2013-01-24, 22:11
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | حكاية سي عبد الله مع دراجته النارية | مـعـلـم في الأرياف: حكاية سي عبد الله مع دراجته النارية الأربعاء, 23 يناير 2013 11:14 زاوية يكتبها الزملاء الصحافيون والمراسلون بالتناوب ترصد واقع التدريس بالعالم القروي من خلال شهادات حية لمدرسين ومدرسات ينحتون الصخر لإنجاح هذا الشيء الذي اسمه "مدرسة النجاح"..فتحية لهم ولهن. منذ التحق سي عبد الله بسلك التعليم وتعيينه بنواحي الزمامرة، ظل مرتبطا أشد الارتباط بدراجته النارية. كان يعتني بها كثيرا، يحرص على صيانتها وكثيرا ما كان يقودها إلى العجلاتي الموجود قرب محطة الطاكسيات ليجري عليها فحصا تقنيا من حين لآخر. وللدراجات النارية والعادية مساحة كبيرة في حياة رجال التعليم وحتى الكثير من نسائه، إذ لا يمكن تصور أستاذ يعمل بالعالم القروي دون دراجة نارية، حتى أن العديد منهم كان يتفكه مع بقية زملائه في أوقات الفراغ، على «أن الدراجة تخرجت معه وأنها من ضمن الوثائق الرسمية التي يطلبها المفتش حين زيارته له بقسمه».
الدراجة النارية هي الوسيلة الوحيدة التي تمكن رجل التعليم من الانتقال إلى الفرعيات، إذ لا تلج السيارات إليها لبعدها عن الطرق المعبدة. وكثيرا من رجال التعليم أصبحوا متمكنين من طريقة إصلاحها وطريقة تدبير الثقوب التي تحدث من حين لآخر ب»البيوت الهوائية»، فتجد الأستاذ يضيف حقيبة خشبية ويلصقها قرب مقعده على دراجته النارية. تتوفر هذه الحقيبة على كل لوازم الصيانة والإصلاح من قطاع للغيار ولصاق للعجلات ومنفخة صغيرة بالإضافة إلى كل أنواع البراغي.
هذه الأمور لا تلقنها وزارة التربية الوطنية للراغبين في ولوج قطاع التعليم ولا يجدون لها أثرا في مقررات التكوين. هذه المعلومات يتلقاها الأستاذ ابتداء من أول يوم بعد تعيينه بالعالم القروي. لا بد له من التفكير في اقتناء دراجة نارية قبل تفكيره في مكان الاستقرار والإقامة. وكان على وزارة التربية الوطنية أن تخلق تعويضا جزافيا عن خسارة ومصاريف الدراجة النارية، كما قال يوما ما أحد الأساتذة الذين ذاقوا مرارة المصاريف المترتبة عن الدراجة النارية وضاقوا ذرعا من تبعات التردد على العجلاتي.
ليس سي عبد الله إلا واحد من آلاف رجال التعليم المنتشرين في الدواوير والمداشر والمستقرين في العالم القروي. اشترى دراجته النارية (س.ت) عبر التقسيط. ما زال يتذكر مدة الكمبيالات بالضبط. 56 شهرا ووكالة الاقتراض ظلت وباتت وأمست وأضحت تمتص حوالي 300 درهم شهريا من راتبه الشهري، في وقت لم يكن يتجاوز هذا الراتب الألف درهم إلا بقليل.
كثيرا ما كانت دراجة سي عبد الله الأستاذ الوقور، تقع في أعطاب وسط الطريق. وكثيرا ما كان يبقى ساعات على جنبات الطريق لحملها إلى الفيلاج، بعد أن يكون حاول عدة مرات اكتشاف مكامن الخلل. وكثيرا ما كان يقتنع بضرورة جرها مسافة ستة أو ثمانية كيلومترات عوض قضاء اليوم في انتظار بيكوب أو شاحنة ترضى بنقلها عند العجلاتي. مسلسل سي عبد الله مع دراجته النارية لا ينتهي.
يتذكر معاناته مع دراجته في الأوقات المطيرة التي تكون عادة مرفوقة برياح قوية. عدو الدراجة النارية هي الأمطار والرياح سيما إذا كانت في الاتجاه المعاكس. تتسرب المياه إلى جوف الدراجة النارية وتقطع التيار الكهربائي وتؤدي إلى توقف المحرك عن الدوران. وتمنع الرياح الدراجة النارية من التقدم وبالتالي، فإن المحرك يتعب من الدوران ويسخن ويتوقف أوتوماتيكيا.
لا تتوقف معاناة سي عبد الله مع دراجته النارية، بل عندما يصل إلى الفيلاج ويعمل على إصلاحها ولا يعود إلى منزله إلا بعد سقوط الليل ويكون التعب قد أخذ منه مأخذا عظيما، يجد نفسه مضطرا لرفع الدراجة النارية على أكتافه ويتخطى الدرجات الكثيرة ليضعها في مأمن بمنزله الموجود في الطابق العلوي. وكثيرا ما كنت أضحك معه وأقول له، «غريب أمر هذه الدراجة النارية، ترفعك في النهار وترفعها في الليل». أحمد ذو الرشاد (الجديدة) | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=619507 |
| |