عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-10-21, 21:57 رقم المشاركة : 2
عبد العزيز قريش
أستـــــاذ(ة) مشارك
إحصائية العضو







عبد العزيز قريش غير متواجد حالياً


a7 جودة التربية والتكوين بين التنظير والواقع (قراءة أولية في معطى السطح الإجرائي: التكوين الأساس لهيئة التدريس أنموذجا)


جودة التربية والتكوين بين التنظير والواقع
(قراءة أولية في معطى السطح الإجرائي: التكوين الأساس لهيئة التدريس أنموذجا)
عبد العزيز قريش
باحث تربوي

[ لأجل فكر مبدع، وسترجة واعية، وإجراء ناجح، ومستقبل متطور ]
الجزء الثاني
ثالثا ـ الأهداف المعرفية:
1 ـ أن يكتسب الطالب المعلم اتجاهات التفكير العلمي بكل أنماطه، والمعارف والمهارات العلمية التي تساعده على التمكن من تخصصه.
2 ـ أن يفهم عملية الاتصال ومهاراتها ووسائلها، وطبيعة عملية التعلم وطبيعة المتعلم.
3 ـ أن يكتسب مهارات التعلم الذاتي لمتابعة المستجدات التربوية والمهنية والمعرفية، بالإضافة لمهارات البحث التربوي الإجرائي.
4 ـ أن يتمكن من استخدام المبادئ والمفاهيم الأساسية في القياس والتقويم.
5 ـ أن يتعرف على طرائق تنظيم المنهج وتطوره.
رابعا ـ الأهداف المهنية:
1 ـ أن يتمكن الطالب المعلم من صياغة نشاطاته التعليمية صياغة سلوكية.
2 ـ أن يتعرف على طرائق التدريس واستراتيجياته ويتمكن من توظيفها في التعليم الصفي توظيفا فعالاً.
3 ـ أن يختار وينظم المحتوى المطلوب لأي موقف تعليمي داخل الصف مراعياً في ذلك الفروق الفردية بين المتعلمين.
4 ـ أن يتمكن من توظيف الاستراتيجيات الحديثة في التعليم بالإضافة لتوظيف التقنيات والوسائل التعليمية في التعلم الصفي) .
وأما التعليم الفلندي المتقدم؛ ففيه ( يهدف تعليم المعلمين إلى التنمية المتوازنة للكفاءات الشخصية والمهنية للمعلم، ويركز الاهتمام بنحو خاص على بناء مهارات التفكير التربوية التي تمكن المعلمين من إدارة العملية التعليمية على وفق المعرفة التعليمية والممارسات المعاصرة، يدرس المرشحون للتعلّم في المدرسة الأساسية ثلاثة مجالات رئيسة هي: ـ نظرية التعليم، ـ معرفة المحتوى التربوي، ـ فن التعليم والممارسة، ثم يكمل كل طالب منهم رسالة الماجستير، ويكمل معلمو المدارس الأساسية المحتملون عادة أطروحاتهم في مجال التعليم، ويختار معلمو المرحلة الإعدادية موضوعات ضمن اختصاصاتهم، إذ إن مستوى التوقعات الأكاديمية لإعداد المعلمين يجب أن يكون مماثلا لجميع المعلمين من المرحلة الأساسية إلى المرحلة الإعدادية ) .
ـ ضرورة ووجوبية التكوين الأساس:
(هناك جملة من العوامل والدواعي التي تجعل تدريب المعلم ضرورة عصرية هي:
ـ العلاقة الإيجابية بين التعليم والتعلم والنمو المهني، فالمعلم لا يجب أن يكتفي بالمعلومات والمهارات المكتسبة أثناء الإعداد للمهنة بل يعتبرها قواعد وأسس ينطلق منها لتطوير كفاياته.
ـ الانفجار المعرفي وتضاعف المعرفة المتسارع وبخاصة في العلوم والتكنولوجيا، فالمعلم الذي لا يواكب مستجدات المعارف والعلوم والتكنولوجيا يكون غير قادر على مواجهة التحديات وغير فاعل في تنظيم تعلم الطلبة، وفي المقابل نجد المعلم المتجدد يتكيف مع هذه المستجدات ويكيفها وفق احتياجاته المهنية وما يتناسب ومتطلبات التعلم المستمر طيلة الحياة.
ـ التقدم والتطور في طرائق التعليم والتعلم.
ـ الحاجة إلى توفير متعلمين قادرين على التعلم ومواصلة التعليم مدى الحياة، ولتحقيق هذا لابد أن يكون المعلم نفسه متطورا، بصورة مستمرة مما يؤدي إلى تطوير نظرة المجتمع إلى المدرسة واستعادة ثقته بها من خلال تقليص الهوة بين ما يتعلمه الطالب في المدرسة، وبين متطلبات العصر وقدرة المعلمين على مواجهة التحديات فالنمو المهني بذلك يعتبر ضرورة اجتماعية تفرضها متطلبات التنمية) .
ـ (... وعليه وأمام التطورات الحديثة، في طرائق وأساليب التعليم والتعلم، يقع على عاتق المعلم، أن يطلع على مواد التجدد في مجالات العملية التربوية، وأن يتمرس عليها، هذا بالإضافة إلى تمثل التربية الجديدة القائمة على تكامل المواد والخبرات، وكذلك تدريب الطلاب على الاصطفاء الناقد للمعلومات، وكذلك الدراية بمشكلات الحياة الاقتصادية وبتربية الكبار وأساليب التربية المستمرة، وفهم كبريات مشكلات عالمنا المعاصر. وبديهي أن يؤدي تغيير دور المعلم إلى تغيير في إعداده. وقد أطالت معظم الدول المتقدمة، وبعض البلدان النامية فترة إعداد المعلمين، قبل الخدمة، وأقامت دورات تدريبية وتجديدية أثناء الخدمة، كي تتيح للمعلمين الوقوف على آخر مكتسبات المعرفة في مواد التعليم الأساسية، وكي تدربهم على الطرائق والتقنيات التربوية الجديدة) .
ـ و (تتمثل دواعي إعداد المعلم قبل الخدمة بما يلي:
1 ـ تزايد أعداد المتعلمين:
إن تربية وتعليم الأعداد الكبيرة والمتزايدة من المتعلمين؛ مع الاهتمام بالنمو المتكامل لكل متعلم، ومراعاة استعداد هذا المتعلم وخصائصه، وما يكون بينه وبين أقرانه من فروق فردية، من أهم دواعي إعداد المعلم لهذا العمل العظيم.
2 ـ التقدم العلمي الكبير:
يمتاز العصر الحديث بتقدمه العلمي الكبير في جميع الميادين. وهنا تظهر الحاجة إلى تمكين المعلمين قبل الخدمة إلى مواكبة هذا التقدم العلمي وذلك من خلال إعدادهم لمتابعته بشتى الوسائل والتقنيات الممكنة.
3 ـ تقدم وسائل المعرفة:
لم يعد الكتاب مصدر المعرفة الوحيد في عصرنا الحديث، فبجواره وسائل معرفة حديثة ومتطورة تزيد قدرة الإنسان على التعلم، ومنها الإذاعة والتلفزة والمخابر اللغوية، وصولاً إلى الحواسيب والأقمار الصناعية وشبكات المعلومات. والمعلم بحاجة إلى أن يتقن توظيفها في عمله التربوي والتعليمي ولابد لذلك من إعداده مسبقاً للتعامل بشكل ناجح مع هذه التقنيات الحديثة .
4 ـ الأخذ بالمنهج العلمي في التعليم:
حيث يقوم التعليم حالياً على أسس علمية، عن طريق تحديد الأهداف وتوظيف الوسائل ومتابعة التقويم لكل من الهدف والوسيلة حتى نصل إلى لنتائج المرجوة. ولا بد للمعلم من اكتساب مهارات للتعامل مع هذه المستجدات وبخاصة في مرحلة الإعداد قبل الخدمة
5 ـ تطور العلوم النفسية والتربوية:
حيث أكدت هذه العلوم على ضرورة جعل المتعلم محور العملية التعليمية التعلمية، والعمل على تنمية شخصيته المتكاملة جسميا وعقليا وانفعاليا واجتماعيا.
6 ـ تغير أدوار المعلم:
فلم يعد المعلم مجرد ملقن للمعرفة، بل أصبح عليه أن يكون موجها ومنسقا ومشجعا ومحفزا لتعلم المتعلمين، وعلى توجيههم وإرشادهم وتأمين الأجواء المناسبة لتيسير مشاركتهم الفعالة، وتعلمهم الذاتي، وتنمية ميولهم وقدراتهم، وإعدادهم لمواجهة مطالب الحياة في عصر سريع التغير.
7 ـ توفير المعلم الكفء :
أوصى العديد من المؤتمرات والندوات واللقاءات التربوية والإقليمية والوطنية بضرورة الاهتمام بإعداد المعلمين، واعتبار هذا الإعداد أساسا ضروريا ومنطلقا للتعلم المستمر والنمو المهني للمعلم خلال حياته المهنية بكاملها.
8 ـ تمهين التعليم:
وذلك بتطوير التعليم وتحويله إلى مهنة راقية تضاهي المهن الراقية السائدة في المجتمع، وهذا لا يتأتى إلا من خلال رفع مستوى إعداد المعلم لرفع كفاياته بحيث تتلاءم مع متطلبات العصر وقيمه الاجتماعية.
9 ـ تطبيق شعار ديمقراطية التعليم " التعليم للجميع ":
لا بد من الإعداد الجيد المسبق للمعلم لكي يكون قادرا على فهم الديمقراطية وممارستها في التعليم، وتطبيق هذا الفهم في غرفة الصف، ليس بواسطة المحاضرات والتلقين، بل من خلال الممارسة الصفية وإفساح المجال أمام المتعلمين للمشاركة في اتخاذ القرارات في جميع المواقف الصفية والمدرسية.
10 ـ ضرورة إشراك المعلم في تطوير المناهج:
وذلك بإعداده مسبقا وإفساح المجال أمامه للمشاركة في السياسات التعليمية وإعداد المناهج وتطويرها وتنفيذها ومناقشة المشكلات التربوية واتخاذ القرارات بشأنها.
11 ـ التعاون مع المجتمع المحلي:
يحتاج المعلم إلى المهارات والاتجاهات التي تمكنه من إقامة علاقات إيجابية مع زملائه وسائر الاختصاصيين الذين يتعامل معهم، بالإضافة إلى التعاون مع أولياء الأمور والانفتاح على المجتمع المحلي والإسهام في حياته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية) .
ـ نتائج الصيغة الحالية للتكوين الأساس:
الصيغة الحالية للتكوين الأساس لن تكون فعالة جدا في مهننة المدرس حيث تشكل نتائجها عائدا مؤثرا بشكل من السلبية على المردودية الداخلية والخارجية للمنظومة التربوية والتكوينية، وتظهر سلبياته على مستويات عدة؛ منها مثالا لا حصرا:
1 ـ على المستوى المعرفي:
يشتغل الأستاذ المتعاقد بالعفوية والنمطية مع متعلميه من حيث يقلد التجارب السابقة، ويسأل الزملاء أو المؤطر أو المدير إن كان متحمسا دون أن يدري ما العملية التعليمية التعلمية في عمقها، وبنيتها، وكيفية اشتغالها على المجالات المعرفية والكفايات والأهداف والتعلمات والتعالق فيما بينها وسيرورة انبنائها داخليا ... ومع المتعلمين، وشروطها، ومتطلباتها. ودون أن يدري ما المتعلم ومداخل معرفة شخصيته، ولا مطالبه وحاجياته واحتياجاته المتنوعة، ومراحل نموه وخصوصياته كحالة إنسانية مغربية لها خصوصياتها ومعطياتها الخاصة، ما يفردها عن القول التربوي العالمي أو المشترك التربوي للطفولة عامة التي تدرسه النظريات العامة للتربية، ولا يدري العلوم المتدخلة في العملية التعليمية التعلمية التي تبينها، والتي تقارب إشكالياتها ومشاكلها، ودون أن يعرف مكامن دور الفعل التعليمي في بناء الإنسان والمستقبل ودون ... كثيرة هي مفاصل وتفاصيل الفعل التعليمي. فهو مُساق في سياق ضرورة العمل والشغل، ومتطلبات الحياة المعيشة واليومية مَساق ركوب الصعاب دون التسلح بالمعرفة الدقيقة والواعية بالفعل التعليمي؛ فلن تسعفه تلك النتف التي تلاقاها من تكوين سريع ومضغوط في مقاربة صعابه ووهاده، وتشعبات أغصان غاباته. فلابد أن يكتسب عزيمة قوية وإيمانا صادقا بعمله ووظيفته الإنسانية التي ترفع الرأس، وتشرف أهل التدريس.
ولا يظنن أحد أن المباراة ستمكن الأستاذ المتعاقد من المعرفة المتعلقة بمهنة التدريس، باعتقاده أنه راجع مراجع في شأنها، واطلع على رصيد معرفي متعلق بمواد المباراة سيمكنه من ممارسة فعل التدريس! أو حتى ذلك التكوين المبرمج قبل الخدمة! فهذه نظرة خادعة تشوش على الاعتقاد والظن معا، وتلبس عنه الحقيقة ... فهو؛ لن يكتسب المعرفة المهنية التي تؤسس لديه الوعي المهني إلا بالتكوين الأساس المتين الباني للمعرفة العلمية والمعرفة المهنية بأبعاد مكونات الفعل التعليمي من أستاذ ومادة ومتعلم وعلاقات بينية وسيرورة فعل وأدوات ووسائل وأهداف وشروط ووسط تعليمي اجتماعي ومتغيرات العصر ومستجداته العلمية والحياتية ... وغير ذلك. فمثلا: كيف لأستاذ متعاقد دون تكوين أساس أن يعرف الأنماط الشخصية الرائجة لديه في جماعة القسم، وكيفية التعامل معها باعتبار مثلا: تعدد الذكاءات؟ أو باعتبار صعوبات التعلم؟ أو باعتبار التربية الفارقية؟ أو باعتبار الموقع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والعلمي لكل متعلم على حدة؟ وكيف له أن يوفق بين التباين السوسيولوجي والسيكولوجي للمتعلمين في بناء الدرس المدرسي؟ وكيف كثيرة هي، وشديدة الوقع، ومعقدة البنية والمقاربة ... لمن بسط وسطح فعل التدريس، واعتقد أنه درس مدرسي يقوم فقط على جذاذات وكلام في القسم ومعلومات تروج على مسامع المتعلمين وكتاب مدرسي وحفظ واستظهار ... وقس على هذه السطحيات. ففعل التدريس أعمق من هذا وأعقد. فبناء الإنسان والمستقبل أكبر من سطحه التعليمي. حيث ( يشير تقرير مجموعة "هولمز" إلى أننا لن نوفق، بكل تأكيد، في تطوير نوعية التعليم في مدارسنا ما لم نطور مستوى المعلمين الذين يعملون في تلك المدارس، ولا نستطيع أن ندعي أن في تخطيط المناهج أو المواد التعليمية أو توفير قاعات الدرس الفاخرة أو الإداريين الأكفاء ما يكفي لمواجهة سلبيات التعليم الرديء. وعلى الرغم من أهمية بعض العوامل مثل القيادة الإدارية وظروف العمل باعتبارها عوامل لها أهميتها بالنسبة إلى الطلاب الذين ينتظمون في قاعات الدرس إلا أن هذه العوامل لا تقارن بأثر المعلم ودوره في العملية التعليمية ) . كما أنه ( لم يعد هدف التربية، هو خلق عالم من البشر المتجانس المتشابه، بل بشر متميز متمسك بهويته الحضارية وبقيمه، قادر على التواصل مع الغير، يتقبل الواقع المختلف عن واقعه، والرأي المغاير لرأيه. إن التمادي في عملية التجنيس الحضاري التي نشهدها حاليا، تهدد خصوصية الإنسان التي سرعان ما يفقدها، تحت وطأة الشائع والغالب، الذي يكتسب سلطته من شيوعه وغلبته لا من أصالته وتميزه ... أن تهيئ الفرد لعالم سيصبح فيه العمل سلعة نادرة، حتى توقع البعض أن تصبح فرص العمل أحد مظاهر الرفاهية الاجتماعية في عالم الغد. إن الغاية العظمى للتربية هي أن ينعم الإنسان باستقلاليته، ليصبح قادرا على أن يخلق عمله بنفسه، وأن يشغل أوقات فراغه التي تنحو إلى الزيادة المطردة، بما يثري حياته ويعود بالخير على أسرته ومجتمعه وعالمه ) .
فكيف لأستاذ/ة متعاقد في التباسية مشهد التكوين الأساس أن يكتشف أدوار مكونات المخ في الفعل التعليمي التعلمي؟. فكيف له أن يحدد دور كل اللحاء واللوزة الحلقية والمهاد البصري وقرن آمون في العملية التعليمية التعلمية، ويحدد مهمة تدخله بناء عليها في تحفيزها وتنشيطها عبر تعلمات وموارد معينة تزيد من نسبة تفاعلها وتوظيفها عند المتعلم؟ فكيف له أن يحدد ذلك في غياب التكوين الأساس أو ما يشبهه؟ ويحدد من بينها دور كل واحدة في التعليم والتعلم من قبيل: ما المنطقة الدماغية من بينها التي تكون مسؤولة عن:
ـ إعطاء معنى ودلالة لكل ما نقوم به من أفعال؟ بمعنى؛ ما المنطقة الدماغية من بين اللحاء واللوزة الحلقية والمهاد البصري وقرن آمون التي تفسر للفرد معنى ودلالة أفعاله؟ أو
ـ حدثية العملية التعليمية التعلمية، وتخزين الذكريات العاطفية؟ بمعنى آخر؛ ما المنطقة الدماغية من هذه المناطق التي يحدث فيها الفعل التعليمي التعلمي؟ أو
ـ التحكم العاطفي بعواطف الفرد؟ بمعنى؛ ما المنطقة الدماغية من بين هذه المناطق التي تشكل مركز التحكم العاطفي؟
فالسؤال هنا ليس سؤال معرفة فقط، وإنما سؤال دراية كيفية اشتغال الدماغ، وكيفية استثماره في التعليم والتعلم، وما نوع التدخل الذي يقوم به الأستاذ من أجل مساعدة المتعلم على التعلم أو حل مشكل أو تخطيط نشاط تعليمي تعلمي أو توظيف تقنية من تقنيات التنشيط أو غير ذلك. وهنا أذكر ببعض الكفايات المهنية التي أورد أندري دو بروتي " André de PERETTI " في عجلته المهنية، والمرتبطة بالجانب الإبستيمولوجي المهني للمدرس التي تتطلب منه التكوين الأساس، وليس الرفقة والصحبة رغم أهميتها:
ا ـ كفاية البحث؛ فهو عنده المدرس باحث، تتطلب منه هذه الكفاية مهارات من حيث يكون:
1 ـ مشخصا، معالجا؛ ما يستدعي أن يمتلك القدرات التالية، في صيغة معرفة وأفعال، ليكون فعلا مشخصا ومعالجا: * يحلل المحتوى * يحلل التطبيقات * يوجه المشاريع ويقودها.
2 ـ رجل تجربة، مجربا؛ وهي مهارة تطلب من المدرس أن يكون قادرا على: * ملاحظة التلاميذ، و* القيام بالديداكتيك، و* خلق وإبداع مواقف التعلم.
ب ـ كفاية المسؤولية عن العلاقات؛ فالمدرس مسؤول عن العلاقات في نظر أندري دو بروتي، مما يتطلب منه مهارتي التنظيم والتنشيط، من حيث:
1 ـ أنه منظم؛ يتطلب ذلك منه القدرة على: * ترشيد الحصة الدراسية، و* تكوين مجموعات، و* إدارة العلاقات. وهذا لا يمكن اكتسابه إلا بدراسة سوسيولوجيا التربية، ودينامية الجماعات ... وما يقع في نطاق هذه السوسيولوجيا.
2 ـ أنه منشط؛ يتطلب ذلك منه القدرة على: * توجيه وتربية المتعلمين، و* الاشتغال في مجموعات، و* تدبير عقود الدراسة. وهذه قدرات لا تتأتي للمدرس إلا بالتكوين الأساس.
ج ـ كفاية التقويم؛ فالمدرس مقوم بطبيعة مهنته. لذا؛ فهو في حاجة ماسة إلى مهارتي المراقبة والاستشارة في نظر أندري دو بروتي، حيث تتطلب:
1 ـ المراقبة؛ من المدرس أن * يضمن الأمن، و* يحرس البرامج، و* يحصل الأعمال/ الإنتاجات ويجمعها.
2 ـ الاستشارة؛ من المدرس أن* يوجه العمل الفردي أو الذاتي، و* يضبط الاحتياجات، و* يتوقع الانتظارات.
د ـ كفاية التقنية؛ بمعنى أن المدرس هو تقني في نظر أندري دو بروتي، ما يستدعي منه أن يكون:
1 ـ مخرجا ومنفذا؛ ما يتطلب منه: * تحديد متوالية العمل، و* خلق وابتكار أدواته، و* إعداد الخرجات أو التكوينات.
2 ـ مستعملا وموظفا للمعينات البيداغوجية بمختلف أنواعها؛ حيث * يستعمل الوسائل السمعية البصرية، و* يستعمل تكنولوجيا المعلومات والتواصل التربوي TICE، و* يستعمل الوسائل ويفعلها.
ه ـ كفاية تصميم المعارف، القيم، المهارات، السلوك ...؛ وهي كفاية تقوم على مهارتي الخبرة والديداكتيك، حيث في:
1 ـ الخبرة؛ يكون المدرس خبيرا في نظر أندري دو بروتي، * يتعلم المعقد؛ فيفهمه ويعلمه ...، و* يحاضر، و* يفكر في تكوينه.
2 ـ الديداكتيك؛ يكون المدرس ديداكتيكيا في نظر أندري دو بروتي، * يعطي نصائح تتعلق بالطرق، و* يحدد الأهداف، و* يوجه البحث للتوثيق.
( ولما كان " المعلم " أبرز عناصر المنظومة التعليمية في الوطن العربي، وهو الذي يعلم النشء ويكونهم باعتبارهم الثروة البشرية المستقبلية للأمة، كان من الضروري أن نرفع مستوى أدائه الحالي إلى المستوى الذي تحدده معايير للأداء، كلما لزم الأمر لإعادة النظر في مهام المعلم العصري الذي أصبح أقرب إلى صفات "المربي – المخطط – المتأمل – الباحث – المفكر – المقيم – المتعلم – القائد – المرشد " ) . فهذه الكفايات والمهارات والقدرات وغيرها كثير وفق الباحثين، لا تكتسب مهنيا إلا بالتكوين الأساس المتين والعميق. إذ المستوى المعرفي ركن أساس في تأهيل المدرس لفهم ودراية وضبط أساسيات ومداخل الأداء الصفي من ألفه إلى يائه، والعلم بها. وإلا؛ فإن غاب التكوين الأساس يغيب معه تأهيل المدرس مهنيا. ودخوله في منطقة التلمس والمحاولة والخطأ في أبجديات المهننة، والتي ناتجها على العملية التعليمية سلبي عند انتفائها. وقد كان أستاذنا الجليل محمد الإمام الفكيكي ـ رحمه الله تعالى ـ يميز بين المعرفة والعلم حين قارب دور علوم التربية في تطوير الإشراف التربوي، ومن خلاله أحيل دورها إلى تطوير الممارسة الصفية حيث ( يمكن القول بأن علوم التربية تقدم ] للمدرس [ نفس الخدمات التي يقدمها للبحث العلمي التجريبي للمدرسة، وخاصة من حيث معرفة خلفيات المتعامل معها والوعي بمختلف أبعاد الممارسة في الميدان وكيفية تطويرها. ومعنى هذا أن علوم التربية تزود ] المدرس [، باعتباره طرفا من أطراف الممارسة التربوية، بالنظريات العلمية التي تمكنه من التحول من مستوى الممارسة غير الواعية إلى مستوى الممارسة الواعية أي القائمة على أسس علمية. وهذا ما كان يعنيه " كلاباريد " حينما أطلق قولته المشهورة في وصف حالة الممارسين التربويين غير المستندين في عملهم إلى نظريات علمية: " إنهم يعرفون ولكنهم لا يعلمون ". وانسجاما مع هذه القولة، يمكن أن نجمل الدور العام لعلوم التربية في تطوير ] الممارسة الصفية [ بقولنا: إنها تنقل ] المدرس [ من مرحلة المعرفة إلى مرحلة العلم. ولنا، إذا شئنا الدخول في تفاصيل هذا الدور، أن نفعل ذلك انطلاقا من المهام الموكولة إلى ] المدرس [ ). وقس على هذا دور العلوم المتدخلة في الفعل التعليمي التعلمي من علم النفس وتفرعاته، وعلم الاجتماع وتفرعاته، والديداكتيك ...التي تلعب دورا مهما في فهم ووعي وتفكيك اشتغال فعل التعليم/ التعلم. لذا؛ لا يمكن لكل مقرر أن يقبل بغير التكوين الأساس بديلا، لأنه مفتاح الفعل العاقل والواعي والمنتج والصائب. وأن تضمن أية سياسة تعليمية حق الأستاذ ـ كيفما كانت صيغة توظيفه ـ في التكوين الأساس المتين، الذي يكسب الأستاذ الكفايات المهنية المؤطرة لأدائه الصفي، وأن يحقق لديه الوعي الكافي والفهم الدقيق بالفعل التعليمي التعلمي، ففي فنلندا مثلا: ( يضمن المنهج واسع النطاق أن المعلمين الفنلنديين المعدين حديثاً يمتلكون المعارف والمهارات المتوازنة في كل من المجال النظري والعملي، وهذا يعني أيضا أن المعلمين المحتملين يمتلكون البصيرة المهنية العميقة في التعليم من عدة زوايا، بما في ذلك علم النفس التربوي، وعلم الاجتماع، ونظريات المناهج، والتقييم، وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة ) . وأما ميالاري فقد حدد الثوابت الأساسية التي ( يمكن أن تدور حولها المعرفة البيداغوجية للمدرس على الشكل التالي:
* تفكير Reflexion ذو طبيعة فلسفية ـ تاريخية ـ سوسيولوجية حول المؤسسة ودورها في المجتمع، وحول الغايات الحالية للتربية. وبعبارة أخرى أن يكون المدرس قادرا على الإجابة عن السؤال: المربي والمدرسة ماذا نريد أن نعمل بهما؟
* مجموعة من المعلومات العلمية حول القضايا السيكولوجية، والتي ستسمح للمربي بمعرفة البنيات والسير السيكولوجي للتلاميذ " أطفال، مراهقين، راشدين " الذين يعتبرون هدف النشاط التربوي. وهذه المعلومات العلمية لا تخص فقط الفرد الواحد ولكنها تهتم كذلك بالجماعات الصغرى، إذ لا يتواجد المربي مع تلميذ واحد إلا في الحالات القليلة.
* التدريب على تطبيق مختلف الطرق والتقنيات البيداغوجية التي تسمح بإقامة التواصل البيداغوجي وجعل هذا التواصل أفضل. ومن المعلوم أن التاريخ قد خلف طرقا ملائمة للوضعيات الحالية، كما أن تطور التقنيات المعاصرة وضعت رهان إشارتنا إجراءات جديدة " سمعية ـ بصرية ـ حاسوب ـ آلات النسخ والتصوير ... " والتي غيرت العلاقات البيداغوجية: كعلاقة مدرس ـ تلميذ، وعلاقات التلميذ مع محيطه، وعلاقات الطفل والمربي.
* المحور الرابع في التكوين البيداغوجي ـ والذي لا يقل أهمية عن المحاور الأخرى ـ التمكن من الدراسة السيكولوجية والبيداغوجية لديداكتيكا المواد الدراسية ) .
2 ـ على مستوى التطبيق:
من أبجديات المهننة، التكوين والتأهيل على المستوى التطبيقي الذي يمكن المهني/ المدرس من كفايات المهنة، ومن ميكانيزمات الأداء الصفي؛ حيث المستوى التطبيقي يشكل المدخل الثاني للمهننة؛ ذلك، أنه يكسب المدرس كفايات كيفيات الاشتغال على الفعل التعليمي. فيكتسب العلم بما هي تلك الكيفيات على المستوى المعرفي، وبما هي كيفيات على المستوى التطبيقي من حيث كونها موضوعا للإجراءات والعمليات والتقنيات والأدوات والمعينات والتكنولوجيات ... فلا يمكن لمجرد المعرفة أن يقدم الأستاذ المتعاقد ـ مهما كانت معرفته صحيحة وغنية ـ درسا مدرسيا ناجحا دون أن يمتلك الكفايات المهنية التطبيقية التي تقدره على الأداء الصفي. والتي تحول تخطيطه إلى إجراءات عملية مضبوطة وهادفة وناجحة. ذلك أن ( المعلم كأحد العناصر الأساسية في العملية التربوية يعتبر البداية الصحيحة لنجاح أي إصلاح فبدونه تفقد العملية التعليمية أهم أركانها، فهو الذي يترجم المنهج إلى مواقف تعليمية ويختار الوسيلة المناسبة، وفوق كل هذا فهو مرشد وموجه. وإن كان أهم ما يشترط في المعلم في الماضي إلمامه بالمعارف المحدودة ليزود بها طلابه ليواجهوا مسؤوليات الحياة. فهو اليوم وفي ظل الانفجار المعرفي الذي يعرفه العالم، قد توسعت أدواره وازدادت مهامه تعقيدا، مما جعل عملية إعداده قبل الخدمة غير كاف لتزويده بكل ما يحتاجه من معارف ومهارات واتجاهات، أي أن إعداد المعلم اليوم لا ينتهي بتخرجه وإنما يمتد أثناء الخدمة، وإن كان التطور في عصرنا الحالي مهما لجميع أصحاب المهن فهو في نظرنا أكثر إلحاحا للمعلم ذاك أنه تقع على عاتقه مسؤولية إعداد الأجيال، فمن غير المعقول أن نتوقع من معلم محدود المعرفة، غير مواكب للتطورات الحاصلة، أن يكون أجيال مواكبة لما هو حاصل من تطورات، لذا فهو في أمس الحاجة إلى تدريب يؤهله ليواكب التغيرات الحاصلة على جميع الأصعدة ) . لأن ( مهارات التعليم والتعلم اللازمة لتلبية مطالب المجتمع الحديث، أو أنظمة المدارس اللامركزية، ومؤسسات التعليم المتمتعة بالاستقلال الذاتي، تتطلب – في حدها الأدنى – كفاءة مهنية، أي قدرة نظرية وعملية لمجال معين من المجالات الأكاديمية، واستقلالا مهنيا، وقدرة على فهم ثقافة المجتمع وثقافة التلاميذ، ومهارة في اتخاذ قرارات مؤسسة على أحكام صحيحة، وتوقع النتائج المترتبة على تلك القرارات، وصفات أخلاقية تتناسب مع مهنة التدريس، وإجراء تقدير نقدي للإجراءات المستخدمة في التدريس وفي العلاقات المدرسية ) .
( ولما كان الإعداد العام للمعلم، يتناول الجوانب النظرية بأبعادها المتعلقة بمادة التخصص أو الموضوعات التربوية المختلفة؛ فإن هذا غير كافٍ لإعداد معلم جيد، إذ تقتضي المهنية أن يمكن الطالب المعلم من ممارسة دوره؛ وذلك للتأكد من حسن أدائه؛ لهذا فإن كليات التربية تضمن برامج إعداد المعلم برامج للتربية العملية، بوصفها تدريبًا عمليًا على أرض الواقع، وهي تمثل عصب الإعداد التربوي ، كونها تهدف إلى تنمية مهارات الطالب المعلم وفهمه لمتطلبات عملية التدريس. ونظرًا للشكاوى على الصعيدين العالمي والعربي من ضعف المستوى الأكاديمي والتربوي والثقافي والاجتماعي للمعلمين، فقد اقتضت الضرورة على هذه المجتمعات إعادة النظر في خطط وبرامج ومقررات إعداد المعلمين في كليات التربية بما يحفظ لها التوفيق بين الأصالة والمعاصرة وفق الاتجاهات الحديثة في إعداد المعلمين وتأهيلهم.
ونظرًا للإجماع على أن جودة المعلم هي الأكثر أهمية من بين العوامل المؤثرة في تحصيل الطلبة والتطوير التعليمي، فقد اعتبر إعداد المعلم بأنه الترياق الشافي لمواجهة مشكلات التفاوت في مستويات التحصيل، ولعل السؤال الأبرز والأهم في هذا السياق هو كيف يتم إعداد وتدريب المعلم. فالشيء المهم في عملية تنظيم وإعداد المعلم ينعكس من خلال ضبط أمرين هامين هما مدخلا برامج إعداد المعلم، والمخرجات المتعلقة بدرجة تأثير الإعداد، والتعلم والمهنية والتدريب، وقد اعتبر هيرست، أن التدريب الميداني هو العامل الأساس والمكمل للمعرفة، المهنية ودليل اختباري صارم.
وانسجامًا مع أهمية ودور التربية العملية فقد اعتبرها أرورا "Arora" بأنها، المكون الرئيس لبرنامج الإعداد، واعتبرها برنامجًا مهنيًا يهدف بشكل عام إلى إعداد الأفراد ليكونوا معلمين بالاعتماد على أدوار ومواقف الموجهين، والإداريين، والمدربين، والمعلمين المتعاونين، لذلك ينبغي أن ترتبط التربية المهنية بالحاجات لمهنة التدريس، كما يؤكد أن توثيق الصلة بين مكونات التدريب مع برنامج إعداد المعلم لن يتأتى إلا من خلال مقابلة النشاطات التدريبية مع الأدوار المتوقعة للمعلم في عالم اليوم ) . واستحضار التقنيات بما ( هي ثمرة للعقول





آخر تعديل خادم المنتدى يوم 2017-12-20 في 18:46.
    رد مع اقتباس