عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-05-02, 00:15 رقم المشاركة : 1
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي المقامة القرآنية


المقامة القرآنية

حدثني خالد بن يزيد ، بعد غيبة سنة أو تزيد ، حدثني والعبرة تكاد تخنقه ، والحسرة كادت تمزقه ، حدثني وهو يشتكي ، وعلى عصاه يتكي ، يذكر ما رآه من أهوال ، وعظائم تخر لهولها الجبال ، يقول : مررت بالبيت العتيق ، وحيداً بلا رفيق ، لأجلو عن قلبي الرّان ، بتلاوة البقرة وآل عمران ، فالجلوس في رواقه ، والمكث بين أهل القرآن ورفاقه ، وقراءة الطوال والمفصل ، من النعيم المعجل ، وحينما دخلت ، وإلى الحرم ولجت ، تسمرت قدماي ، وشخصت عيناي ، فلم أسمع دوي أهل الرحمن ، ولم أرَ ناشئة القرآن ، فكأنما الأرض ابتلعتهم ، وكأنما العنقاء التقطتهم ، فرحت أتساءل أأنا ببيت الله ، أم نزل بنا أمر الله ، فإذا بطفل في الصحن ، عليه علامات البكاء والحزن ، فسألته أين حلق القرآن ، وأين صحبك والغلمان ، فقال وهو يبكي : وعلى حزن عميق يتكي ، أغلقها من لطخ سمعتنا بين الأمم ، قلت : أبُعث أبرهة ذو الشرم ، أم حضر ذو السويقتين وقَدِم ، أم سرق القرامطة الحجر ، فهم أسوء من ألحد بالبيت وفجر ، قال : لكل زمان أبرهة ، ولكل دهر قرامطة ، قلت هات ما عندك من خبر ، فكلي آذان وسمع وبصر ، قال : سُلط على الحرم أمير ، قادماً من جنوب البلاد عسير ، وكان فيها سيء السيرة ، وقد جعل البلاد على أهلها عسيرة ، حتى طرده منها جهد الرجال ، وعزيمة سكان الجبال ، فكان مآله إلى بلد الله الحرام ، لينشر فساده في بلد الركن والمقام ، فما لبث أن أغلق مخيمات الشباب ، ومحاربتها بحجة الإرهاب ، وهو من بعث دار الندوة في طورها الجديد ، وسار على خطى عمرو بن لحي من جديد ، فأخذ يبحث عما يوافقه من تاريخ الحجاز ، فلم يجد إلا سوق الشعر والمجاز ، فبعث عكاظ من مرقده ، ورمم ما بلي منه وجدده ، فقد طمسته أجيال دار الأرقم ، وأنستنا إياه منذ القدم ، فخشي أن تعود دار الأرقم من جديد ، فتهدم كل ما بنا وتبيد ، ( إنه فكر وقدر ، فقتل كيف قدر ، ثم قتل كيف قدر ، ثم نظر ، ثم عبس وبسر ) ثم أمر ، أمر أن تغلق وريثات دار الأرقم ، وأن ينفذ أمره ويعمم ، فكان ما رأيت ، وما شاهدت ووعيت ، تشرد آلاف القراء ، وتعطلت مجالس الإقراء ، وكأننا في روسيا الحمراء ، قلت : وأين أهل العلم والمعرفة ، وأين من رفعه القرآن وشرفه ، قال : الجهود متوالية ، وحملات الإنكار متتالية ، فكتبت المقالات ، وسودت البيانات ، وخطبت الخطب العصماء ، وجأر الناس لرب السماء ، والأمر أشغل الجميع ، وأرق الكبير والرضيع ، والكل ينتظر من الله النصرة ، فما خاب والله من استنصره ، قلت : لا تحزن ، فنحن في زمن المحن ، وأبشر بالخير العميم ، ففي البلايا خير عظيم ، وما دخل القرآن معركة إلا وانتصر ، وما حاربه عدو إلا وخسر ، فهزم تكذيب المكذبين ، وانحسر تأويل المبطلين ، وأفلت شمس المعطلين ، أما أهل التحريف والتأليف ، فصاروا مضرب المثل في الكذب والتزييف ، فالقرآن كلام الله ، والكلام من صفات الله ، ومن حارب ربه هلك ، ولطريق المعذبين سلك ، والتاريخ خير دليل ، وهو شاهد على كل مجرم ذليل ، ثم قلت : وما دورك أنت ، وما الذي قدمت ، قال : نطوف بالبيت ونمكث في الحرم ، ونتعلق بأستار الكعبة والملتزم ، ونتواصى بالدعاء على من ظلم ، ثم أدبر يمسح دمعه بكمه ، وأقبل على الملتزم يلثمه ويضمه ، ويتمتم بكلام رهيب ، ودعاء مهيب ، سمعت منه قوله ( ربي ألست من أهلك وخاصتك ، ربي أقسمت عليك أنـ …. ) ثم خالط دعاءه البكاء ، وما سمعت بقية الدعاء .





آخر تعديل خادم المنتدى يوم 2020-05-02 في 00:22.
    رد مع اقتباس