الرسول القائد صلى الله عليه وسلم مفهوم إسلامي في الإدارة - منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

2009-11-19, 17:17

رقم المشاركة : 1

ابن خلدون

بروفســــــــور

إحصائية العضو

ابن خلدون غير متواجد حالياً

الرسول القائد صلى الله عليه وسلم مفهوم إسلامي في الإدارة

العدد 134 / الرسول القائد صلى الله عليه وسلم مفهوم إسلامي في الإدارة

مجدي سعد المصري ـ المدينة المنورة :

وصف القرآن الكريم الرسول صلى الله عليه وسلم كقائد بهدف تحقيق الاقتداء به كقيادة في أي مجال من المجالات الحياتية المختلفة من أجل إيجاد نجاح حقيقي في هذه المجالات كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من قاعدة مؤادها قوله تعالى}لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا| والاقتداء لا يكون في مجال واحد فقط كالصلاة مثلًا أو الصيام منفردًا كل منهما إنما يكون في كافة مناحي الحياة وبالأخص أسلوبه صلى الله عليه وسلم في قيادته الأمة العظيمة

ولنضرب بعض الأمثلة لصفاته القيادية صلى الله عليه وسلم:
يصف المولى عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم وهو يمن بذلك على المؤمنين حيث يقول تعالى}لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم| وفي آية أخرى يقول الحق تبارك وتعالى} وإنك لعلى خلق عظيم| ويقول الله تعالى}قل أذن خير لكم| وقوله تعالى}إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا| وقوله}أطيعوا الله وأطيعوا الرسول| وغيرها من الآيات والدلالات القرآنية على دوره القيادي، وقوله صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». ولنقف مع الآية لنحللها بما توفر لنا من معرفة ضئيلة، وندرس ونتعلم كيف يجب أن تكون أخلاقنا وصفاتنا وأسلوبنا في التعامل مع الآخرين حينما نتحمل المسؤولية ونكون قادة في أي موقع أو ميدان حياتي.
رسول من أنفسكم
نعمة من الله أن يكون الرسول القائد والمعلم لنا واحد منا وليس من خلق أو طبيعة مختلفة لقوله تعالى}قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ| على عكس ما أراده الكفار، حيث تمنوه ملكًا أو تكون معه قوة خارقة تسهل له أمور الحياة وتوفر كل ما يتخيلوه من مطالب وشهوات، وردت هذه الأمور، حيث إنه صلى الله عليه وسلم }رسول من أنفسكم|}وبشر مثلكم|، ويزيد على ذلك أنه }يوحى إليّ|، وتتضمن تلك العبارات العظيمة الحكم الكثيرة، حيث يكون مناطًا للقدوة والتأسي، فلا قدوة بمن تخلتف طبيعته عن طبيعة ما حوله، ويجعله ذلك أكبر وأكثر قابلية للتعامل الطبيعي والسهل غير المتكلف مع أصحابه وغيرهم.
عزيز عليه ما عنتم
يعد القائد مقبولًا من مرؤوسيه إذا كان متفاعلًا معهم مشاركًا لهم في مشاكلهم واهتماماتهم وآلامهم، إما إذا حدث العكس وتجاهلهم ونفر منهم وتعالى عليهم فإنهم يصابون بالبرود والتكاسل وتكثر آلامهم وشكواهم، وتتفاقم مشكلاتهم مع مواقف العمل المختلفة، حيث أثبتت الدراسات الإدارية الحديثة أن القائد المتفاعل اجتماعيًا والمثابر والمؤثر بالآخرين أكثر نجاحًا «وقبولًا» من القائد الذكي حتى لو كان الأول أقل كفاءة من الثاني، ولعل هذا يفسر نجاح رؤساء دول فقدوا كثيرًا من الذكاء لكنهم لم يفقدوا الحضور والتفاعل الاجتماعي والتأثير والتأثر بالأخرين، فما بالك وأستاذنا ومعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تمتع بالذكاء العظيم والتفاعل الاجتماعي المؤثر والروح الطيبة الفياضة والرقة والرحمة }ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك|.
حريص عليكم
من أقوى العلاقات المؤثرة بين القائد ومرؤوسيه أن يكون حريصًا عليهم وعلى مصالحهم، والأقوى من ذلك أن يكون هذا الحرص ملموسًا وواضحًا ويشعر به الآخرون دائمًا، فقد يكون القائد حريصًا على من معه بالفعل لكن لا يستطيع أن يعبر عن ذلك بأية وسيلة تجعل هذا الحرص واضحًا ومفهومًا لهم مثل الأب الحريص على أبنائه إلا أن أسلوبه في التعامل معهم يجعلهم يشعرون أنه ليس حريصًا عليهم، بل ربما يقوم بسلوكيات تصيبهم بالإزعاج وتعكر صفوهم كما يعتقدون، إذًا ليس مجرد الحرص على المصلحة يكفي وحده، لكن وصول ذلك إلى المرؤوسين والتعبير عنه بوضوح يعد هامًا جدًا في أداء القائد، لذا وصف الله تعالى رسوله بأنه حريص على من معه بأسلوب تطبيقي، ولذا نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول«أمتي أمتي» «وأنا موضع تلك اللبنة» «وما أصابك لم يكن ليخطئك» «وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» ومئات الأحاديث والمواقف التي تؤكد حرصه صلى الله عليه وسلم كقائد على من معه. ويعد حرص القائد على مرؤوسيه - انطلاقًا مما سبق- أحد الأدوار الرئيسة التي عليه أن يمارسها بإخلاص وكفاءة، بالإضافة إلى الحصول لهم على كل ما ينفعهم والسعي لهم في الخير سواء على مستوى الأداء الشخصي له أو عند المستويات الإدارية الأعلى، كما يقوم بما يؤكد لهم حرصه على مصلحتهم دون أن يسعوا إليه ليسألوه تلك المصلحة أو المنفعة فما بالك إذا سأله أحدهم ذلك، فلا يدخر وسعًا في تأديتها له بحب وعرفان وتفان وإخلاص. وهناك أربعة أنماط للقيادة حسب هذا البعد الإنساني تختلف في إبعادها وممارستها وردود فعل الآخرين تجاهها، وهذه الأنماط تتمثل في النقاط التالية:
٭ قائد حريص على من معه ويعبر عن ذلك بشكل واضح، ويعد أفضل نمط يمكن أن يكون فيه القائد، وهو ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من حرص تطبيقي عملي يتعدى مستوى الكلام والأماني إلى مستوى الفعل والأداء، ولذا نجد أحد الصحابة يقول بما فحواه كنا حينما نجلس مع الرسول صلى الله عليه وسلم ويكلمنا يوزع اهتمامه علينا حتى يشعر كل فرد حوله أنه يخصه دون غيره بالاهتمام والحب) وكان من شدة حبه وحرصه لا يفرط في مشاعر وأحاسيس من حوله مهما كان شأنه سواءكان طفلًا صغير أو شيخًا هرمًا، مسلمًا فقيرًا أو غنيًا رجلًا كان أو امرأة. وهناك المواقف والأحاديث المتعددة التي تنم عن عظمة قيادة رسول الله في هذا الشأن مثل تربيته الحسن والحسين وهم أطفال صغار، وحواره مع عمر حين كان يلعب، وحواره مع «خولة بنت ثعلبة» حينما كانت تحدثه عن مشاكلها مع زوجها، ونزل في ذلك قرآن كريم }قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها| وحرص الرسول صلى الله عليه وسلم كقائد يأخذ المستوى العام أي على الأمة ككل، ويعد حرصًا أشمل جاءت رسالته كلها من أجله. حرصه علىمستوى الصحابة الذين معه أثناء إدارته اليومية للمجتمع الإسلامي، كحرصه على توفير الطعام لهم يوم الخندق وقت أن أشرفوا على الهلاك من الجوع حينما دعاه أحد المسلمين سرًا لطعام وهي شاة صغيرة فصاح صلى الله عليه وسلم في أصحابه وهم يحفرون الخندق هلم إلى وليمة أخيكم، وهذا هو الحرص على الأتباع والمرؤوسين بأسلوب تطبيقي حيث كفى الطعام ببركته جميع أصحابه الكرام.
٭ قائد حريص على من معه ولكنه لا يعبر عن ذلك بشكل واضح لأنه لا يمتلك مقومات تساعده على أن ينقل هذا الاهتمام لهم، قد تكون لأسباب شخصية فيه أو في المرؤوسين أو في الموقف الذي يشكل عملية إدارية مثل الأب الذي يقسو على أبنائه ظنًا منه أن ذلك وسيلة من وسائل حرصه عليهم، ووجدنا هذا النمط في بعض القيادات التي سرد لنا التاريخ إداراتها للحياة والمعارك في الدولة الأموية والفاطمية والعثمانية وغيرها.
٭ قائد غير حريص على من معه ولكنه يظهر غير ذلك، ويعد حريصًا على ذاته ومنفعته الشخصية ينصب اهتمامه على مقعده الإداري أناني بطبعه، يستخدم أساليب المكر والدهاء في إدارته وقيادته، وسرعان ما تتقلص دعائم مثل هذا النمط من الإدارة وتنهار عليه، حيث يكتشف المرؤوسون نواياه من نتائج قيادته وأسلوب إداراته لهم، وقد سرد لنا التاريخ انهيار إمبراطوريات أخذت قيادتها هذا النمط وخاصة في العالم الغربي غير الإسلامي حينما يسير القائد في ضلال وغي الأنانية، ويسعى للفرقة بين مرؤوسيه بهدف زيادة تسلطه عليهم.
٭ قائد غير حريص على من معه ويظهر لهم ذلك بغلظة وقسوة، يتسم بالجبروت واستخدام وسائل العنف في إداراته لمرؤوسيه، لا يقبل رأيًا مهما كان صوابه ولا يستمع لنصيحة مهما كانت نافعة، يعد نفسه فوق الجميع، لا يرعى أحدًا من أتباعه ولا يغيث ملهوفًا أو يقضي حاجة محتاج، يصب جام غضبه على من معه لأتفه الأسباب وينكل بمن يعارضه أو يلتمس منه إصلاحًا، ويعد هذا أسوأ أنواع الأنماط القيادية التي يرفضها الإسلام الحنيف موضوعًا وعملاً.

http://www.almarefh.org/news.php?action=show&id=1081

: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=44973


	للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :