ومضات من كتاب تنبيه الغافلين للإمام نصر بن محمد السمرقندي (1) م. محمد سعيد قاسم @__5556 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم .. فهذه مقتطفات من كتاب ( تنبيه الغافلين ) للإمام أبي الليث نصر بن محمد الحنفي السمرقندي . وهذا الكتاب قد ذاع صيته واشتهر بين عامة المسلمين وأئمتهم ، وهو كتاب جمع فيه صاحبه حشداً عظيماً وعدداً هائلاً من المواعظ والحكم التي توقض المؤمن من غفلة الحياة الدنيا لتسمو به إلى سماء الإيمان فترتفع به إلى أعلى عليين . واوردنا هنا شيئياً يسيراً منها أسأل الله أن ينفع بها . ١- باب الإخلاص (ص١١) ١- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ) قالوا : يا رسول الله ، وما الشرك الأصغر ؟ قال : ( الرياء ، يقول الله تعالى لهم يوم يجازى العباد بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون لهم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم خيراً ) . قال الفقيه رحمه الله : إنما يقال لهم ذلك لأن عملهم في الدنيا كان على وجه الخداع ، فيعاملون في الآخرة على وجه الخداع ، وهو كما قال الله عز وجل [ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ] (النساء ١٤٢) يعني يجازيهم جزاء الخداع فيبطل ثواب أعمالهم . ٢- قيل لبعض الحكماء : من المخلص ؟ قال : المخلص الذي يكتم حسناته كما يكتم سيئاته . ٣- وروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : للمرائي أربع علامات : يكسل إذا كان وحده ، وينشط إذا كان مع الناس ، ويزيد في العمل إذا أثني عليھ ، وينقص إذا ذم به . ٤- روى عن هرم بن حيان أنه قال : ما أقبل عبد بقلبه إلى الله تعالى إلا أقبل الله تعالى بقلوب أهل الإيمان إليه ، حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم . ٥- روى عن عوف بن عبد الله أنه قال : كان أهل الخير يكتب بعضهم إلى بعض بثلاث كلمات : من عمل لآخرته كفاه الله أمر دنيته ، ومن أصلح دنياه فيما بينه وبين الله أصلح الله تعالى فيكا بينه وبين الناس ، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته . ٦- قال الفقيه رحمه الله تعالى : من أراد أن يجد ثواب عمله في الآخرة ينبغي له أن يكون عمله خالصاً لله تعالى ، بغير رياء ، ثم ينسى ذلك العمل لكيلا يبطله العجب لأنه يقال : حفظ الطاعة أشد من فعلها . ٧- روى عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : يؤيد الله المؤمنين بقوة المنافقين ، وينصر المنافقين بدعوة المؤمنين . ٨- وقال رجل عند حذيفة بن اليمان : اللهم أهلك المنافقين ، فقال حذيفة : لو أهلكوا ما انتصفتم من عدوكم ، يعني أنهم يخرجون إلى الغزو ويقاتلون العدو . ٢- باب هول الموت وشدته (ص٢١) ٩- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) قالوا : يارسول الله كلنا يكره الموت ، قال : ( ليس ذلك بكراهية الموت ، ولكن المؤمن إذا احتضر جاءه البشير من الله تعالى بما يرجع إليه ، فليس شيء أحب إليه من لقاء الله تعالى ، فأحب الله لقاءه ، وإن الفاجر - أو قال الكافر - إذا احتضر جاءه ****** بما هو صائر إليه من الشر ، فكره لقاء الله فكره الله لقاءه ) . ١٠- قال الفقيه رحمه الله : من أيقن بالموت ، وعلم أنه نازل به لا محاله ، فلا بد له من الاستعداد له بالأعمال الصالحة ، والإجتناب عن الأعمال الخبيثة ، فإنه لا يدري متى ينزل به . ١١- كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الشتاء ربيع المؤمن طال ليله فقامه ، وقصر نهاره فصامه ) . ١٢- ذكر عن سفيان الثوري : أنه كان إذا ذكر عنده الموت ، كان لا ينتفع به أياماً فإذا سئل عن شيء قال : لا أدري . ١٣- وقال حكيم : ثلاثة ليس للعاقل أن ينساها : فناء الدنيا وتصرف أحوالها ، والموت ، والآفات التي لا أمان منها . ١٤- قال عمر رضي الله عنه لكعب : ياكعب حدثنا عن الموت ، قال : إن الموت كشجرة شوك أدخلت في جوف ابن آدم ، فأخذت كل شوكة بعرق منه ، ثم جذبها رجل شديد القوى ، فقطع منها ماقطع ، وأبقى منها ما أبقى . ١٥- ذكر عن حامد اللفاف أنه قال : من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء : تعجيل التوبة ، وقناعة القوت ، ونشاط العبادة . ١٦- قال الفقيه رحمه الله : طوبى لمن رزقه الله الفهم ، وأيقضه من سنة الغفلة ، ووفقه للتفكير