في لغة الفعل النقابي قواعد ومناهج وثوابت في رصد واستخلاص النتائج والعبر وبالخصوص لمرحلة عرفت اهتزازات قوية تنظيميا وموضوعات تمس المنظمة والسياسة التعليمية في العشرية الأخيرة. ولوضع أسس وبدائل للمستقبل يجب أن توضع له قواعد العمل لتحديث الآليات لمرحلة يستشرف منها التصحيح والوحدة والديمقراطية والحداثة. إن التحليل والمؤشرات للمؤتمر الوطني العاشر للنقابة الوطنية للتعليم تشير بأن هناك حلقة مفقودة في قراءة المرحلة، لذا يجب أن نجعل من وحدة المعارضة أمرا حقيقيا واعتبار وحدة الذات والموضوع محددة للخروج من هذا النفق المظلم.
يجب أن نوضح قاعدة أساسية يتم تغيبها في منهجية تعاقد العناصر المكونة للمنظمة وتفاعلها ويتم استحضارها في القَوْلَبَة لفرز أغلبية طوعية، لا تتقاسم الأهداف في إطار التشارك، بمعنى آخر الديمقراطية الرقمية. ولتوضيح أكثر لهذه القاعدة في ترتيب الآليات، يُحدد المؤتمر في عدد مؤتمريه وأعضاء المجلس الوطني في عدده وتركيبته، وكذلك أعضاء المكتب الوطني واللجنة التحضيرية بفروعها تناقش مشاريع المقررات والقوانين وتصادق عليها بالتصويت كما تعرض هذه المشاريع على أشغال المؤتمر لمناقشتها والمصادقة عليها بالتصويت، بمعنى آخر أن الديمقراطية هي في الأصل أرقام وعناصر وتوافق وتعاقد لخلق "ديناميكية" التحديث والتطور.
إن نجاح المؤتمر الوطني العاشر للنقابة الوطنية للتعليم ينبني على المبادرة والجرأة في تصحيح الأخطاء الجسيمة والإخفاقات التي منيت بها المنظمة في شتى المجالات من: الملف المطلبي، التنظيم، التكوين، المالية والتراجع المهول في نسبة الانخراط "بطاقة العضوية" ألف منخرط لموسم 2012/2011 من أصل 340000 من نساء ورجال التعليم المدرسي وإدريي التعليم العالي؟. وإخفاق المنظمة في استحقاقات اللجان الثنائية المتساوية الأعضاء 2009. لذلك يجب وضع المكتب الوطني أمام المسائلة والمحاسبة لا التوافق بين زيد وعمرو وهذا أيضا مؤشر من مؤشرات أن المؤتمر الوطني العاشر للنقابة الوطنية للتعليم سيكون استكمالا للمؤتمر الوطني التاسع لا التصدي لمشروع تأثيث مشهد جامد لا يخلوا من تَجَنِّ على الواقع وشرعتنه والاستحواذ والهيمنة بعيدا على تنوع العناصر والمفاهيم والاختلاف في الرؤى وتدبير القضايا.
سنطرح نوعا من القولبة التي تم توظيفها في المؤتمر التاسع بدافع الحداثة وربح الوقت في الزمن المخصص لأشغال المؤتمر مع العلم أن اللجنة التحضيرية والتنظيمية للمؤتمر الوطني التاسع تم ترتيبها من فريق واحد "مليشيات" تحت إمارة الكاتب العام بالنيابة آنذاك في التمرير والمصادقة على مقررات تنظيمية تسمح للرمز بالاستحواذ وتطويق أشغال المؤتمر، وتمرير استعمال الحاسوب في فرز أصوات (1200) مؤتمر بدافع ربح الوقت داخل آجال أشغال المؤتمر كما صادق عليها المجلس الوطني ما قبل أشغال المؤتمر إلا أن هذا المؤتمر تجاوز (1500) مؤتمر من طرف لجنة فرز العضوية السالفة الوصف وهذا ما يسمى ب "الإنزال" ناهيكم عن الخرق القانوني لقرارات المجلس الوطني ما قبل انعقاد المؤتمر. ولهذه المؤامرة في توظيف الحاسوب في فرز الأصوات تم تكليف ثلاثة أعضاء من قطاع التعليم العالي سنأتي على ذكر أسمائهم في الوقت المناسب، وقد انسحبت عضوة من المشروع لما علمت بخُبْثِ جريمتهم ولهم من الكفاءة العالية والتخصص في هذا المجال وعلى برمجة ووضع برنامج داخل الحاسوب "لفبركة" نتائج أصوات عضوية أعضاء المجلس الوطني، وهذا ما كان في تصفية قوى المعارضة ليستفرد الرمز وأربعين مريدا بالمنظمة. وهذا المجلس الوطني الذي انبثق من المؤتمر الوطني التاسع بعد تصفية عدد كبير من أطر ومناضلي النقابة الوطنية للتعليم لا نَقْدِر أسفا وحسرة على أن نستشهد بأسمائهم لتاريخهم النضالي. فتقدمنا بطعن واحتجاج لرئيس المؤتمر على هذه المؤامرة أثناء فرز الأصوات وفعلا تمت مراجعة جهة التعليم العالي يدويا من طرف رئيس المؤتمر ووقف فعلا على صحة الجريمة بأن الحاسوب لايتوافق مع الفرز اليدوي وأن هناك تزوير في النتائج ويجب مراجعة جميع الجهات، فما كان من اللجنة التنظيمية "المليشيات" إلا الهجوم على رئيس المؤتمر بأسلوب بلطجي في حالة... داخل قاعة فرز الأصوات وتم توقيف أشغال المؤتمر من الساعة السابعة مساءا من يوم الأحد إلى الساعة الخامسة صباحا ليوم الاثنين، بعد عدة ضغوطات ومفاوضات قوية خارج المؤتمر يعقد رئيس المؤتمر الجلسة الختامية لتلاوة التقرير الختامي بمصادقته على تصحيح جهة التعليم العالي، وهذا بعد تطويق وإقفال القاعة بمليشيات وبحضور أقل من (400) مؤتمر. تلكم صورة تقريبية مصغرة فمن شارك في المؤتمر الوطني التاسع يتذكر تلك المأساة "تسونامي" الذي أصاب النقابة الوطنية للتعليم.
في المجلس الوطني المنعقد بعد المؤتمر الوطني التاسع لاستكمال أشغال المؤتمر وانتخاب المكتب الوطني واللجان الـمُقَرَّرَة في القانون الأساسي يتم خرق وتحريف مقررات المؤتمر والقانون الأساسي للمنظمة بانتخاب الكاتب العام من طرف المجلس الوطني، وأعضاء المكتب الوطني خارج مقررات والقانون الأساسي الذي صادق عليه المؤتمر. والصحيح هو أن المكتب الوطني ينتخب من طرف أعضاء المجلس الوطني بالإقتراع السري وينتخب الكاتب العام من بين أعضاء المكتب الوطني أيضا بالاقتراع السري وتوزع باقي المهام بنفس الإجراء.
نعرج على مرحلة ما بين المؤتمر الوطني التاسع والعاشر ونتائج وتراجعات المنظمة على جميع الأصعدة، في الملف المطلبي والتنظيمي وإخفاق المنظمة في استحقاق اللجان الثنائية المتساوية الأعضاء 2009 بالنسبة للتعليم المدرسي أما قطاع التعليم العالي فكانت النتيجة جد إيجابية، والموقف الشاذ للرمز وأربعين مريدا في المؤتمر الوطني الثالث للفيدرالية الديمقراطية للشغل، وفقدان النقابة الوطنية للتعليم العضوية في الأممية التعليمية، وموقف المنظمة من تراجع مستوى التعليم العمومي وغياب المنظمة عن قضايا نساء ورجال التعليم، وحقيقة أزمة خروج قطاع التعليم العالي من النقابة الوطنية للتعليم وتأسيس إطارا خاصا بهم يحمل قضاياهم والدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم. التفرغات... والحقيقة بعيدة كل البعد عن كبوة أو تصدع في تاريخ هذه المنظمة.
في ظل هذه المعطيات وقراءة أشغال المجلس الوطني الأخير للنقابة الوطنية للتعليم نخلص إلى أن اتخاذ قرار خوض إضراب وطني لثمانية وأربعين ساعة في غياب تنسيق نقابي ميداني لتحديد تاريخه، ومصادقة المجلس الوطني على اللجان التحضيرية الأربع في غياب تصور دقيق وحاسم حول الوحدة بما أن الموضوع قائم بين المركزيتين (ف.د.ش/ك.د.ش)، نجزم أن ربان السفينة فقدوا البوصلة وأن في الأمر لبس في الرؤى. ومن أدبيات العمل النقابي أن المؤتمر يتطلب من الوقت والجهد وحشد العزائم لخلق قنوات لتوحيد الصفوف ولم الشمل لترميم المنظمة وتحديثها وتطوير آلياتها لتكون قوة اقتراحيه فعالة.
إن المشاريع التي تسعى للوصول إلى نوع من التوازن، يجب أن توازي ثقل السوء بوزن الحقد الذي يحمله الخطاب المستتر والسيطرة على توليد رد فعل يعيد المنظمة إلى توهجها والدفاع عن التعليم العمومي والسياسة التعليمية إن ميزان السجال هو مسار الذي يفترض أن يظهر الجهود المقابلة التي تبذلها "جبهة التصحيح والديمقراطية والوحدة" من أجل الدفاع عن النقابة الوطنية للتعليم. وفي نهاية الأمر نطرح سؤالا ما مدى الخطاب المستتر أن يكون متماسكا ومتلاحما ويترتب عليه هذا الإذعان الإرغامي.
إن النزعة الفردية في هذه المرحلة والإذعان الإرغامي للرمز وأربعين مريدا في فرض الأمر الواقع هذا "تكتيك" تلاعبي، يجب على الجميع خلق ردة الفعل بالمعارضة الحقيقية في مواجهة الانحراف ومحاسبته والزيادة في درجة ردة الفعل تُنتج تغييرا ارتداديا إيجابيا في الفصل بين "الحق والباطل". إن الإختيارات البديلة في هذا الصدد تفتح هوة واسعة بين السلوك العلني والسلوك الخفي والذي يخدم الرمز والأربعين مريدا في تطبيع "السلْب".
إن المقاومة تنبثق من رغبة مادية ورد الفعل المصاغ ومتضمن لأجوبة المهادنة والإذعان والسيطرة والإذلال. بما أن هناك مهادنة في التعامل مع الخطاب المستتر بشكل واضح خارج المشهد الذي نطمح إليه وهو الوحدة والهوية والتوافق والتصالح والانسجام نحو المهمة الكبرى السياسة التعليمية والتعليم العمومي فهذا هو نفق الأزمة.
إننا نضع هذه المعطيات بين يدي أعضاء المجلس الوطني للنقابة الوطنية للتعليم لتكون بمثابة تفسيرا مقتضبا لمرحلة "السلب". ولوضع إشكالية الأزمة على طاولة التاريخ نطرح عليهم المهمة الأساسية الرجوع من الاغتراب عن الذات ولغة التمزق إلى فكرة الإرادة العامة.
إن الرمز والأربعين مريدا قد اعتقدوا أن هذه المرحلة تأكيدا لاستمرارية العبث، باعتباره ظاهرة عامة تمتد إلى الواقع في المشهد النقابي. فيجب أن نقف على أسباب انحلال المنظمة وهي نفس الأسباب التي يشكو منها المشهد النقابي نفسه. ونرجع بعض هذه الأسباب إلى عجز الفاعل النقابي نفسه عن مسايرة ومواكبة "روح التحديث" لتطور المنظمة والحفاظ على توهج المشعل وهو أمانة من جيل إلى جيل، لذلك لابد من العمل على استئصال هذه العناصر الضارة بروح العمل الجماعي والعمل على رفع المستوى الأخلاقي والإعلاء من شأن القيم الأخلاقية.