المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نزيه
الجو العام يكتب نفسه من خلال القصة.. كانت تلك خلاصة وددت أن أستهل بها هذه القراءة/ المحاولة للإقتراب أكثر من إبداع الكاتبة النابضة بالحيوية أختنا مريم الوادي.
وكعادتي أثناء كل قراءة ، أحاول أن أتوقف قليلا قرب العنوان ، و الذي تتجلى وظيفته الأساسية في التحديد و التسمية ، حيث يفتح المجال أمام توقع القارئ ، بل ويثير فضوله للبحث عن المعنى و الدلالة ..
ف " مريم قصة تكتبها القصيدة و ترويها الشمس " هي في حد ذاتها ومضة يتوقف عندها المتلقي طويلا لفك طلاسم حرفها ، أي كونها تشكل لغزا يغيب سياقه الثقافي الذي يؤطره ، ويظل مفتوحا على التأويل العقلي الذي يتجاوز العنوان - النص !
فحسب اعتقادي ، عنوان القصة لا يشكل سياقا شاذا أو نشازا ، وإنما رسما و علامة متداخلة العناصر لن يظهر سياقها الدلالي إلا ضمن المتن المُنتظر.
من جهة ثانية ، الكاتبة / الساردة أو الفاعل اللغوي ، مهما حاولت التخفي وراء الأحداث وتبرئة نفسها منها ، أو على الأقل تسجيل حياديتها ، فثمة علامات في النص تشير إلى مؤلفته و درجة علاقتها ببطلة الحكاية :
- فهي التي وصفت لنا الإطار العام الذي تدور فيه الحكاية وخاصة تلك المقدمة التي تستدعينا للتعرف على بطلة القصة ، الصغيرة مريم.
- الكاتبة / الساردة قامت بتقديم الشخصيات ، والتي ظهر أنها تعرف " كل شيء عنها " بل و أباحت لنفسها البوح ببعض الأسرار الغامضة والتي تخص بصورة قريبة جدا بطلتنا مريم الصغيرة ..
- قامت بالتلخيصات الزمنية و التوقفات الوصفية وذلك فعل فني ذاتي تتحكم في شأنه معطيات ذاتية و موضوعية ، وعلى رأسها وعي الكاتبة بالمساحة المسموحة للكتابة دون الإخلال بتراكمات الأحداث..
- الأحكام التي أطرت اتجاه الحكاية ، دفعتنا كمتلقين بسطاء إلى التساؤل عن الصوت السردي للبطلة!وما مدى مصداقية تلك الأحكام ؟؟
- التذكر الإسترجاعي المرافق لتقنية الوصف المُقتضب ، عملا على إظهار التجربة التقنية للكاتبة / الساردة وفق حدود الرغبة في اختراق جدار الصمت ، صمت الطفولة أقصد..
وكنظرة شمولية للنص أقول : ان الواقع الحكائي يُحيل إلى مرجعية اجتماعية عشناها رفقة بطلتنا مريم ، وهي تقطع المسافة الفاصلة بين البيت و المدرسة ..( الطقس المطير – الوصف الشامل للشخصية / البطلة مريم ، موانع وصولها المبكر لحجرة الدرس - الوصول لتحقيق حلم التفوق...)
وقد تعاملت الكاتبة / الساردة مع هذا الواقع الحكائي انطلاقا من استرجاعاتها و متخيلاتها ثم أضفت عليها واقعا خطابيا جميلا ، لنحصل نحن كقراء على صيغة نهائية حالمة .. وهي دعوة لنا كي نحافظ على التزامنا المُفترض ، والذي يقضي بأن نتعامل مع النص باعتباره نصا تخييليا ، يُقدم تجربة انسانية ضمن قالب إبداعي رائع .
أبدعت أيتها الكاتبة المتألقة ... وتلك كانت لمسة قصيرة للتشجيع والدعوة إلى الإستمرار في إنتاج الأجود.
مودتي.