عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-12-21, 16:45 رقم المشاركة : 22
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

افتراضي رد: أسرار العيطة الشعبية المغربية ...متجدد


العيطة الجبلية

مقدمة:

يشكل المغرب بطبيعته فضاءا غنيا من حيث تنوعه الثقافي والفني، ومن حيث تموقعه الجغرافي، والتعاقبات التاريخية، و التطور اللغوي عبر العصور.كما أن المغرب عرف أيضا مزجا حضاريا، سواء عن طريق إفريقيا أو أوربا أو كذلك عبر الأقطار العربية إبان الفتوحات الإسلامية، وقبل ذلك عن طريق الديانات الأخرى.
و إذا كانت الفنون تعتبر مرآة الشعوب، فإن المغرب قد حباه الله بطبيعة خلابة تتميز بتنوع مظاهرها ما بين جبال شامخة وشاطئان منبسطة وسهول فيحاء و صحراء مترامية الأطراف، مما ساهم في ثراء الموسيقى و سائر الفنون الأخرى,
التراث الموسيقي المغربي

يتكون التراث الموسيقي المغربي من محورين أساسيين يتغلب عليهما الطابع التقليدي الشفوي.

1- محور الموسيقى العالمة: و التي تستقر في المدن و الحواضر، كالموسيقى الأندلسية و الملحون والأغنية العصرية....
2- محور الموسيقى الشعبية : و تتموقع في القرى و البوادي.
و هذا هو موضوع عرضنا
الموسيقى الشعبية
يحتوي المخور الموسيقي الشعبي علي جزءين كبيرين وأساسيين :
أ-) الموسيقى البربرية: ونجدها في مناطق الريف، الأطلس المتوسط ، الأطلس الكبير الأطلس الصغير و في بعض الأقاليم الصحراوية
ب-) الموسيقى العربية الناطقة بالدارجة العامية بمختلف أنواعها ، نذكر منها أغاني الشرق المغربي ك العلاوي والركادة و الراي، و أغاني أقاليم فكيك و الراشدية وبولمان، وأغاني أقاليم الصحراء كالأغنية الحسانية و الأغنية الهوارية ، أما في وسط و شمال المغرب فإن نمط العيطة هو الذي يطغى على معظم الأنماط الموسيقية الأخرى.

العيطة

تعني العيطة من الناحية الإيثيمولوجية، حسب ما جاء في كتاب "القصيدة" للدكتور الجليل عباس الجراري، النداء، الصياح الذي يكاد يبلغ أحيانا الندب، كما نلمسه في مد الصوت أو حركة القوس على أوتار الكمان عند مستهل العيطة.
وخلافا للأنماط الموسيقية الحضرية، فإن العيطة ظلت تؤدى في الحفلات الشعبية و لا تتطلب إلا إمكانيات قليلة لتأديتها، ويمثل محبيها وسطا شعبيا معينا.

أنواع العيطة

أنواع العيطة خمسة و هى:

- العيطة الجبلية و يطلق عليها ظلما و بهتانا "الطقطوقة الجبلية" ، وبهذه المناسبة أناشد كل محبي هذا التراث الجميل أن يعذلوا عن استعمال هذا الإصطلاح الغير صحيح، وتعمر هذه العيطة القسط الأوفر من أقاليم الشمال

- العيطة الغرباوية و تتسم بطابع الحزن و الأسى و انغامها عبارة عن آهات متحسرة و شكوي تحرك المشاعر و تهيج النفوس، و نجدها في جهة الغرب اشراردة بني احسن
ومناطق ازعير وحتى حدود أراضي الشاوية إذ يطلق عليه أيصا ب"الهيت" و "اعبيدات الرمى",

- العيطة المرساوية و تعد من ارقي و أعذب انواع العيطة، و نجدها في الأقاليم المحيطة بالدار البيضاء و السطات

- العيطة الحوزية وتطغي عليها الخفة في الإيقاع و البساطة في التراكيب اللحنية ، و نجدها في حوز مراكش وقبائل الرحامنة وحوض أم الربيع

- الشياضمية أو ما يطلق عليها ب الحصبة و تتميز بالدسامة اللحنية و الإيقاعات المركبة مما يجعلها صعبة في الاداء ، ونجدها في قبائل عبدة و نواحي آسفي

العيطة الجبلية

يعتبر هذا النمط من أجمل و أعذب أنماط الأغنية الشعبية المغربية إجمالا، و تنتشر خصوصا في منطقة اجبالا بالشمال الغربي للمملكة و تضم مدن : طنجة، تطوان، أصيلا، العرائش، القصر الكبير، شفشاون، وزان، تونات وقبائل غياتة بإقليم تازة. كما يعتبر الولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش، القطب الروحي لهذه الأغنية، بحيث لا نجد عيطة جبلية لايذكر فيها اسمه. كما يعتبر أيضا انعكاسا لكل ما يرتبط بالإنسان الجبلي من حيث طبيعته و تقاليده و عاداته. فالمواضيع التي تتطرق إليها الأغنية الجبلية نابعة من جمال و طبيعة هذه المناطق، وتتناول في شموليتها الواقع المعاش للإنسان الجبلي من معاناة و أفراح و صراعات. كما أن الأغنية الجبلية ساهمت عبر العصور في التحريض على محاربة المستعمر و إيقاظ الروح الوطنية و القومية و الدينية لدى الإنسان الجبلي.
الإصطلاح
تختلف الروايات في تسمية هذا النمط الموسيقي العتيق. فهناك من يطلق عليه هدرا اسم "الطقطوقة" ويضيف كلمة الجبلية لأجل الانتماء، مما يجعلني شخصيا أشك في مصداقية هذا الاسم. إلا إننا يمكن أن نجزم أن الاسم الحقيقي هو الأغنية الجبلية و العيطة الجبلية، و هما نوعان يختلفان في الأسلوب و التركيبة اللحنية و الإيقاعية .

تركيبة العيطة

تتميز العيطة بالقالب الإيقاعي ذو التسعة أزمنة 8/4 و8/3 و 8/2 ، كما تخضع لانتقالات مقامية يغلب عليها "مقام الحجاز" في التصدرة و الجنس الرباعي الأول من "مقام نهاوند" على نفس الدرجة، فالجنس الرباعي الأول "لمقام السيكاه" أو "الكرد ".
أما الأغنية الجبلية الخفيفة تغلب عليها البساطة في اللحن و سهولة الحفظ، إذ تتركب من مذهب مجموعة أغصان وتصاغ كلماتها كالعيطة ، باللهجة العربية العامية و يطغى عليها الإيقاع الشعبي 8/6 المعروف ببساطته.
القوالب الموسيقية للعيطة الجبلية

من القوالب الموسيقية المتداولة في العيطة

-العيوع: و هو عبارة عن أبيات شعرية ترتجلها بعض النساء ذوات الأصوات القوية الجميلة تعبيرا عن مواقفها عي موضوع معين : كموسم "توزا" أو موكب العروس، أو في المواسم الدينية التي تقام حول الأضرحة بمناسبة المولد النبوي . ويغلب على قالب العيوع الحوار ما بين السيدة التي تؤديه و صوت آخر رجالي أو غالبا مع آلة الغيطة. أما لفظة العيوع فهي مشتقة من عوى أي صاح و من صوته.

- الرايلة: مقدمة موسيقية آلية غير موزونة مهمتها استهلال إعطاء الفكرة العامة للأغنية، و تكون بمثابة مقدمة أو استهلال بشبه شيئا ما لقطعة « prélude » في المتتابعات الوسيطة ، كما تكتفي جميع الآلات بعزف القرار حين تؤدي إحداها وببراعة كبيرة عزفا منفردا و ارتجالي

- العيطة: و هي أغنية تأتي بعد الرايلة بإشارة من "المعلم" رئيس الفرقة، تتميز بإيقاع العيطة 8/9 ويكون الغناء الجماعي هو المهيمن و غالبا ما تؤدى جماعة بأصوات رجالية. تتطرق العيطة إلى مواضيع جدية وفي جل الوقت ما ترتبط تما هو ديني ووطني مع ذكر أسماء الأولياء الصالحين

- الكباحي: و هو عبارة عن مرحلة تتوسط العيطة و الدريدكة ينقلب فيها الميزان إلى 8/6 وتكون آلية وتحضر للاختتام السريع و الراقص الذي يسمى بالدريدكة
خاتمة
إن أهم الخلاصات التي يمكن استنتاجها من خلال هذا العرض، هي اعتبار الموسيقى الأندلسية منبعا أساسيا لجل الأنماط الموسيقية المغربية بما فيها الأغنية الجبلية . و من أهم ما تأثرت به هذه الأخيرة نجد بالدرجة الأولى الطبوع ، ثم قالب المتتابعات المكون للنوبة الأندلسية ( البغية التصديرة، القنطرة، الإنصراف، التي تقابل في النمط الجبلي الرايلة ، العيطة، الكباحي، الدرديكة ) كما تستعمل الأغنية الجبلية جل الآلات المستعملة في الطرب الأندلسي .
إن الأغنية الجبلية لم تعرف تطورا كبيرا من حيث التلحين و الأداء، بل على العكس من ذلك، نلاحظ أن إدخال بعض الآلات الغربية، كالأورغ و الباطري والقيثارة ، زاد من انحطاطها و انحرافها عن الطابع التقليدي الأصيل. كما نلاحظ أيضا أن ممارسي هذا الفن، لا يتوفرون على دراسة موسيقية تساعدهم على التجديد و الإبداع دون المساس بالبنية الأساسية لهذا الطرب العريق.
كما نسجل بحسرة ضياع كثير من القوالب الموسيقية كموسيقى التبوريدة و موسيقى الشبايبية وبعض القوالب الغنائية العالقة بالمهن لاسيما الفلاحية منها ... الشيء الذي يدعو إلى الإهتمام بهذا التراث الغني و المحافظة عليه و القيام بتسجيله و تدوينه...

الأستاذ محمد بندراز





التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
    رد مع اقتباس