عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-11-10, 06:54 رقم المشاركة : 37
المرتاح
أستـــــاذ(ة) متميز
إحصائية العضو









المرتاح غير متواجد حالياً


افتراضي رد: قصة : البدويّة .!!! من تأليفي .



ج11*
ثُمّ باع سهمه ـ أي أبي ـ مرة أخرى لعمّى . هذه " الرواية " لمْ تتوافق مع الحقيقية ، وفي اغلب الظنّ من تلفيقَات زوج أمي ، ليبقى كل شيء في قبضة يده ، المال والزوجة والابنة العاملة ..ومهما أتَى من أسباب فهي لم تقنعني، فببساطة باعَ أبي عِزبته ، وفي نفس الوقت أَخْلى شراكته مع عمّي ، اعتقد انّها حِبْكة باهتة..!
ـ كيف.؟
ـ .. أنا اليوم غير الامس ، لن أدع زوج أمي يفلت مني.!
شكرتها وحملتُ فناجين القهوة إلى الضيوف ، صببتُ القهوة ، كوني أصغر الحاضرين ،ومن أدبَ الرجال ، أصغر القوم خادمهم ، يَخدمهم ليس استصغاراً ولكن تأدّباً ..! بعْدها تواريتُ عن الرجال ، وأخذت ارشف القهوة رُويْداً رُويْداً، أحسستُ بنكهة خاصّة حَسِبتها كما خاصّية عذوبة كلمات إبنة الرجل الذي أمرني بأنْ احمل القهوة للضيوف ، كُنتُ أفكّر كثيراًـ
ـ لماذا كان الرجل ، صديق أبي، يُرهق البنتَ بهذه العِزبة ، ويسند إليها أعمالاً لم أر أباً يَقسو على أبنائه مِثْله.! إنْ هو جعلها كواحدة من اولاده. كما يقول ، ربّيتُها وأدبّتُها وأحببتُها ، أليس هذا العمل إجراماً في حقّ أُنثى جميلة المُحيّا خالصة الانوثة .؟!
وبدا لي سؤال مُضاد :
ـ لماذا هي صابرة ؟ مالذي يُصبّرها إلى هذا الحدّ ؟!
تدافعتْ الذكريات ، وقارنتُها مع حالتنا وصَبر أمي .. وتمتمتُ :
ـ نعم فالنساء الطيبات يَحْتسبْنَ أمرهنّ إلى خالقهنّ . لا تُغيّرهنّ قسوة وشدّة ضيْق الحال حتى ولو أُسْندتْ إليهنّ تكسير الجبال . يَبْقِين عزيزات كريمات لا يُنسينَ من أَسْدى إليهنّ مَعْروفا بتاتاً ولو هلكنَ دونه ..!
توقفتُ برهة وأدرفتُ :
ـ اعرف كثير منهنّ ، على شاكلة أمي ..
قاطعني الرجل ( صديق ابي وزوج ام الشابة ) وكأنه ينتشلني من تخيّلاتي وبإبتسامة :
ـ وينْ وصلتْ؟
وكأنه يقرأ ما في داخلي :
ـ هذه العِزْبة كانتْ لجدي الكبير ، ورثها أبي عن أبيه .. أبي خلّف رجليْن اثنين فقط ، أنا وأخي .. اعترف ان لـ أخي الكبير فضْل في تربيتي مذ أنْ كنتُ صغيراً ، ربّاني واليومَ أعيد جميل تربيته .. واحتراماً لتلك التربية، لم اسأله عن أي شيء صغيراً او كبيراً .. بقيتُ مُلتزماً بما يُسْند إليّ من أعمال رغم قساوتها عليّ .. اشتغلت في المال بعد موت أخي ، استردّيت هذا المال ( العِزْبة ) بالشراء من زوجته التي تزوّجتها من بَعْده .. أم " غنيّة " البنت التي مررتَ عليها ، أعطيتُها كل محبّتي إذْ كانتْ وحيدته .. ! وفي فراش المرض ، أوصاني بها ، وبصوتٍ واهٍ " غنية ، غنية ، أمانة الله في يدينك " درستْ غنية القرآن الكريم في بداية أمرها ولانّ أمها لم يُعجبْها تكملتها الدراسة النظامية ، وحين فضّلتْ أمها التوقّف عن الدراسة أشارتْ إليّ أنْ تبقى معي في العِزْبة بدل أن تختلط بالصبيانْ ـ كما تقول ـ! وفي منطقتنا معظم بيوت البدو ، لا تترك البنت تتعلّم كثيراً ، والاختلاط غير مُحبب عندنا. واكتفتْ بالمدرسة القرآنية مع المعلّم .. والحين " غنيّة " صارتْ كبيرة وعاقلة وتفكيرها زِوِينْ ..؟ وانا في مقام أبيها والمسؤول عنها في كل شؤون حياتها..!
فجأة سكت وغرز عينيه في عيني .. وبدا يتحسس مني شيء ، أجهله كثيراً،
ثم أردف بنهرة خفيفة :
ـ تكلّم يا ولد .. خلّني اسمع منك .. تحدّث وقُل اللّي في خاطرك ، ترا الحال واحد ، وأبوك المرحوم ، مثل اخووي .. والله الشاهد أني أحبّه .
حبستُ أنفاسي ، ولم أبح بعاطفتي لأحد غير ربّي ..!

* للقصة بقية .
الكاتب حمد الناصري ( المرتاح ) سلطنة عمان .






التوقيع

لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!
    رد مع اقتباس