عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-10-13, 19:10 رقم المشاركة : 1
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي تحليل نتائج التصويت من زاوية نوعية



إضافة إلى عاملي المشاركة والمقاطعة في التصويت، لا بد من ملاحظة معطى حركية الأصوات بين الأحزاب، أي عملية انتقال الأصوات من حزب لآخر كمؤشر ينبغي فهمه وربطه بالدوافع. وهذا يهم الأحزاب بالدرجة الأولى، وقد يساعدها في تقييم النجاح والفشل الانتخابيين.

الحزبان اللذان ربحا مقاعد إضافية مقارنة بالانتخابات السابقة هما الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية. وفي حالتي الحزبين معا، ينبغي عدم التوقف عند القناعة أنهما حققا فوزين في الوقت الذي ينبغي فيه تحليل معاني وإسقاطات النجاحين، أما الإطمئنان إلى الأرقام المجردة، فإنه يحجب جزءا من الصورة العامة.

عند محاولة التحليل، يبرز إلى السطح مرة أخرى مؤشر اللاعقلانية التي تطبع الحقل السياسي. فحزب الأصالة والمعاصرة الذي كسب أكثر من خمسين صوتا إضافيا كان قبل خمس سنوات فقط موضوعا لشعارات تطالبه بالرحيل وتقرنه بالفساد والدولة العميقة. كيف إذن أن يصعد حزب منكفئ كل هذا الصعود المدوي، وبالمقابل هل الصعود يعني هزيمة حراك 2011؟

من الصعب أن نقول أن أداء الحزب وراء كسبه للأصوات الجديدة. فالأداء لم يكن موفقا، خصوصا في اللحظات التي رآها الكثيرون مفصلية، كلحظة التصويت على "إصلاح" التقاعد، حين تغيب مستشاروه بدل أن ينحازوا، من موقع المعارضة، إلى مطلب فئات واسعة من الشعب المغربي، أو إبان الكلام عن تقاعد البرلمانيين والوزراء حيث لم يبد تحيزا إلى جانب هذا المطلب الشعبي، وكذا لحظة مسيرة الرباط التي أوقعته ـ أي الحزب ـ في حالة من التخبط الشديد.

قد يكون تفسير الكسب الذي حققه الأصالة والمعاصرة هو تقديم نفسه كبديل للعدالة والتنمية، لكن ليس بناء على توفره على بدائل حقيقية أو على نضج وعقلانية خطابه السياسي، بل فقط بناء على الجدل السياسي الذي دخل فيه مع خصمه السياسي، والمغاربة عموما يعجبهم الجدل السياسي حتى ولو كان فارغا من أي عمق. وهذا ما جعل أحزاب المعارضة تفقد أصواتها لصالح الأصالة والمعاصرة. فتلك الأحزاب كانت صامتة ولم تستفز مشاعر المغاربة بالنيل بشدة من الحكومة ورئيسها كما فعل البام. والذي حدث هو أن الفراغ الذي تركه العدالة والتنمية في الضمير الانتخابي لعدد من المواطنين جراء خيبة أملهم نجح الأصالة والمعاصرة في ملئه.

أما العدالة والتنمية، فالفوز الذي حققه له جانبان، أحدهما ينطوي على قدر من الفشل. ما تجليات الفشل؟

هناك تجليان. أولهما أن الحزب فشل في استثمار التسرب الذي حصل للأحزاب الأخرى، ولم يحز من الأصوات التي فقدتها سوى نسبة صغيرة. أما التجلي الثاني، فهو عدم تحقق الأمل الذي كان يراود عددا من القياديين الذين راهنوا على ما بين 140 و 150 مقعدا.

وراء لعبة الفوز والخسارة هاته، تجدر الإشارة إلى معطى آخر من محددات التصويت، وهو نوعية الأصوات. وبخصوص هذه النقطة، يمكن القول أن الأصوات التي حاز عليها العدالة والتنمية ، إضافة إلى كثافتها، هي أصوات في معظمها ثابتة، يصوت أصحابها على الحزب من منطلق مبدئي، وهي إذن أصوات على درجة كبيرة من الجودة إن جاز التعبير، في حين أن الأصوات التي حازها الأصالة والمعاصرة هي أصوات أقل جودة طالما تتكون في جزء كبير منها من أصحاب مصالح، ومن غاضبين على العدالة والتنمية انصرفوا نحو البام ليس لأنه يملك الحلول، بل نكاية في العدالة والتنمية أو تعبيرا عن سخطهم بالتصويت على خصمه. وهذا ما يجعل من الوارد مثلا أن يفقد البام عددا كبيرا من الأصوات في المرة القادمة، لأنها أصوات مترددة لا يستهويها الحزب بقدر ما هي رد فعل سياسي.

بقلم: روبن هود





    رد مع اقتباس