عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-12-26, 13:46 رقم المشاركة : 2
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: عَوْدَةٌ إِلىَ اللُّغَةِ العَرَبِيَّة وإلى أوراشها فِى يَوْمِهَا العَالَمِيّ


كلمات أمازيغية


وهناك كذلك العديد من الكلمات الأمازيغية التي إستقرّت بدورها فى اللغة الإسبانية مثل (تَزَغّايثْ) أو الزغاية Azagaya (وتعني الرّمح الكبير) وقد أثبتها المُستشرق الهولاندي الشهير"دُوزي" فى معجمه ككلمة تنحدر من أصل أمازيغي بربري، وإستعملها كولومبوس فى يومياته، بصيغة الجمع Azagayas ( الزغايات) وهي موجودة، ومُدرجة فى معجم الأكاديمية الملكية للّغة الإسبانية بهذا المعنى،وغير موجودة فى المعاجم العربية لا" لسان العرب"،ولا"مقاييس اللغة" ولا "الصّحاح
في اللغة " ولا " القاموس المحيط " ولا " العُباب الزّاخر " لا فى صيغة المفرد ، ولا فى صيغة الجمع ،مِمّا يدلّ الدلالة القاطعة على أصلها وأثلها الأمازيغي حسب ما يؤكّد المستشرق الهولاندي الثقة المعروف الآنف الذكر (رَيِنْهَارْت دُوزِي ـ (Reinhart Dozy) (ليدن، هولندا، 21 فبراير 1820 ـ والإسكندرية، مصر، 29 أبريل 1883) ، وكلمة (آش) تُجمع ب "أشّاون" وتعني القرون ومنها إسم مدينة (الشّاون) فردوس الجبل الجميلة، ويؤكّد صاحب " الإحاطة فى أخبار غرناطة " إبنُ الخطيب أنّ النّهر الوحيد فى شبه الجزيرة الإيبيرية الذي يحمل إسماً أمازيغياً هو"مدينة آش" ،ونهر"وادي آش" أيّ وادي القرن وهو فى الإسبانية "Guadix "، أو "río de Acci"، "Wadi Ash"،" río Ash " بالقرب من مدينة غرناطة.إلخ



(وهكذا الأمر مع العديد من الأسماء المتعلقة بالقبائل وبعض الضّيع والمدن مثل مدينة Teruel الإسبانية (بالقرب من سراقسطة) المقتبسة من إسم مدينة " تِرْوَال" المغربية بالقرب من وزّان ( وهي من قبائل بربرصنهاجة)، ومدينة Albarracín بالقرب من ترويل الإسبانية، ويرجع إسم هذه المدينة الى القبيلة البربرية "بني رزين" التي عاشت بها وإستقرت في ربوعها في القرن الثالث عشر، وآخر ملوكها حُسام الدّولة الرزيني، وهي تنحدرمن" بني رزين " وهي قرية أمازيغية جبلية مغربية والكائنة فى الطريق السّاحلي الرّابط بين تطوان والحسيمة .ومنها كلمات مثل Gomera من "غمارة" وهي عند الإسبان إسم جزيرة فى الأرخبيل الكناري، de Gomera Vélez وهذه الكلمة من إسم " بادس" وهو(إسم شبه الجزيرة المحتلة من طرف الإسبان الكائنة بجوار شاطئ " قوس قزح" وبني بوفراح ونواحيها بإقليم الحسيمة)،وإليها يُنسب الوليّ الصّالح أبو يعقوب البادسي،الذي ذكره إبن خلدون فى مقدمته بكل تبجيل،كما تحمل إسمَه الكريم أعرقُ ثانوية فى مدينة الحسيمة، وإسم بادس مُستعمَل بكثرة فى إسبانيا مثل:Vélez Rubio, Vélez Malaga,Velez Benaudalla,Velez Blanco ,Rio Vélez, إلخ . وفى دارجتنا المغربية نجد العديد من الكلمات الأمازيغية(سوسية، وشلحية، وريفية) مبثوثة فيها ، نسوق واحدةً منها فقط على سبيل المثال وليس الحصر لضيق الوقت،(لعلّها تفي بالغرض لمدلولها العميق فى حياة المغاربة ! ) وهي كلمة" تاغنّانت" ألتي إستقرّت فى العامية بإسم "أغنان" والتي يقابلها فى العربية كلمة "العِناد" !،ولا وجود لكلمة(أَغْنَانْ أو غَنَنَ) فى المعاجم العربية بهذا المعنى.


