عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-07-01, 09:32 رقم المشاركة : 33
المرتاح
أستـــــاذ(ة) متميز
إحصائية العضو









المرتاح غير متواجد حالياً


افتراضي رد: قصة : البدويّة .!!! من تأليفي .


ج 9*

أحسستُ بقطرات ماء صامتة نزلتْ برودتها على جسدي ،وهي تقصّ حكايتها ، فكلماتها تهبط على نفسي والخوف يأكلني ، وقالت :

ـ ........!!
وددتُ لو أبوح بما يَسري في وجداني ، أو أُلمّح لها بشيء.
لكنها همهمتْ بشيء وإن لم تَقُلها شفاهةً :
ـ ....
ثمّ سكتت ومسحتْ دمعة من عينها وكأنها تُخفيها بين أصابعها ورفعتْ اصبعُها إلى لسانها وكأنها تتذوّق طعمهما ، كانت الحركة تشقّ عليّ وتصعبَ بهجسها في داخلي ،ثم أردفت بتركيز في عيني :
ـ لا تخف يا سالمْ .!
ـ انا اسمي سعيد .!
ـ السموحة منك .. اسمك بدا على لساني بأنكَ سالمٌ أكثر من أن تكون سَعيداً .
ـ كيف .؟ ابتسمت .
ـ تقاسيم وجهك تُوحي بأنك سالمٌ من كل شيء .. وطالما نطقتُ بإسْم سالم ، فسيبقى سالماً محفورٌ في ذاكرتي ،فإنّ سالمٌ أُسْلم له طوعاً .
ـ لماذا ..؟
ـ ذلكَ لأني أراك صادقاً ، لا يُمكن أن تحيد عن كلمتك .
ـ نعم ستجدينني كما وثقتِ بي .
ـ أُنْظر ، أترى أؤلئك الرجال .
ـ نعم .
ـ إنهم لن ينالوا مني أقصد أؤلئك الرجال الذين جاؤوا إلى أبي . طالما صادف مجيئكَ السّالم وطالما التقتْ عيني بعينيكَ السعيدة وتوافقت مشاعري في مشاعرك واختلطتْ دِماءُ محبّتك في شراييني بدماءٍ نبضتْ به مشاعر أملي.
حمدت الله سِراً ، وأنا أرقب نُطق كلماتها، وشكرت ربّي أن أقداري سَعيدة وسَالمة . وكأنّي أمدّ يدي ، أعاهدها :
ـ لن أتخلّى عنكِ حتى لو مكثتُ سنين .
فجأة كانَ أبيها قُدّامي بشحمه ولحمه ، وهو يُمسّد لحيته في انسيابٍ إلى اسفلها بهدوء ، يرفع رأسه، ويسألني :
ـ كيف الأهل هناك أطياب .؟!
شرع يُعَّرف المجتمعون بسرور كبير ، وأشاد مُعرّفاً الجماعة عن قِيَم علاقته القوية بوالدي المرحوم ، والحقّ يُقال ، فقد ذكر مَناقبه وفضائله وأخلاقه .. فزاد ذلك في نفسي رِفْعةً وسُروراً واعتزازاً، فقال :
ـ أشتغل كما أبيك كان رحمه الله يعتدّ بالشّغل .!
ثم أردف باسماً بلهجته البدويّة :
ـ إيش رايك انْعيد السّيْرة الأوّليّة ،نبيع ونشتري ..!
والتفتُّ إليه ولم انتظر :
تمْ .. طالْ عُمرك !؟
فصاح الجميع بصوت واحد :
بارك الله فيك .. اسمّيك نشْمي ..؟!
وقال رجلٌ كبير منهم :
ـ حيّ الله بالذيب ، من تسمّيْتْ؟؟
وبصوت خشن لتوّي أصل سنّ البلوغ :
ـ سَعيد والبعض يسَمّيني سالمْ .
قال ابيها وهو يمسح بلحيته :
ـ عِشْت، وبَعْدك .. ؟!

ثمّ عدّل من وضع جلسته وقال :
ـ خلّك على سَالمْ . وتبقى سالمْ !
لم أعترض ، وبقيت ساكتٌ وقد عكفت رِجلي كقعدة الصلاة وشبكتُ أصابع يدي في بعضها .. ساكنٌ في وضع مُتأهب إذا ما دعاني للقهوة .

* الكاتب حمد الناصري المرتاح سلطنة عُمان .






التوقيع

لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!
آخر تعديل المرتاح يوم 2015-07-01 في 09:48.
    رد مع اقتباس