عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-01-30, 14:49 رقم المشاركة : 1
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

c5 وسائل تربية الأولاد : التربية بالقدوة


وسائل تربية الأولاد : التربية بالقدوة
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي








تربية الأولاد ينبغي أن تتضاعف في عصرنا الحالي عن العصور السابقة لكثرة المعوقات :

قبل سنوات عدة سبق أنني ألقيت ثلاثين درساً في تربية الأولاد وهذه الدروس والفضل لله عز وجل لاقت قبولاً حسناً في الأوساط الإسلامية وأذيعت في عدد ليس بالقليل من الإذاعات ولمرات عديدة .
السلسلة السابقة كانت حول مضمون التربية ، فهناك التربية الإيمانية والتربية الخلقية والتربية العقلية والتربية الجسمية والتربية النفسية والتربية الاجتماعية والتربية الجنسية هذه عناوين السلسلة السابقة .

الآن في سلسلة أخرى تكمل السلسلة السابقة وهي وسائل التربية الفعالة وهذه الحقائق يحتاجها كل أب ويحتاجها كل معلم وقبل أن أدلي ببعض التفاصيل لابد من تذكيركم بالحقيقة الخطيرة وهي أن الإنسان مهما بلغ من نجاحات في الحياة الدنيا إن لم يكن ابنه كما يتمنى وكما يطمح فهو أشقى الناس يؤكد هذا المعنى قوله تعالى :

﴿ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117)﴾
(سورة طه : الآية 117)

بحسب قواعد اللغة "ولا يخرجنكما من الجنة فتشقيا" في القرآن إيجاز بليغ شقاء الزوج شقاء حكمي للزوجة ، ويقاس على هذه الآية أن شقاء الابن شقاء حكمي للأب ، لن تجد أباً يسعد إذا كان ابنه منحرفاً .

فمن أجل أن يكون أبناؤنا استمراراً لنا ، ومن أجل أن نسعد بتربية أولادنا ، من أجل أن تقر أعيننا بهم ، من أجل أن تكون الأسرة الإسلامية متماسكة ، من أجل أن تنام قرير العين إن رأيت ابنك صالحاً ، والله الذي لا إله إلا هو يدخل على قلب الأب من السعادة والطمأنينة ما لا يوصف إن رأى ابنه صالحاً ، شيء دقيق .

والحقيقة إذا كان في العصور السابقة ينبغي أن نربي أولادنا ففي هذا العصر الاهتمام بتربية الأولاد ينبغي أن يتضاعف إلى ألف ضعف لكثرة المعوقات ولكثرة الصوارف ، يعني مئات الأبواب التي تصرف الابن عن طاعة الله ، الفتن كلها يقِظَة ، أينما نظرت ، إذا اشتريت جريدة أو مجلة أو نظرت إلى الشاشة أو سرت في الطريق أو استمعت إلى قصة تجد أن الفتن يقظة ، والشبهات مستعرة ، والشهوات في أوج اتقادها ، وقد ينجو الإنسان لكن نجاة الواحد منا لا تكفي إلا إذا نجا معه أولاده .


مستقبلنا بتربية أولادنا :


لا يوجد موضوع ينبغي أن يهتم به المسلمون كتربية الأولاد ، ذلك أن الأولاد ـ وهذه حقيقة خطيرة جداً ـ الأولاد الآن أولاد المسلمين هم الورقة الرابحة الوحيدة في أيدينا ، يعني بشكل واقعي وبلا مجاملات وبلا مبالغات لم يبقَ في أيدينا إلا أولادنا ، فحينما نعتني بهم معنى ذلك أننا نبني مستقبلنا ، حينما نعتني بهم معنى ذلك أننا ننتبه إلى مستقبلنا ، مستقبلنا بتربية أولادنا ، ومن منا يصدق أنه بالإمكان أن تصل إلى الجنان من خلال تربية أولادك ، طريق إلى الجنة سالك وأنت في البيت هذا الكلام أقوله وسوف آتي بتفاصيل إن شاء الله تعالى .

كنت قبل يومين أو قبل عدة أيام في بيروت ألقيت محاضرة في هذا الموضوع ، هذه المحاضرة هي التي دفعتني إلى أن أتمم هذه السلسلة ، قلت لهم : ـ وهذه عبارة أرددها كثيراً ـ مستحيل وألف ألف مستحيل أن تطمح أن يكون ابنك صالحاً وأنت لست بصالح ، الطفل من خصائصه أنه يتعلم بالفكرة ، يتعلم بالصورة ، لا يستطيع الطفل أن يفرق بين المبدأ وبين الشخص ، الإنسان المتفوق الواعي المثقف عنده إمكانية أن يفرق بين المبدأ وبين معتنقي المبدأ ، لكن الطفل لا يستطيع ، يعني أبوه في أعلى مكان ، أما أن يقول : الإسلام عظيم لكن أبي مقصر ، هذه لا يستطيعها الطفل ، يرى أن أباه هو الإسلام ، فإذا فعل الأب معصيةً فهذه مشروعة ، لذلك لا يمكن أن تطمح أن يكون ابنك صالحاً إن لم تكن أنت صالحاً .
ومن السخف والغباء والسذاجة أن يحرص الأب أن يكون ابنه مستقيماً وديّناً وصالحاً وهو ليس كذلك ، ومن السخف والغباء والسذاجة أن تحرص الأم على أن تكون ابنتها إنسانةً طيبةً طاهرةً عفيفةً وهي ليست كذلك ، لذلك لا يمكن أن تُقْدِم على وسائل التربية إلا أن تكون أنت قدوة .

كنت أروي قصة وهي أن إنساناً سافر إلى بلاد الغرب ، ورأى فتاةً تعلق بها أشد التعلق ، فاستأذن والده أن يتزوجها ، فكان الجواب قاسياً جداً إن تزوجتها فلست ابني ، ثم خطر في بال هذا الشاب الذي تعلق بهذه الفتاة تعلقاً شديداً أن يغير رأي والده ، يا أبتِ لو أنها أسلمت أتسمح لي بالزواج منها ؟ قال له : أسمح لك ، فأخبرها أن العقبة الوحيدة في الزواج أن تسلمي ، سألته : كيف أسلم ؟ اشترى لها كتباً باللغة الأجنبية عن الإسلام والقرآن ورسول الله والسيرة وما إلى ذلك ، كتب عديدة ، ودفعها إليها ، هي ذكية جداً اشترطت عليه أن تبتعد عنه أربعة أشهر كي تستوعب هذه الكتب ، وكي تقرأها بعيداً عن ضغوطه ، فحصل فراق أربعة أشهر ، هذا الشاب عد هذه المدة لا بالأشهر ولا بالأسابيع ولا بالأيام ولا بالساعات ولا بالدقائق بل بالثواني إلى أن مضت هذه الأشهر الأربعة فالتقى بها ، وكان الخبر الذي أفقده توازنه أنني أسلمت والإسلام حق لكنني لن أتزوجك لأنك لست مسلماً .


الأب هو السقف والقدوة :


قد تجد أباً ليس مسلماً ، اسمه إسلامي ، وكنيته إسلامية ، وأبوه مسلم ، وأمه مسلمة ، لكن بالتعامل اليومي ليس مسلماً ، كيف يطمح هذا الأب أن يكون ابنه مسلماً تقياً ورعاً نقياً طاهراً عفيفاً وهو ليس كذلك ؟ لذلك الأب هو السقف ، ولا يمكن إلا في حالات نادرة جداً ـ وهذه ليست قاعدة في حالات نادرة ـ يفوق الابن أباه حتى في التدين ، هذه الحالات لا تعد قاعدةً ، القاعدة أن الأب هو السقف .

ما لم تكن أنت قدوةً لابنك ، ما لم تكن أنت صادقاً لن يكون ابنك صادقاً ، ما لم تكن أنت عفيفاً لن يكون ابنك عفيفاً ، ما لم تغض أنت بصرك عن محارم الله لن يغض ابنك بصره عن محارم الله ، ما لم تكن أميناً لن يكون ابنك أميناً ، وفي فكرة هي أن الآباء يتصورون بسذاجة أن أولادهم لا يعلمون ، والله من خلال بعض التجارب الابن ولو رأيته صغيراً لا ينتبه إلى كل شيء ولكنه في الحقيقة غير ذلك .

حدثني أخ مقيم في أمريكا سأل ابنه : هل نظفت أسنانك ؟ فسكت ، سأله ثانيةً فسكت ، سأله ثالثةً قال له : نعم ولا باللغة الإنكليزية ، قال له : كيف ؟ قال له : أنا أنظفها دائماً اليوم لا ، فعنفه الأب لماذا تكذب علي ؟ ـ إجابته لا تصدق ـ قال له : كلينتون يكذب في موضوع مونيكا ، الابن الصغير في المرحلة الابتدائية يتابع الأخبار ، هو كذب حينما أدلى بتصريحات غير صحيحة .

بنت ترى أمها تكذب على أبيها ، ابن يرى من أبيه كذباً في البيع والشراء ، أحياناً يكون ابنك في المحل والبضاعة مثلاً ليست من أصل معين ، من منشأ آخر ، وليس عليها المنشأ ، الشاري يسأل عن منشأ البضاعة ، يقول له : هذه بضاعة إنكليزية أو فرنسية ، وهي ليست كذلك ، الابن ينتبه .

الحقيقة أن الإنسان لو كان في الدرجة السفلى من السلم الاجتماعي في حالة خطيرة جداً أن يسقط من عين نفسه ، الإنسان حينما يكذب أو حينما يتناقض أو حينما يخالف منهج الله أو حينما لا يكون كاملاً يسقط من عين نفسه ، في الدرجة الثانية الإنسان حينما يسقط من عين أهله يعني زوجته وأولاده ، قد تجد متاعب خارج البيت ، قد تجد صعوبات ، قد تجد خصومات ، قد تجد أعداء ، قد تجد مناوئين ، أما أن تسقط من عين زوجتك ومن عين أولادك هذه مشكلة كبيرة .

أنا والله كل يوم تقريباً ، أو كل أسبوع ، أو كل عدة أيام تأتيني مشكلة أن أبي فعل كذا ، الأب ساقط من عين ابنه ، قال لي : أبي شهواني ، يعني طلق أمه وتزوج امرأةً بعيدةً عن الدين ، متفلتة ، تلبس ثياباً فاضحة ، وهو بالستين ، واستغنى عن كل أولاده ، واستغنى عن زوجته ، واستغنى عن مكانته ، وهذه المرأة تأخذ منه كل أمواله ، وتبقي أهله بلا طعام ، والله ما رأيت مصيبة أكبر من أن يسقط الإنسان من عين أولاده ، وجدت الابن ناقماً نقمةً شديدة لا توصف على أبيه .


أثر القدوة في البيت :
يتبع






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس