عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-11-04, 07:48 رقم المشاركة : 1
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

c1 عفوية العيش في حياة نبينا الكريم وأصحابه


عفوية العيش في حياة نبينا الكريم وأصحابه

للدكتور:سلمان العودة..



سأل هِرَقْل أبا سفيان عن نوعية أتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "فأَشراف الناس يتبعونه أَم ضعفاؤُهم؟ قال: بل ضُعفاؤُهم"! (رواه البخاري).



وكان تعليقه بعد ذلك أن قال: "وهم أَتباع الرسل".


وكان من صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه: "يخْصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم، فإِذا حضرت الصلاة، خرج إِلى الصلاة"! (البخاري ).


وكان يوصي بعض أصحابه ألا يطلبوا من الناس شيئًا، فكان أحدهم إذا سقط سوطه وهو على بعيره لا يطلب من أحدٍ أن يناوله إياه حتى ينزل هو فيأخذه.


أفضل طريقة نتعلم فيها البساطة هي الاقتراب من البسطاء ومخالطتهم واعتياد الجلوس معهم... بإمكاننا أن نتعلم البساطة والعفوية من الشارع، من العامل، من المزارع؛ البساطة الحقيقية غير المفتعلة...


من هذه المدرسة نتعلم أن نخدم أنفسنا لا أن يخدمنا غيرنا، وأن نقوم ونقعد مثل سائر البشر، ويذهب أحدنا وهو فلان ويعود وهو نفسه لم ينقص بل زاد.


قال رجاء بن حَيْوَةَ: ما رأيتُ أحدًا أكمل عقلاً من عمر بن عبد العزيز، سهرتُ معه ذات ليلة، فَخفت السراج، فقال لي: "يا رجاء، إِن السِّرَاج قد ضعف، فقلت له: فأنبه الخادم؟ قال: قد نام، دعه يرقد، فقلتُ: أقوم أنا فأصلحه؟ قال: ليس من مروءة الرجل استخدام ضيفه، فقام فوضع رداءه، وأتى السِّرَاج ففتحه، وأخذ زيتًا وصبَّ في السِّرَاج منه، ثم رجع وهو يقول : قمتُ وأنا عمر بن عبد العزيز، ورجعتُ وأنا عمر بن عبد العزيز". والقصة رواها البيهقي في "شعب الإيمان".


ومن هذه المدرسة نتعلم أن نقوم على خدمة الآخرين؛ لنهذب نفوسنا وندفع عنها غائلة الكبر والتعالي والانتفاخ، وليس للتظاهر بذلك.


وعندما تتمحور علاقتنا وصداقتنا حول العِلْيَة، والأكابر، والأثرياء، وأصحاب المقامات الاجتماعية الخاصة... فسوف ننطبع غالبًا بأساليبهم وطرائق عيشهم ونناظرهم في المستوى، وتتولّد لدينا الرغبة في محاكاتهم والترفُّع عمن دونهم.


يُولد الأطفال على بساطتهم؛ فالبساطة تحكي الفطرة، وكل مولود يولد على الفطرة فأبواه يُبَقيانه على صفائها ونقائها وعفويتها، أو يُلبِّسانه الطبقية أو التمظهر أو الافتخار بالأشكال وتقمص الأخلاق "البرجوازية" أو "الأرستقراطية" كما يعبرون عنها في تاريخ الغرب.


البساطة... تعطيك عمرًا إضافيًا وتمنحك شخصيتك الحقيقية، وتساعدك على أن تعيش كما أنت لا كما يريد الآخرون منك.


والرسمية والمجاملة ومجاراة رغبة الآخرين تقضي على العمر، وقد تصحو في نهاية عمرك على ساعات مهدرة وضائعة.


البساطة تختصر لك الصداقات، والعلاقات، والكلام... وكل مناشط الحياة، وتدَّخر لك منها الأجمل والأصفى والأعمق.


والتكلُّف يجعلك تمضي في دهاليز متعرجة، محجوبًا عن رؤية ذاتك، عاجزًا عن معرفة ما تريد، معتادًا على أن تمشي وعينك على الآخرين؛ ماذا يريدون منك، وما انطباعهم عنك.


والآخرون في الحقيقة يريدون منك أن تعيش على سجيّتك، وأن يروك على بساطتك، وأن يعرفوا ذاتك الصحيحة وليس التمثيل الذي تعوّدت على إتقانه وتشبّعت به.


ولكن ربما لم تقرأ مافي نفوسهم جيدًا، أو اكتفيت عنهم ببعض القريبين منك الذين تظن أنهم كل "الآخرين".


البساطة تجعل من القلب بابًا مفتوحًا يلجه الراغبون ببساطة؛ لا حقد، لا حسد، لا غيرة، لا طمع... لاشروط تعجيزية!


البساطة تربط صداقة حقيقية بينك وبين نفسك... فتقترب منها أكثر، وتستمع إليها، وتتعرّف عليها، وتسمع صمتها أو ضجيجها.


وحين تلبس عباءة الرسميّة والتمظهر فأنت تتصنّع الحاجز بينك وبين ذاتك، وتبتعد عنها بقدر انكفافك وابتعادك واحتشامك عن الضعيف، والفقير، والغريب، والصغير، والمريض، والمغفل.


قال -صلى الله عليه وسلم-: "أَلا أُخبركم بأَهل الجنة". قالوا بلى. قال: "كلُّ ضعيف متضعَّف لو أَقْسم على الله لأَبرَّه". ثُم قال "أَلا أُخْبركم بأَهل النَّار ". قالوا بلى. قال "كلُّ عتلٍّ جوَّاظ مستكبر " (البخاري ومسلم).


وفي بعض الروايات: "كلُّ ضعيف متضعَّف ذى طِمْرَيْنِ (أي: ثوبين متواضعين)، لا يُؤْبَهُ له".





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس