الموضوع: سورة الحج
عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-06-04, 16:03 رقم المشاركة : 4
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: سورة الحج


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ظ±للَّهَ أَنزَلَ مِنَ ظ±لسَّمَآءِ مَآءً فَتُصْبِحُ ظ±لأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ ظ±للَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } * { لَّهُ مَا فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَمَا فِي ظ±لأَرْضِ وَإِنَّ ظ±للَّهَ لَهُوَ ظ±لْغَنِيُّ ظ±لْحَمِيدُ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ظ±للَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ظ±لأَرْضِ وَظ±لْفُلْكَ تَجْرِي فِي ظ±لْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ ظ±لسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ظ±لأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ ظ±للَّهَ بِظ±لنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { وَهُوَ ظ±لَّذِيغ¤ أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ ظ±لإِنْسَانَ لَكَفُورٌ } * { لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي ظ±لأَمْرِ وَظ±دْعُ إِلَىظ° رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَىظ° هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } * { وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ ظ±للَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { ظ±للَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ظ±لْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } * { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ظ±للَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ظ±لسَّمَآءِ وَظ±لأَرْضِ إِنَّ ذظ°لِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذظ°لِكَ عَلَى ظ±للَّهِ يَسِيرٌ } * { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ظ±للَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } * { وَإِذَا تُتْلَىظ° عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ظ±لَّذِينَ كَفَرُواْ ظ±لْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِظ±لَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَظ°تِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذظ°لِكُمُ ظ±لنَّارُ وَعَدَهَا ظ±للَّهُ ظ±لَّذِينَ كَفَرُواْ وَبِئْسَ ظ±لْمَصِيرُ } * { يظ°أَيُّهَا ظ±لنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَظ±سْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ظ±لَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ظ±للَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ظ±جْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ظ±لذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ظ±لطَّالِبُ وَظ±لْمَطْلُوبُ } * { مَا قَدَرُواْ ظ±للَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ ظ±للَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } * { ظ±للَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ظ±لْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ظ±لنَّاسِ إِنَّ ظ±للَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } * { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى ظ±للَّهِ تُرْجَعُ ظ±لأُمُورُ } * { يظ°أَيُّهَا ظ±لَّذِينَ آمَنُواْ ظ±رْكَعُواْ وَظ±سْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَظ±فْعَلُواْ ظ±لْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَجَاهِدُوا فِي ظ±للَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ ظ±جْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ظ±لدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ ظ±لْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـظ°ذَا لِيَكُونَ ظ±لرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ظ±لنَّاسِ فَأَقِيمُواْ ظ±لصَّلاَةَ وَآتُواْ ظ±لزَّكَـاةَ وَظ±عْتَصِمُواْ بِظ±للَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ ظ±لْمَوْلَىظ° وَنِعْمَ ظ±لنَّصِيرُ }


المنَاسَبَة:
لمّا ذكر تعالى ما دلَّ على قدرته الباهرة من إيلاج الليل في النهار والنهار في الليل ونبه به على نعمه، أتبعه هنا بأنواع أخر من الدلائل على قدرته وحكمته، وجعلها كالمقدمة لإِثبات البعث والمعاد، وختم السورة بدعوة المؤمنين إلى عبادة الله الواحد الأحد.

اللغَة:

{ سُلْطَاناً } حجة وبرهاناً { يَسْطُونَ } يبطشون، والسطوة: القهر وشدة البطش يقال: سطا يسطو إذا بطش به { يَسْلُبْهُمُ } سلب الشيء: اختطفه بسرعة { قَدَرُواْ } عظموا { يَصْطَفِي } يجتبي ويختار { حَرَجٍ } ضيق { مِّلَّةَ } الملة: الدين.

