منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

التلميذ المغربي وتكافؤ فرص الحياة

http://static.oujdacity.net/thumbs/r...le-oujda9s.jpg

لو تأملنا في الواقع لوجدنا أن هناك علاقة وطيدة بين الفقر والهشاشة والجهل ،هذه الثلاثية هي الدافع الرئيسي لكل جنوح نحو العنف والتطرف والجريمة...
فلو رجعنا إلى الإحصائيات والدراسات المتعلقة بالجريمة في العالم ولا سيما العالم الثالث،ومنه العالم العربي ومنه المغرب ...نجد حقيقة تواجهنا وتتكرر معنا والمتمثلة في أن أغلب الشباب المرتكبين للجرائم والعنف يشتركون في تدني مستواهم الدراسي بعدما انقطعوا مبكرا عن متابعة دراستهم،وأن أغلبهم ينتمون إلى الطبقات الفقيرة والمهمشة اجتماعيا.
ولعل السؤال الذي علينا طرحه:ما السبب في رسوب وانقطاع تلاميذ الفئات الفقيرة مقارنة بتلاميذ الطبقات المتوسطة والميسورة؟
وبالتالي هل ما يعانيه الأول من حرمان ثقافي واجتماعي واقتصادي يؤثر سلبا على سير تعلماته ؟
وهل يمكن الحديث عن توفير نفس فرص النجاح بين الفئتين حتى لو درسا في نفس المدرسة وفي نفس القسم بل وعلى نفس الطاولة؟ !
هذا ما سنحاول التطرق إليه من خلال المحاور التالية:

1- أثر الحرمان المادي والثقافي والإجتماعي على الرغبة في التعلم عند المتعلم
2- أثر الحرمان المادي والثقافي والإجتماعي على الحصيلة اللغوية للتلميذ
3- أثر الحرمان على الميول للتفكير النظري المجرد واللغة الحركية
4- أثر الحرمان على تكافؤ القدرات العقلية
5- أثر الحرمان على الإحساس باغتراب المتعلم في محيطه
6- أثر قسوة الظروف وقسوة التربية ومعاملة الوالدين على الطفل.
https://sphotos-a.xx.fbcdn.net/hphot...53104799_n.jpg

1- ضعف الرغبة في التعلم:
غالبا ما يكون الأبوان أميان أو لديهما معرفة بسيطة بالقراءة والكتابة، أما مهنة هذه الأسر فعادة ما تكون مهن لا علاقة لها بالقراءة والكتابة.
مما يجعل الجو الأسري الذي يتربى فيه الطفل بعيدا كل البعد عن كل ما له علاقة بالكتاب وبالثقافة عموما ، هذا الطفل يحرم من الشعور بوجود حوافز تبعث لديه الرغبة في التعليم.
إضافة إلى أن المعرفة التي يتلقاها هذا التلميذ في المدرسة لا علاقة لها بواقعه المعاش.
أضف ما يترتب على شيوع التفكير الخرافي عند فئات الطبقة الفقيرة وعدم ثقة الأسرة والمحيط عموما بالعلم واقتناعهم بالمشعودين ...كل هذه العوامل تعزز لدى هذا الطفل ضعف الرغبة في التعليم.

2- ضعف الحصيلة اللغوية:
لا أحد يجادل في أن البيئة الفقيرة التي يتربى فيها الطفل بيئة فقيرة ثقافيا بالنظر لأمية الوالدين،وفقيرة لغويا حيث يغيب الحوار الهادف البناء بين الوالدين وبينهما وبين الأبناء ،فيتم التواصل بينهم من خلال عبارات تفتقر في عمومها إلى المرونة،ويغلب عليها طابع القمع والفرض بأساليب الأمر والنهي واللوم والتحقير والتخجيل...
إضافة أن محيط الطبقة المحرومة يفتقر للأشياء والأدوات مما يمنع الطفل من الاحتكاك بها فتتخلف حصيلته اللغوية .

