عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-06-30, 06:34 رقم المشاركة : 32
المرتاح
أستـــــاذ(ة) متميز
إحصائية العضو









المرتاح غير متواجد حالياً


افتراضي رد: قصة : البدويّة .!!! من تأليفي .


ج 8*


دقّات قلبي تتصاعد كطبل ، طَق َطق طَق .. تَرتفع أنفاسي وتهبط .. حرارة في جَسدي ترتفع ، حُمّى تتعمّق في أحشائي ، يرتجف جسدي ، انتفض ، ارتعش ، ومزابلي تضرب ببعضها ، تسخن عيْني وتزداد حَرقتها .. لكأنّها تُطهىَ على جمرات من أشجار السّمر "السّرو" الصحراوية .. نظرة البدوية تُفزعتني ، وقفتها تُرهبني ، كلامها يَهزّني ،صَلابتها تُرعبني، مَشيتها مُهيبة ليستْ كنبضِ نِسْوة المدينة ، لا ميْلة فيها ولاخناعة .. رجالٌ لِتَوّهم حضروا إلى " عِزبة " أبيها لشراء بعض غنم وإبل .. وجْهاً لوجه تقفُ قُبالتي ، تَغْرز عينيها في عيني ، كأنّها تنتظرني أن أقول شيء ما ، وما أنابقائل ..!!؟
توقّفتْ أنفاسي وجمدتْ عُروقي وتيبّستْ شُعيراتي الدمويّة ، كنخلةٍ صَرعى ، لا صوتَ لي ولا هجْس ، أُصَوّب نظري فيها ، وأُعمّق نَظرتي في مَلامحها،تُرى أهُناكَ علاقة بين الخوف الذي ينتابني ساعة إلْتقائي بها وبين دهشتني بقوة جاذبيّتها .!
تأملتُها ونفسي تتفتّح كما لو كانت زهرة تفتحتْ من أثر سيْل أغدقتْ السماء عليها بماء مُزنها ، خُدودها كالحرير تَنْساب رَوْنقاً وتزداد جمالاً وجسدها ينبسطُ بنعومة تماسّ دِفئها ، أحسستُ بملمسها وصَفائها ونقاوة مَلمحها، صَدرها يرتفع عالياً لا غُلالة فيه ولا ترهّل ، ونهْديْن صَاعديْن بنتوء حَادٍّ إلى السّماء ، غير ناظرٍ إليّ .. وجسدٌ كقِطْعة رُخامةٍ مَصقولة ، يُصيب قلبي وعيني ، ومجَراها يسيرُ رُخاءً ، فلا أقوى على شيء غير السّلْم إليْها والتسليم إلى أمرها .. وقفتُ مَشدوهاً ، فاغراً فَاِهي ، وأنا ناظرٌ إلى إشارتها كي أتقوّى بها ، أصيخ السّمع إلى ما تأمُرني به، مُنتظر كلماتها من مَبْسمها الشّفيف ، ذلك المبسم الأخّاذ الذي ينقُط حروفاً كالعسلْ، أذوبُ في وُجدانها ، ويَسْري مُبْتغايَ في أحشائها ، فلم يزيدني غير نشاطٍ وديمومة يَدفعانّي إلى أُلْفتها ، فسررتُ بتقرّبي إليها، وتمتمتُ سِراً:
ـ أحبّك ، أحبّك.!
كلماتٌ ألقيتُها في داخلي ، كأنّما ألقيتُ حجارة كبيرة انزاحتْ عن نفسي وبدا عليّ الجَهْر صَادعاً :
ـ افعلي ما شئتِ بي ، فقد سلّمتُ أمري إليك ..!
قالتْ لكأنها متوقّعة كلامي :
ـ ماذا تقول .؟ وكأنّ داخلها يستنطقها .
ـ لم أفهم ..؟! قالتْ بصوتٍ باسم .
ـ أنتِ تُعجبينني..!!
مطّت بُوزها وأبقته في ابتسامته ..
سَرّتني كلماتها فانتشيتْ :
ـ .......!
ـ كيف..؟ وماذا تعني .؟
ـ ... دافعي هو التوغّل في فَهْمك .
توقّفتْ بُرهة .. ثم أردفتْ :
ـ أنت تُخيفني إنْ بقيتَ على هذه المُجاهرة الصادع بها . "سكتتْ".
سحبتُ نفساً وعقّبتُ على قولها :
ـ لن أُخِيفك ولن أُرْعبك لكني مُطمئنٌ به ..!
ـ ما حكايتكَ .؟!
ـ حكايتي على مرمىَ حجر من عينيك ..!
قالتْ وعينها لمْ تزل مَغروزة في عيني
ـ آلآن ، وقدكشفتُ ما بكَ من ضُرّ ،فقد أصابتك حُمّى السّهر ، وتحكّمتْ في داخلك آهات الحُب .؟ أليس كذلك ؟
ـ نعم ..
قاطعتني :
ـ أتمنّى ان تغدو قوياً وتعود إلى أهلك بعاليَ الهَمّة بنسيم البادية .
لم أفهم ما ترمي إليه .. ابدو قلقاً مِمّا جاهرتُها به ، سَاورتني وساوسٌ بأنّها تَخدعني ، او تجرّني إلى شيء ما .! فكُلّ الحريم لا يختلفنَ عن بعضهنّ ، النقيّات بطبائع البادية والمُتمدّنات بملوّثات المدينة .!
سألتني بدهشة:
ـ مالذي سيّركَ كيْ تتلصّص عليّ وتُفاجئُني بهذه العبارات ، دون سائر بقيّة الأيام ..!؟ هل كنت تَعلم بمجيء ضُيوف أبي وتُريد أنْ تُوقعني في شرّ أخذكَ إليّ أم ماذا.!؟
وكأن أحدٌ غرز سكيناً في صدري ، خوفٌ ينتابني وموجات تتصادم في داخلي :
ـ لا .. حَشيمة يا بنت الناس .! بصوت مُتخشّب على غير العادة.
ـ ماذا تعني إذن .؟! بصوت قوي ثابت .
لا زلتُ أرتجف:
ـ إحساسي هو الذي سَاقني ..!
سكتتْ وبقيتْ على ابتسامتها ، ثم حرّكتْ رأسها :
ـ كل شيء هُنا سيَطمئنّك ..؟
ـ لم افهم .. وترقبتُ توضيحاً أكثر ولم أنبس بحرف.
ضلّتْ ساكتة .. وأناخائفاً أترقّب حركاتها ، ترتجف أعضائي ..! وَسوسة في داخلي لا تُفارقني .! صوتها يُزلزلني :
ـ أنت شابٌ رائع .!
انطلقتْ سريعة إلى حيث مُستقرّها ، ولم تزدْ حرفاً.

*الكاتب حمد الناصري المرتاح سلطنة عُمان






التوقيع

لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!
آخر تعديل المرتاح يوم 2015-06-30 في 07:04.
    رد مع اقتباس