عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-04-02, 14:47 رقم المشاركة : 1
عبد الحفيظ كورجيت
أستـــــاذ(ة) ذهبــــي
 
الصورة الرمزية عبد الحفيظ كورجيت

 

إحصائية العضو









عبد الحفيظ كورجيت غير متواجد حالياً


افتراضي في انتظار مشرط أبقراط



في انتظار مشرط أبقراط
انتظار يعمُره الدّعاء. انتظار يقطعه طرق باب ودخول شابتين تجران سريرا متحركا .تناولانك رداء بكُمين طويلين لا ظهر له. ترتديه بعد أن تُقلد الدودة وتستلقي على ظهرك ,بلا حراك, كجثة ممدودة. يتم دفعك عبر بهو لا ترى منه إلاّ السقف. يمينا فيسارا فيمينا فيسارا كما في المتاهات لا تسمع إلا صرير العجلات.
تتقاذف سريرك المجرور أكثر من يد لتجد نفسك في مصعد .لا تدري إن كنت تنزل فيه أم تصعد. تنتهي بك جولة السرير تحت قرص كبير به أضواء كثيرة يشبه الأطباق الطائرة. تتحلق حولك كائنات زرقاء و خضراء مشكلة دائرة. و قبل أن تنتهي من تصفح الوجوه بنظراتك الحائرة باحثا عن ابتسامة مطمئنة عابرة, حتى وإن كانت صفراء, تمتد يد لتمسك ذراعك الأيسر قبل أن تزرع فيه ما يشبه الأنبوب.
ما كنت تشاهده في الأفلام تشهده الآن بالتمام.
يتقدم إليك كبيرهم بالسلام ثم يسألك عن حالتك الصحية وعدد ما فيك من أسقام وإن كانت لديك حساسية لأي طعام. يجرك في الكلام حتى يكتمل التحضير للتخدير. و حين يوعز إلى زارعة الأنبوب أن تشرع في عملية الرّي, تدرك قرب السفر فتتلو بعض قصار السور وبعض الأدعية مما جاء في الأثر قبل أن تمد السبابة لتردّد الشهادة. تشعر بدبيب نمل يسري على وجهك ثم لا شيء.
يعود إليك وعيك على صدى صوت يطلب منك أن تأخذ نفسا عميقا. حينها تقاوم من أجل البقاء. تصارع بكل ما أبقي لك المخدر من قوة لتدخل إلى جوفك ما استطعت من هواء .بعد وقت لا تعلم عمره, تتنفسان الصعداء أنت وطبيب التخدير فقد انتهت بسلام الأشواط الإضافية للعملية.
تتحسس جسدك المنهك. تحسب الضمادات. واحدة, اثنتان, ثلاثة, أربعة. تمت محاصرة المرارة من أربع جهات إذاً قبل أن ينفَّذ فيها حكم الاستئصال. لقد كشف الفحص أن بها حصاة طروادة فتقرر طردها بلا هوادة قبل أن تسبب المرض العضال .
وبينما أنت شارد الذهن, مشغول بالغزوة التي شُنت على بطنك, يقدمون إليك الغنيمة: قارورة بها حصى أسود رقيق, وأخرى تحوي ما كان يُدعى مرارة قبل ساعة مطلوب إرسالها إلى التشريح الدقيق.
رحلت المرّارة إذا وحلّت آلام قدّر لها طبيب الجراحة فترة راحة: وقع شهادة تذيلها أختام بأن النقاهة مدتها عشرون من الأيام.
عبد الحفيظ كورجيت,أبريل 2015





التوقيع

اللهم إنك عفوّ تحب العفو فاعف عنّا


آخر تعديل عبد الحفيظ كورجيت يوم 2015-04-02 في 18:11.
    رد مع اقتباس