عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-12-27, 22:59 رقم المشاركة : 1
express-1
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية express-1

 

إحصائية العضو








express-1 غير متواجد حالياً


وسام التميز لشهر مارس 2012

rawai3 من يتحمل تكلفة فشل التعليم؟ !


من يتحمل تكلفة فشل التعليم؟ !



بقلم : عبد الهادي البهيج*
يمكن القول أن التميز الذي أظهره وزيرنا المبجل وهو يتفاعل في اللقاءات والندوات ،هو انتقاده الشديد للمدرس باعتباره أسهم في تقويض الممارسة التربوية وجعلها ﻻ تراوح مكانها دون استشراف ﻵليات اﻹنفتاح للأزمة التي تتماشى مع صيحات المحيط اﻹقليمي والدولي حسب خطاب السيد رشيد بلمختار.
إن طرق تصريف الخطاب ، خاصة إذا تعلق الأمر بمسألة حيوية تستهدف تأهيل العنصر البشري ، ينبغي لها أن تراعي حساسية المواقف وبالتالي عليها أن تنطلق من الرصانة الفكرية العميقة التي تستهدف عملية البناء وإعادة اﻹعتبار للمدرس والمدرسة العمومية.
منذ مجيء بلمختار تحت مظلة النسخة الثانية الحكومية ،وهو يعتقد أنه يملك خاتم سليمان لحل المعضلات الخاصة بالتعليم المغربي ، مع العلم أن هذا القطاع الحيوي يتطلب تدبيرا حكوميا شاملا مبنيا على تعاقدات واضحة المعالم، و استحضارا نوعيا للتجارب و التراكمات السابقة بهدف استثمار الجهود وتنويع اﻹختيارات الممكنة بالتوازي مع تصريف خطابات عقلانية محفزة تواكب المدرس بالعناية والتكوين اللازمين ،بدل لغة اﻹستهجان والتحقير التي أدخلها وزيرنا المحترم في قاموسه للتواصل مع هيئة التدريس .
عندما يقول بلمختار(المدرسون اﻷكفاء عملة نادرة إن لم نقل مفقودة) يعني أن مؤسسات التكوين والمرجعيات البيداغوجية التي أفرزته، والتي هي بالضرورة نتاج قرارات سياسية فشلت في تدبير مجال التعليم ،وبالتالي يمكن اعتبار هذا الكلام اعترافا ضمنيا بعدم كفاءة السياسات الحكومية ، بعيدا عن المزايدات ورعونة الكلمات التي تحمل المدرس تكلفة الفشل.
إن مصداقية الخطاب تتطلب وعيا تاما بخصوصية المرحلة ،ورؤية تحفز على بذل المجهودات اللازمة التي تتيح فرص المشاركة العفوية في المشروع التربوي ،بأبعاده الشاملة من طرف جميع المتدخلين والشركاء الغيورين على قطاع التربية والتكوين.
الحديث عن الكفاءة نقاش صحي ومتميز إذا استغل في تعزيز الجهود وخلق سياسة تدبيرية مناسبة لمنظومة التكوين ببلادنا و محاسبة كل الذين تاجروا بقطاع التعليم من المسؤولين دون مراعاة الشرط التربوي واﻷخلاقي، الذي من شأنه الرفع من منسوب الجودة واﻹرتقاء بالممارسة التربوية .
الحديث عن الكفاءة معالي الوزير يجب أن تواكبه قرارات جريئة تستهدف انتشال التعليم بالوسط القروي من غياهب عدم المسؤولية والعشوائية ، وبالتالي ضرورة تفعيل كفاءة تدبيرية في مجال البنية التحتية للمؤسسات التعليمية و ربطها بقنوات الصرف الصحي حتى يتسنى للمتمدرس الفقير ممارسة حقه البيولوجي بسلام واطمئنان.
خطاب الكفاءة من عدمها ﻻ يجب أن يعمم بشكل جزافي، لأن هناك من الشرفاء والغيورين من ساهم و يساهم من قوت يومه، ولو رمزيا، لإذكاء روح جديدة داخل فضاءات ينعدم فيها شرط التمدرس خصوصا بالعالم القروي.
الحديث عن الكفاءة أيضا يستوجب أن يستدرج الى خانته صفقات الكتاب المدرسي المشبوهة التي أسهمت في تردي واقع التعليم والمدرسة العمومية انطلاقا من احتفائها بدروس عقيمة، إذ بدل تكريس قيم اﻹعتزاز بتراث البلاد والتعريف بالمنجزات الكبرى للوطن، نجدها تتخبط في عناوين من قبيل (في طريقي إلى المدرسة...)(تاريخ مدرستي ...) الشيء الذي أضفى عليها الرتابة وجعلها بمثابة صور نمطية تكبح عنفوان الرقي وتضع الحواجز أمام أي تطلع أو مقاربة حقيقة لتاريخ الوطن وجغرافيته.
بدل لغة الوعيد التي تحمل المدرس تكلفة الفشل، أدعوك معالي الوزير إلى تحيين قرارات المحاسبة في حق لوبيات التعليم الخصوصي الذين حولوا المؤسسات التعليمية إلى شركات تستنزف جيوب المواطنين وتضرب في العمق أخلاقيات التدبير التربوي وتساهم في خلق التمييز بين أبناء الوطن الواحد.
هذا الخطاب المسيج بترانيم النزاهة المناسباتية، يجب أن يتوجه إلى طريقة تدبير الإطعام المدرسي الذي يخصص درهما ونصف لكل طفل في التعليم الابتدائي و سبعة دراهم لتلميذ المستوى الإعدادي، ، وبالتالي فهي دعوة صريحة لتعديل بوصلته والرفع من قيمة الوجبات الغذائية المقدمة ﻷبناء الوطن.
عندما تطالعك أخبار من قبيل تخصيص ميزانية 21 مليار سنتيم برسم سنة 2015 للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، 10 ملايير منها مخصصة ﻵليات التسيير وأجور وتعويضات أعضاء المجلس الأعلى للتعليم، تحس باﻹحباط لأن مجاﻻ حيويا كقطاع التربية والتكوين ﻻزالت مساحته خصبة لأدبيات الريع والخطابات الفوقية التي ترتب الكلمات وتصوغ المذكرات والقرارات من فضاءات الصالونات الفخمة.
أستحلفك بالله معالي الوزير أن تراجع آليات تصريف خطاباتك، وتحاول ما أمكن زرع الأمل لأن المدرسة العمومية تحتاج منكم لغة لطيفة وبرامج عملية تخرجها من براثن المخططات العقيمة والقرارات السياسية الفاشلة.
دمتم للعمل والعطاء.
*عضو مجلس فرع النقابة الوطنية للتعليم بجرسيف

بقلم : عبد الهادي البهيج*





    رد مع اقتباس