عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-11-19, 16:23 رقم المشاركة : 1
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

b5 فلسفة بناء المناهج الدراسية: من يعرف من أين؟ يعرف إلى أين؟


فلسفة بناء المناهج الدراسية:


من يعرف من أين؟ يعرف إلى أين؟





«يا بني: من يعرف من أين؟.. يعرف إلى أين؟» كلمة قالها أحد الحكماء لابنه، وهو يحاوره، من خلالها تتحدد الفلسفة الكامنة وراء السلوك، والتصور المحرض على الفعل، والرؤية الدافعة للعمل.


يعتقد محللو النظم أن هناك نقاط حاكمة في أي نظام تعليمي، إذا حدث أي تغير فيها فإن ثمة تغيرات دراماتيكية ستطال بنية النظام، وستؤثر في النظام برمته...

إنها الفلسفة التي منها ننطلق، وإليها نعود..منها ننطلق في بناء مناهجنا الدراسية، وإليها نعود من جديد إذا ضلت خطانا عن نقطة البداية...

إنها سر التقدم للأمام، يقول مارك توين: إن سر التقدم للأمام هو معرفة نقطة البداية، وكما قيل: إذا ضلت القافلة وسط الصحراء، وتعذر عليها متابعة المسير، فلا عليها إلا أن تعود إلى نقطة البداية لتستأنف رحلتها من جديد.


فالفلسفة تمثل الجذور الفكرية والأطر المرجعية والأنساق القيمية التي يؤمن بها مجتمع ما ويعيش عليها... إنها الرؤية، والمعنى.. المعنى الكامن المتضمن في عملية التعلم والتعليم، والمعنى الكامن وراءهما أيضًا.


إن وجود هذه الرؤية التي يجد طلاب العلم من خلالها الإجابة عن الأسئلة الخالدة التي تلح على أدمغتهم منذ نعومة أظفارهم وهي :
من أين؟ وإلى أين؟ وكيف؟ ولم؟، هي التي تعكس النظرة الشاملة المتكاملة للمجتمع حيال كبريات القضايا الخاصة بالألوهية والكون والإنسان والحياة، وما بينها من علاقات وارتباطات، وما ينبثق عنها من تصور اجتماعي.


إن وجود هذا التصور هو الضمان الوحيد الذي يحفظ الأجيال من الشعور بأنهم مجرد فلتة في هذا الكون، لا تدري من أين جاءت، ولا إلى أين مصيرها..

إنه المعنى من وراء كل الممارسات التربوية التي تدور رحاها داخل أروقة التعليم.


بيد أننا مازلنا نتعامل مع قضية بناء مناهج التربية في بلادنا العربية- على مستوى الحوار والنقاش، وعلى مستوى الواقع المعيش – كمن لديه شجرة هزيلة ذابلة، تتساقط ثمارها المرة المعطوبة، فأخذ يهذب أغصانها، ويشذب أوراقها، وينظف ثمارها، ظنًا منه أن هذا سيعالج ضعفها البادي، ويمنع سقوطها الوشيك، دون أن ينظر إلى جذع الشجرة المنخور، ولا إلى جذورها الممتدة في التربة البور.


لقد أضعنا زمنًا طويلاً نناقش جزئيات القضية وأطرافها المختلفة دون تدبر عميق لإطارها الشامل وأصولها الكلية.

فمنا من عاب المناهج المحشوة بالمعلومات والمعارف التي لا قيمة لها في عصر التفجر المعرفي،

ومنا من رأى أن المعلم هو حجر الزاوية ولا يصلح التعليم إلا بإصلاحه،

وثالث تكلم عن المباني المتهالكة وعن تمويل التعليم،

ورابع تحدث عن الدروس الخصوصية ومجانية التعليم،

وخامس ركز على ازدحام الفصول الدراسية بالتلاميذ،والتسرب، وعدم استيعاب الملزمين...إلخ.

والمؤكد أن هذه كلها وغيرها هي الثمار العفنة، والنتاج الرديء لأصول مغروسة في أرض غير صالحة للاستنبات.


نحن في حاجة إلى أن نسأل أنفسنا أولًا: من نحن؟ وماذا نريد أن نكون؟ وأن نجيب عن هذين السؤالين.
فالإجابة عنهما توضح لنا فلسفتنا الاجتماعية الشاملة أو عن تصور متكامل لحقائق الألوهية والكون والإنسان والحياة، وما ينبثق عنها من فلسفة تربوية.

إنها بداية أي إصلاح حقيقي، فضلًا عن أن يكون هذا الإصلاح متصلًا بعملية حاسمة في بناء البشر وبناء المجتمعات الإنسانية كمناهج التربية والتعليم (علي أحمد مدكور(1993): منهج التربية، أساسياته ومكوناته، القاهرة، الدار الفنية).



الفلسفة التي نريد


إن أية فلسفة لا تستحق أن توصف بأنها فلسفة ما لم تكن معنية ببيان موقفها حيال حقائق الألوهية، والكون، والإنسان، والحياة.
على أن الفلسفة التي تتسق مع قناعاتنا الفكرية عند معالجة هذه الحقائق هي كالتالي:


حقيقة الألوهية :


باعتبارها الحقيقة العميقة، والحقيقة الكبرى في هذا الوجود، وذلك من خلال آثارها الفاعلة في الكون، وفي النفس البشرية، وفي واقـع الحياة، مع بيان الفرق بينها وبين حقيقة العبودية التي تنتظم كل شيء وكل حي.


حقيقة الكون:


وذلك من خلال التأكيد على أنه مخلوق حادث، وأنه لم ينشأ من ذاته، بل أنشأه الله، مع بيان أن هناك كونًا مشهودًا، وكونًا مغيبًا، وأنه كون طائع لربه، عابـد لمولاه، وأنه مقدر ومسخر، ومخلوق بحكمة، ومخلوق لغاية، وأن كل شيء فيه بحساب دقيق ليؤدي وظيفته، ويحقق الغاية من خلقه، وأنه كتاب الله المفتوح، وأنه المصدر الثاني للمعرفة بعد الوحي، وأنه كون صديق للحياة والأحياء وليس عدوًا لهم، فقد أعده خالقه لاستقبال الحياة وحضانتها وكفالتها.

حقيقة الإنسان:


وذلك من خلال بيان مصدره، ووظيفته في الحـياة، ومركزه في الكون، وحدود اختصاصاته، ودائرة سلطاته، وغاية وجوده الإنساني، مع تأكيد النظرة إليه باعتباره خليفة لله، لعمارة الكون، وترقية الحياة على ظهر هذه الأرض وفق منهج الله، مع بيان تكريم الله له، وأنه مفطور على الإيمان، مصمم على قاعدة الزوجية، وأنه مخلوق من ماء، وأنه ينطوي على قبضة من طين الأرض، ونفخة من روح الله مع تأكيد الأخوة الإنسانية الجامعة لكل البشر.

حقيقة الحياة:


وذلك ببيان أن الحياة أو الطبيعة ليست إلهًا، وأن الحياة مقدرة أقواتها في بنية الأرض، وفي نظام الكون، وأنها مخلوقة من أصل واحد هـو الماء، وأنها قائمة على قاعدة الزوجية، والأمم المنظمة، وأن الأحياء في عبادة لله، وأن الحياة دنيا وآخرة، شهود وغيب، وأن مصير الإنسان في الآخرة متوقف على نشاطه في الدنيا.

الفلسفة وصاروخ المعارف

على صعيد العلوم والمعارف كان النظر – ولازال – إلى الفلسفة باعتبارها أم العلوم، وفي نموذجه الرائع «صاروخ المعارف Rocket of knowledge» يضع د.أحمد شوقي الفلسفة في غرفة التحكم، التي تحدد مسار، ومقاصد صاروخ المعارف البشرية.


الشيء الرائع أنه يعرض هذا النموذج وهو يطالب بإلحاح نقده أو نقضه، ففي كل خير إلا أنه يصر على ملمحين من ملامح النموذج وهما:


- المحافظة على العلاقات البينية بين كل المعارف.


- الاحتفاظ بالمجموعة الأولى في المقدمة، لأنها مجموعة الرؤية الشاملة التي تمكن البشر من إبداع مستقبلهم باستخدام المجموعات الأخرى.

وهذه المعارف هي:


1 – إبداعية (روحية): فلسفة وعلوم دينية – فن – أدب.


2 – رياضية (نظرية): حساب – جبر – هندسة.


3 – طبيعية (تجريبية): فيزياء – كيمياء – بيولوجيا.


4 – تطبيقية (تكنولوجية) زراعة – صناعة – طب.


5 – إنسانية (متجاوزة): سياسية – اقتصاد – اجتماع.


6 – إنسانية (حافزة): جغرافيا – تاريخ – أنثروبولوجيا.


وهكذا نلاحظ أن الفلسفة مع العلوم الدينية في مقدمة الصاروخ ضمن المعارف الإبداعية، لتقوم بتوفير الرؤية الشاملة لمستخدمي المعارف الأخرى. (أحمد شوقي، العلم ثقافة المستقبل، 2001، ص 59 – 60).

يتبع بمحور:الفلسفة هي الدماغ








التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس