عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-05-24, 15:31 رقم المشاركة : 17
فسحة امل
أستـــــاذ(ة) ذهبــــي
إحصائية العضو







فسحة امل غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

افتراضي رد: رمضانيات ...متجدد


حقيقة الصيام :

الصِّيام: إمساك عن الطعام والشراب، وسائر المفطرات من الفجر وحتى الغروب، بنيَّة العبادة والطَّاعة، لأنَّ هذا النَّهي عن شهوة الطعام والشراب وشهوة أخرى، شهوات مباحة، وفق منهج الله، ومحببة إلى الإنسان، ورد في الحديث القدسي:

((كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ))

[البخاري عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ]

وفي رواية:
(( يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصِّيام لي وأنا أجزي به))

[البخاري عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ]

أي هذا الصَّوم من العبادات الشعائرية، أمرك أن تترك المباح المحبَّب لك من الطعام والشراب وسائر المفطرات بنيَّة التَّقرب إلى الله عز وجل، إنَّك حينما تفعل هذا تؤكد أنَّ طاعة الله أحبُّ إليك من كل شيء. أما قوله تعالى:
﴿ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾

[سورة البقرة: 183]

فتشير هذه الآية إلى أن مبدأ الصَّوم لا يختلف من زمن لآخر، فهو ركن تعبُّدي موجود في الدِّيانات السَّماوية السَّابقة للإسلام، أي إنَّه منهج الله لتربية الإنسان.
وأما قوله تعالى:
﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

[سورة البقرة: 183]

أي لعلكم تدعون المعاصي وتلتزمون الطاعات، لا في شهر رمضان فحسب، بل في كل أشهر العام. إذاً كأنَّ الصَّوم تربية الإرادة في الإنسان على طاعة الله على مدار الأعوام. ليس القصد أن ننتصر على النَّفس في رمضان، ثم ننخذل أمامها بقية العام، ولكن الصيام الحقيقي أن نحافظ على هذا النَّصر على طول الدوران، وتقلُّبات الزَّمان والمكان. ليس القصد أن نضبط ألسنتنا في رمضان، فننزهها عن الغيبة والنميمة وقول الزُّور، ثم نطلقها بعد رمضان إلى حيث الكذب والبهتان، ولكن الصيام الحقيقي أن تستقيم منا الألسنة، وأن تصلح فينا القلوب مادامت الأرواح في الأبدان. ليس القصد أن نغضُّ أبصارنا عن محارم الله في رمضان، وأن نضبط شهواتنا غير المشروعة في رمضان، ثم نعود إلى ما كنا عليه بعد رمضان، إنَّا إذاً:
﴿ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً ﴾

[سورة النحل: 92]

ولكن الصِّيام الحقيقي، أن تصوم جوارحنا عن كلِّ معصية، في رمضان وبعد رمضان، حتى نلقى الواحد الدَّيان. ليس القصد أن نتحرى الحلال خوفاً من أي يُردَّ علينا صيامنا، ثم نتهاون في تحرِّيه بعد رمضان، على أنَّه عادة من عوائدنا، ونمط شائع من سلوكنا، ولكن الصيام الحقيقي أن يكون الورع مبدأً ثابتاً، وسلوكاً مستمراً في حياتنا. ليس القصد أن نبتعد عن المجالس وعن المشاهد التي تُكثف في رمضان، إكراماً لشهر رمضان، ليس القصد أن نبتعد عن المجالس وعن المشاهد التي لا ترضي الله، إكراماً لرمضان، ثم نعود إليها وكأن الله ليس لنا بالمرصاد في بقية الشهور والأعوام. ليس القصد أن نُراقب الله في أداء واجباتنا، وأعمالنا ما دمنا صائمين فإذا ودَّعنا شهر الصيام، آثرنا حظوظ أنفسنا على أمانة أعمالنا وواجباتنا.





التوقيع

أعلل النفس بالآمال أرقبها...ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
    رد مع اقتباس