كانت آدابُ الحرْب في الإسلام في أعْلى درجات المسامَحة والعدْل، منها:
1- ألا يقتل إلاَّ المقاتل:
•قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((مَن ألْقى السِّلاح فهو آمِن، ومَن أغلق بابَه فهو آمن))؛ رواه مسلم.
•وقال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((ألاَ لا تقتُلوا ذرّيَّة؛ كلُّ نسمة تُولد على الفطرة))؛ رواه النَّسائي وهو في صحيح الجامع.
•وذهب الإمام مالكٌ والإمام أبو حنيفة إلى عدَم مقاتلة الأعْمى، والمعتوه، والمقعد، وأصحاب الصَّوامع الَّذين طيَّنوا الباب عليهم ولا يُخالطون النَّاس، وعن الإمام مالكٍ أنَّه يَجب أن يُتْرَك لهم من أموالِهم ما يعيشون به.
•وقال الإمام الأوْزاعي: "لا يقتل الحُرَّاث والزُّراع، ولا الشَّيخ الكبير، ولا المجنون، ولا راهب، ولا امرأة".
2- النهي عن الغدر والمثلة:
قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((اغزوا، ولا تَغُلُّوا، ولا تغدروا، ولا تمثِّلوا، ولا تقتلوا وليدًا))؛ رواه مسلم.
3- النهي عن التدمير والتخريب من غير حاجة:
يدلُّ عليه وصيَّة أبي بكر - رضي الله عنه - ليزيدَ بن أبي سفيان لمَّا بعثه إلى الشَّام، ومنها: "وإنَّكم ستجِدون أقوامًا قد حبسوا أنفُسَهم في هذه الصَّوامع، فاتْركوهم وما حَبسوا له أنفُسَهم، ولا تقْتلوا كبيرًا هرمًا ولا امرأة، ولا وليدًا، ولا تخربوا عمرانًا، ولا تقْطعوا شجرة إلاَّ لنفع، ولا تَعقِرُنَّ بهيمة إلاَّ لنفع، ولا تَحرِقُنَّ نخلاً ولا تُغرِقُنَّه، ولا تغدرْ، ولا تمثِّل، ولا تجبنْ، ولا تغلُل"؛ سنن البيهقي.
-4إكرام الأسير:
قال البيضاوي: كان - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يُؤتى بالأسير، فيدفعه إلى بعْض المسلمين فيقول: ((أَحسنْ إليه)).
وقد تمثَّل هذا المبدأَ العظيم القائدُ المسلم صلاح الدين الأيوبي، الَّذي حرَّر القدس عام 1187م، فأمر بتوْزيع الصَّدقات على الفُقراء والمرْضى والأرامل من الصَّليبيِّين، وكذلك اليتامى والمقعدين، وأن يزوَّدوا بالدَّوابّ، كما أمر بردِّ الأسرى إلى أقاربِهم، وعفا عن كثيرين منهم بِخصوص الفدية، بحيث وجدْناه يفتدي وحْدَه عشرة آلاف شخصٍ، وأطْلق أخوه - الملقَّب بالملك العادل - سراح سبعة آلاف شخص.
أمَّا نصارى بيت المقدس، فقد سمح لهم بأن يَسكنوا فيها ولا يَخرجوا، وأن يؤمَّنوا ولا يزعجوا، فأقام منهم فيها وفي ضواحيها آلاف.
5- السلم وعقد الصلح مع العدو:
إذا طلب الأعداء السلم والتزموا بموجباته وهم في بلادِهم، فعلى المسلمين أن يستجيبوا لهم، فيُوقفوا الحرْب تلبيةً لرغْبتهم السِّلْمية؛ كما قال تعالى: {وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [الأنفال: 61].
ومن عجيبٍ قولِ رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يوْم الحديبية: ((والله، لا تدْعوني قريشٌ إلى خُطَّة توصَل بها الأرحام، وتَعْظُم فيها الحُرُمات إلاَّ أعطيتُهم إيَّاها))؛ البخاري.