عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-04-04, 12:21 رقم المشاركة : 1
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

b7 خبير لساني يسأل: من يعادي التعددية اللغوية بالمغرب؟‎


خبير لساني يسأل: من يعادي التعددية اللغوية بالمغرب؟‎




د.عبد القادر الفاسي الفهري*


*خبير لساني دولي، رئيس جمعية اللسانيات بالمغرب



أقر الدستور المغربي الجديد سنة 2011 ضربا من السياسة التعددية اللغوية Multilingualism ، ترتكز بالأساس على لغتين رسميتين وطنيتين، وهما العربية والمازيغية، وعلى لغتين "للانفتاح العلمي والثقافي-الحضاري (الأكثر انتشارا في العالم) لعلهما، في الممارسة المغربية، الفرنسية والإنجليزية.


ويغتني هذا التعدد اللغوي بتنوع ثقافي Cultural diversity في إطار الوحدة Unity، ينبغي أن يشمل التنوعات الثقافية واللهجية، سنضعه جانبا في هذا النقاش.




ورغم أن الخطابات الرسمية في مختلف المناسبات تتباهى بهذا الأنموذج التعددي الجديد في تدبير اللغات والثقافات (أو الثقافة بالمفرد، كما في الدستور)، ورغم أن النقاشات العمومية والأدبيات لم توضح بعد بما يكفي معالم هذه التعددية، بأصولها ومصادرها وأبعادها وآليات تصريفها، لكي تصير مفهومة ومقبولة من لدن من ستطبق عليهم، أي المواطنين (الذين كان من المفروض أن يستشاروا أو يستفتوا بشأنها وشأن تفاصيلها)، في مختلف المجالات، وخاصة في التعليم، ورغم أن الخطة الإستراتيجية لإصلاح "أنظمة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي" تبشر بتعددية في التعليم التأهيلي والعالي (على وجه الخصوص)، فإن بعض المسؤولين السياسيين وبعض النخب الفكرية والثقافية ما زالوا يتبارون في الممارسة والحجاج من أجل إقرار خطة لغوية أحادية monolingual، تنفرد فيها اللغة الفرنسية بتدريس المواد العلمية والتقنية، بدءا من التعليم الإعدادي إلى التعليم الجامعي.



وضدا على ما لوحت به الخطة الإستراتيجية للتعليم من "تناوب للغات" (وإن بصفة غير دقيقة)، فإن وزير التربية الوطنية، السيد رشيد بلمختار، سارع إلى ترجمة الأنموذج الجديد عبر فرنسة أحادية، لاغيا في الوقت نفسه الحاجة إلى التدريس باللغة الرسمية الوطنية المؤهلة (وما تراكم في التعليم بهذا الشأن)، وتوسيع مجال استعمالها والنهوض بها، والحاجة إلى التدريس باللغة الإنجليزية، التي يجمع العلماء وأصحاب الخبرة على أنها لغة العلم الأولى عالميا.


وإذا استثنينا بعض الدول غير النامية القليلة التي عانت ولازالت تعاني من مخلفات الاستعمار واستبقاء توجهاته اللغوية (مثل بعض الدول الإفريقية الضعيفة)، فإننا لا ندري أي نموذج لغوي سياسي نهضوي يحاكيه السيد الوزير، وهل طبق في التعليم في أي دولة على ظهر البسيطة هذا النوع الأحادي غير الوطني ونال النجاح في رفع الاختلالات ذات الصلة؟، هل وقع ذلك في إيران أو إسرائيل أو كوريا، أو اليابان، أو أوروبا، الخ؟ ففي كل هذه الدول وغيرها يدرس التلميذ-الطالب المواد العلمية والتقنية (إضافة إلى المواد الأخرى) بلغته الوطنية، وليس بلغة أجنبية.


ورغم أن التعليم اليوم في جل البلدان ينزع إلى أن يكون ثنائيا أو تعدديا، نتيجة عولمة تعليم المواد المذكورة، فإن هذه الدول تلجأ إلى تعليم "دولي"، أي تعليم بعض المواد أو بعض المجزوءات داخل المواد باللغة الدولية، وما هو معياري في هذا الصدد هو أن يقصد باللغة الدولية الإنجليزية. وهي لغة مكملة داعمة، وليست لغة منفردة بتعليم المادة بكاملها، إلا في الدول الضعيفة كذلك .


ولأن المغرب بلد صاعد يتبوأ ويتوق إلى أن يلعب دورا متميزا في المنتظم الدولي، سياسيا واقتصاديا وثقافيا، فلا يمكن أن نتصور أنه يمكن أن يأخذ قرار استصغار لغته (أو لغاته)، وأن يقر بالتبعية اللغوية والثقافية، بل الأجدر به أن يتبنى تعددية لغوية وثقافية استشرافية ومتزنة، تمكنه من الحفاظ على استقلاليته من جهة، ومن جني فوائد التعليم بلغتين (أو أكثر) من اللغات الأكثر انتشارا في العالم، طبقا للأحكام ذات الصلة الواردة في الدستور.


ما هو مطلوب إذن في التخطيط لاختيار لغات التعليم هو إقرار توازن بين الهوياتية والأداتية (الكونية) في الاختيار، أو بالأحرى البحث عن "القسمة العادلة" التي تمكن من عدم تضييع فرص المتعلم، عبر اللغة الوطنية، من جهة، وفرصه عبر اللغتين الأجنبيتين، من جهة أخرى.
فما هي القسمة العادلة والمعقولة في مجال اللغات؟

يتبع






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس