عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-03-03, 16:49 رقم المشاركة : 1
عبد الغني سهاد
موقوف
إحصائية العضو








عبد الغني سهاد غير متواجد حالياً


a8 سوق النخاسة يعود من جديد..........


سوق الرقيق يعود من جديد
*
*
*



عنوان مخيف، لكن الواقع أكثر إخافة، إذ إن الناظربعين الحقيقة يرى أن القيم الإنسانية في ظل الحضارة المادية المعاصرة في تراجع مستمر، تنحدر بسرعة نحو الحيوانية الشهوانية والاستغلالية الجنسية، فلا تكاد تصدق ما ترى.


ابتليت البشرية منذ القدم بأسواق النخاسة التي يغرق فيها أرتال البشربضاعة مزجاة لتكون محل عرض وطلب من قبل تجار يتاجرون بالأجساد، فيتفحصون تلك الأُنْثيات بكل عين ناقدة لينقدوا الثمن بعدها، ويختبرون أولئك الذكور ليروا أنهم ماكنات عاملة بالطاقة الحيوية الخفية، وبالتالي يتم تسعير البشر ومن فقد الأهلية منذكور وإناث ليس له مكان في سوق نخاستهم تلك. ولعل مصيرهم سيكون كمصير حيوان أشرف على الهلاك لم يعتن به صاحبه لأنه باختصار لم يعد مجديا أن يقدم له لقمة يتفضل بهاعليه.


صورة تقليدية قديمة مؤلمة وصارخة جدا، حاول كل الأنبياء والمفكرين والفلاسفة والمصلحين قهرها فلاقت نجاحات هناك أو إخفاقات هنا حتى استطاعت البشريةأن تتخلص من نظام الرق البشري والاستعباد الإنساني بإلغاء تجارة الرقيق ، وقد تم الأمر بعد كثير من المعاناة وتقديم أفواج من ضحايا كانوا قرابين لتحقيق تلك القيم الإنسانية.


تبدو هنا الصورة مشرقة ومطمئنة، إذن لماذا تقول "سوق الرقيق يعود من جديد" فعلا إن سوق الرقيق عاد مجددا، وهذا الزعم ليس تجنيا، ولكنه واقع مشاهد ملم وستضرب سياطه الكرامة الإنسانية في كل موقع تقريبا، وأحاول هنا أن أستجلي جوانب هذاالتردي الإنساني ما وسعت الأفكار ذلك.


انتبهت البشرية فإذا بها تقع تحت طوائل الاستغلال، استغلالٍ مقيت أوقعها فيه تجار البشر وصانعو الحروب ومهندسو الموت والخراب والعهر في جاهلية صادمة مرعبة، ليس لشرها وصف، وليس لجماحها من كابح ، لايرضيها سوى تحطيم القيم، انتبهت فإذا بها تغرق في وحول من الاستهلاك السلعي الذي حيونها وأفقدها إنسانيتها ، وأضحى كل شيء مشاعا مستباحا لا تعرف إلا إشباع الجوع اوإرضاء النزعات وليكن ما يكون، المهم أن تظفر بكل ما يحقق لها رغباتها، وإن كانت شاذة، فتتفتق الذهن البشري الحيواني عن علاقات المثليين جنسيا والمثليات، وسحق شعوب بأكملها من أجل سيطرة وحوش المال فاستعبدت ونهبت ثرواتها، وخاصة بعد أن اجترحت العقول الآثمة ما عرف بالأسلحة الفتاكة التي تستطيع بضغطة أدق الأزرار تدمير الحياةبأكملها على هذا بالكوكب.


كل هذا قام به حفنة من المستغلين والطغاة تدعمهم أيديولوجيات فكرية مفبركة جينيا من أجل السيطرة والولوغ في الدماء وتحولت البشريةكلها إلى رقيق تباع في أسواق نخاستهم بعد أن كانت أسواق الرقيق مقتصرة على آحادالناس.


إن الناظر فيما حوله من وسائط اتصال بين البشر فيما يعرف بالمؤسسة الإعلامية الثقافية يرى العجب العجاب، يرى الامتهان المبرمج للإنسان حيث تشييءالإنسان وتسليعه أمرا معروفا ومشاهدا بل قل واقع معيش في كل لحظة يحاصرك كالوقت في كل وقت!!، ليس أقلها بشاعة أن تجد المريض ينزف آهات حرى حتى الموت لأنه لا يملك ثمن الدواء، ولا ترحمه منظومة القيم الموجودة في المجتمع، عندها ستعرف أن بضعة دريهمات ثمن هذا الدواء هي أغلى وأهم من حياة هذا المريض.


وإذا ما عرجت على صروح ثقافة مشرعة على كل شيء عدا الثقافة، ترى أن من يلعب على أوتار أجساد عريانة، ويعرض الصورالأكثر إثارة وبشاعة هو الأكثر شهرة، حتى أن الكاتب الناشئ صار يدرك أن قلمه لن يعرف طريقه إلى دور النشر إلا إذا تمجنن في العرض ، ففاضت تلك الأقلام المبتذلة في الفترة الأخيرة بروايات ماجنة مسفة ومخلة، ولم يقف الأمر عند حد الكلمة المترنحة،بل تجد أن العديد من المجلات الثقافية التي تدعي حرمة الثقافة لا بد لها في كل عدد من صورة مستجلبة، والأمر لا يستدعي ذكر شواهد، فتش عنها وستجد الكثير مما يسدالنفس، ويجعلك تبصق بكل قرف على مثل هذه المجلات المشرعنة لحيوانية المثقف العربي الممتلئ تحررية موهومة.!!!


ولا يحلو الكلام ولا يطيب إذا ما تناول القلم بالحديث فئة المجان من المطربين والمطربات الذين اعتمدوا على كلام ليس بشعر ولا يشبه الشعر،ولكنه كلام ممزوج بروائح الأنثى الخاصة وكلماتها المغوية مع وجود جوقة من العاريات يعرضن بأبخس الأثمان، وما يصاحب ذلك من حركات إغوائية والتقاءات جسدية مثيرة.


ولعل الأغرب من ذلك ما يشاهده المرء وهو يتجول ما بين المحطات الفضائيةالمتكاثرة تكاثر البعوض، أن تلكم المشاهد التي تعرفونها قد انسحبت على برامج الثقافة، التي يفترض أن تكون هذه البرامج محتشمة، لأن تعري جسد المرأة ليس عنصراحيويا في إنجاح هذا البرنامج أو ذاك ، ولكنّ الجنود المجهولين وراء تلك البرامج لايرون نجاحها إلا إذا شفت المذيعة عن شيء من صدرها، وكشفت عن ساقيها؛ لتصيد كل متفرج ينظر إليها ويتمتع ببهرج جسدها ولا يهمه ما قالت، وهي في الحقيقة لم تقل شيئا،لأنها تحاور بجسدها ولا تحاور ضيوفها بأفكارها.


وقد ازداد الأمر إغواء عندما ترىمقدمات الأخبار في محطات التلفزة الفضائية هن ممثلات أقرب منهن قارئات لنشرات أخبار تسمم البدن وتقطع كل شهية للجمال، فيظهرن من بين تلك الأخبار وهن في أتم صورة إغواء وإثارة وكل ذلك ليخففن عن المشاهد آلام الأخبار ويسعدنه بجره إلى جهنم الأنثى التي أحرقتهم وأحرقتها وحولتها إلى رقيق يستعبدون جسدها ويثرون من وراء مفاتنها.


ولم تسلم الدوائر الحكومية أو المؤسسات الخاصة والشركات من الموظفات الحسناوات، في كون أول شروط المرأة لتعمل في هذه المؤسسة حسن المظهر، وما يتطلب حسن المظهر من لباس فاضح يغري ويشوي ويحرق الدماء فتفور العصبيات، وتلهث تلك المسكينات وراء تتابع دورالموضة والأزياء، فيسيل لعاب الرجال، ومن أين للأمور أن تستقيم بعدها، وقد أصبح الهم العام في المؤسسة لتحقيق أهداف غير تلك الأهداف الموضوعة، التي ربما أدركواواضعوها أنهم لن يحققوها يوما والحال كما يعرفون.


إنه الرقيق الجديد والسوق الجديدة، أنه النوع الجديد من الرق الذي صار عارا، وبعدها يتبجحون بالقول: إن الحضارة الحديثة قد حررت الإنسان، نعم إن قولهم صحيح إذا أرادوا أن الحضارة الحديثة قد حررت البشرية من القيم الإنسانية، فإذا ما عرفت كل ذلك، فاعلم أن الحضارةالحديثة منحطة وليست حضارة راقية، تلك الحضارة التي جعلت الإنسان عبدا لشهواته وأفقدته إنسانيته حتى أن بعض الحيوانات تخجل من سلوكيات هؤلاء!!








آخر تعديل عبد الغني سهاد يوم 2010-03-03 في 16:58.
    رد مع اقتباس