عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-03-16, 20:37 رقم المشاركة : 1
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي أين أخطأ بن كيران؟



تتعدد قراءات حدث إعفاء عبد الإله بن كيران في سياق تجاذب سياسي كبير. لكن هذا لا يمنع من أن على العدالة والتنمية قراءة الحدث وسياقه قراءة سياسية داخلية معقلنة.

لا أريد الحديث عن الأسلوب التفاوضي لعبد الإله بن كيران ولا أتفق مع من يؤاخذونه عليه لأنني أحبذ لو كان الحزب قادرا على تشكيل الحكومة لوحده، إذ لا جدوى من التفاوض مع أحزاب فقيرة على مستوى الفكر السياسي، وغنية بالخارجين عن القانون الذين "يناضلون" في صفوفها، وهم ما بين متهرب من الضرائب ومهرب للعملة وإقطاعي.

الأحزاب الأخرى ليست محل دراسة وتحليل، وما يستحق الوقف عنده هو: أين أخطأ بن كيران؟

أعتقد أن عبد الإله بن كيران وقع في أخطاء استراتيجية أطرت أداءه السياسي وأثرت على تدبيره للحكومة. ويمكن إجمال تلك الأخطاء في ما يلي:

1. غياب العمق الديمقراطي، حيث كان رئيس الحكومة يردد دائما أن الملك عينه، وذلك يوحي أن الرجل لا يشعر بأي مسؤولية تجاه المواطنين بقدر ما هو مسؤول تجاه الملك. أما الثقافة الديمقراطية فكانت تحتم عليه التصريح بمسؤوليته تجاه الشعب أيضا. فالناخبون صوتوا عليه والملك اختاره كأمين عام للحزب الفائز، ولو لم يفز العدالة والتنمية بالمرتبة الأولى لما وجد بن كيران نفسه في موقعه رئيسا للحكومة. فالملك اختار اختيارا إيجابيا ضمن الحدود الديمقراطية.

2. الإصطفاف في صف الملكية فقط، وتجدر الإشارة إلى أنه ليس عيبا أن يصطف في صف الملكية. لكن شكل الإصطفاف الذي اختاره بن كيران أوحى وكأن هناك صراعا بين الملكية وغيرها، وأن عليه أن يختار صف الملكية أو صف الشعب. وهذا الإصطفاف مثل عائقا أمام بن كيران لاستيعاب حقيقة مفادها أن الملكية لا تصطف في صف أحد، وبالتالي فليس من حق بن كيران على الملكية أن تتمسك به في كل الأحوال كما يتمسك هو بها. وكان من الأجدى أن يصطف في صف كليهما طالما ليس هناك صراع بينهما.

من جهة أخرى، الملكية لها نظامها، ولها ثوابتها، ولها مصالحها، ولها خطوطها الحمراء، وكل طرف يحترم هذه الأشياء بإمكانه تدبير الحكومة. أي أن الملكية لا تربط علاقات شخصية.

الحقيقة التي غابت عن العدالة والتنمية وأمينه العام هي أن ما حدث كان سيحدث مستقبلا حتى ولو نجح هذه المرة في تشكيل حكومته. فالأحزاب في المغرب لا تأتي لتبقى، بل لتقوم بمهام محددة، ولكل مرحلة حزبها الأصلح، ولا يضر النظام أن يضع ثقته في حزب مختلف حسب المرحلة.

3. من خلال ردود فعل المواطنين والتي تمكن من القيام باستمزاج إلى حد ما، يظهر أن هناك تضاربا في تلقي الحدث. و طبيعي أن يكون هناك مرحب به ومتأسف له. لكن السؤال الذي ينبغي طرحه هو: لماذا تتسع دائرة المرحبين بإعفاء الرجل وهو من رفض المساومة ووقف ضد الفساد كما يقول عنه المتعاطفون معه؟ هل المغاربة فاسدون ويكرهون من يحارب فسادهم؟

طبعا لا. لكن السبب هو سياسة بن كيران التي يراها الكثيرون لا شعبية. فالمواطن العادي والبسيط كان يشعر أن بن كيران ليس في صفه. وما يزكي هذا هو الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بخصوص ملفات كبرى مثل ملف إصلاح التقاعد وملف الإعلام السمعي البصري والمأذونيات وغير ذلك. وتلك الملفات تمت مقاربتها بشكل كانت له آثار قاسية على الموطن ولم تكن التعليلات ناجحة. فحين قيل أن الموظفين لن يتمكنوا من الحصول على تقاعدهم مستقبلا إلا إذا تم الإصلاح على الشكل الذي رآه بن كيران وحكومته، فإن الفرد المغربي البسيط الذي لم يداخل الدخن السياسي عقله وفطرته يجيب: لماذا أؤخذ بجريرة غيري؟ ولماذا لا يحاسب من أجرم؟

هذه الأخطاء الاستراتيجية ليست هي ما أدى إلى التطورات الأخيرة، بل هي ما سيطبع تجربة عبد الإله بن كيران ويصوغ صورة الحزب في ضمير جزء من الشعب المغربي.

بقلم: روبن هود





    رد مع اقتباس