عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-04-24, 12:25 رقم المشاركة : 10
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: الأثر الأندلسي في شمال المغرب : منطقة جبالة (أنجرة)


6-3. الأثر الأندلسي في لهجة أهل أنجرة


في اللهجة الجارية حاليا على لسان أهل أنجرة أثرٌ كبير لكلام أهل الأندلس، وإنْ كان قد أصابها تغيير بسبب التأثيرات اللغوية الخارجية التي دخلت عليها وأفقدتها بعض أصالتها، وهي لهجة نَلْقَاهَا في نُصوص الأمثال والأزجال الأندلسية القديمة،



ولعلّ دارسُو هذه النُّصُوص قد لاحظوا الأثر والتأثير الأندلسي المسموع في لهجة جبالة، ومما أَوَدُّ ذكره هُنا أن الدكتور محمد بنشريفة حين دَرَسَ "ملعبة" الكفيف الزرهوني أَلْفَاهَا تستعمل لُغة الزجل الأندلسي، وانتزع من النص المذكور عددًا من الألفاظ التي نلقاها كذلك في اللّهجة الأندلسية، وقد خلص الأستاذ محمد بن شريفة إلى



«أن هذا التماثل بين "مَلْعَبَة" الكفيف الزّرهوني وبين النصوص الأندلسية من حيث الاستعمال يمكن تفسيره بما يلي: (1) تَأَثُّر الزّجّال المغربي القديم بمحفوظه من الأزجال الأندلسية. (2) اشتراك لهجتيْ الأندلس والمغرب في عدد كبير من الألفاظ التي تعتبر ألفاظا مغربية بالمعنى الواسع. (3) تأثّر لهجة منطقة جبالة التي ينتمي إليها الكفيف باللهجة الأندلسية بحكم القرب والجوار، ولأن أهل جبالة أو غمارة كانوا يقومون دائما بفرض الجهاد في الأندلس ويتطوعون بدخولها من أجل ذلك ثم يعودون إلى ديارهم، ثم إن عددا كبيرا من الأندلسيين استقروا بمنطقة جبالة في أفواج متعاقبة».




ومُلَخَّصُ هذا الكلام أنّ جْبالة الأصليين تأثَّروا بلهجة أهل الأندلس بسبب القُرب والمجاوَرة، وأيضا لأن جالية أندلسية كبيرة استوطنت بلادهم بعد الجلاء، وهذا صحيح وإنْ كان يُبقينا دائما في دائرة التأثير والتّأثّر.


فالتّعريب الذي قامت بها الجالية الأندلسية لم يكن شاملا في بعض القبائل المغربية ولذلك ظلت مُزْدَوَجَة اللّهجة إلى اليوم، في حين نجد أنّ بعض أهل القبائل الجبلية الشّمالية التي استوطنها الأندلسيون يعتبرون اللهجة الأندلسية هي لُغتهم الأم لم يَعْرِفُوا غيرها مثل قبيلة أنجرة التي لا نسمع فيها إلا اللهجة العربية الأندلسية ولا يُخالطها كلام آخر.



وقد لا يتّسع هذا الحيِّز الآن لإنجاز مُعْجم لكل الألفاظ الأندلسية المتداولة ببلاد جبالة، ووَضْعِ تفسيرٍ لِمَعَانِيهَا، ولذلك سنكتفي بتقديم بعض الأمثلة من الألفاظ الأندلسية الجارية على ألسنة أهل قبيلة أنجرة:


النوادر، النّْيَق، النُّقلة، الطبيرة، اللِّنجاص، المجاز، المرج، الكُدية، الجُرْف، الخندق، الدامون، الشرفات، الجنان، الفدّان، الولجة، الحوز، الوْطَا، الغدير، الدمالج، الدْقُم، الكرانة، البراطل، البلِّق، الملاسة، القُب، البَرْوَق، العزف، البلاط، الزّريعة، النِّيش، المسيد، الدّشار، البرّاني (وتعني الغريب)، العُدوة (وتعني الجانب الآخر من الوادي، وأهل أنجرة يُطلقون على اسبانيا اسم العُدوة إلى اليوم)، ...الخ.


وكُلُّ من قُدِّر له أن يخالط أهل هذه القبيلة ويتكلّم معهم إلا وقد لاحظ أن الطّابع الأندلسي بارز في كلامهم، ولذلك لما شَرَعَ الباحث الإسباني أَنْخِلِيسْ بِسِنْطِي في دِرَاسَة لهجة أهل أنجرة اكتشف ذلك الأثر الأندلسي الكبير الباقي في الكلام الجاري على ألسنة الأنجريين، فقال عن كتابه:


«إنّ الهدف من هذا العمل يتركّز، في مُعظمه، في إظهار الأثر اللغوي للأندلس في بعض لهجات شمال المغرب التي لم تُدرس بما فيه الكفاية حتى الآن، ويتجلّى أسَاسًا في الدِّراسة العِلمية التي تناولناها عن بعض اللهجات الأكثر قدامة بالبلد المجاور (المغرب)، مثل لهجة أنجرة».


ومِنْ خصائص اللّهجة الجبلية: الإمالة، وهي انقلاب الألف "يَاء" في نطقهم لعدد من الألفاظ، وقد بقي أثر الإمالة في كلام أحفاد الأندلسيين الذين استوطنوا شمال المغرب، فعندما زار الحسن بن مسعود اليوسي بلاد جبالة لاحظ في كلامهم هذه الإمالة، فقال: «ومن جُملة ما اتفق لي في هذه السّفْرَة إلى جِبَالِ الزَّبِيب، وسفرات أخرى لزيارة الشيخ عبد السلام ابن مشيش -رضي الله عنه-، أني سمعت لغة لأهل تلك الجبال يكسرون آخر الموقوف عليه، فتتبعتها استقراء فوجدتها لها ضابط. وقد رأيت غيرهم من أهل الآفاق يسمعون عنهم ذلك فيحكونه على غير وجه، وينسبون إليهم ما لا يقولون جهلا منهم بضوابطها، فإنهم لا يكسرون إلا الفتحة بعدها ألف... فإن العوام من غيرهم يقولون في الموقف على هذه: البقرا والشجرا، بألف، وهؤلاء يَكْسِرُون فيقولون: البقْرِي والشّجْرِي، وتنقلب الألف ياء». ومن خَصَائص لهجة أنجرة أيضا نُطقهم القاف كَافاً.

بتصرف عن: الأستاذ رشيد العفاقي
باحث في تاريخ المغرب والأندلس





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس