2009-11-12, 21:53
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | عندما «تناقلنا».. 1/2 | عبد الرزاق بوتمزار في امتحانات السنة الثالثة حُكم عليّ بأن أجلس مباشرة خلف كرسيّ «ماوكلي».. هكذا أبت الأقدار إلا أن تعرِّضني لموقفٍ أكرهه وأمقته: الغش في الامتحان! كنتُ في موقع المتيقّن من أن أمراً ما سيحدث بمجرد ما تم الإعلان عن تقسيم الامتحانات الذي جعل اسمينا يتتالَيان على اللائحة.. كنا نُمتحَن في مادة تحليل النصوص. وكما يتّضح من تسمية المادة المقرَّرة، كان الأمر يتعلق بنص شعريّ يمثّل إحدى حِقَب الشعر العربي (القديمة) يكون متبوعاً بقائمة طويلة من الأسئلة. ولكل سؤال «باريم» تنقيطيّ تتفاوت مؤشراته حسب أهمية و«صعوبة» السؤال.. كانت لديّ نقط ضعف خلال مشواري الدراسي.. من بين نقط الضعف هذه أنني لم أستطع يوماً «حفظ» تفعيلات الشعر العربي العمودي ولا بحورَه، مديدَها وقصيرَها ورملها وهلمّ محيطاتٍ وتفعيلات!.. كان أول سؤال في القائمة -كالعادة- هو ذكر البحر وإعطاء التفعيلة الخاصّين بالنص الشعريّ موضوعِ الاختبار.. لم أكنْ أُعير السؤالَ، في العادة، كبيرَ اهتمام، نظراً إلى مُعامِله الضعيف على سلّم التنقيط.. كانت السيادةُ للتحليل، أي «قراءة» النصّ قراءةً خاصة تربط بين الجوانب الشكلية واستجلاء كُنْه الموضوع الذي تتطارحه القصيدة.. وعلى قلة اهتمامي بدراسة الشعر العربيّ وطبقاته ورواده (الفطاحل وغير الفطاحل!)، كانت لديّ قدرة محترمة على التحليل وعرض بعض المقارنات وتطارُح بعض الأسئلة أو الإشكاليات، ثم الختم بإبداء وجهة نظر خاصة (متواضعة) إذا كان سياقُ السؤال يسمح بذلك.. لهذا كانت أسهُمي «طالعة» في سوق بعض الباحثين عن «مُنقِذ» محتمَل في ساعات الامتحانات.. كان اتفاقُنا على أن نمارس –ماوكلي وأنا- نوعاً من «المقايَضة» خلال امتحان تحليل النصوص: «يعطيني» هو البحرَ والتفعيلة وأكون أنا «في الخدمة» في البقية، بما في ذلك «تحليل» القصيدة الذي يتطلب صفحتين على الأقل وما فوقهما!.. وإنْ هي إلا دقائقُ معدوداتٌ على انطلاق عدّاد الامتحان في ذلك المساء البعيد، حتى كان ماوكلي قد كتب اسم البحر و«فصّل» تفعيلتَه على ورقة ودفع بها إليّ، في غفلة من الأستاذين المكلَّفين بالحراسة. كان كرسيُّه يحاذي كرسيَّ في حجرة الامتحان، لذلك سهُل عليه أن «يتواصل» معي بثقة زائدة في النفس، على ما يبدو، إذ انتهتْ تحرُّكاتُه الكثيرةُ إلى لفث انتباه أحد الأستاذين. قام الأستاذُ بجولة في الحجرة، قبل أن ينتهي إلى مقعدَيْنا. كنا نجلس في آخر الصف. مر إلى جانبنا وهو يتفحّص في وجهينا وفي أوراقنا فوق الطاولة أمامنا. فجأةً، تناول ورقةَ وسخ ماوكلي وورقة وسخي. دقّق في كل ورقة على حدة وفي ورقتَي التحرير النهائية أمامنا، يقارن بين الخطوط.. بعد أن تأكد من شكوكه، انحنى الأستاذ على ماوكلي وسأله، وهو يشير إلى ورقة الوسخ: «هل هذه الورقة ورقتك؟».. وبـ«زعامة» غريبة لكنْ منتظَرة منه، أجابه بالإيجاب، متسلّحا بكل قدرته على «التسنْطيحْ».. أقلقتْني قدرتُه على الكذب بذلك الشكل المفضوح بقدر ما أقلقني وشغلني ما ينتظرني من مفاجآت محتمَلة جرّاءَ ذلك الموقف السخيف.. يتبع... العدد 978 الخميس 12 نوفمبر 2009 | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=42691 آخر تعديل ابن خلدون يوم 2009-11-12 في 21:56. |
| |