عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-12-09, 22:11 رقم المشاركة : 2
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: جون بياجي: التوجهات التربوية الأساسية


بياجي: من الإدارة إلى المبادئ التربوية


يقول بياجي "هناك عنصر اللعب في هذه المغامرة"(ibid) كأنه يريد أن يقلل من أهمية هذه التجربة.

لكن، بعد مدة يسيرة، سيصبح بياجي على رأس هذه المؤسسة الدولية: من 1929إلى1968. وهذا يشكل –في الحقيقة- عملا متميزا، ليس بالنظر إلى طبيعة العمل في حد ذاته، ولكن في علاقته بشخصية بياجي نفسه، المعروف بعدم اهتمامه بالمشاركة في المهام غير العلمية!


كيف نفسر إذن هذا القبول؟ هل يتعلق الأمر بالرغبة في تحسين الطرق البيداغوجية، من خلال "التبني الرسمي لتقنيات أكثر تكيفا مع العقل الطفولي"(Ibid)؟ هل يمكن أن نر في هذا القبول محاولة للتمكن من وسائل تسعف في التدخل بشكل أكثر فعالية في المؤسسات المدرسية الرسمية، عن طريق إدارة حكومية عليا؟ هل يتعلق الأمر باختيار لمواجهة الجهل المنتشر بين الشعوب، وأيضا مواجهة خطر الحروب، من خلال مجهود تربوي موجه في اتجاه القيم الإنسانية؟


كان بياجي يحرص في كل سنة، وطيلة السنوات من 1929إلى 1967، على تحرير خطاب موجه إلى مجلس المكتب الدولي للتربية، ثم إلى المؤتمر الدولي للتكوين الجماهيري العمومي. نجد في هذه النصوص -التي غفل عنها أغلب الذين تناولوا أعمال بياجي- المبادئ البيدغوجية الأساسية لمشروعه، وهي مقدمة بوضوح لا نجده في غيره من كتاباته.


إذن من خلال هذه النصوص، ومن خلال الأعمال القليلة، التي قبل بياجي أن ينشرها عن مشاكل التربية(Piaget, 1969, 1972b)، يمكن إضاءة المبادئ الأساسية، التي توجه مشروعه التربوي. وسنكتشف أن هذا المشروع ليس غامضا كما يرى ذلك الكثيرون.


قبل كل شيء –خلافا لما يعتقده الكثيرون- يعطي بياجي للتربية أهمية قصوى، فهو لا يتردد في القول إن "التربية هي القادرة وحدها على حماية مجتمعاتنا من تفكك، قد يأتي عنيفا أومتدرجا" (Piaget, 1934, p: 31). لهذا فإن المؤسسة التربوية تستحق أن تتكاثف من أجلها الجهود.


وبعد الخراب الذي عرفه العالم في الحرب العلمية الثانية، صرح قائلا: "بعد الانهيار الذي أصاب العالم تبدو التربية، مرة أخرى، العامل الحاسم، ليس فقط في إعادة البناء، لكن أيضا في عملية البناء الفعلي" (Piaget, 1940). لقد كانت التربية بالنسبة لبياجي الرهان الأول لجميع الشعوب، بعيدا عن الاختلافات الإيديولوجية والسياسية. إن "الرصيد الإيجابي المشترك لكل الحضارات هو تربية الطفل".(Ibid)


لكن ما هو نوع هذه التربية التي يريدها بياجي؟ هنا أيضا –وخلافا لما سيقوله فيما بعد في برينغويي Bringuier- لا يتردد بياجي في التعبير عن آرائه في هذه "الخطابات" .

في البداية، يعلن عن القاعدة الأساسية في فكره التربوي قائلا: "أسلوب الإكراه هو أسوأ الأساليب في التربية" (Piaget, 1949d,p: 28 ). ولذلك "في مجال التربية تكون القدوة أجدى من الإكراه" (Piaget, 1948 p: 22).
هناك قاعدة أخرى أساسية، عبر عنها عدة مرات، هي أهمية نشاط الطفل: "الحقيقة التي نصل إليها عن طريق الحفظ لا تشكل إلا نصف الحقيقة، إن الحقيقة الكاملة هي تلك التي يصل إليها الطفل، أويعيد بناءها واكتشافها" (Piaget, 1950, p: 35). يقوم هذا المبدأ التربوي على حقيقة نفسية لا نقاش فيها: "تعلمنا كل الطرق التربوية الحديثة أن التفكير يسبق الإنجاز" (Ibid).


من هنا فإن تمارين البحث ينبغي أن تلعب دورا أساسيا في الإستراتيجية التربوية؛ لكن هذا النوع من البحث لا ينبغي أن يكون مجردا: "يفترض الإنجاز القيام بأبحاث سابقة، والبحث ليست له من قيمة إلا من أجل الفعل"(Piaget, 1952, p: 28)


إذن، الدعوة إلى مدرسة بدون قيود، حيث يكون الطفل مدعوا إلى التجريب بطريقة حية، من أجل إعادة بناء ما يريد أن يتعلمه.

