عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-03-27, 21:52 رقم المشاركة : 1
abo fatima
نائب مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية abo fatima

 

إحصائية العضو







abo fatima غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثانية من مسابقة السيرة النبوية العط

الشخصية الفضية 2012

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي هجمات شرسة على المدرسة العمومية


<b> هجمات شرسة على المدرسة العمومية


بتاريخ 27 مارس, 2015






رجع الصدى : عبد الكريم جبراوي
لكل حدث وقائعه وتجلياته ، ولكل حدث تبعاته ونتائجه ، كما لكل مستجد تحمله الأخبار من هنا أو هناك نسيج من الحديث يتردد ، وعند هذا التردد يتولد صدى الخبر ، فيكون رجع الصدى نتيجة لخبر الحدث…
من حق أي شخص كان أن يدلي برأيه في المنظومة التربوية بالمغرب على قاعدة تلمس مكامن الخلل والإفادة بمقترحات عملية وببدائل لآليات الإصلاح المنشود وفق شعار ” التعليم مسؤولية الجميع ” ، ومن حق أي كان أن يتبنى موقفه الشخصي بدون مزايدات إلزامية للآخر أو تحامل ومغالطات يراد بباطلها حق من منطلق حديث الكلام وكلمات الحديث لا غير ..
فالحديث عن المنظومة التربوية وعن المدرسة العمومية يشهد هجمات شرسة ، تشابكت فيها الألسن منذ تباشير الدخول المدرسي الحالي ، والكل يقضم ما تيسر له من مكونات الجسم التربوي بدءا من البنية التحتية ومرورا بالتجهيزات الأساسية ووصولا إلى الأستاذ والزمن المدرسي ، دون أن يكلف أحد نفسه عناء تدقيق الأمور والبحث المعمق لكشف ظروف العمل والاشتغال والإمكانيات المتوفرة للمتعلم الذي يطوله الحديث كضحية لأمور علم خيالها بمناظير عن بعد ، عملا بالقاعدة المألوفة ” القفز على الحائط القصير فرجة المتعة ” …
يتحدثون – ضمن الهجمة الشرسة – عن هدر الزمن المدرسي ولا دراية لهم بمكوناته والعناصر المتحكمة فيه أو تلك المتداخلة كالوسط والمناخ والتباعد ما بين المؤسسة والبيت : فالأستاذ غير مقيم حيث مقر العمل لانعدام وجود السكن ، وحتى إن وجد فهو غير مربوط بشبكة الكهرباء والماء الصالح للشرب أو أحدهما ، وبالتالي تنقله ما بين مقري العمل والإقامة – دون الحديث عن الكلفة التي لا يؤديها موظف عمومي آخر – يقتضي زمنا يتغافله الجميع في احتساب الزمن المدرسي ويشكل زمنا مدرسيا إضافيا غير محتسب يقصر ويطول بحسب طول المسافة الرابطة وطبيعة وسيلة التنقل – التي قد لا يجرؤ غيره من موظفي الدولة على ركوب بعضها أو تقبلها إطلاقا – ، كذلك ذاك المتعلم ابن الوسط القروي الذي حتما لا توجد المدرسة مباشرة أمام بيت أسرته ، وعليه أن يقطع المسافة الفاصلة سيرا على الأقدام ، دون وجود أي حائل للاستظلال من لفحات حرارة الشمس أو من صبيب تهاطل الأمطار ، وعليه أن يصل إلى المدرسة ورجلاه مبتلتان غاية البلل بالندى المتساقط على النباتات في الطريق ، أو جسمه كله يتقاطر ماء أو كل أطرافه تصطك رعشة وبرودة ويجلس على طاولة وأمامه شعار ” العقل السليم في الجسم السليم ” وبانتظاره أسبوعيا أزيد من خمسة عشر مادة دراسية على عقله الصغير استقبالها واستيعابها .. ولو أن الوقت قد حان للحديث عن الزمن المدرسي من وجهة نظر تقليصه كما التقليص من عدد المواد الدراسية لتحقيق مردودية أكبر وبجودة أعلى تحقيقا للغايات التي تبرر الوسيلة ، كما حان الوقت للحديث عن ضرورة تحقيق مبدإ تكافؤ الفرص بين تلامذة الوسطين الحضري والقروي في كل المناحي التربوية التعليمية ..
يتحدثون – ضمن الهجوم الشرس – عن التعنيف في ربط للأستاذ بالجلاد ، ورميا باللائمة على الأستاذ عند انقطاع متعلم ووضعه في خانة الساقطين ضمن ظاهرة الهدر المدرسي ، وكل ذلك أخذا بكلمة ” التعنيف ” على درجة واحدة مع ” الترهيب ” ، ودون أي تحديد للمصطلح في شقه المرتبط بما هو تربوي قد لا يتجاوز ” المؤاخذة ” على الخطإ أو على عدم الانضباط الصفي أو على عدم إنجاز الفروض المنزلية ، فالأستاذ أمامه أزيد من أربعين متعلما عليه أن يوصل المعلومة لجميعهم دون أي استثناء ، وعليهم هم أيضا أن يشاركوا دونما أي استثناء كذلك ، بمعنى أنه حينما يعمل الأستاذ على فرض النظام داخل الفصل الدراسي أو تصحيح الخطإ وتقويمه فلا يمكن أن يقال إنه اعتمد ” التعنيف ” منهجا وأسلوبا ، خصوصا وأن الانقطاع عن الدراسة له فعلا أسباب تتعلق بالمؤسسة التعليمية مثلما له أسباب تتعلق بالمتعلم ذاته وبالأسرة التي ينتمي إليها والوسط الذي يعيش فيه ، ولا يمكن كذلك أن يكون ” الإفتاء ” في منظومة التربية والتكوين ببلادنا متقمصا لدور الخطاب الأحادي الذي يروم فرض ” صورة نمطية ” معينة عبر منابر يفترض فيها الرأي والرأي الآخر حتى لا يكون ” الإقناع ” بمغيب الشمس في مشرقها ..
يتحدثون – من باب الهجمات الشرسة – عن فشل المنظومة التربوية ويوغلون في النقد الموجع الذي لا يقدم بدائل لتجاوز عثرات أو تقويم مسار خاطئ ، بل تارة ينوهون بالمدرسة العمومية قديما وتارة يهاجمونها بلا تحديد زمني معين ، وبدون الكشف عن نقاط التلاقي وعتبات التقارب ودرجات التفاوت ما بين الزمن المدرسي والزمن المجتمعي ، وبدون استشراف ما أنتجته المدرسة العمومية على مدى أزيد من نصف قرن من أطر غالبيتها العظمى هي من تسير دواليب البلاد حاليا ..
يتحدثون ويتحدثون ، وإذا كان حديثهم هجمات شرسة على المدرسة العمومية ، فإن رد الحديث لن يتأتى دون التجديف في البحر المتلاطم ..

</b>





التوقيع

    رد مع اقتباس