3- ميول للتفكير النظري المجرد واللغة الحركية:
كلما كان للطفل ضعف في الحصيلة اللغوية كلما كان ميله إلى التعبير الحركي عن انفعالاته ومشاعره، وفي غياب الحوار والتواصل داخل الأسرة فإن الطفل يجد في الشارع – حيث لا رقابة ولا توجيه – المجال الطبيعي للتعبير عن مشاعره وكل انفعللاته، وهذا ما يعرضه لمختلف أنواع الانحراف .
هكذا تسود عند طفل الطبقة الفقيرة اللغة الحركية في تعامله مع الآخرين ،مما يجعل لغة الحوار والنقاش سريعة الإفلاس،بل يطغى أسلوب الاشتباك بالأيدي والشتائم والمهاترة...وهذا يعبر بدقة عن العجز عن التفكير المجرد،والوقوف عند حدود المحسوس.

4- تكافؤ القدرات العقلية
على الرغم من عدم تكافؤ الأفراد ومساواتهم في قدراتهم العقلية ،إلا أن هذه القدرات وزعها الله تعالى توزيعا متشابها بين مختلف الناس مهما تباينت ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحضارية.
فلا يمكننا القول بتفوق شعب على آخر، لكننا بالمقابل نجد أن أطفال الفئة الفقيرة والمحرومة في المجتمع تعاني من عدم التكافؤ في الحياة بسبب ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ...التي لا تساعدهم على بلورة قدراتهم العقلية من خلال مواقف يعيشونها.
وحتى إذا قدر لبعضهم استكمال دراستهم لكنهم بحكم انتمائهم الاجتماعي يجدون صعوبة في أن تسند لهم المهام التي تتناسب مع تكوينهم العلمي وشهاداتهم ، فأسلوب الواسطة السائد في مجتمعنا القائم على المحسوبية والزبونية والعلاقات العائلية والقبلية ...تتيح لأبناء الفئات الميسورة الاستفادة من الامتيازات المادية والمعنوية، فيفسح لهم المجال بأن يعيدوا نفس دور آبائهم المتمثل في احتكار الثروة والسلطة والنفوذ.

5- اغتراب المتعلم في محيطه:

يعيش هذا الطفل سواء في البادية أو المدينة اغترابا لا يشعر معه بالهوية والانتماء مما يجعله يعاني من التهميش والعزلة، والأخطر من ذلك عندما يتعزز هذا الشعور كلما كبر الطفل وأصبح شابا يجد صعوبة في الاندماج الفعلي والإيجابي في المجتمع.
ففي القرية المغربية ،وفي الأحياء الهامشية ،تلعب المدرسة دورا هاما في جعل الطفل غير راض عن الواقع الذي يعيشه نتيجة ما تنقله له المدرسة من قيم وصور ذهنية وأفكار...لا علاقة لها ببيئته ، بل ترتبط هذه القيم والأفكار بحياة المدينة المتحضرة ...مما يدفع بهذا الطفل إلى انتظار الفرصة -عند كبره - ليهاجر للمدينة أو ليهاجر للضفة الأخرى (الأوربية).
فاحتكاك التلميذ بالأفكار الحديثة والتصورات المنفتحة الحديثة والمغريات التي توفرها له المدرسة من خلال الكتاب المدرسي ،والوسائل التكنولوجية الحديثة إن وجدت، ووسائل الإعلام –وخصوصا التفاز- تجعله يكتشف سلبية الحياة في القرية أو المنطقة الهامشية التي يعيش فيها .

6- قسوة التربية ومعاملة الوالدين:

إن الطفل المنتمي للطبقة الفقيرة الهشة لا يعاني فقط من قسوة الظروف الإجتماعية والإقتصادية والتعليمية ...وإنما يعاني أيضا من قسوة والديه اللذين غالبا ما يكونا جاهلين لأبسط مبادئ معاملة الطفل ،لذلك تجده كثيرا ما يتعرض للعقاب الجسدي كالضرب ،وكذلك العقاب النفسي المتمثل في تحقير الذات والتخجيل والإستهزاء...مما يدفعه ومنذ صغره إلى السكوت عن القهر وكبت الكراهية والحقد الشئ الذي يسبب أبعادا خطيرة في تكوين الناشئة وفي تطوير أنماط سلوكه،فكثيرا ما يلجأ هؤلاء إلى أسلوب التمويه والغيبة - بتعرية الغائب وذمه - بدل اعتماد الصراحة والصدق والتعاون مع الآخرين...
وأخيرا...يمكننا القول أن الطفل المغربي هو أكثر الشرائح الاجتماعية معاناة لعدم تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بينه وبين أقرانه من كافة المواطنين...

http://sphotos-a.xx.fbcdn.net/hphoto...60143729_n.jpg

صانعة النهضة

تحيتي...