في أمر خاتمته . ٣- باب عذاب القبر وشدته (ص٣٠) ١٧- روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله كره لكم أربعاً : العبث في الصلاة ، واللغو عند القراءة ، والرفث في الصيام ، والضحك عند المقابر ) . ١٨- قال سفيان الثوري رحمه الله : من أكثر ذكر القبر وجده روضة من رياض الجنة ، ومن غفل عنه وجده حفرة من حفر النيران . ١٩- روى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه وقف على قبر فبكى ، فقيل له : إنك تذكر الجنة والنار ولا تبكي ، وتبكي من هذا ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القبر أول منزل من منازل الآخرة ، فإن نجا العبد منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه ) . ٢٠- روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتعوذ من عذاب القبر . ٢١- وذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كنت لم أعلم بعذاب القبر حتى دخلت على يهودية ، فسألت شيئاً ، فأعطيتها ، فقالت : أعاذك الله من عذاب القبر ، فضننت أن قولها من أباطيل اليهود ، حتى دخل النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت له ذلك ، فأخبرني أن عذاب القبر حق . ٢٢- روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تنزهوا عن البول ، فإن عامة عذاب القبر منه   . ٢٣- روى عن محمد بن السماك أنه نظر إلى مقبرة ، فقال : لا يغرنكم سكوت هذه القبور ، فينبغي للعاقل أن يكثر ذكر القبر قبل أن يدخله ، فما أكثر المغمومين فيها ، ولا يغرنكم استواء القبور فما أشد تفاوتهم فيها . ٤- باب أهوال القيامة وأفزاعها (ص٣٩) ٢٤- قال عز وجل [ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ ۚ قَوْلُهُ الْحَقُّ ۚ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ۚ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ] ٢٥- روى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لاتزول قدما عبد حتى يسأل عن أربعة : عن عمره فيم أفناه ؟ وعن جسده فيم أبلاه ؟ وعن علمه فيم عمل به ؟ وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه ؟) . ٢٦- قال مقاتل بن سليمان : يقف الخلق يوم القيامة مائة سنة في العرق ملجمون ، ومائة سنة في الظلمة متحيرون ، ومائة سنة يموج بعضهم في بعض ، عند ربهخ يختصمون . ٢٧- يقال : إن يوم القيامة مقداره خمسون الف سنة ، وإنه ليمضي على المؤمن المخلص كما تمضي عليھ ساعة واحدة . ٢٨- قال أبو بكر الواسطي : الدول ثلاث : دولة الحياة ، ودولة الموت ، ودولة القيامة ، فأما دولة الحياة : بأن يعيش في طاعة الله تعالى ، ودولته عند الموت : أن تخرج روحه مع شهادة أن لا إله إلا الله ، وأما دولة النشر : فحين يخرج من قبره ، يأتيه البشير بالجنة . ٢٩- ذكر عن علقمة بن قيس ، أنه كان في جنازة ، فقام على قبر ، فلما دفن قال : أما هذا فقد قامت قيامته . ٥- باب مايرجى من رحمة الله تعالى (ص٦٣) ٣٠- عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جعل الله الرحمة مائة جزء ، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً ، وأنزل إلى الأرض جزءاً واحداً ، به يتراحم الخلق حتى إن الفرس لترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه ) . ٣١- روى عن يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله أنه كان يقول : إلهي أنزلت علينا رحمة واحدة ، وأكرمتنا بتلك الرحمة ، وهي الإسلام ، فإذا أنزلت علينا مائة رحمة فكيف لا نرجو مغفرتك . ٣٢- روى عن الحسن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما اجتمع الرجاء والخوف في قلب امرئ مسلم عند الموت ، إلا أعطاه الله مايرجو ، وصرف عنه مايخاف ) . ٣٣- قال ابن مسعود : لن تزال الرحمة بالناس يوم القيامة ، حتى أن إبليس يرفع رأسه مما يرى من سعة رحمة الله ، وشفاعة الشافعين . ٣٤- روى عن فضيل بن عياض رحمه الله أنه قال : الخوف مادام الرجل صحيحاً أفضل فإذا مرض وعجز عن العمل ، فالرجاء أفضل . ٣٥- روى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لن ينجو أحدكم بعمله   قالوا : ولا أنت يارسول الله ؟ قال ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمته ، فقاربوا وسددوا ، واغدوا وروحوا شيئاً من الدلجة والقصد القصد تبلغوا ) . يتبع