عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-07-14, 21:54 رقم المشاركة : 31
express-1
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية express-1

 

إحصائية العضو








express-1 غير متواجد حالياً


وسام التميز لشهر مارس 2012

افتراضي رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني



“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(28).. بين تنكيل قوات الأمن وخيانات وإشاعات الرفاق – بشرى الشتواني

— 14 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) كانت ذكرى 26 فبراير أول احتكاك لنا مع القمع، وفي نفس الوقت اختبار لقدرتنا على المواجهة ومدى تمسكنا بمطالبنا بيد من حديد..
أتذكر جيدا لحظة إعطاء الانطلاقة للتدخل، كنا جميعا نعرف أننا سنكون في مواجهة زرواطة المخزن، وكل واحد يتموقع في مكان يظن أنه سيكون شيئا ما آمنا بالنسبة إليه، إلاَّ أنا، لم أفهم أن وجودي وسط نساء جماعة العدل والإحسان لن يجلب لي سوى الكثير من الرفس والضرب. وذلك ما حصل مباشرة بعد انطلاقة صفارة الحكم أو ممثل النيابة العامة، حيث وجدتُ نفسي بطلة لمشهد شبيه بآخر شهير للممثل “عادل أمام” والذي يقول فيه: “وبتاع الاخيار بيضرب والكمسري بيضرب وعينك ما تشوف الا النور”!..
لم أكن أدري كم من الأجسام البشرية سقطت فوق جسمي، كل الذي كنت أعيه أنني في أمس الحاجة للأوكسيجين. حدث ذلك للحظات ثم أحسست أن ثقل الحمل خف من فوقي لأقف مُحاولة التقاط أنفاسي، بيد أن إحدى هروات “السيمي” لم تمهلني حيث هوت على كتفي حتى شلت حركتها، وما عطل جسدي بالكامل هو مشهد إحدى المناضلات التي كان نصيبها من الضرب أوفر نتج عنه كسر في أنفها.. هربنا نحن الإثنتان باتجاه الطاكسيات وأخذنا جراحينا لبيتنا دون تطبيب ..
أخبار التنسيق الوطني على مستوى الفايس بوك وتبادل أخبار القمع والاعتقالات رفع من معنوياتنا نحن الشباب الحالم، أما الشباب الذين كانوا يصدرون التعليمات فقد كانوا يعرفوا أن الوقفة ستتعرض للقمع. لكنني لم أفطن لذلك، هل كانت جرعة الغباء عندي تزيد كلما ازداد الحلم أم أن الممارسة هي التي توضح الأمور أكثر؟
كنت أنصت كثيرا ولا أضيع حضور أي اجتماع. كنت أحس برغبة في تعلم كل شيء وأي شيء، كي أستطيع تحقيق شيء ولو كان قليل، وهو أن أكون مناضلة واقعية وليس حالمة تبني حلم الثورة من قطع الحلوى ثم تأكلها كي تنتشي لا كي تشبع..
توالت الاجتماعات وحملات التعبئة للقاءات الوطنية وحلم بناء حركة نسائية موازية لحركة عشرين فبراير يراودنا.. كل ذلك كان جميلا بالنسبة لنا، لكنه كان أكبر منا لأننا أقصينا مَن هم أقل منا ثورية، ولم نأخذ منطق التحالفات بعين الاعتبار، وهذا مرده أن أغلبنا تخرج من مدرسة القاعديين، حيث كان أهم درس تعلمناه هو: “مَن ليس معي فهو بالضرورة ضدي” وقد صححت حركة عشرين فبراير هذا الدرس الخاطئ بنضالها بالإضافة إلى “حركة النساء قادمات” التي كان لها دور كبير في نفض الغبار عن الكثير من الأخطاء النضالية..
شخصيا تعلمت أشياء جديدة كتنظيم حدث وطني، وفهمت أن الإشعاع الذي يُسلط على نضال المركز رغم قزميته بالمقارنة مع ما نقدمه من تضحيات في المدن البعيدة، هو فقط لكوننا دائما نناضل بارتباط مع المركز ولم نستطع الانسلاخ من هيمنته..
كانت 20 ماي من المحطات التي بقيت عالقة في ذهني، لما وقع فيها من أحداث غيرت نظرتي إلى رفاق كنت أكن لهم الاحترام، فكثير منهم كان ممكنا أن أفديهم بحياتي إن تطلب الأمر ذلك، لكنني اكتشفت فيهم فيما بعد أشياء لا تمت للنضال بصلة. ما اكتشفته في أولئك “المناضلين” أعتبره وصمة عار لطخت صفحة كانت بالنسبة لي بيضاء..
لن أخوض في الجواب على هذا السؤال: ماذا فعلوا؟ لأن الأمر لا يخصني فأنا أتحدث من خلال هذه السطور عن تجربتي النظيفة جدا والبعيدة عن أية شبهات..
في مرحلة التعبئة تركونا نحن ثلاثة أو أربعة أشخاص نقوم بكل شيء، وحدثت سرقات وقيلت أكاذيب وحصلت خيانات بل وحتى أفعال تدليس في أوساطنا، هذا بينما كان القمع متوحشا في مسيرة 20 ماي التي لم يشأ لها المخزن أن تتم بسلام..
بعد أخد ورد ومناوشات، في لقاءات حضرها معنا شاب يحمل الجنسية الفرنسية كان من معتقلي يوم 26 فبراير الأسود، أخذ المبادرة لتصوير عملية القمع تلك فانتزعوا منه الكاميرا ولأنه يحمل جواز سفر أحمر فقد تم إرجاعها له دون أن ينزعوا منها شريحة الذاكرة حتى.. بيد أن الشاب الفرنسي أجزم أنه لم يسترجع الكاميرا خاصتهّ، بينما قال ضابط الشرطقة انه أعطاها لشاب هرب واختفى. ولحد الآن لم نجد الكاميرا ولا الشخص الذي أخذها، الذي من المفروض أنه مناضل بحكم تواجده في مسيرة لحركة عشرين فبراير، بل إنه لم يقم بنشر فيدوات مشاهد القمع لفضح النظام “اللاوطني اللاديموقراطي اللاشعبي”..
رجعنا إلى مقر النقابة كتبنا البيان التنديدي وناقشنا خطواتنا الموالية بحذر كبير لأن القمع كشَّر عن أنيابه، ولأن لائحة المعتقلين بدأت تطول وطنيا.
كان حدث الهجمة التي تعرض لها رفيقان قاعديان أكبر من مخططاتنا، فقد هجم الخط المتطرف من داخل الحركة الثقافية الأمازيغية على رفيقين وسط الحرم الجامعي بشكل لا يمت للانسانية بصلة. ما زلت أتذكر اتصال أحد الرفاق القاعديين بي في الساعة السابعة مساء قال لي: “لقد ضربوا فلان ولقد أرسلنا الرفيقة فلانة لكنها لم تجبنا”.. طبعا إن عدم اختياري للمهمة كان بسبب انعدام الثقة التي أصبحت بيني وبين القاعديين لأنني بدأت حينها أكسر حاجز الاسئلة حيث أطرحها وأعبر عن انتقاداتي، ومنها أنني قلت لهم: “عند الاجتماعات تجتمعون جميعا وفي حملات التعبئة والمسيرات تختفون”.. ثمة أيضا سبب آخر تمثل في علاقتي الطيبة جدا مع مجموعة من أفراد شبيبات الأحزاب، طبعا لم ترقهم تلك العلاقة لأنهم لا يعرفون معنى الصداقة أو فتح علاقات اجتماعية، لا يعرفون سوى الاستمناء السياسي في المقاهي أو حشو عقول اليافعين ببطولات وهمية لم نر منها سوى معتقلين ومعطوبين، إما على يد الأعداء أو رفاقهم..
ذهبت إلى المستشفى الذي كان مطوقا برجال الأمن و المخابرات، لأفهم ما جرى ويجري، استطعنا اختراق الحاجز الأمني والتواصل مع طبيب كان خارجا لتوه من قسم الانعاش.. بدا الطبيب مصدوما من كثرة الطعنات التي تلقاها جسم ذلك الرفيق وأمدنا بكل المعلومات، لتصلنا مكالمة من أحد الرفاق من مصحة أخرى، قال لنا أنه يجب علينا أن نحضر لنقل الرفيق الثاني الذي كان قد صدرت في حقه مذكرة بحث والمصحة تصر على إعلام الشرطة. ذهبت بمعية إحدى الصديقات إلى المصحة لتنفيذ خطة أدركنا أنها ستنجح أو نكمل ليلتنا في حصة طويلة لسين وجيم. لكن الخطة نجحت وهذه تفاصيلها..
شرعت صديقتي في التكلم مع الموظف المكلف بالاستقبالات في المصحة، بينما صعدت أنا لأبحث عن الرفيق المصاب، أخذته من ذراعه ونزلنا عبر السلالم، رغم أنه كان يتألم لأن إصابته كانت على مستوى الظهر وأحد أصابع يديه.. أدخلته إلى السيارة وأرسلت رسالة نصية قصيرة لصديقتي.. التحقت بي ضاحكة.. قالت لي أنها كانت على وشك أن تكمل كل كذب العالم..
أخذنا الرفيق إلى مصحة أخرى. سجلناه باسم مستعار طلبوا منا ثمن العملية لأنها مستعجلة. و أن لصديقتي أصدقاء في المصحةفإنهم لم يشعروا الشرطة وأخدو شيكا موقعا على بياض كانت صديقتي الطيبة جدا والانسانية جدا هي مَن وقعته كضمان إلى أن نستطيع تدبير المبلغ.
اتفقتُ وإياها أنه لا أحد يتم إخباره بمكان الرفيق ضمانا لسلامته، لكن أحد الرفاق القاعديين كان يقتفي خطواتنا أخبر الجميع بما فيهم الطلبة الصحراويين بالأمر لأكتشف في اليوم الموالي أن الرفاق يروجون لما مفاده أنني أخبئ رفيقهم البطل عنهم، لماذا وما عساني أفعل به وهو الذي كان مطلوبا من العدالة؟ لست أدري..
المهم أن فكر المؤامرة كان يدمر كل شيء، حتى الرغبة في تقديم خدمة، ومع ذلك استمريت في المداومة على الذهاب إلى المستشفى لزيارة الرفيق الأول المصاب الذي كان ما يزال في قسم الإنعاش بحكم طعنة اخترقت إحدى رئتيه، وهناك كان عناصر المخابرات لا يفوتون أي لحظة لاستنطاق كل مَن يزوره، وهو ما فطننا له جميعا، فقررت أنا وزوجي أن نزوره دون البقية خوفا عليهم، لنكتشف فيما بعد أن هناك مَن يقول أننا اخترنا ذلك الرفيق لأنه محاط بمناضلي عشرين فبراير وأساتدة الجامعة ووو… المهم لا بد أن يحضر التخوين وإلاّ فنحن لسنا ثوريين!… (يُتبع).







    رد مع اقتباس