عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-02-09, 09:02 رقم المشاركة : 3
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: حديث: "بُعِثت بالسيف" اختلاقُ دجّال


العلة الثالثة: ضعف الجرشي:


أبو المنيب الجرشي الشامي الأحدب، وفرق بعضهم بين الجرشي والأحدب، لا يعرف اسمه، وسكت عنه البخاري في تاريخه، وأبو حاتم الرازي في "الجرح" مفرقين بينهما، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في ثقاته من غير توثيق صريح، وهما متساهلان في التوثيق نظرا لشروطهما الخفيفة، وليس له في الستة إلا الجملة الأخيرة من هذا الحديث عند أبي داود، وفي التقريب عن الجرشي: "ثقة"، وعن الأحدب: "مقبول".


فالرجل ضعيف لأن فيه جهالة، ثم إنه ينفرد ويغرب، والغرابة لا تقبل من أمثاله، هذا ما تفرضه القواعد، إذ من قبيل المستحيل أن ينفرد مثله عن صحابي كبير إمام مثل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بحديث ثقيل المضمون، دون مشاهير تلامذته.
والمصححون مغترون بتساهل العجلي وابن حبان، مقصّرون في دراسة حال الجرشي تقليدا لهما حتما.
والألباني تجاهل هنا أيضا، فإنه ضعف الجرشي وحكم عليه بالجهالة في الصحيحة 3/387 والضعيفة 4/320 و13/18، فكيف صحح له هنا؟
والعلة الثالثة لم يسبقنا إليها أحد، فالحمد للفرد الصمد.




العلة الرابعة: التفرد المطلق:


الحديث الخطير مضمونا، انفرد به عبد الرحمن الضعيف عن حسان بن عطية المدلس، عن أبي المنيب المجهول اسمه، المغمور بين التابعين، والتفرد من مثل هؤلاء في كل طبقات السند يقضي بنكارة هذا الطريق عند علماء العلل، أطباء السنّة.
وبمجموع هذه العلل الأربعة، تكون هذه الرواية منكرة ضعيفة جدا لا تصلح في المتابعات أو الشواهد.


ومن هنا يظهر لك مدى تقصير المصححين وتواردهم على التقليد الأعمى.
هذا، ولا أستبعد أن يكون أبو المنيب الجرشي آفة الحديث، أي واضعه ومختلقه، فإنه غير معروف الاسم، ولا مشهور بين تلامذة عبد الله بن عمر، ثم إنه شامي الهوى عاش إبان الغزو الأموي باسم الفتح، وأكثر من ذلك فسيدنا ابن عمر كان مقيما بين مكة والمدينة، فمتى سمعه الجرشي واختص بحديث خطير عن صحابي شهير، في غفلة من أصحابه وتلامذته المشاهير؟


وربما تعمد الرواة التستّر عليه لتمرير حديثه خدمة للدين من وجهة نظرهم.
وأخيرا، فرجال السند كلهم شاميون، وأحاديثهم تقع في آخر رتبة المرويات عند المحدثين، وفي تاريخ دمشق (1/362) لابن عساكر الشامي من طريق النعمان بن المنذر الغساني قال: كنت مع مكحول بالصائفة، فأتاه فتيان من أهل العراق، فجعلوا يسألونه، فجعل يخبرهم، فقالوا له: عن من؟ ومن حدثك؟ فنشط لهم مكحول، فجعل يسند لهم، فلما تهيأ قيامه ضحك ثم قال: هكذا ينبغي لكم يا أهل العراق، فلا يصلحكم إلا هذا، وأما أصحابنا هؤلاء أهل الشام، فيأخذون كما تيسر.


ثم روى عن الأعمش قال: كنا إذا جاءنا الحديث فأنكرناه قلنا: شامي.
وقال بعد حكاية ثالثة ضعفها: لأن الغالب على أحاديث أهل الشام أحاديث الفتن والملاحم، أو لأنهم لا يسألون عن الإسناد، ويأخذون الأحاديث كما تيسر، كما في الحكاية التي قبلها عن مكحول والله أعلم. فأما إذا جاء الحديث مسندا من رواية ثقاتهم بعضهم عن بعض، فهو صحيح تلزم به الحجة كما يلزم بأحاديث غيرهم من أهل الأمصار. هـ


قلت: صحيح ما قاله ابن عساكر، وقد اشترط أن يرويه الثقات عن أمثالهم من غير انقطاع ولا شذوذ أو علة، وبه نقول.


متابعة لا يفرح بها إلا معاند جامد:


قال الوليد بن مسلم: حدثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله عليه السلام: « بعثت بالسيف...الحديث». (مشكل الآثار للطحاوي(1/238)، والمعجم الكبير للطبراني جـ 13، 14 (ص 318)، وحديث الأوزاعي لابن حذلم (ص: 14).
وهذا الطريق يعني أن ابن ثوبان لم ينفرد بالحديث بل تابعه الأوزاعي عن حسان، ولا قيمة لهذه المتابعة نظرا لهذه العلل:


العلة الأولى: الوليد بن مسلم مشهور بتدليس التسوية، أي أنه كان يسقط الضعفاء من جميع طبقات السند، وهي علة أقر بها الألباني في "الإرواء"، وقال الأرنؤوط في التعليق على المسند: ( وهو – أي الوليد بن مسلم - هنا لم يصرح بصيغة السماع بين الأوزاعي وبين حسان بن عطية، والأوزاعي قد لقي عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وكاتبه، فلعله سمعه منه فدلسه الوليد وأسقط ابن ثوبان).
قلت: الوليد كان يسقط شيوخ الأوزاعي الضعفاء أدبا معه وإجلالا، وينسى الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالانقطاع راجح بين الأوزاعي وحسان بن عطية، وبالتالي فكأنه لا توجد متابعة.


العلة الخامسة: حسان بن عطية مدلس، وأبو المنيب مضعّف منفرد،


وعليهما مدار حديث ابن عمر، فتبقى أمام المصححين علّتان قادحتان لا انفكاك منهما، ويضاف إليهما ما بعد.


العلة السادسة: شذوذ الوليد:


متابعة الأوزاعي لابن ثوبان لا تصح رغم تصريح الوليد بالسماع منه، لأن الوليد خالف جماعة من الثقات، والوليد ثقة تكلم بعض النقاد في حفظه، فلا قيمة لمخالفته من هم أوثق منه وأكثر عددا.


والسند المحفوظ من طريق الأوزاعي هو ما رواه سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك وعيسى بن يونس، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ طَاوُسٍ اليماني، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، وَجَعَلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجَعَلَ الذُّلَّ وَالصَّغَارَ عَلَى مَنْ خَالَفَنِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» (الجهاد لابن المبارك (ص89)، ومصنف ابن أبي شيبة (4/216) و(6/470) ومسند القضاعي ح390 .


وهذا الطريق المحفوظ هو الذي رجّحه دحيم وأبو حاتم الرازي، وضعفا غيره، كما في العلل.


وحسّنه الحافظ ابن حجر مع إقراره بإرساله، وليس صحيحا ما قال، بل هو طريق ضعيف جدا، لهذه الأسباب:


أولا: سعيد بن جبلة الشامي مجهول وضعفه ابن خفيف الشيرازي، وربما يكون كذابا. (ترجمته في لسان الميزان المخصص للضعفاء).


ثانيا: طاووس بن كيسان اليماني التابعي الزاهد: ثقة يدلّس، ولم يسند حديثه عن أي من الصحابة، وهو يروي عنهم وعن ثقات ومجاهيل التابعين، فالسند معضل أيها الحافظ ابن حجر رحمك الله، أي سقط منه تابعي وصحابي على الأقل.


فكيف يكون مرسلا حسنا مع هذه العلل؟ وكيف يصلح عندك لتقوية طريق ابن ثوبان؟


أما الألباني فقصّر هنا أيضا، حيث قال عن سعيد بن جبلة في "إرواء الغليل" (5/110): أورده ابن أبى حاتم (2/1/10) من رواية الأوزاعى عنه وقال عن أبيه: "هو شامي"، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.هـ


قلت: صحيح أنه سكت عنه، لكنك تعدّ مثله في كتبك مجهولا، فلم رحمت هذا؟
ثم إنك لم تكلف نفسك التحقيق والتقصي لتجد صاحبك مضعفا مجروحا عند أبي حاتم وغيره، لا مسكوتا عنه:


قال ابن أبي حاتم في "المراسيل" (ص68): سَأَلْتُ أَبِي عَنْ سعيد بْنُ جَبَلَةَ الَّذِي يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حَدِيثَيْنِ؟ قَالَ: لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، إِنَّمَا يَرْوِي عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ. قُلْتُ: فَإِنَّ أَبَا زُرْعَةَ الدِّمِشْقِيّ أَدْخَلَهُ فِي الْمُسْنَدِ؟ قَالَ: هُوَ لَمْ يَبْلُغْ هَذَا، إِنَّمَا أَدْخَلَهُ لِضَعْفِهِ.هـ


وفي ميزان الاعتدال للذهبي، وذيله للحافظ العراقي، ولسان الميزان لابن حجر: قَالَ الإِمَام مُحَمَّد بن خَفِيف الشِّيرَازِيّ: لَيْسَ عِنْدهم بِذَاكَ.


ولم يتعقب أحد الحفاظ الثلاثة ما قاله الشيرازي، أي أنهم أقروه.
فتحصل أنه ضعيف ليس بذاك عند المحدثين.


فهل من حقنا أن نشكّك بعد هذا في أحكام من سبقنا؟ حافظ كبير يحسّن إسنادا معضلا فيه راو مضعّف عنده، مجرّح الحال، مجهول العين عندنا، إذ لم يرو عنه غير الأوزاعي.


ثم يقلّده مشتغل بالحديث، توفرت له الكتب الحديثية والوسائل المعاصرة المساعدة على الوصول إلى المعلومة بسهولة وسرعة.


والنتيجة أنه طريق ضعيف جدا لا يصلح شاهدا معضدا لغيره.


العلة السابعة: اضطراب روايات الأوزاعي:


مرّ معنا طريقان ثابتان إلى الأوزاعي، ثم يصيران ضعيفين بعده، والاضطراب منه رحمه الله، لأن تلامذته جماعة من الثقات الأئمة، وهذا يقوي أنه سمعه من ابن ثوبان ثم نسي.
وهناك طريق ثالث عنه، لكنه ضعيف إليه وبعده:


فروى صدقةُ بنُ عبدِ اللهِ عن الأَوزاعيِّ، عن يحيى بنِ أبي كثيرٍ، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرةَ قالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَنِي بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، وَجَعَلَ رِزْقِي فِي ظِلِّ رُمْحِي، وَجَعَلَ الذُّلَّ وَالصَّغَارَ عَلَى مَنْ خَالَفَنِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». (مسند أبي أمية الطرسوسي(ص57)، ومسند البزار ح8606، والمعجم لعبد الخالق الحنفي (ص143)، وذم الكلام وأهله للهروي(3/118 و119)


وهذا الطريق ضعفه: دحيم الحافظ وأبو حاتم الرازي في العلل3/388، والبزار، والدارقطني في العلل9/272، والألباني والأرنؤوط بسبب صدقة بن عبد الله الضعيف.
وحقه أنه طريق منكر، لأن الضعيف إذا خالف الثقات، كانت روايته منكرة، وصدقة ضعيف، وانفرد دون الثقات عن شيخه الأوزاعي بهذا الإسناد إلى أبي هريرة، فهو منكر لزاما.
والمنكر من قسم الضعيف جدا، أي الذي لا يصلح لتقوية غيره، ولا يتقوى بغيره.
ويزداد ضعفا إذا عرفنا أن يحيى بن أبي كثير كان مدلسا يستحل رواية الكذب، ولم يصرح بالسماع من أبي سلمة، ولا بسماعه من أبي هريرة.


قال الحافظ في ترجمته من "تهذيب التهذيب: قال حسين المعلم: قلنا ليحيى بن أبي كثير: هذه المرسلات عمن هي؟ قال: أترى رجلا أخذ مدادا وصحيفة يكتب على رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب. قال فقلت له: فإذا جاء مثل هذا فأخبرنا؟ قال: إذا قلت: بلغني، فإنه من كتاب. هـ


فحُقّ لنا بعد هذا أن نعدّ طريق الأوزاعي الثالث مكذوبا موضوعا على أبي سلمة، والحمد لله رب العالمين.


والخلاصة: متابعة الأوزاعي ضعيفة جدا أو موضوعة، فليشرب المستشهدون بها ماء البحر خير لهم من إضافة الكذب إلى رسول الله.




شواهد مكذوبة نقطع بذكرها الأمل:


يتبع





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس