الموضوع: سورة الاعراف
عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-08-29, 23:09 رقم المشاركة : 13
elqorachi zouaouia
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية elqorachi zouaouia

 

إحصائية العضو







elqorachi zouaouia غير متواجد حالياً


مسابقة السيرة 4

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام المرتبة الثالثة

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المشارك في المطبخ

وسام المشارك

افتراضي رد: سورة الاعراف


التفسير المطول - سورة الأعراف 007 - الدرس(07-60): تفسير الآيات 11 – 13 ، تسلسل الإيمان بالله
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-01-19


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه

اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الإخوة الكرام ، مع الدرس السابع من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الثانية عشرة ، وهي قوله تعالى :
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾
تذكير للفائدة والتقرير :
1 – مسألة الخَلق :
وفي الدرس السابق بينت لكم قصة الخلق بفضل الله عز وجل ، وكيف أن الإنسان خُلق في عالم الذر ، بل خُلقت جميع المخلوقات في عالم الذر ، قبل أن تكون صوراً .
2 – حملُ الإنسان للأمانة :

حملُ الإنسان للأمانة
وعُرضت عليها الأمانة ، حيث قال الله عز وجل :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
( سورة الأحزاب الآية : 72 )
3 – العبادة أصل خلق الإنسان وثمن للجنة :

العبادة أصل خلق الإنسان
ولما حمل الإنسان الأمانة كُلف أن يزكي نفسه عن طريق تعريفها بالله ، وحملها على طاعته ، والتقرب إليه من أجل أن تكون هذه المعرفة ، وهذه الطاعة ، وهذا التقرب ثمناً لجنة عرضها السماوات والأرض ، فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، إلى أبد الآبدين ، فنحن في الأصل مخلوقون للجنة .
الناس قسمان : عامل للجنة وعامل للنار :

وقد انقسم البشر قسمين في ضوء هذه الحقيقة ، فقال الله تعالى :
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾
( سورة النازعات )
المؤمن منضبط ومطيع لله أما الكافر استغنى عن طاعة الله
أي أن الجنة ثمنها الانضباط ، أن تعرف الله ، وأن تنضبط بمنهجه ، وعلى هذا قال تعالى :
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى *(5)وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾
( سورة الليل )
صدق أنه مخلوق للجنة ، والحسنى هي الجنة ، بني على هذا التصديق أنه اتقى أن يعصي الله ، وبنى حياته على العطاء .
﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾
( سورة الليل )
إذاً كل شؤون حياته في اتجاه سعادته الأبدية .
﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى﴾
( سورة الليل )
الصنف الثاني كذب بالجنة ، وآمن أنه مخلوق للدنيا ، بُني على هذا التكذيب أنه استغنى عن طاعة الله ، وبنى حياته على الأخذ وكل شؤون حياته باتجاه شقائه .
﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾
( سورة الليل )
قصة الخلق حينما قال الله تعالى :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
( سورة الأحزاب )
لم يكن ظلوماً جهولاً حينما قبِل حمل الأمانة ، ولكن حينما خان الأمانة ولم يؤدِ الأمانة ،
﴿ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾
4 – مقوّمات حملِ الأمانة :
وذكرت في الدرس الماضي أن الإنسان حينما قبل حمل الأمانة سخر الله له :

﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾
( سورة الجاثية الآية : 13 )
الكــون :
الله سخر لنا الكون وهذا التسخير تسخير تعريف وتكريم
وأعطاه مقومات التكليف ، وذكرت أن أبرز مقومات التكليف هذا الكون الذي سخر له ، وكان التسخير تسخير تعريف وتكريم .
لذلك رد فعل التعريف أن تؤمن ، ورد فعل التكريم أن تشكر ، وأنت حينما تؤمن وتشكر حققت الهدف من وجودك ، قال تعالى :
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ ﴾
( سورة النساء الآية : 147 )



العـقـل :

العقل هو أداة لمعرفة الله وهو مناط المسؤولية والمحاسبة
ثم أعطاه العقل ، كأداة لمعرفة الله وهو مناط المسؤولية والمحاسبة ، وهو ميزان :
﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾
( سورة الرحمن )
والعقل مهمته التأكد من صحة النقل ، ثم فهم النقل ، ولن يكون العقل حكماً على النقل .
الفـطرة :
ثم أعطاه فطرة سليمة تكشف له خطأه ذاتياً .
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾
( سورة الشمس )
الاختيـار :
ثم أعطاه اختياراً ليثمن عمله :
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً﴾
( سورة الإنسان )
الشهــوة :
ثم أعطاه شهوة كقوة دافعة ، وهي حيادية ، يمكن أن تكون قوة نافعة ودافعة ، ويمكن أن تكون قوة مدمرة .
الشــرع :
ثم أعطاه الشرع ، وأنزل الله على أنبيائه الكتب ليكون الشرع ميزاناً على ميزاني العقل والفطرة .
ذكرت هذا في درس سابق ، وأنتقل اليوم إلى تسلسل الإيمان بالله .
تسلسل الإيمان وثوابته :
الثابت الأول : الكون :

الكون هو الثابت الأول في الإيمان
أيها الإخوة ، هناك الكون يعد الثابت الأول ، لا يختلف عليه اثنان في الأرض ستة آلاف مليون إنسان هذا الكون بين أيديهم ، وتحت سمعهم وبصرهم ، فيه شمس ، وقمر ونجوم ، ومجرات ، وأرض ، وجبال ، وسهول ، وينابيع ، وأنهار ، وبحار ، وبحيرات ، ونبات ، مليون نبع من النبات ، وأطيار ، وأسماك ، وحيوانات ، ومعادن ، وأشباه معادن ، هذا الكون هو الثابت الأول في الإيمان ، كل أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى يمكن أن يشفَّ الكون عنها .


1 – كل أسماء الله وصفاته يشفّ عنها الكون :

يمكن أن نرى في الكون لطف الله وقوته
كل أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى ، يمكن أن تراها في الكون ، يمكن أن ترى في الكون علمَه ، يمكن أن ترى في الكون حكمته ، يمكن أن ترى في الكون لطفه ، يمكن أن ترى في الكون رحمته ، يمكن أن ترى في الكون عدله ، يمكن أن ترى في الكون قوته ، يمكن أن ترى في الكون بطشه ، كل أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى يمكن أن يشف الكون عنها ، وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد .



2 – مبادئ العقل : السببية ـ الغائية ـ عدم التناقض :

التناقض لا وجود له في الكون
وعقلك بني على مبادئ ثلاث مبدأ السببية ، مبدأ الغائية ، مبدأ عدم التناقض والكون أنظمته الأساسية لكل شيء سبب ، ولكل شيء غاية ، والتناقض لا وجود له في الكون ، مبادئ عقلك مطابقة تطابقاً تاماً مع مبادئ الخلق .
لذلك هذا العقل إذا أعملته في الكون يمكن أن تتعرف إلى الله من خلاله ، إذاً : العقل أداة معرفة الله .
3 – الكون لغةٌ عالمية :

أيها الإخوة ، ثم أن هذا الكون لغته عالمية ، العربي يقرأ ما فيه ، والأعجمي يقرأ ما فيه ، وأهل أوربا يقرؤوا ما فيه ، هذا قاسم مشترك الكون قرآن صامت والقرآن كون ناطق
لذلك قال بعضهم : الكون قرآن صامت ، والقرآن كون ناطق ، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي ، فأكبر ثابت من ثوابت الإيمان هذا الكون الذي يشف عن وجود الله ، وعن كماله ، وعن وحدانيته ، وعن أسماءه الحسنى وصفاته الفضلى ، لكن العقل سأوضح لكم مهمته :
أنت دخلت إلى جامعة ، عقلك وحده ، تجد منشآت تتناسب تناسباً رائعاً مع حقيقة الجامعة ، مدرجات ، فيها عزل صوت ، فيها تدفئة ، فيها شاشات عارضة ، فيها تهوية ، فيها مقاعد مريحة ، فيها مكتبة ، وحدائق ، وسكن للطلاب ، وسكن للأساتذة ، وإدارة جامعة ، ومخابر ، أنت بعقلك يمكن أن تكتشف أن وراء هذا البناء تخطيطا ، وأدمغة ، ونظاما ، وخبرات متراكمة ، لكن مهما كنت ذكياً ، مهما كنت حصيفاً فلا يمكن أن تعرف ما اسم رئيس الجامعة ، لا يمكن أن تعرف ما اسم عمداء الكليات ، لا يمكن أن تعرف ما الكليات التي في الجامعة ، لا يمكن أن تعرف نظام القبول ، أو نظام النجاح والرسوب ، هذه المعلومات لا يمكن أن تكتشفها بعقلك ، لا بد من كتيب ، هذا الكتيب يتكامل مع عقلك ، هذا تمهيد .
ما عجز عقلك عن إدراكه أخبرك الله به بالقرآن

الله عز وجل جعل هذا الكون ينطق بوجوده ، بعلمه ، بقوته ، برحمته ، بعدله بلطفه ، بجماله ، لكن لماذا خلقك الله ؟ أنزل كتاباً هو القرآن الكريم ، قال لك فيه :
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾
( سورة الذاريات )
لماذا الحياة القصيرة ؟ لماذا الحياة أربعون عاما ، خمسون ، ستون ؟ قال لك في كتابه :
﴿ وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى﴾
( سورة الضحى )
لماذا يأتي الأنبياء ؟ يأتي الأنبياء ليبينوا للناس علة وجودنا ، وطريق سلامتنا وسعادتنا .
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾
( سورة الأنبياء )
فصار الكتاب يكمل العقل ، ما عجز عقلك عن إدراكه أخبرك الله به ، هذا الكتاب لعل قائلاً يقول : إنه كلام إنسان عبقري بليغ في اللغة ، أعطاك مع الكتاب شهادة الإله العظيم على أنه كلامه ، أكبر دليل على أن هذا الكتاب كلام الله إعجازه ، يعني قبل 1400 عام نزل هذا الكتاب .
صور من حقائق كونية :
1 – ظاهرة تناثر الضوء :

وقبل عشرين عام تقريباً صعد الإنسان إلى القمر تناثر الضوء هو وجود الضياء من دون أشعة
وفي أثناء الصعود تجاوز طبقة الهواء ، وهي تزيد عن 65 ألف كم ، فلما تجاوز رواد الفضاء طبقة الهواء صاح أحدهم بأعلى صوته : لقد أصبحنا عميا ، التفسير العلمي أن الهواء مع الشمس يشكل ظاهرة ضوئية اسمها التناثر ، أي أن أشعة الشمس إذا سلطت على طبقات الهواء عكست هذه الذرات أشعة الشمس على ذرات أخرى لم تصلها أشعة الشمس ، فصار في الأرض مكان فيه أشعة شمس ومكان فيه ضياء الشمس ، وجود الضياء من دون أشعة هذه ظاهرة اسمها تناثر الضوء ، فلما تجاوزنا طبقة الهواء ألغي التناثر ، فصار الفضاء ظلاماً دامساً كالليل الأليل ، فصاح رائد الفضاء : لقد أصبحنا عمياً ، افتح القرآن :
﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾
( سورة الحجر )
لا يمكن أن يكون هذا الكلام كلام بشر ، مستحيل ، لأن الحقيقة التي كشفت بعد 1400 عام ذكرها القرآن قبل 1400 عام .
2 – الوردة الجورية :

انشقت السماء فكانت وردة كالدهان
أكبر وكالة فضاء ( ناسا ) تعرض صورة لوردة جورية ، وردة جورية ، أوراق حمراء داكنة ، حولها وريقات خضراء زاهية ، في الوسط كاس أزرق ، كتب تحته صورة لانفجار نجم اسمه عين القط ، يبعد عنا ثلاثة آلاف سنة ضوئية ، تفتح القرآن :
﴿ انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾
( سورة الرحمن )
3 – الحاجز بين البحرين :

يكتشف رواد الفضاء من سفينة الفضاء أن بين كل بحرين خطا ، والخط تباين لونين مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان
هذا المنظر يثير الفضول عند علماء البحار ، يتابعون هذه الظاهرة ، فإذا بعد التحقيق والبحث ، والدرس ، والتجريب تبين لكل واحد ماءه ، لكل بحر كثافته ، لكل بحر ملوحته ولا يمكن أن تختلط مياه البحار مع بعضها بعضا ، حتى في بعض الصور لمكان التقاء البحار كباب المندب ، أو كقناة السويس ، أو كمضيق جبل طارق ، أو كمضيق بنما ، أو بمضيق البوسفور هناك جدار بين البحرين ، تفتح القرآن الكريم :
﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾
( سورة الرحمن )
4 – النطفة هي التي تحدد جنس المولود وليس البويضة :

النطفة هي التي تحدد جنس المولود وليس البويضة
بعد تطور علم الأجنة إلى أعلى مستوى تبين أن الذي يحدد كون المولود ذكراً أو أنثى هي النطفة وليس البويضة ، تفتح القرآن الكريم :
﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾
( سورة النجم )
5 – كل شيء في الكون يدور :
بعد اكتشاف علم الذرة أن كل شيء في الكون يدور حتى الخشب ، حتى الصخر أي شيء في الكون مؤلف من ذرات ، والذرة من نواة ، وكهارب ، ومسارات .
﴿ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾
( سورة يس )
6 – أدنى الأرض : غور فلسطين :

إن أعمق نقطة في الأرض هي غور فلسطين
بعد اكتشاف أشعة الليزر تبين أن أعمق نقطة في الأرض هي غور فلسطين والآية الكريمة :
﴿غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾
( سورة الروم )
في أدنى الأرض باكتشاف أشعة الليزر تبين أن أعمق نقطة في الأرض غور فلسطين ، وتؤكد روايات التاريخ أن المعركة التي تمت بين الفرس والروم كانت في غور فلسطين .


7 – وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ :

تركب طائرة أحدث طائرة 777 ، وأنت على مقعد وثير ، والجو لطيف ، ومكيف ، وشراب متنوع ، وأطعمة فاخرة ، ومجلات ، وصحف ، وقنوات ويخلق ما لا تعلمون
تفتح القرآن الكريم فتقرأ قوله تعالى :
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا﴾
( سورة النحل الآية : 8 )
كم هي المسافة بين الحمار والطائرة ؟
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾
( سورة النحل الآية : 8 )
لأنه كلام خالق الأكوان :
﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾
( سورة النحل )
الطائرة ، والباخرة ، والقطار ، والسيارة .
﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾
8 – الحكمة من تذكية الحيوان وعدم قطع رأسه :

النبي عليه الصلاة والسلام يعطي أمراً تشريعياً بعدم جواز قطع رأس الدابة حينما تذبح ، قال : اقطعوا أوداجها فقط تذكية الذبيحة تكون بعدم قطع الرأس كاملا
هذا التوجيه لا يمكن أن يفسر في مكان في العالم ، ما الفرق بين قطع رأسها وقطع أوعيتها الدموية ؟ لا أحد يعلم ، لا في عهد النبي ، ولا بعد مئة عام ، ولا بعد مئتي عام ، ولا بعد 500 عام ، ولا بعد ألف عام ، ولا بعد 1400 عام هناك جهة في الأرض تفسر ما سر هذا التوجيه ، الآن انكشفت الحقيقة ، لأن القلب أخطر عضو في الجسم ، ولأن القلب عليه مدار الحياة ، لا يمكن أن يكون تحت رحمة الشبكة العامة الكهربائية ، لا بد له من مولد ذاتي في مركز كهربائي ذاتي ، وهذا المركز إذا تعطل في مركز ثان ، وإذا تعطل الثاني في مركز ثالث ، احتياطيان ، وأن هذا المركز الكهربائي يعطي أمر بالنبض النظامي 80 نبضة بالدقيقة فقط ، والإنسان بحاجة أحياناً إذا هاجمه عدو أن يسرع ، أو إذا واجه حيواناً مخيفاً ، أو ثعباناً في بستان بحاجة إلى جهد أعلى من 80 نبضة ، لكن العين بإدراك الخطر تنقل صورة الخطر إلى الدماغ ، والدماغ عنده مفهومات الثعبان ، مفهومات الثعبان تنبئ الدماغ أن هذا لدغته قاتلة ، فالدماغ ملك الجهاز العصبي يعطي التماسا لملكة الجهاز الهرموني ، الغدة النخامية ، تعطي أمر لوزير داخليتها ....... فيعطي أمرا إلى القلب ليرفع النبض إلى 180 نبضة ، وأمرا إلى الرئتين ليزداد الوجيب ، فالخائف قلبه ينبض سريعاً ، ورئتاه تخفقان سريعاً ، وأمرا إلى الأوعية المحيطية بتضييق اللمعة فيصفر الخائف ، وأمرا إلى الكبد بإطلاق كمية سكر استثنائية ، فالخائف سكره عالٍ ، وأمرًا إلى هرمون التجلط بإطلاق كمية إضافية فدم الخائف لزج .
اللحم الذي ذُبح وفق الطريقة الإسلامية نجده زهري شهي المنظر

هذه الدابة إذا ذبحنها ، وقطعنا رأسها يبقى القلب يعمل 80 نبضة ، الثمانون نبضة تخرج ربع الدم فقط ، أما إذا أبقينا الرأس موصولا بالجسم يعمل الجهاز الاستثنائي ، فالخروف أدرك الخطر ، ارتفع النبض 180 نبضة حيث يخرج الدم كله من جسم الدابة ، تجد اللحم الذي ذُبح وفق الطريقة الإسلامية أزهر اللون ، شهي المنظر ، طيب الطعم ، أما إذا ذُبح بقطع رأس الدابة يبقى أربعة أخماس الدم في الدابة ، يصبح لون اللحم أزرق ، ومؤذيًا ، واللحم بؤرة جراثيم ، ليس هذا من علم النبي ، ولا من تجربة النبي ، ولا من ثقافة النبي ، ولا من معطيات بيئة النبي :
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾
( سورة النجم )
فالكون أكبر ثابت من ثوابت الإيمان .
الثابت الثاني : القرآن :
يليه في المصداقية القرآن الكريم ، كلام الله ، الكون خلقه ، والقرآن كلامه ، ولكن هذا القرآن معه شهادة من الله أنه كلامه .
لكل نبيٍّ معجزة :

إخواننا الكرام ، كل نبي معه معجزة ، والمعجزة في حقيقتها شهادة الله للبشر أن هذا الإنسان رسول رب البشر ، علامة ، إلا أن الأنبياء السابقين كانوا لأقوامهم ، فالمعجزة حسية ، سيدنا موسى ألقى عصاه :
﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ﴾
( سورة الأعراف )
المعجزة الحسية تتألق ثم تنطفئ أما إعجاز القرآن شهادة الله المستمرة
سيدنا عيسى أحيى الميت ، وهذا شيء فوق طاقة البشر ، سيدنا إبراهيم أُلقي في النار فلم تحرقه ، هذه معجزات ، لكن هؤلاء الأنبياء لأقوامهم فقط ، أما النبي عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنبياء والمرسلين ، هو لكل البشر أجمعين ، هو رحمة للعالمين ، هو إلى نهاية الدوران ، هو حتى قيام الساعة ، إذاً كتابه خاتم الكتب ، لا بد من أن تكون شهادة الله للخلق من أن هذا القرآن كلامه مستمرة ، المعجزة الحسية كتألق عود الثقاب يتألق مرة ، ثم ينطفئ فتصبح خبراً تصدقه أو لا تصدقه ، بينما إعجاز القرآن شهادة الله المستمرة .
في القرآن 1300 آية كونية ، سدس القرآن شهادة على خمسة أسداسه أنه كلام الله ، السدس شهادة من الله .
﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾
( سورة يس الآية : 38 )
الآن ثبت أن الشمس تجري ، يعني حقائق لا تنتهي ، والإعجاز يحتاج إلى سنوات ، والآن المادة الأولى في الدعوة إلى الله الإعجاز العلمي في القرآن والسنة .
الثابت الثالث : السُّنة :

القرآن كلي وتأتي السنة لتفسره لنا
لكن القرآن كلي ، يحتاج إلى من يفسره لنا ، فيأتي النبي الكريم ليبين للناس ما نزل إليهم ، فبيان النبي الكريم هو شرح ، وتوضيح لمجمل القرآن الكريم ، وكأن سنة النبي هي تفسير لكلام الله ، فعندنا كون الثابت الأول في الإيمان ، وكتاب فيه كل شيء ، وإنسان سيشرح هذا الكتاب ، دليل أن الله موجود ، وواحد ، وكامل الكون ، ودليل أن هذا القرآن كلام الله إعجازه ، ودليل أن النبي رسول الله هو القرآن .
لا زلنا في العقل ، لكن بعد هذه المرحلة يأتي دور النقل ، أي شيء عجز العقل عن إدراكه أخبر الله به ، صار عندنا في ديننا معقولات ، ومسموعات ، وعندنا تفكر ، ونقل ، وعندنا عقل ونقل ، وعندنا أبحاث يتولاها العقل ، وعندنا أخبار تتلقفها الأذن .
1 – إخبار الله بوجود الملائكة والجن والنار والجنة :

الآن القسم الآخر من الدين الله أخبرنا أن هناك ملائكة . أخبرنا الله أن هناك حياة بعد الموت فيها جنة وفيها نار
﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾
( سورة التحريم )
ما الدليل ؟ ليس عندنا دليل حسي ، بل هناك دليل إخباري ، هو إخبار الله لك .
أنت دخلت إلى بيت ، صاحب البيت كل ذرة في دمك ، وكل خلية في جسمك تؤمن أنه صادق ، وهناك خزانة مغلقة ، سألته : ما في هذه الخزانة ؟ قال لك : كتب قديمة ، الدليل الخبر فقط ، لكن لو فتحت الخزانة ترى بعينك ، وتدرك بعقلك أن هذه كتب قديمة ، أما هو فما فتحها لك ، لكنه أخبرك .
فأخبرنا الله عن وجود الملائكة ، وعن وجود الجن ، وأن هناك حياة بعد الموت فيها جنة وفيها نار ، فيها نار لا ينفذ عذابها ، وفيها جنة يدوم نعيمها إلى أبد الآبدين .
2 – إخبار الله بالماضي السحيق :

أخبرنا الله عن قصص الأقوام السابقة
أخبرنا عن الماضي السحيق ، كيف خُلق الإنسان ، آدم وحواء ، وكيف كانا في الجنة ، فالشيطان أخرجهما من الجنة ، وأخبرنا عن الأقوام السابقة عن عاد وثمود وأصحاب الأيكة ، وقوم موسى وهارون ، ففي ماضي سحيق ، في مستقبل بعيد ، في حديث عن الذات الإلهية .
﴿ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾
( سورة البقرة الآية : 255 )
هذا الدين العظيم فيه معقولات ، ومخبرات ، عقل ، و نقل ، الذي عجز عقلك عن إدراكه أخبرك الله به .
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَم

أيها الإخوة الكرام ،
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَم ﴾
لأن الإنسان قبِل حمل الأمانة كان أعلى المخلوقات
لأن الإنسان قبِل حمل الأمانة كان أعلى المخلوقات ، لأنه قبِل حمل الأمانة صار أعلى المخلوقات على الإطلاق ، فالملائكة دونه ، هنا السجود يعني خذوا أمري من آدم ، المعنى الدقيق للسجود أن نأخذ الأمر أمر الله عز وجل من آدم ، السجود هو الخضوع ، أنت حينما يأتيك أحياناً إنسان عادي معه أمر من الملك ، فإذا أطعت هذا الإنسان العادي هي في الحقيقة ليست طاعة له ، ولكنها طاعة للملِك ، فهنا السجود الخضوع يعني أيها الملائكة أنتم أشفقتم من حمل الأمانة ، لكن آدم قبِلها ، وحملها ، فكان أعلى المخلوقات ، وسوف أُنفذ له أمري ، وأنتم عليكم أن تأخذوا أمرني من خلاله :
﴿ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ ﴾
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
معصية إبليس بعدم السجود معصية كبرياء وعظمة :

قال الله عز وجل :
﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾
( سورة الحجر )
المعاصي نوعان معصية كبر ومعصية غلبة
لكن إبليس رفض أن يسجد ، قال :
﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾
( سورة الأعراف الآية : 12 )
الآن بدأت معصية الكِبْر ، المعاصي نوعان : معصية كبر ، ومعصية غلبة ، وأفضل ألف مَرة أن تقع في الغلبة من أن تقع في الكبر ، لأن الكبر يتناقض مع العبودية لله ، لذلك الذي يعصي الله غلبة ترجى له التوبة ، وهو قريب من التوبة ، وربما معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً .
﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾
أي عصى :
﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾
( سورة الكهف الآية : 50 )
لم يسجد ، هو طبعاً ليس من الملائكة ، لكن قبل أن يؤمر كان متفوقاً ، حتى ظُن أنه فوق الملائكة ، لكنه أبت نفسه أن يسجد استكباراً ، وعلواً في الأرض :
﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ ﴾
﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾
الآن أيها الإخوة ، قال الله عز وجل :
﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾
( سورة الأعراف )
إبليس أوَّل مَن سن قاعدة : أَنَا خَيْرٌ :

أنت أمام قضيب مستقيم ، وأمام خطاف يستخدم للحمل ، خطاف منحني هكذا أيهما أفضل ؟ كلام ليس له معنى لا نقارن بين الطين والنار فكل صفة تؤدي مهمتها
حينما تحتاج إلى قضيب مستقيم القضيب المستقيم أفضل ، وحينما تحتاج إلى خطاف تحمل به الأشياء فالانحناء أفضل ، فأن تقول : أيهما أفضل الطين أم النار هذا كلام لا معنى له ، كل صفة تؤدي مهمتها ، أيهما أفضل سيارة سياحية أم سيارة شاحنة ؟ كلام مضحك ، ماذا تريد أن تستخدم هذه السيارة ، لنقل الركاب ؟ السياحية أفضل ، لنقل البضاعة ؟ الشاحنة أفضل ، فكل صفة لا يمكن أن تكون مفضلة إلا بحسب مهمتها ، لكن أنا أفاضل بين شاحنتين ، أو بين سيارتين لنقل الركاب ، أما أنا أفاضل بين مركبة مهمتها نقل الركاب ، ومركبة مهمتها نقل البضائع فهذا غير مقبول .
قال :
﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ﴾
لا ، الجن لهم مهمات تخطي المسافات ، والحدود ، والسدود ، وسرعة الحركة ، والإنس لهم مهمة ، أعطي كل مخلوق الصفات التي تؤهله لتحقيق هدفه .
طبعاً قال القرآن على لسان إبليس :
﴿ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً﴾
( سورة الإسراء )
إذاً : جاء التوضيح :
﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ﴾
( سورة ص الآية : 74)
بين المنعِ والامتناع :
الله عز وجل يقول :
﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ﴾
ما الذي منعك أن تسجد ؟
هناك فرق بين المنع و الامتناع

والحقيقة هنا نحتاج إلى وقفة متأنية ، عندنا :

﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ﴾
و:
﴿ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ ﴾
هذا يتوضح في الفرق بين المنع و الامتناع .
أحياناً تريد أن تأكل تأتي قوة قاهرة تشهر عليك سلاحاً ، فلا تأكل ، أنت الآن مُنعت أن تأكل ، لكن الأكل أمامك ، وهممت أن تأكل ، فجاء طبيب تثق بعلمه ، وأخبرك أن هذا الطعام يؤذي مرضك ، ويؤخر شفاءك ، الآن لم تمنع من أن تأكل ، ولكنك أُقنعت ألا تأكل ، فامتنعت ، الفرق كبير بين أن تُمنع بالقوة ، وبين أن تمتنع اختياراً .
دقة القرآن الكريم شيء عجيب :

﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ﴾
ابليس كان مقتنعا أن خلقه من نار خير من الطين
هل هناك قوة قاهرة منعتك أن تسجد ؟ وهناك آية ثانية توضح هذا المعنى :
﴿ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ﴾
من الذي أقنعك ألا تسجد ؟
الفرق بين :
﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ﴾
و :
﴿ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ﴾
هو الفرق بين أن تقهر ، وبين أن تقتنع ، فيبدو أن إبليس اقتنع أن النار خير من الطين ، فقال :
﴿ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ﴾
( سورة الحجر الآية : 33 )
﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾
هذا ما ترتب عن المعصية :
1 – الهبوط من الجنة :
أيها الإخوة ، لما رفض إبليس أن يسجد :
﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾
( سورة الأعراف )
2 – معنى الهبوط :

الهبوط له معنيان ، هبوط مكاني ، الطائرة هبطت على المطار الفلاني ، هذا هبوط مكاني ، وإنسان كان مديرًا عاما بمؤسسة ، وباعتبار المؤسسة فخمة جداً مكتبه الفخم في الطابق الأول ، فهبطت مكانته ، ووظفوه رئيس دائرة في الطابق العاشر الهبوط أن تهبط مكانة الشخص وسلطته
نقول : هبطت مكانته ، لكن كان هو تحت ، فصار فوق ، لا ، مكانته هبطت هنا ، كان مكتبه في الطابق الأول ، لأنه مدير عام ، أصبح رئيس فرع في الطابق العاشر ، هو لم يصعد تحت ولكنه هبط ، هبطت مكانته ، هبطت سلطته ، هبط دخله .
لذلك :
﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا ﴾
كنت مرشحاً أن تكون من أهل الجنة حيث فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، لكنك الآن تكبرت ، وأبيت أن تطيع الله ، وتوهمت أن النار خير من الطين ، فتستحق الآن أن تهبط منها
﴿ فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ ﴾
من يأبى أن يطيع ويسجد لله فهو صغير عند الله
قيسوا على هذه الآية أوضاع البشر ، هذا الذي يأبى أن يطيع الله ، يتكبر أن يصلي ، يتكبر أن يسجد لله ، ترون أنتم في المناسبات الدينية المسئولون كلهم يسجدون ، هذا وسام شرف لهم ، أليس كذلك ؟ للأرض .
قال :
﴿ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ ﴾

أما الذي يأبى أن يسجد لله فهو صغير عند الله ، تتكبر على من ؟ على خالق السماوات والأرض ، مع أن العلاقة مع الله كلما ازددت تواضعاً له وخضوعاً له أعزك الله ، أنا لا أتصور على وجه الأرض إنسان أعز الله كسيدنا محمد .
هل من المعقول لإنسان ليس مسلماً يؤلف كتابا ، يدرس تاريخ البشرية ، ويبحث من هؤلاء البشر على عظماء البشر ، عظماء البشر في كل القرون ، وفي كل القارات ، وفي كل الثقافات ، ويختار من بين هؤلاء العظام القادة العباقرة ألف إنسان ، ثم يصطفي من هذه الألف مئة ، ثم يجعل محمد بن عبد الله على رأس هذه المئة .
مرة ذكرت أقوالا لمفكري الغرب في هذا النبي الكريم ، رفعه الله عند المسلمين وعند غير المسلمين .
أيها الإخوة الكرام ، قال تعالى :
﴿ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ ﴾
لأنك استنكفت أن تسجد تنفيذاً لأمر الله .
والحمد لله رب العالمين






التوقيع

    رد مع اقتباس