عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-07-12, 14:27 رقم المشاركة : 18
express-1
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية express-1

 

إحصائية العضو








express-1 غير متواجد حالياً


وسام التميز لشهر مارس 2012

افتراضي رد: مراسلة مدير المناهج تثير انتقادات الفاعلين التربويين


إلغاء التربية الإسلامية وتعويضها بالأخلاق


رشيد لبيض
الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 08:59
كثر الحديث مؤخرا حول مادة التربية الإسلامية خصوصا بعد دعوة الملك لمراجعة مناهج تدريسها، وبين مؤيد ومعارض تعالت الكثير من الصيحات من الجانبين (المجددين والمحافظين)، بين رافض لربط المادّة بقيم التطرف والإرهاب وبالتالي لا حاجة لمراجعتها، وبين داع لتنقيحها من عدد من النصوص التي تحمل بذور وقوام الفكر المتطرف.
وبين هؤلاء وأولئك، ( وبعيدا عن منطق التخوين والمؤامرة وما جاورهما)، لنا رأي ثالث يستلزم شيئا من سعة الصدر وبرودة التلقي لاستكناه مضمونه.
فرأينا المتواضع أن تلغى مادة "التربية الإسلامية" نهائيا من المقررات الدراسية وتعوّض بمادة "الأخلاق" وذلك للاعتبارات التالية:
- لأن مقرر مادة التربية الإسلامية مشحون بالفكر الوهّابي المتشدد والأحكام القاسية تجاه المخالفين، وعلى سبيل المثال لا الحصر (حكم قتل المرتد)، والذي لطالما أحرج الدول الإسلامية أمام الهيئات الأممية المعنية بحقوق الإنسان.
- لأن الإسلام المغربي تميّز عبر التاريخ (ما قبل الغزو الوهابي) بانفتاحه وتفرّده، حيث عاش المسلمون واليهود جنبا لجنب آمنين مطمئنين، وشكلوا نموذجا عالميا للتسامح الديني، وهنا نتحدث عن الإسلام الشعبي البعيد عن التفسيرات المتشددة للنصوص، حيث عاش المغاربة الإسلام مثلما وجدوا عليه آباءهم لا مثلما يراد أن يصدّر لهم مشحونا بالإيديولوجيا.
- لأن المغاربة لا يحتاجون من يعلّمهم دينهم فهم يعلمون أبناءهم منذ نعومة أظفارهم الشعائر الدينية الإسلامية (مثلما يفهمونها)، فالمغاربة مسلمون ب"الفطرة" إن شئنا القول، (فطرة التنشئة الأسرية)، وإسلامهم هذا مختلف تماما عن إسلام المقررات الدراسية، فإسلام الأسرة المغربية عموما يصنع المسلمين، أما إسلام المدرسة فيصنع الإسلاميين، وشتان بين الأولين والآخرين.
- لأن الخصوصية الدينية المغربية تتمثل في نمط العيش والتفكير المنفتح لدى المغاربة، والذي يبدو في كثير من المواقف رافضا للتشدد، فأغلب الأسر المغربية لا تفرح لإبنها الذي صار "إخوانيا" يحرم ويحلل ويضايق أسرته بأفكاره المتشددة، وما تسميته ب "الإخواني" في التداول الشفهي المغربي إلا دلالة على كونه شاذّا دخيلا على الثقافة الدينية المغربية المتميزة.
- لأن الإسلام الشعبي المغربي "بهيج"، - وللإشارة فعندما نستعمل عبارة الإسلام المغربي، إنّما نعني بها "التدين" وليس الدين، لأن الدين هو الإسلام بأركانه الخمس، وإنما الاختلاف في نمط تنزيل وتطبيق تعاليم هذا الدين في الحياة اليومية للمغاربة- ، فالمغاربة مجبولون على الفرح والبهجة، وقد أبانوا عن ذلك من خلال مختلف الأهازيج الشعبية التي نظموها، حيث تغنوا بالرسول الكريم وبالقدرة الإلهية وهم يرقصون ويمرحون، بعيدا عن ثقافة اللطم والبكاء وإراقة الدماء مثلما يفعل المسلمون في بلدان أخرى.
إن هذه الأمثلة البسيطة ما هي إلا غيض من فيض من الخصائص التي تميز التدين الإسلامي المغربي عن الشرق، ومردّ ذلك إلى الفهم الإجرائي البسيط للدين الإسلامي من طرف المغاربة (فهم الفطرة) على مر التاريخ المغربي، والذي جعل المغرب في منأى عن الحروب الدينية الطائفية وعن مختلف الاغتيالات (التي يسوغها الدين) للمفكرين والمخالفين (قبل الغزو الإخواني)، كلّ هذا يجعلنا نؤكد على أطروحة إلغاء تدريس مادة التربية الإسلامية بكل حمولاتها الإيديولوجية، وتعويضها أو تحويلها إلى مادة نسميها "الأخلاق".
أما عن "مادة الأخلاق"، فربّما يكون من الأفضل أن نستلهم من خلالها الحقوق الكونية للإنسان بما فيها (الحريات العامة والفردية والمساواة بين الجنسين...)، وأن نؤصّل لها من خلال الثقافة الشعبية المغربية بما فيها الثقافة الدينية لتسهيل زرع قيمها في النشء الجديد، خصوصا ومجتمعنا في أمس الحاجة للأخلاق الإنسانية النبيلة على مختلف المستويات؛ سواء في تعامل الإنسان مع نفسه أو نظيره أو محيطه أو باقي المخلوقات بهذا الكون...وقد لا نحتاج إعطاء أمثلة على تردّي وضعية الأخلاق بمجتمعنا، فكلّ واحد منّا له تجارب يومية تؤكد هذا الوضع، ولا شك أننا بدورنا نكرس هذا الوضع يوميّا بوعينا أو بدونه...
*كاتب وباحث جامعي






    رد مع اقتباس