عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-06-16, 05:25 رقم المشاركة : 18
المرتاح
أستـــــاذ(ة) متميز
إحصائية العضو









المرتاح غير متواجد حالياً


افتراضي رد: قصة : البدويّة .!!! من تأليفي .


ج 5

اعجبتني حركة التقافز مع الصبية يومذاك ، يوم كنت صغيراً ، أركض مع الصغار وأقدامنا غير مُنتعلة ، نبحث عن ظلّ شجرةٍ أو نبتةَ" الهَرْمة "نحتمي بها ، ندوسها بأقدامنا ، فتعصرها أخفاف بُطون أقدامنا فتبرد قليلاً كوسيلة الهروب من لهيب الشمس وارتفاع رطوبة حر القيض وكانت أقدامنا لا تعرف أنعلة سواها ، وقليل مِنّا من ينتعل في قدمه خُفاً أو وطْيةً ، يضَعُها تحتخُفيّ قدميه وتنتعلها رِجْليه ، وغالباً لا تجدَ الأقدام ما يحَميها .. وترقرقتْ عواطفي القلبية تجاه تلكم الأنفس القانعة التي تمُسي وتُصبح على أدعية تَستجيب إليها أنفسهم بعزيمة البقاء .. وقارنتُ بين تلك الأنفس وبين حياتنا كصبية بُعَيْد ظهور حياة الترف في ثوبها الجديد .. وطافَتْ على مُخيلتي مَواقفي الشديدة يومئذٍ ،يوم أنْ كنت حريص جداً على "نعالي" وأُحافظ لكيْ تكون نظيفة ، كنت أخشى عليها من التمزّق فإنْ هيَ أهترتْ وتشقّقت وتمزّقتْ أطرافها ، فأبي لن يدع الامر سُدىً او يمرّ عليه مرور الكرام ، ما لمْ تتبعهُ نهرةٍ او زجْرة أو ضربةٍ على الوجه ، وما العصا عنه ببعيد ،ذلك العصا المُسمّاة بـ" الباكورة " عُود الخيزارن الثقيل، يضربني أبي بلا هوادة ولا تأخذه رأفةٌ أبداً ، إن أنا ضيّعتُ شيئاً من حوائجي أولم أُنفّذ عملي بدقّة أو إتْقانٍ بطريقة يُحبّذها هو ، خاصة إنْ استوفى شرحاً وتفصيلاً .. فكفّه القويّ يُوجعني وأخشاهُ وأبقى على ترقّب وخوفٍ إن ناداني ،وعيْنه كالصّقر موجّهة في عيني ، فيها من التأنيب ، ما يُطير شرر العُيون من بُؤبؤهاـ كما يقولون ـ فمرّة نسيتُ أن" أردّ صُوار الساقية "فزاد الماء،ففاضتْ " الدِّحْية " إلى حدّ النخلة التي يَليها .. وحين علمَ بالأمر ، ناداني فصفعني صفعة قويّة ، أحسستُ أنّ يده التصقتْ بوجهي أو هيَ لمْ تزل عالقة إلى بعد أيّام من الصّفْعة ، وكُنت أتحسّسها في كل مرة،لكأنّها بقايا من شوكةٍ غُرزتْ في جسمي ، فضربة " الباكورة " بقوّة كفّ أبي ، مُوجعة ومُؤلمة ،أتوجّع قَسْوتها ، وأنظر إليها ، كُلما أحسستُ بحكّة في ذات المكان ، وإذا أمرني بعملٍ ما ، أنْجزه في الحال وأتقنه بحرفيّة نافذة ،ذلكَ لأنّي أعلمْ أنّ تأثير الضّرب مُوجعٌ وله فهمٌ كبير في نفسي..!

الكاتب حمد الناصري ، المرتاح ، عُمان






التوقيع

لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!
آخر تعديل المرتاح يوم 2015-06-16 في 05:31.
    رد مع اقتباس