ناهيك عن أسماء المنتوجات التي أدخلها المسلمون إلى أوربا فى مختلف الحقول والمجالات . ويصل "أمريكو كاسترو" إلى نتيجة مثيرة فيقول: " إنّ فضائلَ الأثر والعمل عند المسلمين ،والثراء الإقتصادي الذي كان يعنيه هذا العمل وهذا الأثر كلّ ذلك قُدِّمَ قُرْباناً وضحيةً من طرف الحكّام الكاثوليك والإسبان". ويختم "كاسترو" بكلماتٍ مغلّفةٍ بسخريةٍ مُرّة من بني طينته مُشيراً :" أنّ ذلك الثّراء ، وذلك الرّخاء ، لم يكونا يساويان شيئاً إزاء الشّرف الوطني ."..!!!.
وكان "العربيّ" فى هذه الرّبوع، والضّيَع، والبقاع، والأصقاع فى هذا السّياق يفتخر ويتباهى بإخوانه من البربرالأمازيغ ، والعكس صحيح، قال قائلهم فيهم :
وأصبحَ البِرّ من تكراره عَلَماً... على الخَيْرِ والنّبلِ والمَكْرُمَاتِ.


والبِرّ(بكسر الباء) الذي يعني الخير والإحسان إذا كرّر أصبح (بِرّبِرّ) .
وهذا شاعرآخر من "الرّيف " فى شمال المغرب يُنشد متحسّراً على مدينته التي إندرستْ، إندثرتْ، وتلاشتْ بعد التعايش والإزدهار الذين عرفتهما من قبل، مستعملاً ثلاث لغات فى بيتٍ واحدٍ من الشّعر وهي : العربيّة ، والرّيفيّة، والسّودانية، فقال:
أثادّرث إينو مَانيِ العُلُومُ التي ذَكَم.ْ.... قد إندرستْ حقّا وصَارَتْ إلى يَرْكَا . وقيل إنّ " يَرْكَا " باللغة السّودانية تعني الله، وبذلك يكون معنى البيت : أيا دارِي أين العلومُ التي كانت فيك..... قد إندرست حقّا وصارت إلى الله .


لغة الضّاد والمستشرقون
العالم يركض ويجري من حولنا ، والحضارة تقذف إلينا بعشرات المصطلحات والمستجدّات يومياً.والإختراعات تلو الإختراعات تترى فى حياتنا المعاصرة..ونحن ما زلنا نناقش ونجادل فى أمور كان ينبغى تفاديها أو البتّ فيها منذ عدّة عقود ، ترى كيف يرى كبار المستشرقين الثقات هذه اللغة بعد إنصرام هذه القرون الطويلة التي لم تنل من قوّتها و زخمها وعنفوانها وشبابها المتجدّد حبّة خردل..؟ إنها ما زالت كما كانت عليه منذ فجرها الأوّل لم يستعص عليها دينٌ ولا عِلمٌ ولا أدبٌ ولا منطق، إنّها ما زالت مشعّة، نضرة، حيّة، نابضة، خلاّقة، مطواعة معطاء، لقد شهد لها بذلك غير قليل من الدّارسين والمستشرقين ، وإعترفوا بقصب السّبق الذي نالته على إمتداد الدّهور والعصورفى هذا القبيل .

يقول المستشرق الفرنسي" لوي ماسّنيون" فى كتابه ( فلسفة اللغة العربية) : "لقد برهنت العربية بأنّها كانت دائما لغةعلم ، بل وقدّمت للعلم خدمات جليلة باعتراف الجميع، كما أضافت إليه إضافات يعترف لها بها العلم الحديث ، فهي إذن لغة غير عاجزة البتّة عن المتابعة والمسايرة والترجمة والعطاء بنفس الرّوح والقوّة والفعالية التى طبعتها على إمتداد قرون خلت،إنها لغة التأمل الداخلي والجوّانية ، ولها قدرة خاصّة على التجريد والنزوع إلى الكليّة والشمول والإختصار..إنها لغة الغيب والإيحاء تعبّر بجمل مركزة عمّا لا تستطيع اللغات الأخرى التعبير عنه إلاّ في جُمَلٍ طويلة ممطوطة". إنّه يضرب لذلك مثالاً فيقول:"

للعطش خمسُ مراحل فى اللغة العربية ،وكلّ مرحلة منه تعبّر عن مستوى معيّن من حاجة المرء إلى الماء ،وهذه المراحل هي: العطش، والظمأ، والصَّدَى،والأُوّام، والهُيام ، وهو آخر وأشدّ مراحل العطش، وإنسان "هائمٌ" هو الذي إذا لم يُسْقَ ماء مات"، ويضيف ماسّينيون :"نحن فى اللغة الفرنسية لكي نعبّر عن هذا المعنى ينبغي لنا أن نكتب سطراً كاملاً وهو"إنه يكاد أن يموت من العطش" ولقد أصبح "الهيام"(آخر مراحل العطش وأشدّها) كناية عن العشق الشّديد. وآخر مراحل الهوى، والجوى، والوله، والصّبابة.


يرى "بروكلمان" أنّ معجم اللغة العربية اللغوي لا يضاهيه آخر في ثرائه. وبفضل القرآن بلغت العربية من الاتّساع إنتشاراً تكاد لا تعرفه أيُّ من لغات الدنيا. ويرى "إدوارد فان ديك": أنّ العربية من أكثر لغات الأرض ثراءً من حيث ثروة معجمها و إستيعاب آدابها".


المستشرق الهولاندي "رينهارت دوزي" (صاحب معجم الملابس الشهير): يقول" إنّ أرباب الفطنة والتذوّق من النصارى سحرهم رنين وموسيقى الشّعر العربي فلم يعيروا إهتماما يُذكر للغة اللاتينية، وصاروا يميلون للغة الضاد، ويهيمون بها."


"يوهان فك": يؤكّد أن التراث العربي أقوى من كلّ محاولة لزحزحة العربية عن مكانتها المرموقة فى التاريخ". جان بيريك:" العربية قاومت بضراوة الاستعمار الفرنسي في المغرب، وحالت دون ذوبان الثقافة العربية في لغة المستعمر الدخيل". "جورج سارتون":" أصبحت العربية في النّصف الثاني من القرن الثامن لغة العلم عند الخواصّ في العالم المتمدين". وهناك العشرات من أمثال هذه الشهادات التي لم تُخْفِ إعجابها الكبير بلغة الضاد يضيق المجال لسردها فى هذا المجال.


جهود عربيّة
وتجدر الإشارة فى هذا الصّدد أن العديد من الأدباء، والشعراء،والباحثين، والعلماء العرب من مسلمين، ومسيحيين على حدّ سواء فى العصر الحديث، قد لعبوا دوراًكبيراً فى الحفاظ على اللغة العربية ونشرها،والإبداع فيها وبها،منذ عقود،وعهود عديدة خلت، ويرجع الاهتمام بلغة الضاد ومحاولة إحيائها،وتطويرها لحركة النهضة العربية في القرن التاسع عشر التي ترجع بذورها إلى ما قبل ذلك، ويمكن تتبّع آثارها بفعالية، وجهود حثيثة في مصر ، وسورية، ولبنان،والعراق، والأردن،والمغرب والجزائز،وتونس، وسواها من البلدان العربية الأخرى ،ففى لبنان على سبيل المثال وليس الحصر نجد أعمال المطران جرمانوس فرحات من القرن الثامن عشر ، الذي وضع مؤلفات عديدة وقيمة في النّحو والصّرف والإعراب ، لعلّ أهمّها "بحث المطالب"، الذي يعتبره البعض أوّل كتاب وُضع في ضبط قواعد الصرف والنحو للغة العربية. ولقد بذل هؤلاء العلماء وسواهم فى هذا البلد الجهودّ المتوالية فى هذا الشأن منهم الأديب والشاعر اللبناني ناصيف اليازجي الذي نبغ كثير من أفراد أسرته في الفكر والأدب، والذي إضطلع بدور كبير في إعادة إستخدام اللغة الفصحى بين العرب في القرن التاسع عشر،بل إنّه أخذ على عاتقه تهذيب اللغة وتشذيبها، وعمل على تقريب متناولها فحبّبها إلى القلوب، وعمل على الإسهام في إحياء تراث اللغة ونشره،



ومن الأسماء البارزة فى هذا القبيل نسوقها عرضاً كذلك ،المعلم بطرس البستاني،ويعقوب صروف،ولويس معلوف، وخليل خوري، والأب أنستاس الكرملي،والأب لويس شيخو، وجبران خليل جبران،وجورجي زيدان، وفيليب حتي،وأمين الريحاني ، وسليم البستاني ، وبطرس البستاني صاحب "روضة الادب في طبقات شعراء العرب" و "نهاية الأرب في أخبار العرب"، وأمير البيان شكيب أرسلان،وفارس الشدياق ، وحنّا الفاخوري وسواهم،وهذا ليس سوى غيض من فيض منهم،وهم كُثر، وبعض كتب ومؤلفات هؤلاء العلماء يتمّ تدريسها فى مناهج التعليم فى مختلف البلدان العربية،بما فيه المغرب، فكتاب "تاريخ الأدب العربي" الشهير لحنّا الفاخوري الذي ظهرت طبعته الأولى سنـة 1951، كان من مقرّرات الباكالوريا عندنا، كِدْتُ أحفظه عن ظهر قلب من شدّة إعجابي به،ورجوعي إليه !.

العربية إذن لغة غير عاجزة عن المتابعة، والمسايرة، والترجمة، والعطاء بنفس الرّوح، والزّخم، والفعالية التى طبعتها بإستمرار،وربما كان العجز كامناً، وساكناً، ومقيماً فى أصحابها، وذويها، وأهلها،ومتعلّميها، وأنّ ما يدّعيه البعضُ من مشاكل،أو نقائص فى هذه اللغة ليست سوى إدّعاءات واهيّة .



محمّد محمّد خطّابي
* عضوالأكاديمية الإسبانية- الأمريكية للآداب والعلوم (كولومبيا).









التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس