فن المسرحية في الأدب العربي : نشأته وتطوره ، وأبرز أعماله ورجاله سنتحدث أحبتنا الأفاضل في موضوع اليوم عن فن المسرحية في الأدب العربي ، ومختلف المراحل التي عرفها هذا الفن منذ نشأته وحتى تطوره . مقدمة لطالما كان الإنسان يميل إلى الجماعة بطبعه الفطري ، والجماعة بدورها تميل إلى عاداتها وتقاليدها الخاصة ، وفور أن يأمن الإنسان نفسه ومحيطه ومأكله ومشربه ، تجده يبتكر ظواهر فنية جميلة أساسها الجمال والتعبير عن الأحاسيس والشعور . ومن أعرق الفنون التي عرفها الإنسان ، هو فن المسرحية والذي عرف أطوارا ومراحل حتى وصل إلى الشكل الذي نعرفه حاليا . تعريف فن المسرحية في الأدب العربي المسرحية هي جنس أدبي يروي قصة من خلال حديث شخصياتها وأفعالهم ، وتدور فصولها على خشبة المسرح أمام الجمهور ، وهنا وجب التفريق بين المسرحية والمسرح . فالمسرحية نعني بها النص المسرحي القابل لأن يُمثّل ، ونعني بالمسرح النص المسرحي ممثّلا على خشبته ومعروضا على جمهوره . عناصر فن المسرحية في الأدب العربي تتألف المسرحية من خمسة عناصر وهي : 1 – اللغة وهي اللغة التي يتشكل بها العمل الدرامي للمسرحية والتي يعبر بها الإنسان عن عواطفه ورغباته ، وتخضع هذه اللغة إلى تحولات عديدة حتى تصل إلى مرحلتها النهائية ، حيث تتشكل في مخيلة المؤلف فيحولها إلى عنصر مكتوب وفق الضوابط الفنية المسرحية ، لتتحول أخيرا إلى حوار منطوق ينبض بالحياة على خشبة المسرح . 2 – الحوار وهو جملة ما تنطقه شخصيات المسرحية على خشبة المسرح ، فالحوار هو عمدة العناصر الأدبية في النص المسرحي المكتوب ، كما يعد إتقان تجويده في العرض أهم أسس نجاح العمل الفني المسرحي ككل . 3 – الشخصيات وهي النماذج البشرية التي يرسمها المؤلف المسرحي بقلمه أو خياله في النص المسرحي ، وتنقسم هذه الشخصيات إلى رئيسية وثانوية يوظفها المؤلف وفق رؤيته الدرامية للنص المسرحي . 4 – الحبكة وهي الترتيب الخاص للأحداث وفق تنظيم معين وتوزيع محكم للفضاء ، وتحديد دقيق للشخصيات وما تنطق به من حوار ، بحيث تتحدد معالمها بفضل تلك الحبكة ، ويتحقق هدف المؤلف من تأليف المسرحية ، وهو إثارة الانفعالات والأفكار . 5 – العناصر الفنية وهي تلك الملحقات الفنية – غير البشرية – التي تضفي على المسرحية لونا وجمالا يجذب الجمهور ويأسره ، وتشمل هذه الملحقات : الديكورات المجسدة والرسومات ، والأضواء والمؤثرات الصوتية ، والأزياء والموسيقى . نشأة فن المسرحية في الأدب العربي لم يعرف الأدب العربي منذ القديم وإلى منتصف القرن التاسع عشر فن المسرحية ولا فن التمثيل ، بل اكتفى بالشعر الغنائي الخالص ، وسبب ذلك راجع إلى مجموعة من العوامل ، أبرزها : 1 – العامل الديني تعود بدايات نشأة الفن المسرحي إلى أصول إغريقية ورومانية ، حيث كانت تقام طقوس وثنية يُتقرب بها إلى آلهتهم ، وتكون هذه الطقوس على شكل غناء ورقص . ومع مجيء الإسلام الذي حرم الشرك والوثنية ، لم يعد لهذا الفن من ظهور . 2 – العامل الاجتماعي كانت العصبية الجاهلية قديما تقيد دور المرأة وتبخسها حقوقها ، ولا يُسمح لها بممارسة أي نشاط اجتماعي أو مهني ، وفرض عليها قيودا صارمة وظالمة ، إلى أن جاء الإسلام الذي كرمها وشرّف قدرها ، وحفظ حقوقها . وبتطور العصور الأدبية انتهت بالمرأة كعنصر فعّال ومشارك رئيسي في الفنون ، وعلى رأسها فن المسرحية . 3 – العامل الفني كان لالتزام العرب بوحدة الوزن والقافية في الشعر ، قيدا كبيرا لا يلائم المسرحيات التي تقتضي أن تكون مطولة تختلف أبياتها في الوزن والقافية بعضا عن بعض . كما أن الأدب العربي القديم كان مقتصرا على الشعر الغنائي ، وهو في الأصل لدى الإغريق القدماء شعر كان الناس ينشدونه برفقة بعض الآلات الموسيقية وخاصة القيثارة ، أما المسرحية ففي القديم كانت شعرا تمثيليا ، يضم شخصيات وحوار وأفعال ، وتكون أمام جمهور الناس . مولد المسرح العربي كان مولد المسرح العربي في القرن التاسع عشر على يد الأديب اللبناني مارون النقاش ، والذي عاش مغتربا في إيطاليا ، واطلع على ثقافة ذلك البلد وأحوال أبنائه وأعجب بمسرحهم . ولما عاد إلى بلاده حاول أن يدخل إليها هذا الفن ، فراح يكتب القطع المسرحية ، ويشكل فرق التمثيل على طريقة موليير المسرحي الفرنسي ، وهكذا قام بترجمة مسرحية ” البخيل ” لموليير بعد أن أجرى عليها بعض التغييرات لتلائم الجمهور العربي ، ثم كتب مسرحية ” الحسود السليط ” ، و” أبو الحسن المغفل ” . وهكذا كانت الخطوة الأولى لفن المسرحية في الأدب العربي . أشهر كتاب المسرح العربي إذن . فلبنان كان أول بلد يعنى بفن المسرحية كلون أدبي ، وكان احتكاك لبنان بالغرب سبب ظهور المسرح العربي . وقد راق هذا اللون الجديد من الأدب أبناء الشرق . فأخذوا يكتبون العديد من المسرحيات . فوضع سليم النقاش ، وهو ابن أخت مارون ، ثلاث مسرحيات : ” ميّ ” ، و” عائدة ” ، و” الظلوم دعجاء ” . وقامت في دمشق نهضة أخرى من للمسرح على يد الشيخ أحمد أبي خليل القباني ، وكان تأليفه – على حد قول خليل مطران – : ” خليطا من هزل وجد ، وكلام وغناء ، يعرف عند الإفرنج بالأوبريت ؛ وأبدع ضربا حديثا يسميه الغربيون ” باليه ” واسمه عندنا ” رقص السماع ” . بعد ذلك أصبحت مصر قبلة يحج إليها المؤلفون والممثلون ، حيث وجدوا فيها ميدانا خصبا لأفكارهم ومسرحياتهم ، وقد أنشأ الخديوي اسماعيل الأوبرا الملكية ، فجمع سليم النقاش من بيروت جماعة للتمثيل وقصد مصر سنة 1876 ، وكان لفرقته تأثير كبير على الجماهير . وقد عرف المسرح في مصر صولات وجولات عرفت تارة جمودا وتدهورا في قيمته الفنية ، وتألقا وتميزا تارة أخرى . ولم يصل إلى درجة ذات قيمة في التأليف إلا مع الشاعر أحمد شوقي صاحب مسرحيتي ” مصرع كليوباترا ” و” مجنون ليلى ” وغيرهما . أما في لبنان فقد ظل المسرح يسير على طريقة الترجمة والاقتباس والتقليد ، وعلى طريق التوجيه نحو المثل القويمة والبطولات الرفيعة ، وتعميق الشعور الديني . ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى ، اتخذ التوجه الأدبي المسرحي طريقا جديدا نحو الواقعية الاجتماعية ، ووضع ميخائيل نعيمة مسرحية ” الآباء والبنون ” ، وفي سنة 1935 ظهر سعيد عقل بمسرحيته الشعرية ” بنت يفتاح ” ودرج فيها على أسلوب قدامى اليونان وعلى أسلوب الفرنسيين الكلاسيكي . وهكذا سار المسرح العربي من طور التعريب والاقتباس والتقليد ، إلى طور المحاولات ، إلى طور الواقعية الاجتماعية ، إلى طور الاتجاه الكلاسيكي . كتب عن فن المسرحية في الأدب العربي لمزيد من الاطلاع والبحث حول فن المسرحية في الأدب العربي ، نقترح عليكم مجموعة من الكتب المميزة ، ولطلبها ما عليكم سوى الضغط على صورة الكتاب ، أو على زر الطلب ، وستصلكم – بحول الله – إلى غاية منزلكم . 1 – في الجهود المسرحية العربية اطلب الآن 2 – البنية الداخلية للمسرحية اطلب الآن 3 – المسرح العربي رؤية تفكيكية اطلب الآن 4 – المأساة والرؤية المأساوية في المسرح العربي الحديث اطلب الآن 5 – عندما يتضاءل المسرح أو ينعدم اطلب الآن مصادر : – تاريخ الأدب العربي ( حنا الفاخوري ) . – المسرحية نشأتها ، ومراحل تطورها ودلائل تأخر العرب عنها ( على صابرى ) .