عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-12-24, 18:08 رقم المشاركة : 8
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: قراءة في كتاب: شروط النهضة لمالك بن نبي


من المعروف أن القرآن الكريم قد أطلق اسم الجاهلية على الفترة التي كانت قبل الإسلام، ولم يشفع لهم شعر رائع، وأدب فذ، من أن يصفهم القرآن بهذا الوصف، لأن التراث الثقافي العربي لم يكن يحوي سوى الديباجة المشرقة، الخالية من كل عنصر خلاق أو فكر عميق.

وإذا كانت الوثنية في نظر الإسلام جاهلية، فإن الجهل في حقيقته وثنية، لأنه لا يغرس أفكاراً، بل ينصب أصناماً، وهذا هو شأن الجاهلية، فلم يكن من باب الصدفة المحضة أن تكون الشعوب البدائية وثنية ساذجة، ولم يكن عجيباً أيضاً أن مر الشعب العربي بتلك المرحلة حين شيد معبداً للأقطاب (الدراويش) المتصرفين في الكون، ومن سنن الله في خلقه أنه عندما تغرب الفكرة يبزغ الصنم، والعكس صحيح أحيانا.

يرثي ابن نبي لحال الثقافة اليوم وتشويه مفهومها فلم نعد نر في الثقافة إلا المظهر التافه، فهي عندنا طريقة لنصبح شخصية بارزة، أو علم يجلب رزقاً. والحقيقة أننا قبل خمسين عاماً كنا نعرف مرضاً واحداً يمكن علاجه، هو الجهل والأمية، ولكننا اليوم أصبحنا نرى مرضاً جديداً مستعصياً هو (التعالم). وإن شئت فقل: الحرفية في التعلم، والصعوبة كل الصعوبة في مداواته.

وهكذا فقد أتيح لجيلنا أن يرى خلال النصف الأخير من هذا القرن ظهور نموذجين من الأفراد في مجتمعنا: حامل المرقعات ذي الثياب البالية، وحامل اللافتات العلمية. فإذا كنا ندرك بسهولة كيف نداوي المريض الأول، فإن مداواتنا للمريض الثاني لا سبيل إليها. لأن عقل هذا المريض لم يقتن العلم ليصيره ضميراً فعالاً، بل ليجعله آلة للعيش، وسلماً يصعد به إلى منصة البرلمان.

وهكذا يصبح العلم مسخة وعملة زائفة، غير قابلة للصرف. وإن هذا النوع من الجهل لأدهى وأمر من الجهل المطلق، لأنه جهل حجرته الحروف الأبحدية، وجاهل هذا النوع لا يقوم الأشياء بمعانيها ولا يفهم الكلمات بمراميها، وإنما بحسب حروفها، فهي تتساوى عنده إذا ما تساوت حروفها، وكلمة "لا" تساوي عنده "نعم" لو احتمل أن حروف الكلمتين متساوية.

كما يؤكد على البعد الأخلاقي والجمالي للرسالة الحضارية، فالجمال هو الإطار الذي تتكون فيه أية حضارة، فينبغي أن نلاحظه في نفوسنا، وأن نتمثل في شوارعنا، وبيوتنا، ومقاهينا، مسحة الجمال نفسها التي يرسمها مخرج رواية في منظر سينمائي أو مسرحي.

يجب أن يثيرنا أقل نشاز في الأصوات، والروائح، والألوان، كما يثيرنا منظر مسرحي سيء الأداء. إن الجمال هو وجه الوطن في العالم، فلنحفظ وجهنا، لكي نحفظ كرامتنا، ونفرض احترامنا على جيراننا، الذين ندين لهم بنفس الاحترام.







التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس