2013-07-27, 14:36
|
رقم المشاركة : 29 |
إحصائية
العضو | | | رد: الرسول المعلم | تعليمه صلى الله عليه وسلم لما قد يُستَحيا منه وكان صلى الله عليه وسلم تارةً يُمهِّدُ التمهيدَ اللطيفَ الرقيقَ ، إذا شاء أن يُعلِّم أصحابَه ما قد يُستَحيا من التصريح به : روى مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إنما أنا لكم مثلُ الوالِدِ لولدِهِ أُعلِّمُكم ، إذا أتيتم الغائط، فلا تستقبلوا القِبلة، ولا تَستَدْبِروها، وأمرَ بثلاثةِ أحجار، ونهى عن الرَّوْث، والرِّمّة، ونهى أن يَستطيبَ الرجلُ بيمينه)) وفي هذا الحديث الشريف من الأمور التعليمية : تواضعُ المعلِّم الأول صلى الله عليه وسلم ، وكمالُ شفقته على المتعلمين ، وجميلُ تلطفه بهم لتعليمهم ما يُستحيا منه ، وتعليمُه لهم التزامَ النظام في تصرفاتهم وشؤونهم وأمور نظافتهم . وتارةً كان صلى الله عليه وسلم يكتفي بالتعريض والإشارة في تعليم ما يُستحيا منه : روى البخاري ومسلم: ((أنَّ أسماء بِنْتَ شَكَل ، سألَتْ النبي صلى الله عليه وسلم عن غُسْلِ المَحيض؟ فقال : تأخُذُ إحْداكُنَّ ماءها وسِدْرَتَها فتَطَهَّرُ ، فتُحسن الطُّهور ،ثم تصُبُّ على رأسها ، فتَدْلُكُه دلْكاً شديداً حتى تبْلُغَ شؤونَ رأسِها، ثم تصُبُّ عليها الماء ، ثم تأخذ فِرْصةً مُمَسَّكَةً فتطهَّرُ بها. فقالت أسماء : وكيف تطهَّرُ بها؟ قال : سبحان الله تطهَّرين بها. فقالت عائشة ـ وكأنها تُخفي ذلكـ : تتبَّعي أثر الدم. وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال : تأخذ ماء فتطهَّرُ فتُحسِنُ الطُّهور ، أو تُبلِغُ الطُّهور ، ثم تَصُبّ على رأسها فتدْلُكُه حتى تبلُغ شؤون رأسها ، ثم تُفيض عليها الماء. فقالت عائشة : نِعْمَ النساء نساء الأنصار ، لم يمنعهنَّ الحياءُ أن يتفقَّهنَ في الدين)). في هذا الحديث الشريف من الأمور التعليمية الشيءُ الكثير : *التسبيحُ من المعلِّم عند التعجُّب . ومعناه هنا : كيف يخفى عليكِ هذا الظاهرُ الذي لا يُحتاجُ في فهمه إلى فكر . *واستحبابُ الكنايات عند تعليم ما يتعلَّق بالعَوْرات . *وسؤالُ المرأةِ العالم عن أحوالها التي يُحتشَمُ منها . *والاكتفاءُ بالتعريض والإشارة في الأمور المستهجَنة . *وتكريرُ الجواب لإفهام السائل . وإنما كرَّره عليه الصلاة والسلام ، مع كونها لم تفهمه أوَّلاً ، لأن الجواب به يؤخذُ من إعراضه صلى الله عليه وسلم بوجهه عند قولِه للسائلة : (تطهَّري) ، أي في المحلِّ الذي يُستحيا التصريحُ به في مواجهة المرأة . فاكتفى بلسانِ الحال عن لسانِ المقال . وفهمَتْهُ عائشة رضي الله عنها ، فتَولَّتْ تعليمَ السائلة . *وفيه أيضاً من الأمور التعليمية : سَواغِيَةُ تفسير كلام العالم بحضرتِهِ ووجودِه لمن خَفِيَ عليه ، إذا عَرَف أن ذلك يُعجِبُه . *وجوازُ الأخذِ عن المفضولِ ـ وهو عائشة ـ بحضرة الفاضل وهو سيدُنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . *وصحّةُ العَرْضِ ـ أي القراءة من الطالب ـ على (المُحَدِّث) إذا أَقَرَّه، ولو لم يَقُل عَقِبَ ما عرَضه عليه : (نَعَمْ) . *وأنه لا يُشترَطُ في صحة تحميل العلم فهم السامع لجميع ما يسمعُه . *والرِّفْقُ بالمتعلِّم ، وإقامةُ العُذْر لمن لا يفهم . = *وأنَّ المرءَ مطلوبٌ منه ستر عيوبِه ، وإن كانت مما جُبِلَ عليها ، وذلك من جهة أمرِهِ صلى الله عليه وسلم للمرأة بالتطيُّبِ ، لإزالة الرائحة المكروهة . *وعدم مواجهة السائل بجوابه في مثل هذه الأمور المُستحيا منها ، فإنه قال لها : (تأخُذُ إحداكُنَّ) ولم يقل لها : (تأخذين) رعايةً لزيادةِ الأدب في هذا المقام . *وحُسْنُ خُلُق المعلِّم الأعظم صلى الله عليه وسلم ، وعظيم حاله وحَيائِه ، زاده الله تشريفاً وتكريماً وتعظيماً | |
| |