عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-06-16, 05:22 رقم المشاركة : 17
المرتاح
أستـــــاذ(ة) متميز
إحصائية العضو









المرتاح غير متواجد حالياً


افتراضي رد: قصة : البدويّة .!!! من تأليفي .


ج 4

تخايلتُ وتساءلت : كيف كان أبي وأمي يعيشان في الحارة ، كيف كانتْ معيشتهم ، أتوقّع كانوا اكدح من حالي هذا ، ويتجمّلون بالصّبر والفاقة والعَوْز ، كل ذلكَ لحياة أتدفأ بها أنا واخواتي ..!! وقلتُ في نفسي ، هل يُمكنني أن أقاوم ، أن اردّ جميل بؤسهم وشقاؤهم .!؟ ، هل يُمكن أن أبقى بلا امرأة أُرخي فيها كُلّ ما ظننته في دِفْئها ، حتى يشاء ربّي ويكبرنَ أخواتي ، هل يُمكن ان اتنسّم عليل صحرائي هذه بعيداً عن اختناق تلكم الرطوبة الساحلية الخانقة .؟! وإلى متى سأضلّ صابراً مُحتسباً أمري إلى ربّي .؟! وهلْ سينفعني كدحي وصَبْري خاصة إذا لمْ تستطيب فاقتي وعَوْزِي ؟
في هذه اللحظة ، تخايلتُ منظر أمي وهي تساعد أبي قبل وفاته ، يمرّ شريط ذكرياتهما ولم يزل باقياً وعالقاً في ذهني .. كان أبي يشتغل في هذه الشاحنة التي ورثتها منه ، يحمل في صندوقها الخلفي أعلافٍ يُخزّنها في عريش اتخذه كمستودع يضع فيه مخزون الماشية ، وكانتْ مَلابس أمي تلتصق بجسدها من شدّة العرق ، تظهر رطوبة الملابس أجزاءً خفية ، تدسّها عن أعيننا ، خشية وقوع النظر فيهما ، ثم تتوارى ولم نراها إلا وقد وضعتْ شيئاً ثقيلا أكثر سِتراً دون أن تُلقي ما كان فوق جسدها من ملابس .. أتذكّر مرة أخذتني بعيداً ، وأنّبتني ومَسكتني من أذني وقرصتني بقوة ، كان إبهامها مُتخشّناً وسَبّابتها مُؤلمة ، وأظافرها تنغرز في جِلدة أذني ، تخدشها فتحمرّ ، أحسستُ أنّ القرصة بلغتْ حدّ الإيذاء القاسي الذي بلغ حدّ القسوة والشدّة ، لحظتها وعلى أثر قرصتها ، استنفر جزء من دمائي على ملابسي ، وهي تردّد : تفهم يا سالم ، تفهمْ .. من العيب أن ينظر الولد في شيء يتعلّق بالناس ، فكيف تُلقي نظرتك فيما أخفاهُ والديك ، وتخترق تصويباتك ما لا يُريدا أن تراه فيهما .. فإنْ وقعَ نظرك على شيء كمثل هذه الحالة ، فاكْسر نظرك وحوّله إلى صُوب آخر .. فتحويل النظر عن كل عَيْب هو تعبّد يجتهد به المرء ، ليرضى به ربّه ولينأى بنفسه عن بعض ما يستقبحه .؟ حتى لو كان ذاك الشيء بين الرجال والصّبيان ، فكيف إذا كان من رجل لامرأة .. أفهمت ..هززت رأسي ـ نعم ـ ثم دفعتني بقوة .! ومن شدة دفْعها اصطدم راسي بجذع نخلة وبانتْ "ورمة " كبيرة على جبيني .! ولم تزل باقية ، أتحسّسها عند كل حركة يدي ارفعها إلى جبيني ..! ومن يومئذٍ وانا لا أرفع ناظري إلى جسدها او جسد غيرها ، كنت استحي إذا ما وقعتْ عيني في شيء من ذلك ، احسّ ان عين الآخر تُؤنبي ، وأن يده تمتدّ إلى حيث القَرصة تلكَ التي قرصتني فيها أمي ، يقشعرّ جسمي ،وترتعد دواخلي في خوف بالغ!
الكاتب : حمد الناصري المرتاح . عُمان .






التوقيع

لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!
آخر تعديل المرتاح يوم 2015-06-16 في 05:32.
    رد مع اقتباس