عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-03-07, 05:19 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

a9 المهام الجديدة لهيئة التدريس/قراءة بقلم محمد اهنيدة


المهام الجديدة لهيئة التدريس
أصدر المجلس الأعلى للتعليم خلال فبراير الأخير وثيقة "تصور جديد للارتقاء بهيئة التدريس والتكوين" حيث تعتبر وثيقته الثانية بعد التقرير الأول الذي قدمه خلال سنة 2008 حول حالة منظومة التربية والتكوين ببلادنا ،هذه الوثيقة يقول المجلس انطلقت من عدة خلاصات وارتكزت على المراجع التالية :

/ الدعامة الثالثة عشر من الميثاق الوطني للتربية والتكوين.

/ تشخيصات المجلس وتوصياته المتضمنة في تقرير 2008 .

/ الدراسات التشخيصية والاستشرافية التي أنجزها المجلس حول واقع هيئة ومهنة التدريس والتكوين.

/ نتائج استطلاعات الرأي التي أجراها المجلس مع أساتذة التعليم المدرسي والعالي والتكوين المهني .

/ جلسات الاستماع التي نظمها المجلس مع النقابات التعليمية خلال دورته الخامسة في يوليوز 2008 .

/ خلاصات 23 جلسة استماع لعينات من الفاعلين التربويين خلال سنة 2009 .

/ الدراسة المقارنة لتجارب عدد من المنظومات التربوية الأجنبية .

/ خلاصات اللجنة الدائمة للمناهج والبرامج والوسائط التربوية لدى المجلس .

/ نتائج مداولات الدورة 11 للمجلس المنعقدة في فبراير 2010 .

إضافة إلى أن المجلس لم يشرع في صياغة هذه الوثيقة إلا بعد أن تبين له واقتنع أن الفرصة مواتية لإطلاق هذا الورش الحاسم خصوصا بعد التقاء وتطابق إرادات متعددة للارتقاء بمهنة التدريس والتكوين( الوزارات – النقابات التعليمية – الجمعيات المهنية – الفعاليات التربوية...)

هذا المشروع الجديد يدور مضمونه حول مهنة ودور المدرس باعتباره فاعلا أساسيا ومحوريا في عملية التربية والتكوين، لأنه يوجد في صلب الوظائف والرهانات التي تعمل المدرسة على تحقيقها ، كما يقر ويعترف المجلس من خلال هذه الوثيقة باستحالة تحقيق أي إصلاح و تنفيذ أي برنامج في غياب أو تغييب هذا الفاعل الأساسي والمحوري ، كما يحاول صياغة تصور جديد لهيئة ومهنة التدريس وإسنادها مهام حديثة وادوار إضافية مستحضرا كما يدعي التغيرات المحدثة في مجال التربية والتكوين على الصعيد الدولي والوطني وآخذا بعين الاعتبار المعايير المتعارف عليها دوليا .

فقبل الخوض في مناقشة وتحليل مضمون الوثيقة لابد من الإشارة إلى بعض الملاحظات الأساسية والمفصلية:

ا) المجلس الأعلى للتعليم هيأة استشارية لا يمكن اعتماد جميع مقترحاته ولا يؤخذ إلا بالاقتراحات التي تتماشى وتتوافق مع التوجيهات العامة للدولة في ميدان التعليم (السياسة التعليمية الرسمية ).

ب) مشروع التصور الجديد جاء في سياق دينامية مكثفة لتطبيق بنود "البرنامج ألاستعجالي" وبالمناسبة فهو ليس استعجاليا بل مخططا استراتيجيا يهدف انقاد الميثاق الوطني للتربية والتكوين من الأزمة التي يتخبط فيها والفشل الذريع الذي لحقه.

ج) المجلس حسب علمي لم يستشر هيئة التدريس بشكل واسع ليعرف مقترحاتها وانشغالاتها واكتفى بالتشاور مع النقابات وهو يعرف جيدا أنها لا تمثلها أحق تمثيل.

د) اعتبار هيئة التدريس هي المسؤولة الأساسية على تدني مستوى التعليم ببلادنا.

والوثيقة تتكون من محورين الأول يحدد مهنة التدريس في التعليم المدرسي(الأولي والابتدائي ،الثانوي الإعدادي، الثانوي التاهيلي) والثاني يتطرق لمهنة التكوين في قطاع التكوين المهني ، أما مهنة التدريس والبحث في التعليم العالي فتركت لفرصة لاحقة لان الظروف غير مناسبة والمعطيات غير كافية للخوض في هذا السلك حسب المجلس الأعلى للتعليم ، فسأركز خلال مناقشتي على المحور الأول لاعتبار سلك التعليم المدرسي يضم نسبة مهمة من المتمدرسين ويشغل عدد كبير من موظفي قطاع التربية والتكوين .

يستند المجلس في صياغة هذا التصور الجديد لمهنة التدريس بالتعليم المدرسي على أربعة اعتبارات و منطلقات أساسية وهي :

1) المزاوجة بين حفز وترسيخ حقوق المدرسين و تعزيز التزامهم بواجباتهم المهنية.

2) التركيز على مهنة وهيئة التدريس والتكوين.

3) اعتماد النهج الامتمركز للمنظومة الوطنية للتربية والتكوين (تعزيز دور الأكاديميات خصوصا في سياق ما يعرف بالجهوية الموسعة...).

4) إرساء الثقة بين هيئة التدريس وباقي الفاعلين والمتدخلين في عملية التربية والتكوين.

ولتحقيق الجودة ومسايرة المنهجيات الحديثة خصوصا بيداغوجية الإدماج في أفق الرقي بمستوى التعليم ببلادنا "حسب المجلس" يعتمد هذا المشروع خمس مداخل ضرورية لتجديد و تفعيل مهنة التدريس:

* مهام المدرس وتدبيرها الزمني.

* ولوج المهنة وإلزامية تكوين أساس متين.

* التكوين المستمر والتنمية المهنية.

* مستلزمات المزاولة الناجعة للمهنة.

* تدبير المسار المهني/التدبير الإداري والتقويم والترقية المهنية.

فبقراءة بسيطة لمضامين المداخل والرافعات الخمس نخلص إلى أنها أحاطت بكل متطلبات وعناصر التصور الجديد الذي ينسجم كليا مع السياسة العامة للدولة ويتخندق في "مشروع الإصلاح الحالي"،وهذا التصور الجديد لمهنة التدريس يبدأ بتحديد مهام المدرس ، وطريقة ولوج المهنة ، وإلزامية التكوين المستمر، ومستلزمات المزاولة الناجعة ، ويصل إلى تدبير المسار المهني ، فإذا استثنينا بعض الايجابيات البسيطة والقليلة فيه نؤكد حسب رأينا انه ركز على الالتزامات والواجبات وتناسى أو اغفل عن قصد الحقوق حيث كرس التراجعات التي تعرفها ظروف عمل هيئة التدريس ، ويمكن تبيان ذلك المنحى التراجعي من خلال النقط التالية:

- لا يمكن ولوج مهنة التدريس إلا وفق شروط مجحفة تبدأ بتوفر المرشح على إجازة تعليمية بالنسبة للسلك الإلزامي(الابتدائي/ الثانوي الإعدادي) والماستر بالنسبة لسلك الثانوي التاهيلي ، وقضاء سنة تكوينية بعد النجاح بامتياز في مباراة الدخول إلى مراكز التكوين تختم بتوقيع عقدة شغل لمدة ثلاثة سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة و تتضمن بنود محددة ( الكفايات المتفق عليها ، مكان التعيين داخل الأكاديمية ، الغلاف الزمني... ).

- توسيع اختصاصات ومسؤوليات الأكاديميات تماشيا مع مفهوم " الجهوية الموسعة" كتحديد الخصاص في الموارد البشرية ، وتنظيم مباريات التوظيف ،وتوقيع عقود العمل ، وصياغة الأنظمة الأساسية لهيئة التدريس بالجهة والتسيير المالي والإداري للتعليم بها.

- إلغاء الحركة الانتقالية الوطنية حيث لا يمكن للمدرس أن يشارك إلا في حركة انتقالية داخل تراب الأكاديمية يوجد بها ، ولهذا يكون المدرس ملزما بتحمل تبعات اختياره للأكاديمية، ولا يمكنه الانتقال من جهة إلى أخرى إلا في إطار تبادل المناصب المالية كما هو معمول به في الجماعات المحلية.

- وستظهر نواقص وسلبيات أخرى مع مرور الوقت وعند تطبيق هذا المشروع .

خلاصة
إن مشروع "تصور جديد للارتقاء بهيئة التدريس والتكوين" الذي طرحه المجلس الأعلى للتعليم جزء من الإصلاح المزمع تطبيقه بالمغرب وهو حلقة جديدة من سلسلة الإصلاحات التي تبناها النظام المغربي وباءت كلها بالفشل لأنها لم تنبني على إرادة سياسية حقيقية للمسؤولين في إصلاح التعليم ، بل تخضع لحسابات وخلفيات سياسية يؤطرها الصراع الطبقي بين الطبقة الحاكمة وعموم الشعب الكادح ، هذه الحسابات السياسية التي تتبناها الطبقة الحاكمة تهدف إلى تملص الدولة من واجباتها ومسؤولياتها اتجاه الشعب في ميدان التعليم والشغل ( ضرب مجانية التعليم / وإخضاع التوظيف لسوق الشغل ).

محمد اهنيدة
09:51 صباحا - 19 ربيع أول 1431 (06 03 2010)

عن مجلة المدرس الالكترونية





    رد مع اقتباس