عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-03-18, 16:31 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

a9 إنضاج شروط محو الأمية


إنضاج شروط محو الأمية




العلم : 18 - 03 - 2010
لا يمكن أن يمر قرار إنشاء الوكالة الوطنية لمحو الأمية الذي ناقشه المجلس الحكومي في آخر اجتماع له دون الحديث عن هوامش كثيرة مرتبطة بالإقدام على هذه المبادرة الوازنة.
بداية نذكر أن إحداث مثل هذه المؤسسة ذات الأهمية البالغة كان متضمنا في البرنامج الانتخابي الذي تقدم به حزب الاستقلال كتعاقد مع الناخبين خلال آخر استحقاق انتخابي تشريعي، وهذا يعني أن الحزب حريص على تنفيذ مضامين التعاقد الذي التزم به أثناء الاستحقاق الانتخابي والذي بدأ تصريفه بعرض البرنامج الحكومي والذي على أساسه نالت الحكومة ثقة المؤسسة النيابية، وهو سلوك حضاري متميز يمكن الناخبين من مساءلة الحزب خلال الانتخابات التشريعية المقبلة، ومن المؤكد أن الباحثين في المجال السياسي والراصدين لتفاصيله سيلتقطون هذه الإشارة المهمة التي تكررت عدة مرات وشملت عدة قضايا مرتبطة بمختلف مناحي الحياة العامة.
ومن حيث الجوهر فإن إحداث وكالة وطنية لمحو الأمية يعكس الرغبة الملحة لدى مختلف مكونات السلطة التنفيذية في تكريس الاهتمام بهذه القضية الهامة المركبة، ذلك أن جهودا كبيرة بذلت بهدف الضغط على مؤشر محو الأمية ليتجه نحو الانخفاض وتخليص البلاد من إحدى أخطر الآفات، وتعبأت كافة الجهات للانخراط في هذه العملية من سلطات عمومية ومجتمع مدني، وضخت أموال لا يستهان بقيمتها في هذا الصدد، والحقيقة أن نتائج إيجابية تحققت لحد الآن، ليس فقط من خلال التحكم في المؤشر المرتبط بها، بحيث لم يعد ممكنا له التوجه نحو الصعود، بل أيضا عبر الدفع به نحو الانخفاض، وهذا ما حدث فعلا، إذ نزلت نسبة الأمية بنسب مذهلة.
طبعا لا يمكن الاطمئنان لكل هذا الجهد وإبداء الارتياح المطلق لنتائجه، بل الموضوعية تحتم القول بأن نسبة الأمية رغم كل ذلك لا تزال مرتفعة، وبلادنا تحتل مرتبة ليست مشرفة على كل حال بالنظر إلى النسب الموجودة في عدة أقطار تشابه بلدنا، بل لابد من تكثيف الجهود الكثيرة وعلى كافة المستويات لتحقيق مزيد من المكاسب في هذا الصدد، وهذا بكل تأكيد ما يفسر قرار إحداث وكالة وطنية لمحو الأمية التي ستتكلف بتدبير هذه القضية الشائكة والمعقدة، أولا من خلال تجميع الجهود وتوحيدها في إطار سياسة مضبوطة فعالة وواضحة المعالم، فالذي كان يحدث ولا يزال في كثير من المواقع أن التشتت وعدم التنسيق يحد من فعالية هذه الجهود ويضعف من تأثيراتها كما أن تعدد الجهات المخاطبة والمسؤولة كان عاملا سلبيا فيما يتعلق بربح الوقت وتعميم الفعالية، ومن شأن إحداث مؤسسة عمومية في شكل وكالة أن يمكن البلاد من تجاوز هذه الصعوبات بحيث سنتوفر على مخاطب رسمي وحيد مخول قانونا بالتعاطي مع ملف هام ظل يوقظ هواجسنا منذ الاستقلال إلى الآن.
ومن المحقق فإن الجهود الكبيرة التي بذلت بقيادة جلالة الملك الذي ضمن وحرص شخصيا على التعبئة الوطنية لمواجهة هذا التحدي الخطير هي التي أنضجت الشروط العامة التي أهلت البلاد لتطوير أدائها في هذا السياق، وهذا يمثل مصدر اعتزاز لكافة المغاربة.





    رد مع اقتباس