتضي كذلك أن ننظر إلى أساليب التدبير من أجل ترشيد النفقات المرصودة للتعليم. وإن الواجب يحتم علينا الصرامة في التعامل مع الأموال العامة صونا لها من كل التلاعبات. إننا نستطيع تحقيق هذه الأهداف إذا ما تم ترشيد استغلال الموارد المادية وعقلنة تدبيرها"[4] وفي هذا الإطار تأتي مثلا مجمل التدابير للسلطة الوصية الحالية التي أدت لاقتصاد 70٪ من ميزانية التسيير للتعليم العالي[10]. إن مجموعة التدابير التي اتخذتها السلطات الوصية الحالية جعلت منظومة التربية والتكوين تبدو أكثر انضباطا وجدية مما يشكل عاملا من عوامل تنزيل ناجع لجيل جديد من الإصلاحات التراكمية المتتالية ترسخ المكتسبات وتنأى عن الكبوات. إن ورش التعليم يبقى من الأوراش ذات المدى البعيد لكن لا مناص من المقاربة و التسديد والمراجعة على فترات زمنية في المدى المنظور.
هذا المعنى نجده في ما قاله الحسن الثاني رحمه الله سنة 1986" أقول دائما هناك ميدانان يجب الإصلاح فيهما والتفقد لهما في كل خمس أو ست سنوات، ألا وهما ميدان التعليم والميدان الفلاحي" [1] ولا يجب أن " ننام على ذلك الإصلاح مرتاحين متكئين، لأن كل إصلاح للتعليم ينتظره إصلاح من بعد في كل خمس أو ست سنوات لأننا لا نتعلم لأنفسنا، نتعلم لأن نكون، لأن نروج في السوق العالمية، العلمية"[1] نتمنى أن تتحد القلوب قبل العقول لمواصلة نهج الإصلاح الطويل والشاق بكل نزاهة وبكل وطنية والله ولي التوفيق.
المراجع
[1] خطاب جلالة الملك الحسن الثاني بمناسبة افتتاح السنة التشريعية 1986-1987
[2] رشيد القبيل، إصلاح التعليم العالي بين النقابة والوزارة،( 1989-1995) جريدة الراية، عدد141، صفحة3 – 1995.
[3] الميثاق الوطني للتربية والتكوين 1999.
[4] خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثالثة 1999-2000
[5] تقرير المجلس الأعلى للتعليم ـ سنة2008
[6] المادة 4 من مرسوم رقم 2.96.793 صادر في 11 من شوال 1417 (19 فبراير 1997) في شأن النظام الأساسي الخاص بهيئة الأساتذة الباحثين بالتعليم العالي
[7] المادة 2من الظهير ظهير شريف معتبر بمثابة قانون رقم 1.93.364 صادر في 19 من ربيع الآخر 1414(6 أكتوبر1993) بإنشاء أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات
[8] أسئلة نطرحها انطلاقا أساسا من المعطيات المنشورة بالموقع الإلكتروني للأكاديمية التي تعطي الانطباع بتواضع أداء ها مقارنة بالمهام المنوطة بها، إلا إذا كان الموقع لا يتابع عن كثب أنشطتها وهذا مستبعد ومستغرب.
[9] البرنامج الاستعجالي، المجال1، تطوير العدة البيداغوجية [10] حسب تصريح وزير التعليم العالي في إجابته على سؤال شفوي بمجلس النواب، الاثنين 15 يوليوز 2013.
*أستاذ جامعي / نائب برلماني






    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 01:32 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd