من يريد إصلاح التعليم
اعتبار التعليم قطاع مستنزف للخزينة عبر كتلة الأجور و عبر ميزانية الوزارة و روافدها من مثبطات أي إصلاح و هي فكرة كثير من المتحكمين في مخططات الاصلاح مقتنع بها علانية أو سرا و هذا المنظور يجب أن يتغير، فقطاع التعليم أكبر منتج لانه ينتج شباب الغد و سواعد و عقول الامة فكل استثمار عقلاني في التعليم هو فائدة اقتصادية و اجتماعية للبلاد كلها.
الاستاذ و الاستاذ و الاستاذ
هو اللبنة الأولى في بناء الاصلاح، لذا وجب:
* إعادة الاعتبار الاجتماعي له.......
* إعادة الاعتبار المادي له.......
* توفير ظروف مشرفة و لائقة و مريحة و فعّالة للعمل
* توفير الأدوات البيداغوجية الخاصة بكل مادة
* إشراكه المستمر في وضع و تطبيق المناهج الدراسية و في اعتماد طرق التدريس و في التعامل مع المستجدات
* تمكينه من تكوين مستمر فعال و منظم و منتظم و هادف و جدي و حقيقي و مفيد
* توفير عدالة كاملة في الانتقالات و الترقيات و التعيينات
* حماية كاملة لشخص الاستاذ و مهنته اعتباريا و حقوقيا
* ضرورة اعتماد شروط مهنية و أخلاقية و تكوينية مضبوطة و شفافة و صارمة في الوالجين لقطاع التعليم و خاصة هيأة التدريس
* تأطير مستمر وفعال و تتبع مساعد للمبتدئين في التدريس
* خلق جو من التفاضل في العمل عبر المردودية و التنافس الشريف و الاخلاص
* محو سياسة الترقيع في أي تسيير للقطاع و لو جزئي، سواء في التعيين أو التوظيف أو المناهج أو تدبير الخصاص أو تنظيم الحياة المدرسية اليومية أو بناء الخريطة المدرسية
* الانتباه لتنظيم التفاصيل الدقيقة و مدى تأثيرها على السير الدراسي و مردوديته:
فسبورة مهترئة هي هدر مدرسي حقيقي لسنة دراسية كاملة لكل الأقسام التي قُبَالتَها
و هي أمر لا يعبأ به أي مهندس للإصلاح و لا يخطر على مخيلته و هو مثال بسيط يظهر و تطفو معه أمثلة كثيرة و كثيرة مشابهة من أشياء بسيطة ميدانية يعانيها الفاعلون الحقيقيون في الميدان: الأساتذة
استعمال زمن عشوائي و عبثي في اختيار المواد و توقيتها
إهمال راحة الاستاذ في توزيع أوقات العمل و المستويات المناسبة لتدريسه
.......................
............................................
إن هذا شيء يسير في اللبنة الأولى للإصلاح
و قد نجد فحوى هذا الكلام أو بعضه أو أكثر منه في المخططات و المواثيق الاصلاحية السابقة
لكن من كتبها و من أنيط به تطبيقها لم يكونا مقتنعين بمضمونها
و الطامة الكبرى هي أن كل ما يتعلق بالاستاذ يعتبر زائدا و ثقيلا و بلا فائدة و لا يستحقه سواء كان ماديا أو معنويا أو حتى في ظروف العمل و تفاصيله
فالوسائل المعلوماتية و وسائل الاتصال كمثال، دخلت لقطاع التعليم منذ سنوات و زود بها رؤساء المصالح و مدراء الأكاديميات و المفتشون المنسقون و المركزيون ثم بعد ذلك النواب و المفتشون و و مدراء المؤسسات و طاقمها الإداري و....و لم تصل إلى الأساتذة بعد، فمن يستعملها من الأساتذة فهي من مجهوده الفردي و بوسائله المادية الشخصية، ثم يقال له عليك استعمالها، عليك تتبع تطور المناهج و زد و زد .....
فلو كانت السياسة رشيدة لابتدأنا بالاساتذة أولا و هذا مثال بسيط آخر للمنطق الذي تسير به الأمور.
فسبورة جيدة بالطبشور أو القلم و حجرة محترمة بمرافقها و وسائل استنساخ متوفرة، وسائل بسيطة في ميزانية الدولة و هي تغير بشكل كبير طريقة العمل للكل لكن هذا التفصيل و هذا المثال لا يعيره أحد اهتمام و يسترخصه الكل في عمل الاستاذ، بينما أموال ضخمة تصرف هباء منثورا في أشياء أخرى في القطاع و تحت مسمى الإصلاح و هي لا تؤدي إلى إصلاح أي شيء
إن ما ذكرته لا يتطلب خبراء و هيآت و لجان و اجتماعات
و مؤتمرات للتوصل إليه
و إنما هو عمل يومي يعلمه كل من له علاقة بالتدريس
و تحضرني هنا كلمات قلتها من قبل مناسبة لهذا المقام:
إن من يمارس في القسم ليس كمن يجلس على أريكة في مكتب مكيّف
إن من يمارس في القسم ليس كمن ينتقد و ينظّر و يحلّل و هو جالس في مقهى أو في ندوة أو في حوار
إن من يمارس في القسم ليس كمن يكتب التقارير و الدوريات و المذكرات و المراسلات
إن من يمارس في القسم ليس كمن يعطي التوجيهات و يضع المناهج الدراسية
إن من يمارس في القسم أكثر هؤلاء معرفة بالإكراهات و المشاكل و المعيقات
إن من يمارس في القسم أكثر هؤلاء تجسيداً للداء الذي ينخر منظومة التعليم
إن من يمارس في القسم أقدر من هؤلاء على اقتراح حلول عملية و فعالة و مباشرة لكثير من الاختلالات
لكنهم لا يريدون
إنهم يعرفون و يعرفون و يعرفون
و لكن لا يريدون أن نعرف أنهم يعرفون
و لا يريدون أن يعترفوا بأننا نعرف ما يجب أن يفعلون
إن الامة التي تريد بناءً صحيحا لمنظومتها التعليمية عليها أن تعي أن الاستاذ هو أساس البناء
و للحديث بقية إن شاء الله فيما يخص الاستاذ و فيما يخص لبنات أخرى في الاصلاح
انتبهي يا أسرة التعليم