2013-07-23, 02:18
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | قصة قصيرة :الإنسان الجديد | نظر إليها نظرة استغراب وتساؤل ، لم تزغ بعينيها عن عينيه ، كانت تتبسم ، بسمتها المعهودة ، خاطبها قائلا :
ـ أهذه أنت ᴉ؟
لم تجبه ، استمرت تبتسم وهي غارسة عينيها في عينيه . تفرس جيدا في عينيها اللتين تأسران دمعتين حائرتين ، وتساءل :
ـ لماذا يجعل الإنسان نفسه غامضا ؟ أم هو الغموض سمة من سماته ؟ حقا ، إنك لغز محير أيها الإنسان.
عاد ليذكرها بأقوالها المدهونة بالعسل قائلا :
ـ أين جملتك : (( لا تذكر الفراق أبدا على لسانك )) ؟
كان كالأحمق يسائل الصورة التي أعطته إياها قائلة :
ـ إذا اشتقت لي يا حبيبي ، فهذه صورتي ، تذكرني .. لا تنساني . كلمات لم يعد لها معنى عنده ، بل إنها مرادفات لكلمات امتلأ بها قاموس حياته . لقد اختلطت المفاهيم وتداخلت ، وكل شيء دخله المسخ والتزوير : العهد ، الصداقة ، الحب ، الإنسان ، الخبز ، اللحم و الخضر ... كل شيء لم يعد له تعريف واحد . أمام هذا الغموض في الأشياء عليه أن يكون ميكيافيليا في كل شيء ، حتى لا تدوسه الأقدام . لا فرق بين أن يكون في الحب ماجنا أو عفيفا ، فما الفرق بين امرئ القيس وابن الملوح ؟ كلاهما قد انتهى أمره إلى التيه في الصحراء ، هذا مات بقروحه وذاك مات بجنونه . كثيرة هي الأفكار التي هاجمته وهو ينظر إلى تلك الصورة الملعونة . فجأة فكر في التخلص منها . لا ، أن يحرقها وينهي هذا الكابوس الذي نغص عليه حياته . رماها إلى جانبه ، واستلقى على ظهره ، فرمق حمامتين تتغازلان ، أثارتا في نفسه بعضا من جلساته معها وهي تداعب شعر راسه قائلة :
ـ ما أسرع هذه الأيام التي نلتقي فيها ᴉ وما اطول بعادك عني ᴉ إنني لأشعر نفسي وحيدة رغم وجود الناس إلى جانبي حين تكون أنت بعيدا عني . إنني أصلي لك في كل لحظة كي تعود إلي وأسعد بك .
راح يسبح في مجلد من أحاديثها : كلمات وكلمات كلها لم يعد لها معنى اليوم ، لقد ماتت حين فاهت بها ، حين قالت : حبيبي ، تذكرني ، لا تنساني ... ماتت هذه الكلمات ، وتولدت عنها كلمات نقيضة هي : يا من لا أحبه ، لا تذكرني ، انساني.
استيقظ من غفوته على نسر أزعج راحة تلك الحمامتين ، كل سعيد لا بد له من إزعاج ، كل من اختلس من الدهر سويعات راحة لا بد له من نسر يقلق راحته ، هذه هي الحياة ، ولولا وجود هذا النسر لما تغيرت الكلمات بكلمات وكلمات إلى ما لا نهاية . فإلى أين تسيرين أيتها الحياة ؟ إلى أين يجري الماء الزلال والماء الآسن ؟ أإلى البحر؟؟ وما هو البحر ؟ أليس ماء يتبخر ليعود إلى ماء زلال وآخر آسن؟؟ كل شيء يحمل نقيضه في ذاته . تساءل :
ـ ترى من يكون سعيد الحظ الذي يجلس إلى جانبها اليوم ؟ أو من هو تعيس الحظ الذي سيغير بكلمات وكلمات وكلمات ؟
كل شيء أصبح ممكنا وغير ممكن الآن بالنسبة له ، لم تعد هناك حدود بين الأشياء ، وما فاز إلا الثعلب حين سأل الغراب عما في فمه . لقد صدقت أيها الفيلسوف العظيم : (( لكل إنسان ثعلبه )) ومن ثعلبه أهل للثعلبة فهي له . وليذهب الباقون بثعالبهم إلى الجحيم . هذا هو ناموس الحياة الجديدة.
(تم التوقيع خطأ بقصيدة بل هي قصة) | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=666273 آخر تعديل محمد محضار يوم 2013-08-06 في 01:36.
|
| |