عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-07-12, 19:00 رقم المشاركة : 5
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي رد: الأمازيغ العلمانيون لا يعادون الدين عموما، بل الإسلام فقط


هذا النص لا يرقى إلى مرتبة مقال بالمفهوم المنهجي لأن الكاتب لم يقم بتنقيح الموضوع وضبط المفاهيم. فحين تقرأ النص، تجده مبنيا على تهيئات شائعة بين الناس وعلى تعاريف غير مضبوطة منهجيا.

مثلا حين يقول الكاتب: في الدولة الإسلامية الحاكم يحاسب يوم القيامة، نحس وكأنه يريد إثارة هذه الفكرة بشكل كاريكاتوري في مقابل العبارة "المبهرة" التي تقول أن في الدولة الديمقراطية الحاكم يحاسبه الشعب.

هذه العبارة ساحرة لولا أن الواقع يبين أن محاسبة الشعب للحاكم تكاد تكون منعدمة في الديمقراطيات الراسخة. وإذا أردنا أن نكون أكثر تحديدا، لنا أن نسأل: كم رئيس أمريكي حوسب جراء أخطائه؟ هل حوسبت الوزيرة البريطانية السابقة مارغريت تاتشر على جريمتها في حرب العراق الأولى؟ أين وصلت محاكمة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وهو الآن يستعد لدخول الانتخابات؟ إن أقصى ما يمكن أن يقوم به الشعب تجاه حكامه هو عدم التصويت عليهم مرة أخرى. والحالات التي حصلت فيها محاسبة حقيقية لا تكاد تظهر، والشاذ لا حكم له.

في الدولة الإسلامية كما يسميها الكاتب، هناك ضوابط للعلاقة تضبط حدود الطاعة ومحددات إمكانية عصيان الحاكم أو عزله، والأساس الذي يضبط ذلك كله هو التعاقد الذي يجمع بين الطرفين، وهو هنا إقامة الدين في شكله الواسع، أي العبادات، والعدل والدفاع عن حياة الناس وأرزاقهم وما إلى ذلك. مشكلة الكاتب هو أنه خاطر بنفسه بدخول بحر دون سابق معرفة، لأن الواضح أنه ليست له دراية بالسياسة الشرعية.

من بين الأشياء الأخرى التي أثارها الكاتب هي قوله أن الحاكم في الدولة الإسلامية يحكم باسم الله. ويبدو أن الكاتب اختلطت عليه الأمور لأنه غير متمكن من السياسة الشرعية كما قلت، وقد يكون مفتقدا للمعرفة بالمسيحية وبمقارنة الأديان، كما لا يعرف العلاقة بين الأمراء المسيحيين والقساوسة مرورا باليعقوبيين وغيرهم. لذلك لا أدري من أين أتى بفكرة أن الرئيس أو الملك يحكم باسم الله.

وحتى فهم الكاتب للديمقراطية فهم سطحي بدائي. فمثلا يقول أن تشريع وإقرار القوانين والإجراءات الجديدة يكون عبر الشعب أو عبر ممثليه. وهو نفسه يعلم أن الشعب لا يشرع لأنه غير مكون من فقهاء قانون، والذين يقومون بالتشريع هو السياسيون، وأود أن اسأل: هل السياسيون يشرعون بناء على استفتاء وسط الذي انتخبوهم؟ هل من البساطة أن يأتي كل نائب برلماني إلى عدد من المواطنين ويستشيرهم حول اتفاقية تخص مجال الأبناك والبورصة مثلا، أو مقترح يتعلق بالقانون الجنائي أو العلاقات الدولية وغير ذلك حتى يكون الشعب هو من شرع؟
في حديثه عن المساواة بين الرجل والمرأة، يقول أن الإسلام ليست فيه مساواة، ويستدل بكون الرجال قوامين على النساء. وهذا من أفدح الجهالات لأنه لم يفهم الآية إطلاقا (ليس هنا مجال التفسير) في حين أن حتى الحركات النسوانية بدأت تفهم هذا الأمر.
هذا غيض من فيض كما يقال. ولا داعي لتناول كل ما جاء لأن ذلك كثير جدا، لكنه يعكس المنزلقات التي يقع فيه المرء حين يخوض في موضوع لا يملك أدوات الخوض فيه، دون الحديث عن الموضوعية والذاتية في بسط "الأفكار".





    رد مع اقتباس