عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-12-13, 11:19 رقم المشاركة : 1
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي الدولة المتغولة




العلاقة بين المواطن والدولة تشبه العقد بين الطرفين، بمقتضاه تكون هناك واجبات وحقوق لكل طرف. لكن يختل هذا التوازن بين الأمرين حين تتغول الدولة ويتضخم داخلها الأشخاص الذاتيون على صفتها المعنوية. وذلك يحدث حين نرى أشخاصا في مناصب عليا يرون أن الدولة تتجسد فيهم، وأن مصلحة الدولة هي مصلحتهم، والقانون يتم تكييفه حسب واقعهم دون اعتبار لقاعدته الأخلاقية.

الدولة عندنا خطت خطوات كثيرة في ذلك الاتجاه، حين أعلنت فشلها أمام مهربي العملة والمتهربين من الضرائب وفشلها أمام قطاع الإعلام المرئي، وعجزها أمام كل الذين تبوءوا مواقع المسؤولية في قطاعات مختلفة وأفسدوها وقادوها نحو الفشل. أما أخطر الإجراءات التي اتخذتها الدولة، في شخص حكومتها، فهي رفع الدعم والقطع مع التوظيف في القطاع العمومي، وتغيير نظام التقاعد، والاتجاه نحو إنهاء مجانية التعليم في سلكين اثنين، رغم محاولة تأويل وتضليل الرأي العام بالقول أن الأمر يتعلق برسوم فقط، وكأن الرسوم ليست مالا يؤدى. وهذه القضايا الأربع كلها ترتبط بالمال والميزانية النفقات والفساد المالي وهدر الموارد واللاعقاب.

كان سيكون مفهوما لو تم تحويل كل ما توفره الدولة من جراء هذا نحو الخدمات التي تعد من مسؤولياتها والتزاماتها كما هو الشأن في دول أخرى، تستهلك فيها الفواتير والضرائب جزءا كبيرا من دخل الفرد، لكن في مقابل ذلك يتمتع الفرد بمستويات عالية من الخدمات، فيجد نفسه في الأخير يعيش حالة من التوازن.

نتيجة لذلك، يجد المواطن نفسه في وضع الخوف من الدولة ومؤسساتها: فهو غير متأكد من أنه سينال حقوقه إذا وقف أمام القانون في مواجهة صاحب السلطة السياسية أو المالية، وغير مطمئن إلى نيل فرصته حين تعرض الفرص، ولا يشعر أن الدولة تحميه. لهذا يصبح الشعور العام لدى المواطن هو عدم الإحساس بالأمن، لأن الدولة في تمثلاته صارت خصما.

أخطر وضعية يمكن أن يجد فيها شعب ما نفسه هي وضعية التضاد مع الدولة، يكون فيها هو خاضعا لسلطة القهر، وتفقد فيها الدولة مكانتها المعنوية والأخلاقية وتصبح كيانا متسلطا يتماهى مع طبقة محددة.

بقلم: روبن هود





    رد مع اقتباس