عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-07-10, 21:27 رقم المشاركة : 1
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي الأمازيغ العلمانيون لا يعادون الدين عموما، بل الإسلام فقط


لما حذفت وزارة التربية الوطنية سورة الفتح من مقرر التربية الإسلامية، وعوضتها بسورة الحشر، لم يكن الناشط الأمازيغي العلماني أحمد عصيد راضيا تمام الرضا. فهو وإن أيد إلغاء سورة الفتح لأنها تتناول موضوع الجهاد، فإنه انتقد إدخال سورة الحشر في البرنامج لأنها تتناول اليهود.

موقف أحمد عصيد هذا ليس موقف شخص من قضية، بل يعكس النمط الفكري للحركة الأمازيغية العلمانية في ما يتعلق بالموضوع. لهذا ينبغي وضع كلام عصيد ضمن نسق فكري ذي خلفيات وتمثلات، أهم ما يميزه هو التموقف من الإسلام على وجه التحديد وليس من الدين بشكل عام، وهو ما يجعل علمانية الحركة الأمازيغية علمانية عدائية، لا تتوفر على أحد أهم مقومات العلمانية المعتدلة، وهو الحياد تجاه الدين. وينبغي إذن معرفة أين يتجلى تموقف الأمازيغية العلمانية من الإسلام وليس من الدين.

حين نقوم بتحليل الخطاب الأمازيغي العلماني، يمكننا رصد بعض الإشارات التي تفيد في الموضوع:

ـ النقد الدائم للخطاب الإسلامي، وهو نقد لا يهم الفكر الإسلامي كمنتوج بشري ليس فوق التقد، بل ينصب على النص القرآني والحديث النبوي، إذ يقول عصيد وآخرون مثله أن هناك نصوصا قرآنية لا تنسجم مع قيم العصر، وأن هناك نصوصا غير صالحة ينبغي ملاءمتها مع المرجعية الحقوقية الكونية.

ـ التموقف السلبي من الإسلام كدين ورسالة سماوية، واحترام "الأديان" الوضعية في أشكالها الوثنية، خصوصا في ارتباطها بالأمازيغ على المستوى التاريخي.

ـ بين الرسالات السماوية، الإسلام وحده من يحوز شرف انتقاد الحركة العلمانية الأمازيغية، أما المسيحية واليهودية فلا يحدث معهما الشيء نفسه. وقد يكون ممكنا ربط ذلك بكون الأمازيغ كانوا مسيحيين في فترة ما، وقبلها كانوا يهودا. لكن إذا كان طبيعيا أن ينتصر الشخص لهويته التاريخية، فإن هذا بالذات يفضح تناقضين كبيرين:

أولهما، أن الانتصار للهوية التاريخية ينسحب على اليهودية والمسيحية ولا ينسحب على الإسلام،على الرغم من اعتناق كثير من الأمازيغيين للإسلام. وهذا أحد مآزق الحركة الأمازيغية، أي كيفية مقاربة تعدد الهويات.

ثانيهما، أن "القيم" التي ينبني عليها نقد عصيد وأمثاله للخطاب الإسلامي، اي رفض العنف والإعلاء من الحق في الحياة وغير ذلك، قلت: تلك القيم تختفي فجأة حين لا يعود هناك كلام حول الإسلام. فهي تحضر حين يكون الإسلام في المعركة، وتختفي في حالة اليهودية مثلا. ولا أظن أن عصيد يجهل بعض النصوص المحملة بالكثير من العنف في الكتب المقدس، ويمكن الإحالة هنا على العهد القديم خصوصا، وبالدرجة الأولى سفر التثنية المليء بأوامر القتل والانتقام، كما يمكن لعصيد أن يلقي نظرة على سفر العدد وسفر أشعياء وغير ذلك.

لا نطلب من عصيد ولا من الأمازيغيين أن ينتهوا عن نقدهم للخطاب الإسلامي، فذلك يخصهم، ولن يزيد ذلك في الإسلام شيئا، لكن عليهم أن يتحلوا بالانسجام مع النفس، وإذا كانوا يقدسون المرجعية الكونية ويرونها دينا بديلا، فهي تأمرهم بالتحلي بالموضوعية وإدانة العنف ولو كان مصدره يهوديا أو مسيحيا أو بوذيا.

في الإسلام نحن مأمورون بالشهادة بالحق ولو على أنفسنا أو الوالدين والأقربين. فهل لعصيد وفصيلته التي تؤويه الشجاعة للامتثال للقيم الكونية التي لا تتجزأ؟

بقلم: روبن هود





    رد مع اقتباس