إلى هنا نكون قد وضعنا صورة مكثفة لمشروع بياجي. لكن، ينبغي أن ننتبه إلى ما يلي: "لا يمكن أن نتعلم التجربة، ونحن نكتفي بمشاهدة المدرس وهو يجرب، أومن خلال الاعتماد على تمارين جاهزة. ينبغي أن نجرب من خلال محاولتنا الخاصة، وأيضا من خلال العمل النشيط الحر، مع أخذ الوقت الكافي لذلك" (Piaget, 1959, p: 39 ).


اعتمادا على هذا المبدأ الذي يعتبره أساسيا لا يخشى بياجي الجدال: "تكون المدرسة ،في أغلب الدول، لغويين، ونحاة، ومؤرخين، ورياضيين، لكن لا تنجح في تربية العقل التجريبي. ينبغي الإلحاح على هذا المشكل الكبير، المتمثل في تكوين العقل التجريبي. لا ننس أن المشكل الكبير في المدارس الابتدائية والإعدادية هو في تكوين العقل التجريبي"(Ibid)


وما هو دور الكتب والمؤلفات المدرسية في هذه المدرسة؟ يقول: "في المدرسة المثالية لا نقتني كتبا مدرسية بشكل إجباري، لكن يمكن للتلاميذ أن يستعملوا تآليف بطريقة حرة (...) الكتب المسموح بها هي كتب المدرس"(Ibid)
هل يعتبر بياجي أن فاعلية هذه المبادئ مرتبطة بتربية الطفل فقط؟ يجيب: "على العكس، إن الطرق التربوية الفعالة، التي تدعو إلى هذا النوع من العمل العفوي، والموجه في الوقت نفسه من خلال الأسئلة المطروحة؛ حيث يعيد التلميذ اكتشاف وبناء الحقائق عوض تلقيها جاهزة، ضرورية للراشد أيضا، مثله مثل الطفل(...). في الحقيقة، ينبغي أن نتذكر أنه في كل مرة يتعرض فيها الراشد لمشاكل جديدة بالنسبة إليه، فإن تسلسل ردود الفعل بالنسبة لهذا الراشد تشبه تطور ردود الأفعال أثناء النمو العقلي"(Piaget, 1956b, p: 43)
إذن، هذه هي المبادئ التي تشكل القاعدة الأساسية للتربية عند بياجي.


فيما يتعلق بالنظم الخاصة ببعض المواد، يسرف "بياجي" في تقديم نصائح محددة، خاصة في ما له علاقة بتدريس مادة الرياضيات. "على اعتبار أن نمو الطفل يتحقق في المجال الحسي- الحركي أكثر منه في مجال المنطق اللغوي، من المناسب أن نعطي له خطاطات الفعل التي يستطيع الاعتماد عليها لاحقا (...) التدرب على الرياضيات سيكون معززا بتربية حسية حركية، كما نمارسها -على سبيل المثال- في مؤسسة "دار الصغار" في جنيف"(Piaget, 1939c, p: 37).

ولقد كان موقفه من هذه المادة جد واضح: "فهم الرياضيات ليس مسألة قدرة عند الطفل. من الخطأ إذن أن نعتقد أن الخطأ في الرياضيات يأتي من نقص في القدرة (...) العملية الرياضية تستمد من الإنجاز: من هنا نستنتج أن الاعتماد على الحدس لا يكفي، ينبغي على الطفل أن ينجز العملية بنفسه، ينبغي للعملية اليدوية أن تحضر للعملية العقلية(...) في كل مجالات الرياضيات ينبغي للكمي أن ينبثق عن العددي" (Piaget, 1950, p: 79-80)


كما أن تدريس العلوم الطبيعية يحظى عند بياجي بأهمية خاصة: "يفاجأ علماء النفس، الذين يدرسون سيكولوجية العمليات العقلية عند الطفل وعند المراهق، دائما بالوسائل التي يتوفر عليها الطفل العادي في هذا المجال، شريطة أن نمنحه وسائل العمل بطريقة حية، دون أن نجبره على كثير من التكرار السلبي (...) انطلاقا من وجهة النظر هذه، فإن تدريس العلوم هو التربية الفعالة على الموضوعية، وعلى تعود التحقق من الأشياء"(Piaget, 1952, p: 33)


لكن، مبدأ التربية الفعالة يمكن تطبيقه أيضا على مجالات أقل تقنية، مثل اكتساب لغة حية؛ وذلك من خلال "تعلم لغة بطرقة مباشرة، من أجل السيطرة عليها، ثم التفكير فيها لاستخلاص قواعدها النحوية"(Piaget, 1956b, p:44) أوحتى تشكيل وعي دولي: "من أجل مواجهة الشك وصعوبات التواصل بين الشعوب، قدم لحد الآن علاج واحد ذو طبيعة عاطفية، في شكل دروس، وفي شكل دعوات إلى استحضار الوعي(...) ينبغي أن نقيم بين التلاميذ، خاصة المراهقين منهم، علاقات اجتماعية، ودعوة إلى نشاطهم وإلى مسؤوليتهم"(Piaget, 1948, p: 36).


ما يتعلق بالعلاقة بين التربية وعلم النفس

يتبع





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس