عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-03-21, 17:28 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

b3 قراءة في كتاب " ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب"


قراءة في كتاب " ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب"
محمد بنيس

يعتبر كتاب ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب من أهم الكتب النقدية التي ناقشت بشكل مستفيض جوانب كثيرة من الشعر المغربي المعاصر ، وهو عبارة عن رسالة جامعية تقدم بها صاحبها محمد بنيس لنيل دبلوم الدراسات العليا ، وقد أثارت انتقادات متعددة من طرف بعض النقاد باختلاف مشاربهم ونوازعهم الأيديولوجية فمنهم من أنصفه و أعطاه حقه المعرفي ومنهم من نزل عليه بمعوله المدادي مبينا عيوبه وسقطاته ، و الملاحظ من العنوان الفرعي ،مقاربة بنيوية تكوينية أنه تناول الشعر المغربي المعاصر في ضوء المنهج البنيوي التكويني و ذلك في قوله : ( ومع ذلك فإن المنهج يقوم على إعطاء الاختيار على ظاهرتين أساسيتين متكاملتين لا شك في صدقهما تنحصر الأولى في الطبيعة اللغوية للنص الأدبي و الثانية في الطبيعة الاجتماعية الجدلية ) .
ولقد انطلق من البنيوية التكوينية في خطوطها العامة و لم يتشبث بها لأن الاكتفاء بمنهج واحد يجعل الناقد ملزما بإتباع كل الخطوات و القوانين الأساسية لهذا المنهج و بالتالي يحدد مجال بحثه و لا يجعله ينظر إلى جوانبه الأخرى ولذلك نجده قد تجاوز هذه النظرة الأحادية البعد و استفاد من مناهج أخرى مثل النحو التوليدي التحويلي حيث أخذ منه مفهوم البنية السطحية و البنية العملية لكنه أعطاهما تعريفا آخر يتلاءم و طبيعة دراسته النقدية لكي لا يلتزم بحرفية هذين المصطلحين ، فمثلا نجده قد عرف البنية السطحية بأنها ( مجمل المظاهر الخارجية للنص ) .
وقد طبق منهجه هذا على المتن الشعري المغربي المعاصر المحدد في الفترة الزمنية المحصورة بين 64و75 و المتن عبارة عن بنية مغلقة يجب على الناقد تقسيمها قصد معرفة مكوناتها الداخلية ، وهذا ما نراه عند محمد بنيس حيث فكك بنية المتن الشعري المغربي إلى مجموعة قوانين التي كشفها من البنية السطحية وهذه القوانين هي :
1-قانون التجريب:
وهو قانون يحكم بنية الزمان و المكان و يعني عنده ( الوضع الخاص الذي عاشته القصيدة المعاصرة بالمغرب أثناء مباشرة عملية كتابتها مند البدايات حتى مرحلة الامتداد ، وهذا الوضع يتلخص في كون الشاعر المغربي المعاصر يحاول تركيب بنية الإيقاع وفق أهداف مرحلية تملك في طياتها هاجس التصور المستقبلي لهذه البنية مما دفع بالشعراء إلى إنتاج سلوك الترك مرة و القطيعة مع مكتسبات بحثهم في المجال الإيقاعي مرة ثانية و العودة إلى ما أهملوه في بعض القصائد السابقة مرة ثالثة ) .
و التجريب يظهر لنا من خلال تتبعنا للحركة الشعرية المغربية المعاصرة بحيث أن الشعراء المغاربة لم يصلوا إلى أسس متينة تدفع إلى اعتبار الثورة في مجال الإيقاع هاجسا لتصور مستقبلي ) .
2- قانون السقوط و الانتظار :
وهو الذي يحكم بنية المتتاليات وقد استفاد محمد بنيس من تمام حسان الذي وظفه كثيرا في كتاباته اللغوية .
وقد استخلص محمد بنيس من هذا القانون نوعين من المتتاليات : فالمتتالية الأولى تهتم بالزمن الحاضر لأن كثيرا من موضوعاتها مستوحاة من الواقع اليومي المعاش ، أما المتتالية الثانية فتعطي الأسبقية لزمن المستقبل ، وقد أطلق على المتتالية الأولى مصطلح السقوط وهي عنده انعكاس القراءة الخاصة التي قام بها الشعراء لواقعهم الذاتي وواقعهم الموضوعي ، ورصد السقوط في الواقع ومعاناته عن نوعية الوعي الذي يتميز به الشعر المغربي في مرحلة محددة من مراحله التاريخية .
و أطلق على المتتالية الثانية مصطلح الانتظار وهي متتالية تحضر دائما عندما نذكر المتتالية الأولى السقوط غير أن حضورها في هذا القانون يبقى حضورا ثانويا متهما المتتالية الأولى .
أما المتتالية الثالثة فتعتمد على أفعال الاستقبال وهي متعددة أو موجودة بشكل نادر في بنية المتن الشعري المغربي المعاصر .
2-بنية الغرابة :
هذا القانون يحكم البنية البلاغية ، و الغرابة عنده تعني الخروج عن الموروث وقواعده الخاصة في ممارسة لعبة الكتابة ، و الغرابة هنا لها أهمية في التميز وعدم التقيد بالتقاليد الشعرية التقليدية ، ثم الغرابة شئ ضروري في العملية الشعرية لأنها تكشف عن الطاقات الشعرية و الفكرية للشاعر ، غير أن ما يؤخذ على هذا القانون هو طابع الجفاف الذي بميز كل دراسة عملية تنتفي فيها القيم الجمالية الخاصة .
ودراسته للبنية السطحية عبارة عن جسر يؤدي إلى دراسة البنية العميقة وكشف المعطيات الخارجية فيها وذلك بتركيزه على ما سماه بقانون السقوط و الانتظار واعتبره هو رؤية العالم ، لكن الذي يؤخذ عليه هنا هو أن هذا القانون يشكل رؤية واحدة باعتبار أن هناك رؤى أخرى متعددة بتعدد أوجه النظر إلى العالم ، ولا يمكن لبنية السقوط و الانتظار أن تتحمل كل هذه الرؤى ، بالإضافة إلى ذلك فيمكن إدماج هذه الرؤية ضمن رؤية عامة هي الرؤية المأساوية باعتبار أن هذه الفئة من الشعراء تمثل مرحلة تاريخية معينة عرفت أحداثا متعددة عاينها الشعراء وعبروا عنها في أشعارهم .
وكثرة هذه القوانين و الجداول وخاصة في الباب الأول يطبع دراسته بالطابع العلمي و التجريدي الذي يفقد النقد فنيته وطبيعته الأدبية وهذا راجع إلى اعتماده على المنهج البنيوي الذي يقيد النقد بقوانين عملية وهذه العملية مرفوضة عند بعض النقاد وخاصة الاجتماعيين، بحيث أن النقاد لم يصلوا إلى قوانين عامة تقيد النقد حتى نقول أنه أصبح علميا ، ثم أن تعدد المناهج النقدية و تعدد المفاهيم يدل على عدم علمنة النقد و استحالة علمنته لأن هذا الأمر يكبل أفواه النقاد ويحصرهم في إطار محدد لا يتجاوزونه .

محمد يوب 24-02-10
http://alostadyoub.elaphblog.com/posts.aspx?U=3829&A=43519





    رد مع اقتباس