من هو المبدع ؟ وما صفاته ؟ كثيرا مانشرت أوصاف للمبدع استحوذت على خيوط الإنبهار بداخلنا، ورفعت كلفة التساؤل ولما اكتشفنا ماكانت تخبئه ستائر المجهول خلفها ، انقلبت المزاعيم التي حسبناها توصم بالحقيقة. فلسان الواقع قد أثبت أن المبدع ليس بالضرورة هو ذلك الشخص اللامع الذي يترأس بسلوكاته كل المحيطين به من صنوف الآدميين، إنمالايتميز عنهم بذكاء مفرط، وما ينشب بصدره من مواهب هو الذي يزجره من عوالم الإستكانة إلى مالاحدود له من أفكار، والتي في الغالب تكون شبه عادية ،حتى إنه ليتعسر علينا تمييز الموهوب عن غيره من بسطاء التفكير أوحتى الأغبياء والمجانين . هل معنى هذا من الممكن بين المتخلفين عقليا أن نجد مبدعا يتميز هو الآخر بنظرته الواسعة إلى الأشياء واختراع ما فيه منفعة الآخرين ؟ بالتأكيد ،ولاغرابة في ذلك مادامت الموهبة لاتخضع لقوانين فكرية يفرضها العقل الواعي . ليس هذا يعني نبذ الفروق السلوكية التي تميز المبدع عن الإنسان العادي ،لكنه ليس من السهل علينا أن نستنبط من خلالها مانستشف من خلاله عنصر المقارنة بين هذا وذاك ،فحتما سيلتقيان عند نقطة الفشل بعد التجربة أوالتجارب الأولى . إذن فمن هو المبدع ومن هو الإنسان العادي ؟ المبدع ببساطة ،هو ذلك الشخص الذي يبهرك بنتاجاته الفكرية أوالفنية، وهو السائر على الدوام على دروب المغامرة والتجديد ،لايلتفت إلى الوراء ولايتعب من كثرة المحاولات ، إنما اهتماماته وتركيزه على المستقبل ،وإسعاد البشرية ،أما الإنسان العادي وإن برز على مصطبة القيادة والجرأة ونفخ أوداجه بين الحاضرين ، فسرعان ما يركن إلى زاوية الخيبات المتكررة ،وينقلب صوته المرتفع إلى صدى خافت لايحرك في سجلات الأزمان قدر قلامة . أيوجد اختلاف بين المبدعين ؟ نعم يوجد اختلاف بينهم .بين المبدع القائد الذي وإن تقلصت سلوكاته على مقياس العادية ،فإن تفكيره الباطن ،ورؤيته للحياة تكون بشكل مختلف عن المبدع الذي يمتلك موهبة لكنه يكتفي بقولبة أفكاره تحت جناح الإنضباط والقوانين العرفية . فالأول أي صاحب الميزة القيادية ،يشعر باعتلائه قمة الهرم بيد أن الثاني يكتفي بملامسة الوسط ،هذا إذا لم يكن يشكو من أمراض نفسية جراء التنشئة في مرحلة الطفولة ، فسيقتحم تفكيره آنذاك إحساس بالدونية وأنه في آخر الهرم.