عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-07-01, 21:46 رقم المشاركة : 17
express-1
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية express-1

 

إحصائية العضو








express-1 غير متواجد حالياً


وسام التميز لشهر مارس 2012

افتراضي رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني



“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(15).. أبناء المناضلين اليساريين هم أتعس الأبناء! – بشرى الشتواني

— 1 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) كانت ماما تصرخ: “آش بينك وبين صحراوة وا عطيهوم بتيساع؟ واش انتي بغيتي تخرجي على راسك؟”…
جلسنا في مقهى بعيد ليستطيع رفيقي المعطل فهم سبب غضبها.. قالت له إن أحدهم اتصل بها ليقول لها: “بنتك ما بغاتش تجمع راسها راها كتدير المظاهرات مع صحراوة هاد المرة يلا تشدات راها متخرجش منها راه ماشي العصيان المدني هدا هادشي ره حاجة أخرى وراه بنتك تتلعب في السيادة ديال البلاد وفقضيتنا الوطنية”..
كانت “ماما” تعيد الكلام وعلامات الرعب بادية عليها. سألها الرفيق: “مَن قال لك هذا؟ قالت: إنه مفتش دي إيس تي (مديرية حماية التراب الوطني) يسكن جنب بيتنا وأنه تطوع ليقول هذا خوفا منه علي. وعدها الرفيق المعطل أنه سيقوم بنفسه بمراقبتي وأنه سيقنعني أن أبقى في البيت قليلا حتى تهدأ الاوضاع..
وذلك ما كان فعلا، حاولت أن أواظب على الدخول لقاعات الدروس وأن أستجمع رغبتي في الدراسة التي شتتها حبي القوي للساحة المقدسة واندفاعي الكبير في النقاش والتعبئة خصوصا أنني كنت محط ثقة كثير من الطلبة الذين يلجأون إلينا طلبا لاستشارة أو للمساعدة أو استفسارات في مواضيع تخص الفكر..
كنت على وشك الدخول إلى القاعة لأحضر أحد الدروس فإذا بمسيرة مفاجئة للطلبة الصحراويين تنطلق تنديدا بالحكم على أحد الرفاق بمدة سجنية لم أعد أتذكرها بالضبط، لكن الأكيد أنها لم تكن تتجاوز الستة أشهر..
وصل موكب المظاهرة بمحاداة قاعات شعبة الدراسات الإنجليزية، كانت تجلس إلى جانبي فتاة هادئة، أحست باضطرابي ورغبتي في الخروج للالتحاق بالرفاق خصوصا أنني لمحت رفاقي معهم، قالت لي: “حتى أنا صحراوية”.. “ما بيناش عليك”.. “حتى أنا بابا كان معتقل سياسي صحراوي وعانينا بزاف من هادشي”.. “كيفاش كان معتقل؟”..
وددت لو احتضنتها، كانت لنا ميول عاطفية اتجاه كل مَن يقول لنا إنه اعتُقل أو عُذب أو له قريب استشهد وكأننا نعتبرهم هم المواطنون الشرفاء..
قلت لها: “عاودي ليا” قالت: “حتى نخرجو غادي يدور فينا الأستاذ”.. كنت أستمع للأستاذ ولا أفهم ما كان يقوله.. كان كل تفكيري في المظاهرة أين وصلت؟ وفي صديقتي التي ستحكي لي حكاية معتقل سابق لأضيفها إلى باقي قصص المعتقلين التي سبق أن سمعتها.. كانت ثقافة السماع الأكثر حضورا بيننا في تلك السنة.
عند خروجنا لم أفارق صديقتي الجميلة لتحكي لي.. “بابا تعتاقل مع مجموعة سعيدة المنبهي ودوز ستة شهور ديال درب مولاي علي الشريف والبانضة، كان باقي طالب فالرباط تحكم بالحبس والاقامة الجبرية فخريبكة خمس سنين، أنا تولدت فخريبكة وحتى اختي سناء..”..
كنت أنصت إليها بفرح وفضول كبيرين، سألتها: “ما اسمك؟” أجابت: “دلال”.. قلت لها: “الله، باباك طبعا سماك على دلال المغربي”.. قالت: “صحيح وكل رفاق والدي ولدو داك العام بناتهوم وسماوهم دلال واختي سناء على سناء محيدلي وختي الثالثة فدوى على فدوى طوقان”.. هتفت: “الله”.. كنت أستمع لكلامها وأتخيل بيتهم يملأه النقاش والنضال وكل حكايات الحب والثورة..
قالت لي: “أصلا بابا جايني غدا ونلاقيك بيه غادي يعجبو الحال”.. فرحت كثيرا وطلبت منها أن ترافقني لأعرِّفها على رفاقي وذلك ما تم.. كان اهتمامهم بها زائدا عن الحد العادي بقليل، فهي ابنة معتقل سياسي ومن مجموعة “سعيدة لمنبهي”.. هذه أشياء لا تحصل كل يوم..
طالت علاقتي بصديقتي “دلال” وتعمقت جدا، صرنا لا نفتقر أنا أتكفل بالساحة وهي بجمع الدروس ومراقبة الامتحانات والعروض، كنت في لحظات الصراحة بيننا أقول لها: “أحسدك لأن أباك مناضل تستطيعين مناقشته في أشياء كثيرة”.. كانت تجيبني: “احمدي الله بأب مثل أبيك طيب متزن ومتحرر لا تطلبي أكثر”.. كنت دائما أعارضها وأشهد بطيبة أبيها لتقول لي: “لن أتكلم عن أبي أكثر لكن تأكدي أن أتعس الأبناء هم أبناء المناضليين اليساريين وكفى لن أضيف أكثر”..
كنت أقضي أغلب أوقاتي قرب رواق الرفاق، ندردش ما قرأناه في كراريس الرواق، كنت حينها مهتمة بموضوعين اثنين، وأريد ضبطهما.. أحدهما نقاش البرنامج المرحلي الذي لم يكن مكتوبا أبدا، كنا نضبطه بالسماع من رفاقنا القدامى، وكان من حظي أن أعطاني رفيقي دفترا كبيرا كانت فيه تلخيصات لكتب كثيرة منها “ما العمل؟” و”الدولة و الثورة”.. وكان نقاش البرنامج المرحلي مكتوبا بالتفصيل، كنت أطلع عليه كل مرة وكأنني أريد حفظه عن ظهر قلب، كان ذلك الدفتر الكبير نتاج مطالعة العديد من كتب التوجه صيف 2001 والذي كان صيف اعتكاف..
الإعتكاف لقراءة كتب الفكر كان قد قرره رفيقي الحبيب وأحد رفاقه من مدينة الصويرة.. اختارا أن يعتكفا في مدينة صغيرة تقع في نواحي أكادير وأن يكرسا الصيف لقراءة الفكر وتنوير عقليهما، لكنهما لم ينتبها إلى ضرورة إخبار أسرتيهما لأنني، بعدما تعرفت على عائلة رفيقي الحبيب، حكت لي أمه أنها كانت كل يوم تبكي بسبب غيابه ظنا منها كل مرة أن مكروها أصابه، وهو الذي لم يعد حينها إلى بيت الأسرة بعد، مع أن كل أقرانه من طلبة الجامعة رجعوا إلى ديارهم… (يُتبع).








    رد مع اقتباس