التفسِير:
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ظ±للَّهَ أَنزَلَ مِنَ ظ±لسَّمَآءِ مَآءً } استفهام تقريري أي ألم تعلم ايها السامع أن الله بقدرته أنزل من السحاب المطر؟ { فَتُصْبِحُ ظ±لأَرْضُ مُخْضَرَّةً } أي فأصبحت الأرض منتعشة خضراء بعد يبسها ومحولها، وجاء بصيغة المضارع { فَتُصْبِحُ } لاستحضار الصورة وإفادة بقائها كذلك مدة من الزمن { إِنَّ ظ±للَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } قال ابن عباس: لطيف بأرزاق عباده خبير بما في قلوبهم من القنوط، والغرض من الآية إقامة الدليل على كمال قدرته وعلى البعث والنشور فمن قدر على هذا قدر على إعادة الحياة بعد الموت ولهذا قال { وَهُوَ ظ±لَّذِيغ¤ أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } { لَّهُ مَا فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَمَا فِي ظ±لأَرْضِ } أي جميع ما في الكون ملكه جل وعلا، خلقاً وملكاً وتصرفاً، والكل محتاج إلى تدبيره وإتقانه { وَإِنَّ ظ±للَّهَ لَهُوَ ظ±لْغَنِيُّ ظ±لْحَمِيدُ } أي هو تعالى غني عن الأشياء كلها لا يحتاج لأحد، وهو المحمود في كل حال { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ظ±للَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ظ±لأَرْضِ } تذكير بنعمة أُخرى أي ألم تر أيها العاقل أن الله سخر لعباده جميع ما يحتاجون إليه من الحيوانات والأشجار والأنهار والمعادن { وَظ±لْفُلْكَ تَجْرِي فِي ظ±لْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } أي وسخر السفن العظيمة المثقلة بالأحمال والرجال تسير في البحر لمصالحكم بقدرته ومشيئته { وَيُمْسِكُ ظ±لسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ظ±لأَرْضِ } أي ويمسك بقدرته السماء كي لا تقع على الأرض فيهلك من فيها { إِلاَّ بِإِذْنِهِ } أي إلا إذا شاء وذلك عند قيام الساعة { إِنَّ ظ±للَّهَ بِظ±لنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } أي وذلك من لطفه بكم ورحمته لكم حيث هيأ لكم أسباب المعاش فاشكروا آلاءه { وَهُوَ ظ±لَّذِيغ¤ أَحْيَاكُمْ } أي أحياكم بعد أن كنتم عدماً { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } أي يميتكم عند انتهاء آجالكم { ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } أي بعد موتكم للحساب والثواب والعقاب { إِنَّ ظ±لإِنْسَانَ لَكَفُورٌ } أي مبالغ في الجحود لنعم الله قال ابن عباس: المراد بالإِنسان الكافر والغرض من الآيات توبيخ المشركين كأنه يقول: كيف تجعلون لله أنداداً وتعبدون معه غيره وهو المستقل بالخلق والرزق والتصرف!! { لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً } أي لكل نبي من الأنبياء وأمةٍ من الأمم السابقين وضعنا لهم شريعة ومتعبداً ومنهاجاً كقوله
{*لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً*}
[المائدة: 48] { هُمْ نَاسِكُوهُ } أي هم عاملون به أي بذلك الشرع { فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي ظ±لأَمْرِ } أي لا ينازعك أحدٌ من المشركين فيما شرعتُ لك ولأمتك فقد كانت الشرائع في كل عصر وزمان، وهو نهيٌ يراد به النفي أي لا ينبغي منازعةُ النبي صلى الله عليه وسلم لأن الحق قد ظهر بحيث لا يسع النزاع فيه { وَظ±دْعُ إِلَىظ° رَبِّكَ } أي أدعُ الناس إلى عبادة ربك وإلى شريعته السمحة المطهرة { إِنَّكَ لَعَلَىظ° هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } أي فإِنك على طريق واضحٍ مستقيم، موصل إلى جنات النعيم { وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ ظ±للَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } أي وإِن خاصموك بعد ظهور الحق وقيام الحجة عليهم فقل لهم: الله أعلم بأعمالكم القبيحة وبما تستحقون عليها من الجزاء، وهذا وعيد وإِنذار { ظ±للَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ظ±لْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } أي الله يفصل في الآخرة بين المؤمنين والكافرين فيما كانوا فيه يختلفون من أمر الدين، فيعرفون حينئذٍ الحق من الباطل { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ظ±للَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ظ±لسَّمَآءِ وَظ±لأَرْضِ } الاستفهام تقريري أي لقد علمت يا محمد أنَّ الله أحاط علمه بما في السماء والأرض فلا تخفى عليه أعمالهم { إِنَّ ذظ°لِكَ فِي كِتَابٍ } أي إن ذلك كله مسطر في اللوح المحفوظ { إِنَّ ذظ°لِكَ عَلَى ظ±للَّهِ يَسِيرٌ } أي إن حصر المخلوقات تحت علمه وإِحاطته سهلٌ عليه يسيرٌ لديه ثم بيَّن سبحانه ما يقدم عليه الكفار مع عظيم نعمه، ووضوح دلائله فقال { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ظ±للَّهِ } أي ويعبد كفار قريش غير الله تعالى أصناماً لا تنفع ولا تسمع { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } أي ما لم يرد به حجة ولا برهان من جهة الوحي والشرع { وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ } أي وما ليس عندهم به علم من جهة العقل وإنما هو مجرد التقليد الأعمى للآباء { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } أي ليس لهم ناصر يدفع عنهم عذاب الله { وَإِذَا تُتْلَىظ° عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ } أي وإذا تليت على هؤلاء المشركين آيات القرآن الواضحة الساطعة وما فيها من الحجج القاطعة على وحدانية الله { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ظ±لَّذِينَ كَفَرُواْ ظ±لْمُنْكَرَ } أي ترى في وجوه الكفار الإِنكار بالعبوس والكراهة { يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِظ±لَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَظ°تِنَا } أي يكادون يبطشون بالمؤمنين الذين يتلون عليهم القرآن { قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذظ°لِكُمُ ظ±لنَّارُ } أي قل لهم: هل أخبركم بما هو أسوأ أو أشنع من تخويفكم للمؤمنين وبطشكم بهم؟ إنه نار جهنم وعذابها ونكالها { وَعَدَهَا ظ±للَّهُ ظ±لَّذِينَ كَفَرُواْ } أي وعدها الله للكافرين المكذبين بآياته { وَبِئْسَ ظ±لْمَصِيرُ } أي بئس الموضع الذي يصيرون إليه { يظ°أَيُّهَا ظ±لنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَظ±سْتَمِعُواْ لَهُ } أي يا معشر المشركين ضرب الله مثلاً لما يعبد من دون الله من الأوثان والأصنام فتدبروه حق التدبر واعقلوا ما يقال لكم { إِنَّ ظ±لَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ظ±للَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ظ±جْتَمَعُواْ لَهُ } أي إنَّ هذه الأصنام التي عبدتموها من دون الله لن تقدر على خلق ذبابة على ضعفها وإن اجتمعت على ذلك، فكيف يليق بالعاقل جعلها آلهة وعبادتها من دون الله! قال القرطبي: وخص الذباب لأربعة أمور: لمهانته، وضعفه، ولاستقذاره، وكثرته، فإذا كان هذا الذي هو أضعف الحيوان وأحقره لا يقدر من عبدوهم من دون الله على خلق مثله ودفع أذيته، فكيف يجوز أن يكونوا آلهة معبودين، وأرباباً مطاعين؟ وهذا من أقوى الحجة وأوضح البرهان { وَإِن يَسْلُبْهُمُ ظ±لذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ } أي لو اختطف الذباب وسلب شيئاً من الطيب الذي كانوا يضمخون به الأصنام لما استطاعت تلك الآلهة استرجاعه منه رغم ضعفه وحقارته { ضَعُفَ ظ±لطَّالِبُ وَظ±لْمَطْلُوبُ } أي ضعف العابد الذي يطلب الخير من الصنم، والمطلوب الذي هو الصنم، فكل منهما حقير ضعيف { مَا قَدَرُواْ ظ±للَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } أي ما عظموه حق تعظيمه حيث جعلوا الأصنام - على حقارتها - شركاء للقوي العزيز ولهذا قال { إِنَّ ظ±للَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } أي هو تعالى قادر لا يعجزه شيء، غالب لا يغلب، فكيف يسوون بين القوي العزيز والعاجز الحقير؟! { ظ±للَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ظ±لْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ظ±لنَّاسِ } أي الله يختار رسلاً من الملائكة ليكونوا وسطاء لتبليغ الوحي إلى أنبيائه، ويختار رسلاً من البشر لتبليغ شرائع الدين لعباده، والآية ردٌّ على من أنكر أن يكون الرسول من البشر { إِنَّ ظ±للَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } أي يسمع ما يقولون ويرى ما يفعلون { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } أي يعلم ما قدموا وما أخَّروا من الأفعال والأقوال والأعمال { وَإِلَى ظ±للَّهِ تُرْجَعُ ظ±لأُمُورُ } أي إليه وحده جل وعلا ترد أمور العباد فيجازيهم عليها { يظ°أَيُّهَا ظ±لَّذِينَ آمَنُواْ ظ±رْكَعُواْ وَظ±سْجُدُواْ } أي صلوا لربكم خاشعين، وإِنما عبر عن الصلاة بالركوع والسجود لأنهما أشرف أركان الصلاة { وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ } أي أفردوه بالعبادة ولا تعبدوا غيره { وَظ±فْعَلُواْ ظ±لْخَيْرَ } أي افعلوا ما يقربكم من الله من أنواع الخيرات والمبرات كصلة الأرحام، ومواساة الأيتام، والصلاة بالليل والناس نيام { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي لتفوزوا وتظفروا بنعيم الآخرة { وَجَاهِدُوا فِي ظ±للَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } أي جاهدوا بأموالكم وأنفسكم لإِعلاء كلمة الله حقَّ الجهاد باستفراغ الوسع والطاقة { هُوَ ظ±جْتَبَاكُمْ } أي هو اختاركم من بين الأمم لنصرة دينه، وخصكم بأكمل شرع وأكرم رسول { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ظ±لدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } أي وما جعل عليكم في هذا الدين من ضيق ولا مشقة، ولا كلفكم ما لا تطيقون بل هي الحنيفية السمحة ولهذا قال { مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ } أي دينكم الذي لا حرج فيه هو دين ابراهيم فالزموه لأنه الدين القيم كقوله {*دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً*}
[الأنعام: 161] { هُوَ سَمَّاكُمُ ظ±لْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـظ°ذَا } أي الله سماكم المسلمين في الكتب المتقدمة وفي هذا القرآن، ورضي لكم الإِسلام ديناً قال الإِمام الفخر: المعنى انه سبحانه في سائر الكتب المتقدمة على القرآن، وفي القرآن أيضاً بيَّن فضلكم على الأمم وسمَّاكم بهذا الاسم الأكرم، لأجل الشهادة المذكورة، فلما خصكم بهذه الكرامة فاعبدوه ولا تردوا تكاليفه { لِيَكُونَ ظ±لرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ظ±لنَّاسِ } أي ليشهد عليكم الرسول بتبليغه الرسالة لكم وتشهدوا أنتم على الخلائق أنَّ رسلهم قد بلَّغتهم { فَأَقِيمُواْ ظ±لصَّلاَةَ وَآتُواْ ظ±لزَّكَـاةَ } أي وإذْ قد اختاركم الله لهذه المرتبة الجليلة فاشكروا الله على نعمته بأداء الصلاة ودفع الزكاة { وَظ±عْتَصِمُواْ بِظ±للَّهِ } أي استمسكوا بحبله المتين وثقوا واستعينوا بالله في جميع أموركم { هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ ظ±لْمَوْلَىظ° وَنِعْمَ ظ±لنَّصِيرُ } أي نعم هو تعالى الناصر والمعين.

البَلاَغَة:
تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

1- الامتنان بتعداد النعم { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ظ±للَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ظ±لأَرْضِ وَظ±لْفُلْكَ تَجْرِي.. } الخ وكذلك الاستفهام الذي يفيد التقرير.

2- الطباق { يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ }.

3- صيغة المبالغة { إِنَّ ظ±لإِنْسَانَ لَكَفُورٌ } أي مبالغ في الجحود.

4- النهي الذي يراد منه نفي الشيء { فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ } أي لا ينبغي لهم منازعتك فقد ظهر الحق وبان.

5- الاستعارة اللطيفة { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ظ±لَّذِينَ كَفَرُواْ ظ±لْمُنْكَرَ } أي تستدل من وجوههم على المكروه وإرادة الفعل القبيح مثل قولهم: عرفت في وجه فلان الشر.

6- التمثيل الرائع { إِنَّ ظ±لَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ظ±للَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً } أي مثل الكفار في عبادتهم لغير الله كمثل الأصنام التي لا تستطيع أن تخلق ذبابة واحدة قال الزمخشري: سميت القصة الرائقة المتلقاة بالاستحسان مثلاً تشبيهاً لها ببعض الأمثال.

7- المجاز المرسل { ظ±رْكَعُواْ وَظ±سْجُدُواْ } من إطلاق الجزء على الكل أي صلوا لأن الركوع والسجود من اركان الصلاة.

8- ذكر العام بعد الخاص لإِفادة العموم مع العناية بشأن الخاص { ظ±رْكَعُواْ وَظ±سْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَظ±فْعَلُواْ ظ±لْخَيْرَ } بدأ بخاص، ثم بعام، ثم بأعم.






التوقيع

    رد مع اقتباس