عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-02-12, 15:27 رقم المشاركة : 21
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: ملف كامل عن علم المناعة :جهاز المناعة في جسم الإنسان


قد درسنا حتى الآن تنامي الخلايا البائية كما لو كان سبيلا تتبعه الخلايا كلها حتى نهايته بمجرد أن تسلكه. وفي الحقيقة فإن واقع الحال ليس كذلك. فعندما أحصى <C.D.أوزموند> (الذي يعمل حاليا في جامعة ماك گيل) عدد الخلايا سليفات وطليعات البائية في نقي العظم عند الفئران، وجد أن نصف الخلايا أو أكثر يموت ـ على ما يبدو ـ في مرحلة طليعة البائية.

لقد نظَّر الباحثون أن الخلايا طليعات البائية تموت ما لم تتلقَّ إشارة البُقْيا survival signal، وهي نوع من المراسيل الجزيئية يصدر عن الخلايا المجاورة، وربما تترابط «قبلة الحياة»(2) بمستقبل يظهر على سطوح المرحلة الأخيرة للخلايا طليعات البائية. ويتألف هذا المستقبل من سلاسل ثقيلة مقترنة بما يسمى معقد بديل السلسلة الخفيفة surrogate light-chain complex. وخلافا لمستقبلات المستضد التي تنتجها الخلايا البائية الناضجة، فإن الجينات التي تكوِّد المعقد البديل لا تحتاج ـ من أجل التعبير عن نفسها ـ إلى إعادة تراتب.

وعندما حال <D.كيتامورا>وزملاؤه (في جامعة كولونيا) دون التعبير عن هذه المستقبلات، وجدوا أن إنتاج الخلايا البائية قد انخفض إلى أقل من عُشْر مستواه السوي. وربما تكون الخلايا البائية التي استطاعت البقاء على قيد الحياة، هي تلك التي أعادت تراتب جينات سلاسلها الخفيفة باكرا، منتجة بذلك سلاسل خفيفة غير بديلة في مرحلة مبكرة تكفي تلك السلاسل لأن تأخذ مكان المستقبل المفقود.

أما الخلايا البائية الأخرى، فإنها تموت ليس لأنها لم تتلق «قبلة الحياة»، ولكن ـ على الأصح ـ لأنها تحمل «قبلة الموت». إذ يؤدي بعض أنواع إعادة تراتب شُدف جينات الخلايا البائية إلى اصطناع أضداد تتفاعل مع خلايا الجسم نفسه، إن مجرد وجود السلالات التي تحمل هذه الأضداد يستوجب التخلص منها.





تحدث الاستجابة المناعية في العقد اللمفية، مكان تجمع الخلايا البائية والخلايا التائية. وتقدم الخلايا التغصنيةُ المستضداتِ للخلايا التائية (في الوسط). وتتآثر هذه الخلايا التي تسمى بالخلايا التائية المساعدة مع خلايا تائية وبائية أخرى، لتنتج الخلايا التائية القاتلة (في اليسار)، التي تغادر العقد اللمفية بحثا عن النسج المخموجة، ولتُشكِّل كذلك الپلزميات (في اليمين) التي تفرز الأضداد.

وتبدأ سيرورة الانتقاء السلبي negative selection process، عندما تتآثر الخلايا البائية حديثة التشكل لأول مرة مع بيئتها. وبسرعة، تصادف الخلايا ذاتية التفاعل self-reactive cells كمياتٍ كبيرة من المستضدات التي تستطيع أضدادها الترابط بها ـ وهذه هي الجزيئات الموجودة على سطوح الخلايا المجاورة.



فإذا كان هذا الترابط قويا بما فيه الكفاية، فإن الضد المستقبل يرسل إشارات ضمن الخلية تؤدي إلى انتحارها فيما يعرف باسم موت الخلية المبرمج (الأپوپتوزيز) apoptosis. أما الخلايا البائية غير الناضجة التي لا تتفاعل بشدة مع مستضدات الذات فإنها تبقى وتنضج. ويمكنها أن تستجيب لاحقا للتنبيه المستضدي من جزيئات الغير (السِّوى/ اللاذات) nonself. ولقد أمكن البرهان على هذا المبدأ العام لأول مرة في الدجاج والفئران التي عولجت بأضداد مضادة للمستقبلات من النمط IgM الموجودة على سطوح الخلايا البائية غير الناضجة : إن المعالجة المبكرة بأضداد المستقبل أدت إلى إجهاض تنامي هذه الخلايا، في حين أدت الجرع التي أعطيت فيما بعد إلى تنبيهها. ففي مراحل التنامي المبكرة، تحرض الإشارات التي يرسلها الضد المستقبل على موت الخلية المبرمج بتنشيط الإنزيمات التي تشطر دنا النواة. وهكذا، فإن الخلايا البائية ذاتية التفاعل (تتفاعل مع الذات) لا يمكنها عمليا أن تبقى حية لتصل إلى مرحلة النضج.

أما النسائل التي تتخطى هذه السيرورة الانتقائية، فيمكنها أن تهاجر إلى النسج اللمفانية المحيطية. وتستطيع هناك أن تباشر الطور الوظيفي من تاريخ حياتها. وأخيرا عندما يتم تنبيه هذه الخلايا بوساطة كل من المستضدات والخلايا التائية، فإنها قد تعود إلى نقي العظم لتعاني فيه نضجها النهائي إلى خلايا پلزمية مفرزة للأضداد.

أما سبيل نضج الخلايا التائية، فهو ـ إلى حد ما ـ أكثر تعقيدا. فالخلايا الجذعية في التوتة التي تلتزم هذا الخط من التنامي قد تنضج في نهاية الأمر لتشكل أنواعا عديدة من الخلايا التائية، بما في ذلك الخلايا المساعدة والخلايا القاتلة.

تمر الخلايا التائية في أثناء تناميها عبر عدد من نقاط الغربلة (التَّذْرِيَة). ويختبر التحدي الأول قدرتها على تعرف المستضدات التي تقدمها لها خلايا أخرى ـ وهي خاصية أساسية لانتقاء الخلية المناعية الوظيفية. فجزيئات ما يعرف بمعقد التوافق النسيجي الكبير major histocompatibility complex MHC تمسك بشُدف من المستضدات البروتينية لتقدمها إلى الخلايا التائية. وتقسَّم جزيئات المعقد MHC إلى نمطين: الصف (الصنف) الأول class I، والصف الثاني. وتمسح الخلايا، خلال تناميها في التوتة، بيئتها لتحدد ما إذا كانت ستتعرف أيا من جزيئات معقد الذات MHC (أي الشُّدف البروتينية المرتبطة بجزيئات المعقد MHC). فإن استطاعت [وكانت الشدفة من الغير (اللاذات)] فإنها تبقى حية، وإن لم تستطع فإنها تموت. كما أنها تموت أيضا إذا كان جزيء المعقد MHC يمسك بشدفة من بروتينات الذات.

وحالما تجتاز الخلايا التائية في أثناء نضجها هذا التحدي، تكون الخطوة التالية تدمير الخلايا التي تحمل مستقبلات تتفاعل بقوة مع نسج الجسم نفسه (تماما كما هي الحال فيما يتعلق بالخلايا البائية). وفي النهاية تبقى فقط الخلايا التائية ذات المستقبلات التي تتعرف كلا من المستضدات الغريبة وجزيئات معقد الذات MHC، حيث تغادر التوتة وتسكن شتى أنحاء الجسم.

وفي محاولتهم لاكتشاف تفاصيل هذه الصورة، بدأ علماء المناعة باقتفاء خط النسب من الخلية الجذعية إلى الخلية التائية المهاجرة. وحتى يتمكن الباحثون من اختبار العلاقات السليلية lineage relationships، فقد استخدموا خلايا جذعية وذراري تحمل واسمات يمكن تعرُّفها بوضوح. وأدخل الباحثون هذه الخلايا، في مراحل مختلفة من نضجها، في توتات(3) فئران لا تحمل خلاياها هذه الواسمات. وإثر انقضاء ساعات أو أيام، تمكن العاملون من تحديد ما أنتجته غرائسهم transplants من الأنسال (الأعقاب) offsprings.

وعمليا لا تعبر الخلايا التوتية المغروسة، في أبكر مراحل تناميها، عن أي من الواسمات العامة للخلية التائية التي تعرضها عادة على سطوحها، فهناك قلة أو لا شيء من البروتين تميم المستقبل co-receptor المعروف بالواسمة CD4، كما لا يوجد أي من بنى مستقبل الخلية التائية، ولا بروتين تميم المستقبل المعروف بالواسمة CD8 (تترابط الواسمة CD8 بجزيء المعقد MHC من الصف الأول، في حين تترابط الواسمة CD4 بالصف الثاني منه). إلا أنه بعد مرور يوم على الاغتراس، توالدت هذه الخلايا الضخمة، وأعطت خلايا أخرى ضخمة تحمل الواسمة CD8، ولكن ليس الواسمة CD4 أو المستقبل TCR (تقوم خلايا التوتة البشرية في هذه المرحلة من تناميها بالتعبير عن الواسمة CD4، وليس عن الواسمة CD8 أو المستقبل TCR). وتنقسم هذه الخلايا بدورها لتعطي نتاجات تحمل الواسمتين CD8 و CD4 وقليلا من المستقبل TCR. وفي هذه المرحلة ولأول مرة تعبّر الخلايا السليفة عن المستقبل TCRعلى سطوحها. إن التعبير عن الواسمة CD4 في هذه المراحل المبكرة من التنامي قد يفسر سبب استنفاد الخلايا التائية من قبل الڤيروس HIV الذي يغدو في هذه المرحلة شديد الفوعة (الحِدّة) virulent، إذ يعتقد بأن الڤيروس يترابط بجزيئات CD4، حيث قد يهاجم عندئذ هذه الخلايا التوتية السليفة والبدائية، قاطعا بذلك الطريق على كامل نتاجها الخلوي [انظر: «الإيدز والجهاز المناعي» في هذا العدد].

وبينما تواصل هذه الخلايا الانقسام وتبديل بروتيناتها السطحية، فإنها تعيد أيضا تراتب جيناتها لإنتاج مستقبلات الخلية التائية. ففي الفأر، على سبيل المثال، يبدأ تجميع سلاسل TCR والتعبير عنها على سطح الخلية عند أو قبل المرحلة التي تعبر فيها الخلايا عن CD4 و CD8 كليهما. وتمتلك هذه الخلايا السليفة المقدرة على التآثر مع الخلايا التي تحمل المعقد MHC في التوتة. وستصبح معظم الخلايا التي تترابط بجزيئات المعقد MHC من الصف الأول خلايا قاتلة، في حين تتنامى تلك التي تترابط بالصف الثاني بصورة أساسية إلى خلايا مساعدة، هذا على الرغم من أن بعضها يتحول أيضا إلى خلايا قاتلة (الخلايا التي لا تترابط بأي من جزيئات المعقد MHC تنكمش وتموت).

وبمجرد أن تلتزم الخلايا أحد المسارات، فإن خلايا المراحل الوسيطة توقف إنتاج الواسمة التي لن تستخدم بعد الآن (سواء CD4 أو CD8)، لتعبر عن المزيد من TCR. كما تكتسب هذه الخلايا «مستقبلات المبيت» homing receptors التي تمكّنها من مغادرة مجرى الدم ودخول الأعضاء اللمفانية المحيطية. وأخيرا تغادر هذه الخلايا التوتة بلا رجعة.

وبطبيعة الحال، لا تُتِمّ كل الخلايا التائية الكامنة مسار التنامي هذا. فبعضها يعاني الانتقاء السلبي، حيث تتسبب إشارات من خلايا أخرى (تلك الخلايا التي تحمل مستضدات الذات مرتبطة بجزيئات معقد الذات MHC) بحدوث الموت المبرمج. ويفترض أن يكون بوسع الخلايا في التوتة أن تستثير الانتقاء الإيجابي أو السلبي، ويعتمد ذلك على طبقة النسيج الجنينية البدائية التي اشتقت منها الخلايا: وهي الأديم الباطن endoderm والأديم المتوسط mesoderm والأديم الظاهر ectoderm. وتمتاز التوتة عن الأعضاء اللمفانية الأخرى باحتوائها غير العادي على خلايا من الأُدُم الثلاثة كافة.

وعند هذه النقطة، فإن السبل الخلوية كلها ـ التي تفارقت عندما بدأت خلايا جذعية خاصة التمايزَ إلى خلايا بائية أو خلايا تائية ـ تلتقي في النسج المحيطية. إن معظم المراحل المتبقية في تنامي نوعيِ الخلايا كليهما يحدث بمجرد أن تستثار مستقبلاتها عندما تتلاقى مع مادة غريبة.


يتبع








التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس